الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصداق
سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عمن تزوج امرأة، وأصدقها أربع نخلات من نخل مسمى، هل يصح؟ وإن صح فهل يكون من خيار النخل، أو من أوساطه؟
فأجاب: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم: بعضهم يقول: يصح ذلك، ولها أربع نخلات من أوساط النخل، وهذا المذهب. وبعضهم يقول: لا يصح، وهذا اختيار الموفق والشارح؛ فعلى هذا القول يكون لها مهر المثل.
سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن تعليم شيء من القرآن، هل يجوز أن يكون صداقاً؟ والحديث الذي فيه:"لا تكون لأحد بعدك مهراً" هل هو صحيح؟
فأجاب: اختلف العلماء في جواز جعل تعليم القرآن صداقاً، وفي ذلك روايتان عن أحمد: إحداهما: لا يجوز، اختارها أكثر أصحابه، وفاقاً لمالك وأبي حنيفة. والرواية الثانية: يجوز، وفاقاً للشافعي. وأما حديث:" لا تكون لأحد بعدك مهراً "، فالظاهر عدم صحته.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عما يعطى أبو
المرأة؟
فأجاب: وأما من زوج ابنته على رجل، فأعطاه الزوج مقدار عشرين ريالاً، أو أكثر، فلا بأس به.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: وأما اشتراط الرجل على زوج ابنته عند العقد، فهذا جائز، بخلاف غير الأب فلا يجوز.
وأجاب أيضاً: وأما أخذ الأب من صداق ابنته، فالمشهور عن أحمد جوازه، وهو قول إسحاق، وقد روى عن مسروق:? "أنه زوج ابنته، واشترط لنفسه عشرة آلاف، يجعلها في الحج والمساكين، ثم قال للزوج: جهز امرأتك"، وروى ذلك عن علي بن الحسين أيضاً; واستدلوا على ذلك بما حكى الله عن شعيب:{اِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [سورة القصص آية: 27]، وبقوله صلى الله عليه وسلم:" أنت ومالك لأبيك " 1، وقوله:" إن أولادكم من كسبكم، فكلوا من أموالهم " 2؛ فإذا شرط لنفسه شيئاً من الصداق، كان آخذاً من مال ابنته، وله ذلك.
وأجاب الشيخ سعيد بن حجي: نعم له ذلك بشروط، واستدل الفقهاء على جوازه بقصة شعيب مع موسى، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"أنت ومالك لأبيك"3، وبقوله عليه السلام:" أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم " 4،
1 ابن ماجة: التجارات (2291) .
2 الترمذي: الأحكام (1358)، والنسائي: البيوع (4450)، وأبو داود: البيوع (3529)، وابن ماجة: التجارات (2290) ، وأحمد (6/41)، والدارمي: البيوع (2537) .
3 ابن ماجة: التجارات (2291) .
4 الترمذي: الأحكام (1358)، والنسائي: البيوع (4449، 4452)، وأبو داود: البيوع (3528)، وابن ماجة: التجارات (2290) ، وأحمد (6/162)، والدارمي: البيوع (2537) .
رواه أبو داود والترمذي وحسنه، هذا إذا كان ممن يصح تملكه من مال ولده، على ما تقدم في الهبة؛ ومن شرطه، أن لا يجحف بمال البنت، قاله في المحرر، وابن عقيل، والموفق والشارح; وهذا مذهب المتأخرين. وقال الثوري وأبو عبيد: يكون كله للمرأة، وكلام الحنابلة أقرب على شروط تملك الأب من مال الولد في الهبة، فليراجع.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عمن قال لآخر: زوجتك ابنتي وهو يضحك؟
فأجاب: النكاح يلزمه، وإن كان الرجل يهزل به، كما في الحديث:" ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والرجعة "1.
وسئل: إذا عقد ومات عنها قبل الوطء؟
فأجاب: وأما المرأة التي يعقد عليها الرجل، ثم يموت ولم يكن وطئها، فيجب لها نصيبها من الميراث، ويدفع باقي الصداق لها، وتلزمها العدة.
وأجاب أيضاً: وإذا عقد عليها ثم طلقها قبل الدخول، فلها نصف الصداق المسمى، لقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [سورة البقرة آية: 237] .
وأجاب الشيخ حسين بن الشيخ محمد: والرجل الذي
1 الترمذي: الطلاق (1184)، وأبو داود: الطلاق (2194)، وابن ماجة: الطلاق (2039) .
طلق امرأته بعد العقد عليها، قبل أن يدخل بها، فلها نصف جهاز مثلها.
وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن: اعلم أن هذه المسألة تكثر الفكرة فيها، ولم نقف على نص صريح فيها، ولكن الذي يستقر في القلب، ويغلب عليه في الاعتقاد، وهو أقرب إلى أصول الشرع: أن التنصيف فيما يسمى جهازاً، وهو الذي يبذل قبل الدخول في العادة. ثم وجدنا في الاختيارات ما يقرر ذلك ويوافقه، ولفظه: والشرط المتقدم كالمقارن، والاطراد العرفي كاللفظي؛ قال أبو العباس: وقد سئلت عن مسألة من هذا، وقيل: ما مهر مثل هذه؟ فقلت: ما جرت العادة بأنه يؤخذ من الزوج، فقالوا: إنما يؤخذ المعجل قبل الدخول، فقلت: هذا مهر مثلها. انتهى. وهذا واضح لا غبار عليه، ويغلب على ظني أني قد أفتيت بها سابقاً.
وسئل ابنه الشيخ عبد اللطيف، عما تعطاه الزوجة صبيحة الدخول
…
إلخ؟
فأجاب: ما تعطاه الزوجة صبيحة الدخول، لا يحتسب به من صداقها عند المفارقة والمطالبة بالصداق، ولو نوى ذلك، لعدم الإعلام والإشهاد عند القبض.
سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، رحمه الله: هل بين النكاح الفاسد والباطل، بعد الدخول
فرق، في وجوب المهر؟
فأجاب: نعم، بينهما فرق في الجملة: فيستقر المهر بالخلوة في النكاح الفاسد، بخلاف الباطل، فيجب للجهالة بالتحريم فيه مهر المثل بالوطء فقط، ويجب في الفاسد المسمى، لا مهر المثل على الصحيح من المذهب. قال في الإنصاف - فيمن نكاحها فاسد -: وإن دخل بها استقر المسمى، هذا المذهب نص عليه؛ قال في القواعد الفقهية: وهي المشهورة عند أحمد، وهي المذهب عند أبي بكر وابن أبي موسى، واختارها القاضي وأكثر أصحابه; وعنه: يجب مهر المثل; قال المصنف هنا: وهي أصح، وهو ظاهر كلام الخرقي، واختاره الشارح.
وقال في الإنصاف أيضاً: ويستقر بالخلوة في النكاح الفاسد، هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وهو من مفردات المذهب، لكن هل الواجب المسمى، أو مهر المثل؟ مبني على الذي قبله. انتهى.
وقال أيضاً: إذا كان نكاحها باطلاً فهي كمكرهة على الزنى، في وجوب المهر وعدمه، على الصحيح من المذهب، وقدمه في الفروع وغيره، وجزم به في الكافي والرعاية وغيرهما. وفي الترغيب رواية: يلزم المسمى. انتهى. ومراده بوجوب المهر: إذا لم تكن عالمة بالتحريم. والواجب للمكرهة على الزنى مهر المثل؛ قال في الإنصاف:
هذا المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب; قال المصنف والشارح: هذا ظاهر المذهب; وعنه: يجب للبكر خاصة، اختاره أبو بكر.
وعنه: لا يجب مطلقاً، ذكرها واختارها الشيخ تقي الدين، وقال: هو خبيث، وقال في الشرح: فأما من نكاحها باطل كالمزوجة والمعتدة، إذا نكحها رجل فوطئها عالماً بالتحريم، وتحريم الوطء، وهي مطاوعة عالمة، فلا مهر، لأنه زنى يوجب الحد، وهي مطاوعة عليه. وإن جهلت تحريم ذلك، أو جهلت كونها في العدة، فلها المهر، لأنه وطء شبهة. وفيه أيضاً: ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة، بغير خلاف علمناه.
وقال في الإقناع وشرحه: وإذا تزوج معتدة من غيره، وهما، أي: العاقد والمعقود عليها، عالمان بالعدة، قلت: ولم تكن من زنى، وعالمان بتحريم النكاح فيها، أي: العدة، وطئها فيها، أي: العدة، فهما زانيان، عليهما حد الزنى ولا مهر لها، لأنها زانية مطاوعة؛ ولا نظر لشبهة العقد، لأنه باطل مجمع على بطلانه، فلا أثر له، بخلاف المعتدة من زنى فإن نكاحها فاسد، والوطء فيه حكمه حكم وطء الشبهة، للاختلاف في وجوبها؛ ومحل سقوط مهرها إن لم تكن أمة، فإن كانت أمة لم يسقط، لأنه لسيدها فلا يسقط
بمطاوعتها له، ولا يلحقه النسب لأنه من زنى.
وإن كانا، أي: الناكح والمنكوحة جاهلين بالعدة، أو جاهلي التحريم، ثبت النسب وانتفى الحد، ووجب المهر، لأنه وطء شبهة. وإن علم هو دونها فعليه الحد للزنى، وعليه المهر بما نال من فرجها، ولا يلحقه النسب، لأنه زان. وإن علمت هي دونه، فعليها الحد ولا مهر لها إن كانت حرة، لأنها زانية مطاوعة، ويلحقه النسب، لأنه وطء شبهة. انتهى. وما صرح به: من أن النسب لا يلحقه بالوطء في النكاح الباطل، مصرح به في كلام جميع الفقهاء، ولا يذكرون فيه خلافاً.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عمن أعسر بالصداق والنفقة؟
فأجاب: وأما المرأة إذا طلبت من زوجها صداقها، وادعى العسرة ولم يقدر أن ينفق عليها، فلا تكره عليه إلا إذا أدى حقها وصداقها.
وسئل: إذا دفع زوج إلى امرأته خمسة حمران 1 ثم بعد ذلك اختلفا، فقال الزوج: الخمسة من المهر، والمهر قدر عشرة حمران، ولم يذكر الزوج يوم العطاء أنه من المهر، فهل القول قول الزوج؟ لأنه أعلم بنيته أو لا؟ وإن
1 نقود مستعملة في عصر الشيخ.
قلتم: القول قوله، فهل يلزمه يمين؟
فأجاب: الذي يظهر من كلام الفقهاء في جنس هذه الصورة، أن القول قوله بلا يمين، لأنه أعلم بنيته؛ هذا الذي يظهر لي في هذه المسألة، والله أعلم.
نكاح المتعة
وسئل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود: عن نكاح المتعة، الوارد في حله قوله تعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية [سورة النساء آية: 24] ، هل ورد له ناسخ؟
فأجاب: ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمه، كما ثبت في الصحيحين، من حديث علي رضي الله عنه وغيره من الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين.
وأما الآية: فليس فيها تصريح بحل المتعة، وإنما فيها الأمر بإيتاء المستمتَع به من النساء أجورهن، وهذا يعم كل من دخل بها من النساء؛ فإنه أمر بأن يعطي جميع الصداق، بخلاف المطلقة قبل الدخول، التي لم يستمتع بها، فإنها لا تستحق إلا نصفه.
وأما ما ورد في بعض القراءات: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} ، فقيل: ليست هذه متواترة، وغايتها أن تكون كأخبار الآحاد; ونحن لا ننكر أن المتعة أحلت في أول الإسلام، ثم حرمت، فيكون هذا الحرف منسوخاً بما ثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء يوم خيبر.