الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعزير الشارب في رمضان:
ذكر ابن القيم أن الشارب في رمضان يزاد في حده عشرين تعزيراً، وأن هذا
هو المنصوص عن أحمد ودلل عليه بفعل علي رضي الله عنه مع النجاشي الشاعر. وذكر خلافاً للخلال من أن الزيادة عشر جلدات فقال (1) :
(إذا شرب في رمضان زيد الحد عشرين تعزيراً كما فعله علي بالنجاشي نص عليه. وقال أبو بكر يجلد خمسين، أربعين للشرب وعشرة لرمضان) .
تنوع تعزير الشارب في رمضان عند السلف:
إن ما ذكره ابن القيم هو بعض من أنواع التعزير للشارب في رمضان عند السلف وإلا فقد تنوعت العقوبات لهم بزيادة الجلد. أو النفي. أو التشهير ونحو ذلك كما رواها عبد الرزاق في (مصنفه)(2) وهذه التعزيرات راجعة إلى اجتهاد الأئمة وولاة الأمور بحسب المصلحة في كلّ زمان ومكان وبحسب أرباب الجرائم في أنفسهم وهذا ما تقتضيه حكمة التشريع وأسراره والله أعلم.
الفرع الخامس:
العقوبة المالية للخمار
.
لابن القيم رحمه الله تعالى في جواز العمل بالسياسة الشرعية مباحث عظيمة طرقها في مواضع من كتبه (3) . وفيها تكلم عن العقوبات المالية أو التعزير بالمال، وضرب الكثير من الأمثلة، ومنها التعزير بكسر أواني الخمر، وتحريق أمكنة
(1) انظر: بدائع الفوائد 4/216.
(2)
انظر: 9/ 231- 232. وانظر أيضاً شرح معاني الآثار للطحاوي 3/153. وفتح. الباري لابن حجر 12/75.
(3)
انظر: الطرق الحكمية ص/10 - 20، ص/308- 312، وأعلام الموقعين 2/98، 4/372- 379، وإغاثة اللهفان 1/ 331- 332، وزاد المعاد 2/66، 3/17، 3/28. وبدائع الفوائد 3/117، 3/152- 156
الخمارين، وذكر ذلك من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فعل خليفتيه عمر وعلي رضي الله عنهما وبيانها كالآتي:
أ- عقوبة الخمار المالية في السنة النبوية:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى (1) :
(ومن التعزير بالعقوبات المالية أمره صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر (2) ، وشق
ظروفها، وهذا التعزير قد روي من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وروى من فعله أيضاً:
أما أمره صلى الله عليه وسلم بذلك ففيما رواه الترمذي عن أبي طلحة رضي الله عنه أنه قال
(يا نبي الله اشتريت خمراً لأيتام في حجري، قال: أهرق الخمر، وكسر الدنان (3) .
وأما فعله صلى الله عليه وسلم لذلك ففيما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (4) : (أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شفرة وخرج إلى السوق، وبها زقاق خمر جلبت من الشام فشق بها ما كان من تلك الزقاق)(5) .
وجه الاستدلال:
ووجه الدلالة من الحديثين ظاهرة، على أن هذا الإتلاف من باب العقوبة المالية للخمار، وإلا فالانتفاع بها ممكن بعد التطهير كما قرره الحافظ ابن حجر (6) . وعليه ترجم البخاري رحمه الله تعالى بقوله (7) (باب هل تكسر الدنان التي فيها
خمر أو تخرق الزقاق) .
(1) انظر: الطرق الحكمية ص/ 308.
(2)
الدنان: واحدها (دَن) وهي نوع من الأواني (انظر: مختار الصحاح ص/212) .
(3)
انظر: سنن الترمذي 3/588.
(4)
انظر: الفتح الرباني للساعاتي 17/140.
(5)
الزقاق: جمع (زق) بكسر الزاي وهو الوعاء من الجلد (انظر: القاموس 3/249) .
(6)
انظر: فتح الباري 5/ 121.
(7)
انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 5/121.