الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القطع في السرقة
سئل الشيخ سعيد بن حجي: عن المختلس، والمنتهب
…
إلخ؟
فأجاب: السرقة أخذ مال محترم على وجه الاختفاء، فلا قطع على منتهب، وهو الذي يأخذ المال على وجه الغنيمة، لما روى جابر مرفوعاً:" ليس على منتهب قطع " 1، رواه أبو داود، ولا على مختلس، والاختلاس: نوع من الخطف والنهب؛ وإنما استخفى في ابتداء اختلاسه. انتهى من الإقناع وشرحه.
سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: عن الحكم في قطع يد السارق؟
فأجاب: وأما السارق، فلا تقطع يده إلا بإذن الإمام أو نائبه في الحكم.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد، رحمه الله: هل يجتمع القطع والضمان
…
إلخ؟
فأجاب: وأما الرجل الذي فعل ما وصفت من حاله، فعليه القطع إذا رفع أمره للأمير، ولا يجتمع القطع والضمان، ولا أكره الغفلة عن القطع، لأجل أن
1 الترمذي: الحدود (1448)، والنسائي: قطع السارق (4971، 4972، 4975)، وأبو داود: الحدود (4391)، وابن ماجة: الحدود (2591) ، وأحمد (3/380)، والدارمي: الحدود (2310) .
وقت المجاعة فيها شبهة.
وسئل: عن حد السارق؟
فأجاب: وأما السارق فتقطع يده اليمنى، بشرط أن يأخذ المال من حرزه، وأن يكون قيمة المأخوذ قدر ثلاثة دراهم، وأن يكون مالاً محترماً، وأن يكون الآخذ للمال على وجه الاختفاء، وأن لا يكون له فيه شبهة، كالأخذ من مال ولده، والمرأة من مال زوجها. والذي يسرق دون النصاب فلا قطع عليه، بل يؤدب؛ وكذلك الذي يأخذ الثمر من البساتين والزرع، يؤدب، ويغرم قيمته مرتين.
وأجاب أيضاً: وأما السارق، فإذا سرق وثبتت سرقته من حرز المال، المعروف عند أهل البلد أنه حرز له، قطعت يده اليمنى من مفصل الكوع، بشرط أن تكون سرقته نصاباً، وهو: ربع دينار، قيمته عندكم: ثلاثة أخماس ريال.
وأما الذي يأخذ العنب من البستان، والقضب من الحديقة، والخشب من الحائط، فهذا يؤدبه الأمير، ويغرم مثل ما أخذ من ذلك.
وأجاب الشيخ حسين بن محمد، رحمهما الله: نصاب السرقة: ربع دينار، والدينار: اثنا عشر درهماً؛ فإذا سرق من الحرز ما يبلغ ثلاثة دراهم قطع، كما جاءت به السنة. فإذا حصل الشك: هل المسروق مما يساوي ثلاثة دراهم من
الفضة الخالصة أم لا، لم يقطع بمجرد الشك؛ وفي الحديث:"ادرؤوا الحدود بالشبهات"1.
وأما الحرز، فهو ما جرت العادة به في حفظ الأموال، والأموال تختلف: فالدراهم لها حرز، والقماش له حرز، والدواب لها حرز، والثمار لها حرز، والمسافر بماله له حرز، والنائم على متاعه في المسجد والسوق كذلك؛ والمسألة لها ضابط، وهو: أن الحرز ما جرت به العادة، ويختلف ذلك باختلاف الزمان والمكان، وعدل السلطان وجوره.
وأما إذا سرق الإنسان شيئاً محرماً، مثل التنباك، هل يجب فيه القطع؟ فاعلم: أن للقطع شروطاً، منها: أن يكون المال محترماً، فلا يقطع بسرقة الخمر والتتن، وآلة اللهو، وكتب البدع، ونحو ذلك.
وأما قولك: وهل حد السرقة حق لله، يقام على السارق وإن لم يطلبه المسروق؟ فالأمر كذلك، يقام على السارق وإن لم يطلبه المسروق منه، بل لو وهب السارق المال بعد رفعه إلى الإمام، لم يسقط الحد عنه، لقصة صفوان؛ والخلاف بين الفقهاء إنما هو في المطالبة بالمال، هل هي شرط في القطع أم لا؟ وفي ذلك عن أحمد روايتان: إحداهما: يشترط مطالبة المسروق منه بماله، وهي المشهورة في المذهب. والرواية الأخرى: ليس ذلك
1 الترمذي: الحدود (1424) .
بشرط، اختارها الشيخ تقي الدين، وابن القيم، رحمهما الله، عملاً بإطلاق الآية والأحاديث.
وأما قولك: وهل يجتمع القطع ورد المال؟ فالأمر كذلك، فترد العين المسروقة إلى مالكها؛ فإن كانت تالفة غرم قيمتها، وقطعت يده.
وإذا سرق إنسان تمراً أو حبوباً، هل يغرم قيمته مرتين؟ فأكثر العلماء يقولون: عليه غرامة مثله، من غير زيادة؛ وأحمد يقول: علية غرامة مثليه; وحديث عمرو بن شعيب صريح الدلالة لمذهب أحمد، قال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه، وهذا إذا أخذ الثمر من الحوائط، كما إذا أخذ ذلك من النخل. وأما إذا أخذه من الجرين، فهذا عليه القطع بشرطه، لقوله عليه السلام في حديث عمرو بن شعيب:" ومن خرج بشيء منه، فعليه غرامة مثليه والعقوبة. ومن سرق منه شيئاً بعد أن يأويه الجرين، فبلغ ثمن المجن، فعليه القطع " 1، رواه أحمد، والنسائي، وأبو داود.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: الحرز: ما جرت العادة بحفظ المال فيه، ويختلف باختلاف الأموال: فحرز الغنم الحظيرة، وحرزها في المرعى بالراعي ونظره إليها، إذا كان يراها في الغالب، وأما إذا نام عنها فقد خرجت من الحرز؛ والضابط ما ذكرناه، وهو أن الحرز ما
1 النسائي: قطع السارق (4958)، وأبو داود: اللقطة (1710) والحدود (4390) .
جرت العادة بحفظ المال فيه؛ والأموال تختلف. وتفصيل المسألة مذكور في باب القطع في السرقة، فراجعه.
وأما السرقة من الثمر قبل إيوائه الحرز، فهذا لا قطع فيه، ولو كان عليه حائط أو حافظن إذا كان في رؤوس النخل، لحديث رافع بن خديج:"لا قطع في ثمر ولا كثر "1. وكذلك الماشية تسرق من المرعى، إذا لم تكن محرزة لا قطع فيها، وتضمن بمثلي قيمتها، والثمر يضمن بمثلي قيمته، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وروى الأثرم: "أن عمر غرم حاطب بن أبي بلتعة، حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينةن مثلي قيمتها"، وهذا مذهب أحمد.
وأما الجمهور فقالوا: لا يجب عليه إلا غرامة مثله، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً قال بغرامة مثليه. وحجة أهل القول الأول: حديث عمرو بن شعيب، قال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه. وأما: المختلس، والمنتهب، والخائن، وغيرهم، فلا يغرم إلا مثله من غير زيادة على المثل والقيمة، لأن الأصل: وجوب غرامة المثل بمثله، والمتقوم بقيمته، وخولف في هذين الموضعين للأثر، ويبقى ما عداهما على الأصل.
والدابة إذا سرقت من حرز مثلها، كالبعير المعقول الذي عنده حافظ، أو لم يكن معقولاً وكان الحافظ ناظراً إليه، أو مستيقظاً بحيث يراه، ونحو ذلك مما ذكر الفقهاء،
1 الترمذي: الحدود (1449)، والنسائي: قطع السارق (4960، 4961، 4962، 4963، 4964، 4965، 4966، 4967، 4968، 4969، 4970)، وأبو داود: الحدود (4388)، وابن ماجة: الحدود (2593) ، وأحمد (3/463، 3/464، 4/140، 4/142)، ومالك: الحدود (1583)، والدارمي: الحدود (2304، 2305، 2306، 2308) .
في معرفة حرز المواشي، فهذه إذا سرقت من الحرز، فعلى السارق القطع بشروطه. فإن لم تكن في حرز، فلا قطع على السارق، وعليه غرامة مثلي قيمتها؛ وهو مذهب الإمام أحمد، واحتج بأن "عمر غرم حاطب بن أبي بلتعة، حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينة، مثلي قيمتها".
وأجاب أيضاً: وأما من سرق من الثمرة، فإن كان بعدما آواها الجرين، فعليه القطع، فإن كان قبل ذلك، بأن سرق من الثمر المعلق فلا قطع، وعليه غرامة مثليه في مذهب الإمام أحمد. وقال أكثر الفقهاء: لا يجب فيه أكثر من مثله؛ وبالغ أبو عمر بن عبد البر، وقال: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بغرامة مثليه; والصحيح: ما ذهب إليه الإمام أحمد، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يأويه الجرين، فبلغ ثمن المجن، فعليه القطع " 1، حديث حسن، قال الإمام أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه.
وأما ما عدا الثمرة، والماشية، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد: أنه لا يغرم أكثر من القيمة إن كان متقوماً، أو مثله إن كان مِثْلِيًّا؛ فالأصل: وجوب غرامة المثل فقط،
1 الترمذي: البيوع (1289)، والنسائي: قطع السارق (4958)، وأبو داود: اللقطة (1710) والحدود (4390) .
المتلَف والمغصوب، والمنتهَب والمختلَس، وسائر ما تجب غرامته، وخولف الأصل في هذين الموضعين للأثر، ويبقى ما عداهما على الأصل. واختار الشيخ تقي الدين: وجوب غرامة المثلين في كل سرقة لا قطع فيها.
وأما إذا اختلفا في القيمة ولا بينة لهما، فالظاهر من كلامهم: أن القول قول الغارم.
وأما قوله: إذا سرقها وباعها على من لا يعرف، فما الحكم؟ فنقول: الحكم فيها كما تقدم، وهو: غرامة المثلين على ما ذكرنا من تغريم عمر حاطباً، وعلى ما دل عليه حديث عمرو بن شعيب، فإن فيه أن السائل قال:" الشاة الجرسية يا رسول الله؟ قال: ثمنها ومثله معه " 1، ولا فرق بين بيع الشاة وبين ذبحها، ونحر الناقة وبيعها.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن العبد إذا سرق؟
فأجاب: وأما العبد إذا سرق، فالظاهر من كلامهم أنه كالحر، وصرح به بعض العلماء من الشافعية.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر: العبد المملوك إذا سرق من حرز، من غير مال سيده، هل يجب عليه القطع؟ فالأمر كذلك، وأما سيده فلا يقطع بسرقة ماله.
سئل الشيخ سعيد بن حجي: هل يحد السارق بإقراره مرة؟ أو لا بد من مرتين؟
1 النسائي: قطع السارق (4959)، وابن ماجة: الحدود (2596) .