المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الفرائض وسئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: عن حديث - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌كتاب الفرائض وسئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: عن حديث

‌كتاب الفرائض

وسئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: عن حديث زينب؟

فأجاب: اعلم أن الحديث قد دل بمنطوقه: على أن امرأة عثمان بن عفان، ونساء من المهاجرات، اشتكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيق المنازل وإخراجهن منها، فأمر صلى الله عليه وسلم أن تُوَرَّث دور المهاجرين النساء المهاجرات، وتورث بضم التاء وفتح الواو وتشديد الراء، معناه: أن تجعل الدور لهن ميراثاً. فمات عبد الله بن مسعود، فورثت امرأته داره في المدينة أخذاً بهذا الحديث. هذا معناه.

والناس مختلفون في وجه اختصاص النساء بذلك: فقال بعضهم: يشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة، وإنما خصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن، فحاز لهن الدور لما رأى من المصلحة؛ وهذا مختص بالمهاجرات، لاختصاصهن بعلة الحكم على هذا الوجه. وقد ألغز في ذلك بعض الأفاضل فقال:

سلم على مفتي الأنام وقل له

هذا سؤال في الفرائض مبهمُ

قوم إذا ماتوا يحوز ديارهم

زوجاتهم ولغيرهم لا تقسمُ

ص: 129

وبقية المال الذي قد خلفوا

يجرى على أهل التوارث منهمُ

وقيل: هو أمر منه صلى الله عليه وسلم باختصاص الزوجات المهاجرات سكنى دور أزواجهن مدة حياتهن، على سبيل الإرفاق بالسكنى دون الملك، كما كانت دور النبي صلى الله عليه وسلم وحجره في أيدي نسائه بعده، لا على سبيل الميراث، لقوله عليه السلام:" نحن لا نورث، ما تركناه صدقة " 1؛ لكن يحكى عن سفيان بن عيينة، أنه قال:"نساء النبي صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات، لأنهن لا ينكحن بعده، وللمعتدات السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عشن لا تملكها". ويشبه أن يكون أمره بذلك، قبل نزول آية الفرائض، فقد كانت الوصية للوالدين والأقربين مفروضة، وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالمؤاخاة بينهم، فنسخ بآية الفريضة، وبقوله تعالى:{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [سورة الأنفال آية: 75، والأحزاب:6] ؛ وعمل الناس يدل على هذا ويرجحه.

وأما استدلال أبي داود، في باب إحياء الموات، فتأوله على وجهين: أحدهما: أنه إنما أقطعهم العرصة ليبنوا فيها الدور، وعليه يصح ملكهم في البناء الذي أحدثوه في العرصة؛ وهذا الذي يظهر من صنع أبي داود. الوجه الثاني: أنهم إنما أقطعوا الدور عارية، وإلى هذا ذهب أبو إسحاق المروزي؛ ويرجح ذلك أن إقطاع الإرفاق وقع في المقاعد في الأسواق والمنازل في الأسفار، وهي يرتفق بها

1 البخاري: فرض الخمس (3094)، ومسلم: الجهاد والسير (1757)، والترمذي: السير (1610)، والنسائي: قسم الفيء (4148)، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (2963) ، وأحمد (1/48) .

ص: 130

ولا تملك؛ ومن هنا يحصل احتمال رابع في معنى اختصاص النساء بالدور دون سائر الورثة.

وتقريره على هذا الوجه، أن يقال: الدور لم تملك بالإقطاع، بل هي عارية في يد أربابها، وبعد هلاكهم أمرها إلى الإمام، يسكنها من شاء بحسب المصلحة، فلذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم باختصاص المهاجرات، دون سائر الورثة. وقول بعضهم: إن الميراث لا يجرى إلا فيما كان المورث مالكاً له، فيه نظر ظاهر، والله أعلم.

سئل الشيخ محمد بن إبراهيم: عن الميت إذا تنازع عصبته في ميراثه، وكل واحد يدعي أنه أقرب، ولا بينة مع أحدهم على دعواه، إلا قول الميت قبل وفاته: إن الأقرب إليه فلان؟

فأجاب: اعلم أن قول المورث هذا لا يصير إقرارا بوجه، وإنما هو من باب الشهادة؛ وإذا كان كذلك، فإنه لا يظهر لي أنه يشترط في مثل تلك الشهادة بيان الدرجة، هل هي الثانية أو الثالثة مثلاً، أو لا يشترط شيء من ذلك، بل يكتفى بمجرد شهادته أنه أقرب من غير تفصيل. ومثل هذه ينبغي التأني فيها، إذ ربما يثبت مدع آخر، أو يوجد بينة مع أحد الطرفين.

وقال الشيخ محمد بن محمود: سألني عبد العزيز بن

ص: 131

جماز عن مسألة أخت عثمان السليمان، وقد كنت كتبت سابقاً - تحت فتيا الشيخ عبد العزيز بن حسن، نسأ الله في أجله - من كلامهم ما ظهر لي في المسألة، وحاصله: أن النسب لا يثبت بمجرد الدعوى، ولا يثبت إلا ببينة تعين الأحق بالإرث، إما بشهادة قاطعة، أو استفاضة تقرب من القطع، وأما مجرد دعوى بني فلان مع كثرة المدعي، وتكاثر شعوب المُدَّعَى، فلا يثبت بذلك التوارث. يبقى الإرث بعد فروض الزوج لذوي الأرحام، إذا لم يثبت عصبة النسب، فيكون لولد البنت نصف الباقي، ولبنات الإخوة نصفه، ويستوي ذكرهم وأنثاهم، إلا أن يكونوا أولاد إخوة لأم، فيسقطون، ويكون الباقي لولد البنت، لأن أمه تحجبهم حتى لا يخفى.

قال الشيخ علي بن عبد الله بن عيسى: الحمد لله، ما ذكره الشيخ محمد بن محمود جار على قواعد المذهب. ويشترط في البينة الشاهدة لمدعي قرابة شخص: أن تجمع بينه وبين المدعي قرابته في جد واحد، فتقول: فلان بن فلان بن فلان، وفلان بن فلان بن فلان، حتى يجتمعا في شخص واحد. هذا ما ظهر لي من كلامهم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: عن العصبة إذا كانوا من رجلين، وهم في درجة واحدة من

ص: 132

الميت، وأبناء واحد أكثر من واحد، هل كل في منْزلة أبيه؟ أم كلهم في الميراث سواء

إلخ؟

فأجاب: العصبة سواء، ولو كان أبناء واحد أكثر من واحد، وأما الأخ للأم فلا يعصب.

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: هل يرث العاصب بالتعصيب ولو بَعُدَ؟

فأجاب: العاصب للميت من كان أقرب من غيره، بَعُدَ العاصب أو قرب، فمتى ثبت النسب بأن هذا ابن عم الميت ولا يعرف أحد أقرب منه فهو العاصب - ولو بعد عن الميت -. فإن عرف أن هذا الميت من هذه القبيلة، ولم يعرف له عاصب معين، وأشكل الأمر، دفع إلى أكبرهم سناً. فإن كان للميت وارث ذو فرض أخذ فرضه، وإن لم يوجد عاصب. فالرد إلى ذوي الفروض أولى من دفعه إلى بيت المال؛ ويرث على أهل الفروض على حسب ميراثهم، إلا الزوج أو الزوجة، فلا يرد عليهما.

وسئل أيضاً رحمه الله تعالى: عن معنى بيت الجعبري، حيث قال:

فبالجهة التقديم ثم بقربه

وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

فأجاب: اعلم أنه إذا اجتمع عصبة، فتارة يستوون في الدرجة والجهة والقوة أو لا: فإن استووا فيما ذكرنا اشتركوا

ص: 133

في المال، أو فيما أبقت الفروض، وإن لم يستووا في ذلك حجب بعضهم بعضاً. والجهات سبع: البنوة، ثم بعدها الأبوة، ثم الجدودة والأخوة، عند من يقول إن الإخوة يشاركون الجد، ثم بنو الإخوة، ثم العمومة، ثم الولاء، ثم بيت المال 1.

إذا فهمت ذلك، فإذا اجتمع عاصبان، فمن كانت جهته مقدمة فهو المقدم، وإن بعد على من كانت جهته مؤخرة؛ فإذا اجتمع ابن ابن أخ شقيق أو لأب، فهو مقدم على ابن العم؛ وهذا معنى قول الجعبري، رحمه الله: فبالجهة التقديم. فإن كانوا في الجهة سواء، فالقريب درجته هو المقدم، كالابن يقدم على ابن الابن، وكذلك لو اجتمع ابن أخ لأب مع ابن ابن أخ شقيق، فابن الأخ لأب يقدم على ابن ابن الأخ الشقيق النازل بالإجماع، لأن الأول أقرب.

ومعنى قول الجعبري: ثم بقربه: إذا اجتمع عاصبان من جهة واحدة، وكان أحدهما أقرب درجة، فلا شيء للبعيد كما مثلته لك. فإن استووا في الجهة والدرجة، وكان أحدهما أقوى، وهو الذي يدلي بقرابتين، فهو المقدم على المدلي بقرابة

1 عدُّ بيت المال جهة، جرياً على مذهب الموالك والشوافع، وعند الحنابلة ليس من التعصب، بل ولا من الإرث في شيء، وإنما هو مصرف للأموال المجهول أربابها ونحوها؛ ومن ذلك من مات ولم يخلف ورثة، فإن ماله يصرف إلى بيت المال.

ص: 134

واحدة. مثاله: إذا اجتمع أخ شقيق وأخ لأب، فقد استويا في الجهة والدرجة، فالشقيق هو المقدم. وهذا معنى قول الجعبري: وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا; يعني: ذا القرابتين يقدم على ذي القرابة الواحدة، إذا استويا في الجهة والدرجة.

وحاصل الأمر: أن الابن يقدم على ابن الابن، وأن ابن الابن مقدم على الأب في العصب، والأب مقدم على الجد مطلقاً، والأب مقدم على الأخ الشقيق، والأخ الشقيق مقدم على الأخ للأب، والأخ للأب مقدم على ابن الأخ الشقيق، وابن الأخ الشقيق مقدم على ابن الأخ للأب، وابن الأخ للأب مقدم على ابن ابن الأخ الشقيق الذي هو أنزل منه، وبنو الإخوة الأشقاء أو لأب مقدمون على العمومة، فلا يرث العم مع ابن الأخ، سواء كان ابن أخ شقيق أو لأب وإن نزل، والعم لأب لا يرث مع العم الشقيق، والعم للأب يقدم على ابن العم الشقيق لأنه أقرب، وابن العم الشقيق يقدم على ابن العم لأب لأنه أقوى.

سئل الشيخ سعيد بن حجي: هل يعصب بنو الإخوة أخواتهم في الميراث كالإخوة؟

فأجاب: قال في المغني: أربعة من الذكور يعصبون أخواتهم فيمنعونهن الفرض، ويقتسمون ما ورثوا، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهم: الابن وابن الابن وإن نزل، والأخ من

ص: 135

الأبوين، والأخ من الأب. وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث، وهم: بنو الاخوة، والأعمام، وبنوهم. ثم ذكر الدليل والتعليل - إلى أن قال - وهذا لا خلاف فيه بحمد الله. انتهى. فتبين: أن بني الإخوة المسؤول عنهم، ينفردون بالميراث دون أخواتهم.

وسئل: إذا كانت الأخوات عصبة مع الغير، هل يحجبن الأخ للأب، ومن أبعد منه من العصبة؟

فأجاب: الأخوات مع البنات عصبات، لهن ما فضل بعد الفرض؛ والمراد بالأخوات: الأخوات من الأبوين، ومن الأب. ولهذا ذهب عامة الفقهاء؛ فإن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت:"لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي فلِلأخت"، رواه البخاري وغيره. وما تأخذه مع البنت ليس بفرض، وإنما هو تعصيب، كميراث الأخ. وأجمع أهل العلم على أن بنات الابن بمنْزلة البنات عند عدمهن في إرثهن، وفي جعل الأخوات معهن عصبات وغير ذلك. انتهى ملخصاً من المغني.

قال الشنشوري: تتمة: حيث صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير، صارت كالأخ الشقيق، فتحجب الإخوة لأب ذكوراً كانوا أو إناثاً، ومن بعدهم من العصبات. وحيث صارت الأخت للأب عصبة مع الغير، صارت كالأخ للأب،

ص: 136

فتحجب بني الإخوة ومن بعدهم من العصبات.

[هل الجد أب]

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: هل الجد أب

إلخ؟

فأجاب: أما كون الجد أباً، فرجح بأمور: الأول: العموم، واستدلال ابن عباس، رضي الله عنهما على ذلك بقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ} . الثاني: محض القياس، كما قال ابن عباس: ألا يتقي الله زيد؟! يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أبا الأب أباً. الثالث: أنه مذهب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو، هو.

الرابع: أن الذين ورثوا الإخوة معه، اختلفوا في كيفية ذلك، كما قال البخاري - لما ذكر قول الصديق -: ويذكر عن علي وابن مسعود وزيد أقاويل مختلفة. الخامس: أن الذين ورثوهم، لم يجزموا، بل معهم شك، وأقروا أنهم لم يجدوه في النص، لا بعموم ولا غيره. السادس، وهو أبينها كلها: أن هذا التوريث وكيفياته، لو كان من الله لم يتصور أن يهمله النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية من صعوبته والاختلاف فيه. وأما حجة المخالف، فهم مقرون أنه محض رأي، لا حجة فيه إلا قياساً، فيما زعموا.

وقال ابنه: الشيخ عبد الله: إذا صح لنا نص جلي، من كتاب أو سنة، غير منسوخ ولا مخصص، ولا معارض بأقوى منه، وقال به أحد الأئمة الأربعة، أخذنا به وتركنا المذهب،

ص: 137

كإرث الجد والإخوة؛ فإنا نقدم الجد بالإرث، وإن خالفه مذهب الحنابلة.

وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن: وأما مسألة الجد والإخوة، فذكر في الاختيارات: أن الجد يحجب الإخوة، وهو قول أبي بكر، وقال به غيره من الصحابة، وهو رواية عن أحمد، وهو الذي يختاره أشياخنا.

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: ذوي الأرحام مع عدم العصبة أحق أم بيت المال؟

فأجاب: ذوو الأرحام أولى بالميراث من بيت المال.

وسئل ابنه: الشيخ عبد الله، والشيخ حمد بن ناصر: إذا هلك هالك، عن ابن أخت شقيقة، وابني خالين؟

فأجابا: العمل على مذهب المنَزلين، فينَزل كل منْزلة من أدلى به: فيكون لابن الأخت النصف: ثلاثة من ستة، ويكون لابني الخالين اثنان، ويبقى واحد يرد عليهم على قدر سهامهم؛ فيجعل المال خمسة أسهم: لصاحب النصف ثلاثة أخماس، ولصاحب الثلث خمسان. لكن انظر في ابني الخالين، هل هما وارثان؟ أو أحدهما محجوب بالآخر؟ كما نص الفقهاء على ذلك. مثال ذلك: ابن الخال لأب، مع ابن الخال لأبوين، فالمال لابن الخال الشقيق، ولا شيء لابن الخال لأب، نبه عليه صاحب الشرح الكبير.

ص: 138

وسئل الشيخ عبد الله: عمن لا وارث له

إلخ؟

فأجاب: من مات لا وارث له، فماله لبيت المال.

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عن معنى التماثل، والتناسب؟

فأجاب: اعلم أنه إذا كان الكسر على أكثر من فريق، ونظرت بين كل فريق وسهامه، ثم نظرت بين الرؤوس والرؤوس، فإنه لا يخلو من أربعة أحوال: إما أن تجد بين الرؤوس والرؤوس مماثلة، ومعنى المماثلة هي: المساواة في العدد كثلاثة وثلاثة وخمسة وخمسة، وستة وستة، فهذه المماثلة، وحكمها كما قال الناظم: 1

فخذ من المماثلين واحدَا

فإذا وجدت رؤوساً متماثلة في العدد، فخذ رؤوس أحدهما واكتف به. فإن لم تجد بين الرؤوس والرؤوس مماثلة، فانظر هل تجد بينهما مناسبة، والمناسبة هي: المداخلة، ومعناها: أن الأصغر يدخل في الأكبر، فإذا سلطته عليه أفناه من غير زيادة ولا نقصان; وذلك: كاثنين وأربعة، واثنين وثمانية، أو خمسة وعشرة، وثلاثة وتسعة، هذا هو معنى المناسبة، وحكمه كما قال الناظم:

وخذ من المناسبين الزائدَا يعني:

1 هو ناظم الرحبية في علم الفرائض: أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن حسين الرحبي، المعروف بابن موفق الدين الشافعي.

ص: 139

العدد الأكبر خذه، واكتف به عن الأصغر. فإن لم تجد بينهما مماثلة ولا مناسبة، فانظر هل تجد بينهما موافقة، وهي: أن يكون بينهما موافقة في جزء من الأجزاء، كأربعة وستة، أو ستة وثمانية، أو ستة وتسعة، أو أربعة وعشرة; وحكم هذا النوع، هو ما قال الناظم:

واضرب جميع الوفق في الموافق

فإذا كان معك أربعة وستة، فقد توافقتا بالأنصاف، فخذ نصف أحدهما واضربه في كامل الأخرى، فتبلغ اثنا عشر؛ وهكذا تفعل في الباقي، تأخذ الوفق وتضربه في كامل الآخر. فإن لم تجد بينهما مماثلة ولا مناسبة ولا موافقة، فقد حصل التباين، وحكمه كما قال الناظم:

وخذ جميع العدد المباين

واضربه في الثاني ولا تداهن

وذلك كثلاثة وخمسة، وخمسة وتسعة.

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عمن أخذ الحمل في بطنها سنة، وقد صلح قبل وفاة مورثه: أخيه من أمه، بثلاثة أشهر.

فأجاب: المسألة ما ظهر لي فيها إشكال، بل هي واضحة، لأن الحمل متحقق قبل موت مورثه، فعلى هذا يرث الحمل، ويوقف له سدس؛ فإن ولد حياً ورث، وإن خرج ميتاً لم يرث.

ص: 140

وسئل ابنه: الشيخ عبد الله: عن امرأة لها ابن، وله إخوة من غيرها لأبيه، ولها زوج، فتوفي الابن، فادعت بعد موته أنها حامل؟

فأجاب: أما الحمل قبل الموت إذا ثبت وخرج حياً، فهو يرث.

سئل أيضاً، رحمه الله: عن قسمتهم الميراث في الشرك، أو إسلامهم قبل؟

فأجاب: أما مواريث الشرك، فإذا كان الوارث في الجاهلية قد منع شريكه من نصيبه من الإرث، وأسلم والمال في يده، فالمال له دون شريكه، سواء كان الممنوع رجالاً أو نساء، وإن كان مزبوراً لم يقسم حتى جاء الإسلام، فإنه يقسم على فرائض الله، ويعطى كلٌّ نصيبه من المال.

وأجاب أيضاً: وأما الناس إذا ورثوا أهلهم في الشرك، وهم رجال ونساء، وتزوجت النساء، وأعطاهن إخوانهن ما يسر الله من المال، وجاء الإسلام قبل أن يقتسموا، فإن كانوا منعوهن وطردوهن عن حقهن، فلا يقسم لهن في الإسلام، وأما إن كانوا لم يطردوهن، بل تركوهن على شركتهن، ومعروف عند جماعتهم أن كلاً على حقه، فهن على حقهن، ويقسم للنساء إن طلبن.

وأجاب أيضاً: المواريث التي قسمت في حال الشرك

ص: 141

والجهل، تقر على ما هي عليه، ولا تعاد القسمة في الإسلام.

وأجاب أيضاً: المواريث التي قسمت في الشرك، وتملكها أهلها، ثم أسلموا، لا تعاد قسمتها. ومن أسلم على شيء أقر في يده، إذا كان قد تملكه في جاهليته. وأما إذا لم تقسم التركة، وأسلم أهلها وهي موقوفة، فإنها لا تقسم إلا على قسمة الله في كتابه العزيز، التي يعرفها أهل العلم.

وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، رحمه الله: وأما كون الناس قبل الإسلام، منهم من لا يورث المرأة، ومنهم من يصالحها، ويسلمون وبينهم عقار ونحوه من الإرث، شيء باعه الرجال ولم يعطوا النساء منه شيئاً قبل الإسلام، فالذي عليه الفتوى في هذه المسائل، أعني: عقود الجاهلية، من نكاح وبياعات، وعقود الربا والغصوب، ومنع المواريث أهلها ونحو ذلك: من أسلم على شيء من ذلك لم نتعرض له؛ فلا نتعرض لكيفية عقد النكاح هل وقع بشروطه، كالولي والشهود ونحو ذلك. وكذلك البياعات، لا ينقض إذا أسلم المتعاقدان، ولا ينظر كيف وقع العقد. وكذلك عقود الربا إذا أسلما ولم يتقابضا، بل أدركهما الإسلام قبل التقابض، فليس لصاحب الدين إلا رأس ماله، لقوله تعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [سورة البقرة آية:

ص: 142

279] .

وأما المال المقبوض، فلا يطالب به القابض إذا أسلم، لقوله تعالى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [سورة البقرة آية: 275] . وكذلك المواريث والغصوب، إذا استولى الإنسان على حق غيره، وتملكه في جاهليته ومنع مالكه بحيث أيس منه، ثم أسلم وهو في يده، لا ينازعه فيه؛ فهذا لا نتعرض له، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:" الإسلام يجُبُّ ما قبله " 1، ولأن الناس أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ولم يبلغنا أنهم نظروا في أنكحة الجاهلية، ولا في عقودهم ومعاملاتهم، ولا في غصوبهم ومظالمهم التي تملكوها في حال كفرهم. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أهل الجاهلية على ما كانوا عليه؟ قال: "لم يبلغنا إلا ذلك"، وقال الإمام أحمد في رواية مهنا: من أسلم على شيء فهو عليه.

وقال الشيخ تقي الدين: ولو تزوج المرتد كافرة أو غيرها ثم أسلما، فالذي ينبغي أن يقال هنا أن نقرهم على مناكحهم، كالحربي إذا نكح نكاحاً فاسداً ثم أسلم، فإن المعنى واحد؛ وهذا جيد في القياس إذا قلنا: إن المرتد لا يؤمر بقضاء ما ترك في الردة من العبادات، فأما إذا قلنا: إنه يؤمر بقضاء ما ترك من العبادات، ويضمن ويعاقب على ما فعله، ففيه نظر؛ ومما يدخل في هذا كل عقود المرتدين،

1 أحمد (4/205) .

ص: 143

إذا أسلموا قبل التقابض، وبعده. وهذا باب واسع، يدخل فيه جميع أحكام أهل الشرك في النكاح وتوابعه، والأموال وتوابعها، أو استولوا على مال مسلم، أو تقاسموا ميراثاً ثم أسلموا بعد ذلك، وكذا الدماء وتوابعها. انتهى كلام الشيخ.

وقال، رحمه الله، في موضع آخر: ولو تقاسموا ميراثاً جهلاً، فهذا شبيه بقسم ميراث المفقود إذا ظهر حياً، لا يضمنون ما أتلفوه، لأنهم معذورون، وأما الباقي فيفرق بين المسلم والكافر، فإن الكافر لا يرد باقياً ولا يضمن تالفاً. انتهى.

وأما قولك: وأيضاً ذكر الفقهاء أن المرتد لا يرث، فكفار أهل زماننا هل هم مرتدون؟ أم حكمهم حكم عبدة الأوثان، وأنهم مشركون؟ فنقول: أما من دخل منهم في دين الإسلام ثم ارتد، فهؤلاء مرتدون، وأمرهم عندك واضح. وأما من لم يدخل في دين الإسلام، بل أدركته الدعوة الإسلامية وهو على كفره، كعبدة الأوثان، فحكمه حكم الكافر الأصلي، لأنا لا نقول: الأصل إسلامهم والكفر طارئ عليهم، بل نقول: الذين نشؤوا بين الكفار، وأدركوا آباءهم على الشرك بالله، كآبائهم، كما دل عليه الحديث الصحيح في قوله:" فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "1. فإن كان دين آبائهم الشرك بالله، فنشأ هؤلاء واستمروا عليه، فلا نقول: الأصل الإسلام والكفر طارئ عليهم، بل

1 البخاري: الجنائز (1358)، ومسلم: القدر (2658) ، وأحمد (2/233، 2/275) .

ص: 144

نقول: هم الكفار الأصليون؛ ولا يلزمنا على هذا تكفير من مات في الجاهلية قبل ظهور الدين، فإنا لا نكفر الناس بالعموم، كما أنا لا نكفر اليوم بالعموم، بل نقول: من كان من أهل الجاهلية عاملاً بالإسلام تاركاً للشرك فهو مسلم، وأما من كان يعبد الأوثان ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين، فهذا ظاهره الكفر، وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية لجهله وعدم من ينبهه، لأنا نحكم على الظاهر، وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله تعالى، لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [سورة الإسراء آية: 15] . وأما من مات منهم مجهول الحال، فهذا لا نتعرض له، ولا نحكم بكفره ولا بإسلامه، وليس ذلك مما كلفنا به، {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة البقرة آية: 134-141] : فمن كان منهم مسلماً أدخله الله الجنة، ومن كان كافراً أدخله النار، ومن كان منهم لم تبلغه الدعوة فأمره إلى الله؛ وقد علمت الخلاف في أهل الفترات، ومن لم تبلغهم الحجة الرسالية.

وأيضاً، فإنه لا يمكن أن نحكم في كفار زماننا بما حكم به الفقهاء في المرتد، أنه لا يرث ولا يورث، لأن من قال: لا يرث ولا يورث، يجعل ماله فيئاً لبيت مال المسلمين؛ وطرد هذا القول أن يقال: جميع أملاك الكفار اليوم بيت مال،

ص: 145

لأنهم ورثوها عن أهليهم، وأهلوهم مرتدون لا يورثون، وكذلك الورثة مرتدون لا يرثون، لأن المرتد لا يرث ولا يورث. وأما إذا حكمنا فيهم بحكم الكفار الأصليين، لم يلزم شيء من ذلك، بل يتوارثون، فإذا أسلموا، فمن أسلم على شيء فهو له، ولا نتعرض لما مضى منهم في جاهليتهم، لا المواريث ولا غيرها.

وقد روى أبو داود عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام "1. وروى سعيد في سننه من طريقين، عن عروة، وابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من أسلم على شيء فهو له "، ونص أحمد على مثل ذلك، كما تقدم عنه في رواية مهنا.

واعلم: أن القول بأن المرتد لا يرث ولا يورث، هو أحد الأقوال في المسألة، وهو المشهور في المذهب، وهو مذهب مالك والشافعي. والقول الثاني: أنه لورثته المسلمين، وهو رواية عن أحمد، وهو مروي عن أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب وابن مسعود، وهو قول جماعة من التابعين، وهو قول الأوزاعي وأهل العراق. والقول الثالث: أنه لأهل دينه الذي اختاره إن كان منهم من يرثه، وإلا فهو فيء، وهو رواية عن أحمد، وهو مذهب داود بن علي.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن رجل مات في

1 أبو داود: الفرائض (2914)، وابن ماجة: الأحكام (2485) .

ص: 146

الشرك وله بنات؟

فأجاب: من مات في الشرك وله بنات، لا يصير لهن في الإسلام إرث. والتي تزوجت في الشرك ثم أسلمت ومات أبوها، فلها نصيبها في الميراث، وكذلك نصيبها في أبيها وأخيها وزوجها.

وسئل الشيخ عبد الله أبا بطين: إذا مات مسلم وله أولاد، منهم مسلم وكافر، فأسلم الكافر بعد مدة طويلة أو غير طويلة، وبعض التركة بحاله

إلخ؟

فأجاب: في هذه المسألة عن الإمام أحمد روايتان: إحداهما - وهي المذهب -: أن من أسلم من الورثة قبل قسمة التركة ورث، وكذلك إن أسلم وقد قسم بعضها، ورث مما لم يقسم؛ واحتجوا بما روى أبو داود، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام " 1، وبما روى سعيد بن منصور في سننه، عن عروة وابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من أسلم على شيء فهو له ". ويروى أن عمر وعثمان قضيا بذلك. وعلى هذه الرواية: إن كان الوارث واحداً، فتصرفه في التركة وحيازتها بمنْزلة قسمها؛ ذكر ذلك الموفق وغيره.

والرواية الثانية: لا شيء له، لحديث:" لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم "2. وهذا حين الموت كان كافراً، فلا

1 أبو داود: الفرائض (2914)، وابن ماجة: الأحكام (2485) .

2 البخاري: الفرائض (6764)، ومسلم: الفرائض (1614)، والترمذي: الفرائض (2107)، وأبو داود: الفرائض (2909)، وابن ماجة: الفرائض (2729، 2730) ، وأحمد (5/200، 5/201، 5/202، 5/208، 5/209)، والدارمي: الفرائض (2998، 3000، 3001) .

ص: 147

يرث بمقتضى هذا الحديث؛ وهذا قول أكثر العلماء; والقول الأول من مفردات المذهب.

وقال الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق، رحمهما الله: اعلم: أن الذي علمناه من حال أهل هذه الدعوة الإسلامية، وعلمائهم، رحمهم الله: أنهم لم يقطعوا التوارث بين أهل نجد، وبين من كان في تلك البلدان ممن وصفنا، يعني من انتقل من بلاد المسلمين إلى بلاد المشركين، من المنتسبين إلى الإسلام. وقد حدثني أبي، رحمه الله، أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأولاده وأتباعهم، رحمهم الله، ما قطعوا التوارث بين أهل نجد، وبين من كان في تلك البلدان.

سئل الشيخ سليمان بن سحمان: هل يستدل بالحديث: " لا يرث كافر مسلماً " 1 على من مات من النازلين من باديتنا اليوم، على من لم ينْزل منهم، أو من هو مع بادية ولايتهم في يد كافر مثلاً، أو من هو بين أظهر المشركين، هل يحرم إرثه إذا كان مورثه مات مسلماً بين أظهر المسلمين؟

فأجاب: من مات من المهاجرين النازلين في بلاد المسلمين، وله وارث كافر من أهل البادية أو الحاضرة، فلا يحل له إرثه لكفره، بنص الحديث. ومن كان وارثه مسلماً وكان مسكنه في البادية، أو في بلد من بلدان المسلمين، أو كان في بلد كفر، أو في بادية ولايتها في يد كافر، فلا مانع من إرثه لأنه مسلم ورث مسلماً.

1 البخاري: الفرائض (6764)، ومسلم: الفرائض (1614)، والترمذي: الفرائض (2107)، وأبو داود: الفرائض (2909)، وابن ماجة: الفرائض (2729) ، وأحمد (5/200، 5/209)، والدارمي: الفرائض (3000) .

ص: 148

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: عمن طلبت من زوجها المريض الطلاق، وهل ترثه؟

فأجاب: إذا طلبت المرأة من زوجها المريض طلاقها، فطلقها ثلاثاً، صح طلاقه؛ والظاهر أنها لا ترث لعدم التهمة.

وسئل هو وأخوه الشيخ حسين: إذا قال لزوجته: أنت طالق قبل موتي بشهر، ومراده حرمانها من الميراث.

فأجابا: إذا عرف أن قصده بكلامه ذلك حرمانها من الميراث، فإنها ترثه ولو خرجت من العدة، كما هو مذهب الإمام أحمد وغيره من العلماء؛ وهذا الذي تدل عليه قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع غيلان بن سلمة، لما طلق زوجاته وقسم الميراث بين أولاده.

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: عمن طلق زوجته في مرض موته وأبانها؟

فأجاب: الذي عليه العمل أنها ترثه ما دامت في العدة، في قول جمهور العلماء، وكذلك ترثه بعد العدة ما لم تتزوج، كما ذهب إليه مالك والإمام أحمد في رواية؛ بل مذهب مالك أنها ترثه ولو تزوجت، والراجح الأول.

وأجاب بعضهم: إذا طلقها بالثلاث في صحته أو في المرض، ومات وهي في العدة، فإن كان في المرض فهي ترثه، وإن كان في الصحة ثم مات بعد ذلك، فلا يبين لي

ص: 149

أنها ترثه.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله: عمن ادعت أن زوجها أبانها، وأقامت معه حتى مات

إلخ؟

فأجاب: وأما الزوجة إن ادعت أن زوجها أبانها ثلاثاً وأنكر دعواها، وأقامت معه حتى مات، فإن كانت في مدة إقامتها معه رجعت عن دعواها وأقرت بكذبها، ورثت، وإلا لم ترث؛ قال في المنتهى وشرحه: ومن جحد إبانة امرأة ادعت عليه إبانة تقطع التوارث ثم مات، لم ترثه إن دامت المرأة على قولها أنه أبانها إلى موته، لإقرارها أنها مقيمة تحته بلا نكاح. فإن أكذبت نفسها قبل موته، ورثت، لتصادقها على بقاء النكاح، ولا أثر لتكذيب نفسها بعد موته، لأنها متهمة فيه إذًا، وفيه رجوع عن إقراره لباقي الورثة. انتهى. وكذا قال في الإقناع وشرحه وغيرهما.

وأما الذي تزوج أخته أو ابنته ونحوهما من الرضاع، ولم يعلم بالرضاع حتى مات الزوج، فالنكاح باطل من أصله، إذا ثبت الرضاع بشهادة امرأة مرضية بالرضاع، وعدد الرضعات المحرمة، ولم يثبت فيه شيء من أحكام النكاح الصحيح. وإن اتهمت من شهدت، أو لم تكن ثقة مرضية، أو لم تشهد بعدد الرضعات المحرمة، فالنكاح صحيح، وتثبت أحكامه.

وأجاب أيضاً: إذا ثبت الرضاع بشهادة امرأة ثقة غير

ص: 150

متهمة، تبين بطلان العقد، كما ورد بذلك النص، ولم ينقلب العقد صحيحاً بعد بطلانه، وسواء علم بطلانه قبل الفرقة أو بعدها، وترتب على العقد مقتضاه من صحة وبطلان.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن طلق زوجته، وأقر أنها خرجت من العدة قبل موته

إلخ؟

فأجاب: يقبل قوله، ولا يقبل قولها أنه واقعها بعد ذلك إلا ببينة.

وسئل: عمن طلق زوجته ومات، والشهود لا يعلمون وقت طلاقه؟

فأجاب: يحكم للمرأة بالإرث، ما لم يعلم انقضاء عدتها قبل موته.

سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: هل ترث بالنكاح الفاسد

إلخ؟

فأجاب: إذا زوج غير الولي، فالنكاح فاسد ولا ترث.

ص: 151