المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأطعمة سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌كتاب الأطعمة سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين:

‌كتاب الأطعمة

سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: عن تعليل أحمد بمسخ القنفذ؟

فأجاب: وأما تعليل الإمام أحمد كراهة القنفذ، بأنه مسخ، فقال الشيخ تقي الدين: مراد أحمد أنه لما مسخ على صورته، دل على خبثه، يعني: ليس مراد أحمد أنه بقية ممن مسخ، فارتفع الإشكال.

سئل الشيخ حمد بن عبد العزيز: عن النيص؟

فأجاب: حرم صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع، وليس منها، وليس من الخبائث، بل هو مما سكت عنه؛ وما سكت عنه فهو عفو، كما في الحديث، والله أعلم.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله، عن قولهم: من مرّ بثمرة لا حائط لها، ولا ناظر؟

فأجاب: قولهم من مرّ بثمرة لا حائط لها ولا ناظر، ففي هذه المسألة ثلاث روايات: إحداهن: له الأكل ولا يحمل، قال ابن رجب: هذا الصحيح المشهور في المذهب، قال في الهداية: اختاره عامة الأصحاب، قال في الشرح الكبير: وهو المشهور في المذهب، لما روي

ص: 468

عن أبي زينب التميمي، قال:"سافرت مع أنس بن مالك، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي برزة، رضي الله عنهم، فكانوا يمرون بالثمار، فيأكلون في أفواههم"، وهو قول عمر وابن عباس وأبي برزة، رضي الله عنهم. ثم ذكر القولين الآخرين.

ثم قال: ولنا حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده:" أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: ما أصاب منه من ذي الحاجة، غير متخذ خبنة، فلا شيء عليه، ومن حمل منه شيئاً، فعليه غرامة مِثْلَيْه والعقوبة " 1، قال الترمذي: حديث حسن. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أتيت إلى بستان، فناد صاحب البستان ثلاثاً، فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد "2. وروى سعيد عن الحسن، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ولأنه قول من سمينا من الصحابة من غير مخالف، فكان إجماعاً.

فأما أحاديثهم فهي منسوخة بما روينا من الحديث والإجماع. وأما الزرع، ولبن الماشية، ففيها روايتان: قال أحمد: لا يأكل، إنما رخص في الثمار ليس الزرع. والثانية: قال: يأكل من الفرك، لأن العادة جارية به، يؤكل رطباً، أشبه التمر والزبيب - إلى أن قال - والأولى في الثمار وغيرها، أن لا يأكل منها إلا بإذن، لما فيها من

1 الترمذي: البيوع (1289)، والنسائي: قطع السارق (4958)، وأبو داود: اللقطة (1710) والحدود (4390)، وابن ماجة: الحدود (2596) ، وأحمد (2/180) .

2 ابن ماجة: التجارات (2300) ، وأحمد (3/85) .

ص: 469

الخلاف.

ولبن الماشية كذلك، روي عن أحمد فيه روايتان: إحداهما: يجوز أن يشرب ويحلب، ولا يحمل، لما روى الحسن عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا أتى أحدكم ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، وإن لم يكن فيها أحد، فليحتلب، وليشرب ولا يحمل " 1، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح؛ والعمل عليه عند بعض أهل العلم، وهو قول إسحاق. والثانية: لا، لما روى ابن عمر مرفوعاً:" لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه " 2، متفق عليه.

سئل الشيخ سعيد بن حجي: عن صيد البحر، هل هو حلال كله؟ أم هو كصيد البر؟

فأجاب: قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [سورة المائدة آية: 96]، المراد بالصيد: ما صيد من البحر، والمراد بالبحر جميع المياه، العذبة والمالحة. فأما طعامه، فاختلفوا فيه، فقيل: هو ما قذفه البحر ورمى به إلى الساحل، يروى ذلك عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وأبي أيوب، وقتادة; وقيل: صيد البحر طريه، وطعامه مالحه، يروى ذلك عن سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، والسدي. ويروى عن ابن عباس ومجاهد كالقولين.

وجملة حيوان الماء على قسمين: سمك، وغير

1 الترمذي: البيوع (1296)، وأبو داود: الجهاد (2619) .

2 البخاري: في اللقطة (2435)، ومسلم: اللقطة (1726)، وأبو داود: الجهاد (2623)، وابن ماجة: التجارات (2302) ، وأحمد (2/6)، ومالك: الجامع (1812) .

ص: 470

سمك. فأما السمك: فجميعه حلال على اختلاف أجناسه وأنواعه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر:" هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " 1، أخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي، ولا فرق بين أن يموت بسبب، أو بغير سبب، فيحل كله; وقال أبو حنيفة: لا يحل إلا أن يموت بسبب. وما عدا السمك، فقسمان: قسم: يعيش في البر والبحر، كالضفدع والسرطان، فلا يحل أكلهما، وقال سفيان: أرجو أن لا يكون بالسرطان بأس.

واختلفوا في الجراد، فقيل: هو من صيد البحر، فيحل أكله للمحرم; وذهب جمهور العلماء إلى أنه من صيد البر، وأنه لا يحل للمحرم أكله في حال الإحرام، فإن أصاب جرادة فعليه صدقة، قال عمر:"في الجرادة تمرة". وعنه، وعن ابن عباس:"قبضة من طعام". وكذلك طير الماء، فهو من صيد البر أيضاً. وقال أحمد: يؤكل كل ما في البحر، إلا الضفدع والتمساح، قال: لأن التمساح يفترس، ويأكل الناس; وقال ابن أبي ليلى ومالك: يباح كل ما في البحر.

وذهب جماعة: إلى أن ما له نظير في البر يؤكل، فيؤكل نظيره من حيوان البحر، مثل بقر الماء ونحوه، ولا يؤكل ما لا يؤكل نظيره في البر، مثل كلب الماء، وخنزير الماء، فلا يحل أكله. انتهى من تفسير الخازن. فقد علم

1 الترمذي: الطهارة (69)، والنسائي: المياه (332) والصيد والذبائح (4350)، وأبو داود: الطهارة (83)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (386) والصيد (3246) ، وأحمد (2/237، 2/361)، ومالك: الطهارة (43)، والدارمي: الطهارة (728، 729) .

ص: 471

السائل - ألهمه الله فهم المسائل -: أن جميع السمك حلال على اختلاف أنواعه وأجناسه مطلقاً بالاتفاق، وأما غير السمك فهذا تفصيل الفقهاء، كما ترى، والله أعلم.

سئل الشيخ حسين والشيخ عبد الله: ابنا الشيخ: عن الضيافة؟ هل هي واجبة أم لا؟

فأجابا: الذي عليه العمل أنها واجبة على أهل القرى، وعلى البوادي دون الأمصار الكبار، التي توجد الأطعمة تباع فيها بلا كلفة.

وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: وأما الضيافة والقول بوجوبها، فالضيف على من نزل به; وأما الغائب ومن لم ينزل به الضيف، فلا يجب عليه معونة المنزول به، إلا أن يختار المعين.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن ضاف من أكثر مالهم حرام؟

فأجاب: أما إذا ضاف شخص ناساً أكثر مالهم حرام، فإنه يجوز له أن يأكل من طعامهم، ما لم يتحقق أنه من مالهم الحرام. وعلى كل حال، الأولى: التورع عن طعامهم، ومبايعتهم، ومشاراتهم.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن قوله صلى الله عليه وسلم: " أنهاكم عن الدباء، والحنتم " 1

إلخ؟

فأجاب: ذكر أهل العلم في شرحه: أنه نهاهم عن الانتباذ في هذه الأوعية، لأنها أوعية حارة، فيشربون منها

1 البخاري: العلم (87)، ومسلم: الإيمان (17)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (5031)، وأبو داود: الأشربة (3692) ، وأحمد (1/276، 1/291) .

ص: 472

المسكر ولا يشعرون بذلك. وورد في حديث صحيح أنه أرخص فيه بعد ذلك، وقال:" لا تشربوا مسكراً ".

وسئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن الزعفران واستعماله في المأكول والمشروب؟

فأجاب: لا أعلم فيه حديثاً يصح في النهي عنه، ورأيته منصوصاً على كراهة استعماله، في كلام بعض متأخري الحنفية؛ فهم ألحقوه بالبنج، وذكروا أنه يخدر منه، وربما أضر أو قتل. ثم إنا راجعنا كلام الحنابلة فيه، وهذا نص عبارة شارح المنتهى: والزعفران يحرم استعماله على وجه يضر، ويجوز على وجه لا يضر، كقلته وإضافة ما يصلحه.

سئل الشيخ حسين بن الشيخ عن لبن الجلالة

إلخ؟

فأجاب: وما ذكرت من جهة الدواب، فإن كان أربابها أضاعوها، وأكلها ما تذكر بسبب الجوع، فأربابها يجبرون على إطعامها، فإن كان فيها لبن، فألبانها لا تشرب إلى أن تحبس قدر ما تخلو من بطنها العذرة.

وأجاب بعضهم: تحرم الجلالة، وهي: التي أكثر علفها النجاسة، ولبنها وبيضها، حتى تحبس ثلاثاً، وتعلف من الطاهرات، وتمنع من النجاسة. فإن كان أكثر علفها الطاهر، لم يحرم أكلها، وكره أبو حنيفة لحومها، والعمل عليها.

ص: 473