المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هو مقتضى قول أكثر المتقدمين. وأما ما اعتمده كثير من المتأخرين، - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: هو مقتضى قول أكثر المتقدمين. وأما ما اعتمده كثير من المتأخرين،

هو مقتضى قول أكثر المتقدمين.

وأما ما اعتمده كثير من المتأخرين، من العمل بالخط، فمقتضى قولهم: جواز العمل بذلك والاعتماد عليه، بشرط تحقق الحاكم أنه خط القاضي المعروف خطه وثقته، فلا يجوز الاعتماد على خط لا يتيقنه، ولا يعرف ثقة كاتبه.

ص: 568

‌باب القسمة

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: عن الضرر المانع من القسمة؟

فأجاب: وأما الضرر المانع من القسمة، فهو إذا نقص قيمته مفرداً فهو يمنع; والنخل الذي بين الشركاء، أحد يشتهي القسمة، وأحد ما يشتهي: فإذا كان على بعضهم مضرة لم يقسم، وأما قسم المال جزافاً، فأرجو أنه لا بأس به، كما في ثمرة النخل.

وأجاب ابنه: الشيخ عبد الله: قال العلماء: القسمة نوعان: قسمة تراض، وهي: ما فيها ضرر، أو رد عوض من أحدهما، كالدور الصغار والحمام، والبيوت المتلاصقة التي لا يمكن قسمة كل عين مفردة، والأرض التي في بعضها بئر وبناء ونحوه لا يمكن قسمته بالأجزاء، والتعديل إذا رضوا بقسمتها أعياناً بالقيمة، جاز لأن الحق لهم لا يخرج عنهم، وقد رضوا بقسمته؛ وهذه جارية مجرى البيع

ص: 568

لا يجبر عليها الممتنع، ولا يجوز فيها إلا ما يجوز في البيع، لما روى مالك في الموطإ عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ضرر ولا ضرار "1.

قال المجد: الذي تحرر عندي فيما فيه رد، أنه بيع فيما يقابل الرد، أي: العوض الذي رد من أحدهما على الآخر، وإفراز في الباقي. انتهى. ويؤيده قول القاضي في التعليق، وصاحب المبهج، والموفق في الكافي: البيع ما فيه رد عوض; وإن لم يكن فيها رد عوض، فهي إفراز النصيبين، وتمييز الحقين، وليست بيعاً. فعلى القول أنها إفراز، يصح قسم وقف بلا رد، وقسمة ما بعضه وقف بلا رد، من رب الطلق، ولحم، ورطب بمثله، وقسمة ثمر يخرص خرصاً، وما يكال وزناً، وما يوزن كيلاً؛ قال في الترغيب: في الأصح، وتفرقهما قبل القرض فيها، ولا يحنث من حلف: لا يبيع. وعلى القول بأنها بيع، تنعكس الأحكام المتقدمة كلها. قالوا: ولا شفعة مطلقاً، أي على كلا القولين، لجهالة ثمن، ويفسخ بعيب.

وأما المواريث التي تقاسموها في الجاهلية على خلاف الشرع، ثم بعد هذا أسلموا، فلا يطالبون برد القسمة بعد الإسلام إلا برضى.

1 ابن ماجة: الأحكام (2340) ، وأحمد (5/326) .

ص: 569

وأجاب الشيخ حمد بن ناصر: قسمة الإجبار، هي التي لا ضرر على أحد من الشركاء، ويمكن تعديل السهام من غير رد عوض؛ فإذا كان فيها ضرر لم يجبر الممتنع، لقوله صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار"1. فإن كان فيها رد عوض، فهي بمعنى البيع، فلا يجبر الممتنع عليها، بل برضاه.

وأجاب الشيخ علي بن حسين بن الشيخ، رحمهم الله: وتسأل عن قسمة الإجبار، ومحل الإشكال عليك: أن أهل المذهب أطلقوها على أشياء، من غير شرط ضرر، قال في المحرر: فأما ما لا ضرر فيه، ولا رد عوض في قسمته، كالقرية والبستان، والدار الكبيرة والأرض، والدكاكين الواسعة - إلى أن قال - فإذا طلب الشريك قسمته، أجبر الآخر عليها. انتهى. فأطلق على البستان، ولم يشترط ضرر البستان، والنخل قد يكثر ويقل، وتكثر سهامه وتقل، فأشكل عليك إطلاقهم نفي الضرر عن البستان قليله وكثيره، فالمسألة كما ذكروا؛ لكن الغالب أن الضرر ورد العوض يقل فيما ذكروا، لسعة المكان، فتمكن قسمته بلا ضرر ولا رد عوض، والصغير بالعكس؛ فمتى وجدنا الضرر أو رد العوض، كَبُر المكان أو صَغُر، كثر الشجر أو قل، كثرت السهام أو قلت، فهي قسمة تراض؛ وهذا هو المفتى به عند مشايخنا، وهو صريح عبارات الأصحاب في القسمة.

1 ابن ماجة: الأحكام (2340) ، وأحمد (5/326) .

ص: 570

[أنواع القسمة]

قال في الشرح الكبير: والقسمة نوعان: قسمة تراض، وقسمة إجبار; فأما قسمة التراضي، فهي: ما فيها ضرر على أحد الشركاء، أو رد عوض من أحدهم، كالدور الصغار التي لا يمكن قسمها، فلا يجوز فيها إلا ما يجوز في البيع؛ وهل تلزم بالقرعة إذا قسمها حاكم، أو رضوا فيه بقاسم؟ وجهان: أحدهما: يلزم القسم، والثاني: لا يلزم إلا بالتراضي.

واختلفوا في الضرر، فقال بعضهم: الضرر المانع: نقص القيمة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وعنه: الضرر ما لا يمكن أحدهما الانتفاع بنصيبه مفرداً، فيما كان ينتفع به مع الشركة. والأول: ظاهر كلام الشافعي، لأن النقص ضرر وهو منفي شرعاً.

الثاني: قسمة الإجبار، وهي: ما لا ضرر فيه ولا رد عوض، وهذه القسمة إفراز حق لا بيع. انتهى كلام الشارح.

والذي أوصى لإنسان في بيته بدار، وتضرر أهل البيت بسكنى الموصَى له، فالوصية صحيحة، وليس لأهل البيت منع الموصَى له من السكنى في الموصَى به. وإن تضرروا فلهم طلب القسمة، فإن كانت قسمة إجبار أفرز له حقه، وإن كانت قسمة تراض لم يقسم إلا برضاهم؛ لكن إن

ص: 571

تضرروا فللحاكم بيعه، وقسم الثمن على قدر الملك، إن لم يرضوا بالقسمة ولا بسكناه معهم.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله: عن قسم مسيل مشترك، هل هو على قدر الحصص؟ أم على عدد النخل وسعة الأرض؟

فأجاب: إنه على حسب سهام الميراث.

وسئل الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف: إذا طلب أحد الشركاء قسمة نصيبه من السيل؟

فأجاب: إن كان كل منهم قد علم نصيبه بالأجزاء، ويمكن قسمته من أعلى الوادي على أنصبائهم، فلهم القسمة إن لم يكن جعل العليا مقراة لجميع السيل، مشروطاً فيما تقدم.

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: هل تصح قسمة الثمار خرصاً؟

فأجاب: الذي عليه الجمهور: أن ذلك لا يصح، حكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء؛ والذي يقوي عندي صحة ذلك، لقصة خيبر، ولا محذور في ذلك، لأن القسمة ليست بيعاً، كما نبه على ذلك ابن القيم في فوائد قصة خيبر.

وأما قولك: فإن جعل أحدهما أكثر من الآخر،

ص: 572

لجودة الثمر، هل يصح؟ فالذي يظهر لي: أنه لا يصح، وذلك لأنه لا بد في القسمة من تعديل السهام، فإذا جعل طيب الثمرة سهماً، ورديئها سهماً، صار ذلك متفاضلاً يقيناً؛ والذي في الحديث إنما هو جواز القسمة خرصاً، ولا علمت أحداً أجاز المفاضلة في قسمة الثمار.

وسئل أيضاً: إذا كان شريكان في نخل أو زرع، وبدا صلاح الثمرة، واشترى أحدهما نصيب الآخر، بكيل يشترطه من الثمرة بعينها، والبائع عليه مؤنة الكد حتى يتم العمل؟

فأجاب: هذه مسألة مشكلة، من حيث إن كلام الفقهاء فيها يخالف ظاهر السنة؛ قال ابن عبد البر: الخرص في المساقاة لا يجوز عند جميع العلماء، وعلله، وجعل أخذ الثمرة بكيل معلوم من المزابنة المنهي عنها؛ ولكن ظاهر السنة جوازها، فإنه قد ثبت:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة، يخرص على أهل خيبر، فإذا خرصها خيرهم، وقال: إن شئتم فخذوها بخرصها، وإن شئتم فهي لنا "1. وقد روي: أنه خرص عليهم أربعين ألف وسق، فأخذوا الثمر وضمنوا للمسلمين عشرين. قال ابن القيم، في فوائد قصة خيبر: ومنها جواز قسمة الثمار خرصاً، وإن القسمة ليست بيعاً. انتهى بمعناه.

وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن: أما خرص

1 أبو داود: البيوع (3413) ، وأحمد (6/163) .

ص: 573

النخل وإعطاؤه للشريك، ليأخذ مثله وقت الجذاذ، فالظاهر: أن هذا لا يجوز، لأنه من صور بيع الجنس بجنسه، وشرط الجواز التماثل والتقابض؛ والذي يجوز في ذلك أن يقسما على رؤوس النخل خرصاً، فيأخذ كل واحد منها مثل ما أخذه شريكه، فيختص كل واحد بما أخذ بالقسمة، فلا يكون في ذمة أحدهما للآخر شيء.

وسئل الشيخ سعد بن عتيق: ما يجري بين الفلاح والمالك عند حلول الثمرة، من خرص نخلة أو نخلات بوزان معلومة يأخذه الآخر بعد الجذاذ؟

فأجاب: الظاهر: عدم الصحة.

ص: 574