الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الظهار
سئل الشيخ حسين بن الشيخ محمد: عمن قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي؟
فأجاب: الذي يقول: أنت علي مثل ظهر أمي، فعليه كفارة ظهار 1.
سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: إذا قال: أنت علي حرام إلا أن يشاء الله، إن فعلت كذا وكذا؟
فأجاب: هو ظهار، لا يمنع وجوب الكفارة ما ذكر من الاستثناء بغير خلاف؛ وقول بعضهم: إنما فيه كفارة كاليمين بالله، والظهار لا يحنث إن استثنى فيه وقال: إن شاء الله، محله: إذا رجع الاستثناء إلى الفعل أو الترك، لا على نفس اليمين؛ قال ابن مفلح في هذا البحث: وكلامهم يقتضي إن رده، أي يمينه إلى الاستثناء، لم ينفعه لوقوعها، ولتبين مشيئة الله، وبه احتج الموقع في: أنت طالق إن شاء الله; وقال أبو يعلى الصغير، في اليمين بالله، ومشيئة الله. وتحقيق مذهبنا: أنها تقف على إيجاد فعل أو ترك، فالمشيئة معلقة على الفعل، فإذا وجد تبينا أن الله شاءه وإلا فلا، وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ
1 وتقدم في صفحة 211 ذكر المرتدة التي ظاهر منها زوجها.
بحكمه الموضوع، وهو الوقوع. انتهى.
وقال شيخ الإسلام: الاستثئاء إذا رجع إلى فعل أو ترك محلوف عليه، إنما يفيد أن الفعل المعلق أو الترك لا يتعين فعله لتعليقه، لأن الجزاء إذا وقع لا كفارة فيه; وقال رحمه الله: الاستثناء إنما يقع لما علق به الفعل، فإن الأحكام التي هي الطلاق والعتاق ونحوها، لا تعلق على مشيئة الله بعد وجود أسبابها، فإنها واجبه بوجود أسبابها، فإذا انعقدت أسبابها فقد شاء الله تعالى، وإنما يعلق على المشيئة الحوادث التي قد يشاؤها، وقد لا يشاؤها. وقال في هذا المبحث أيضاً: المشيئة تعود عند الإطلاق إلى الفعل المحلوف عليه، والمعنى: إني حالف على هذا الفعل إن شاء الله فعله، فإذا لم يفعله لم يكن قد شاءه، فلا يكون ملتزماً له، وإلا فلو نوى عوده في الحلف، بأن يقصد: إني حالف إن شاء الله من أن أكون حالفاً، كان معنى هذا الاستثناء في الإنشاءات، كالطلاق والعتاق، وعلى مذهب الجمهور لا ينفعه. وأيضاً، فإنها بفعل المحلوف عليه يتبين إن شاء الله، فوقع ما علق عليه. ومن فقه هذا، عرف معنى كلام الفقهاء، وما المراد بالاستثناء المانع من الحنث; والواجب على المفتي والقاضي: أن يتبصر ويتعقل معاني الألفاظ والتراكيب، قبل أن تزل قدم بعد ثبوتها، وما أحسن ما
قيل:
والعلم ليس بنافع أربابه
…
ما لم يفد نظرا وحسن تَبَصُّرِ
وأيضاً، فإن المظاهر في مثل هذه الصورة، لا يقبل منه دعوى الاستثثاء لو كان راجعاً إلى الفعل إلا ببينة عادلة، لأن الظهار ثبت بشهادة الغير، فلا بد من شهادة على الاستثناء؛ ثم لو سلمنا أنه ثبت بإقراره أو من جهته، فدعواه الاستثناء لا تقبل أيضاً، لأنها له وإقراره بالظهار عليه، وفي الحديث:" لو يعطى الناس بدعواهم " 1 الحديث. وقال شيخ الإسلام: والتحقيق أن يقال: إن المخبر إن أخبر بما على نفسه فهو مقر، وإن أخبر بما على غيره لنفسه فهو مدع.
سئل الشيخ سعيد بن حجي: عن المظاهر إذا لم يملك إلا ثمن الرقبة، هل تلزمه؟
فأجاب: قال في الكافي بعد ذكر الآية والحديث: فمن ملك رقبة أو مالاً يشتري به رقبة، فاضلاً عن حاجته لنفقته وكسوته ومسكنه، وما لا بد له منه من مؤنة عياله ونحوه، لزمه العتق، لأنه واجد؛ وإن كانت له رقبة لا يستغني عن خدمتها لم يلزمه عتقها، لأن ما استغرقته حاجته كالمعدوم، انتهى. وقال غيره نحو ذلك، حتى قالوا: إن كان عليه دين ولو لم يكن مطالباً به، أو له دابة يحتاج إلى ركوبها، أو كان له رقيق يتقوت بخراجهم، أو له عقار يحتاج إلى غلته، أو عرض للتجارة ولا يستغنى عن ربحه في مؤنته ومؤنة عياله
1 البخاري: تفسير القرآن (4552)، ومسلم: الأقضية (1711)، والنسائي: آداب القضاة (5425)، وابن ماجة: الأحكام (2321) ، وأحمد (1/363) .
وحوائجه الأصلية، لم يلزمه العتق، يعني: وينتقل إلى الصوم. وقال في الإرشاد للشافعية نحو ذلك.
وسئل: إذا انتقل المظاهر إلى صيام شهرين، هل يشترط أن لا يكون فيهما يوم عيد؟ وهل من أفطر فيهما شيئاً من الأيام يكفيه قضاء ذلك اليوم.... إلخ؟
فأجاب: قال في الكافي: ومن لم يجد رقبة وقدر على الصيام، لزمه صيام شهرين متتابعين؛ فإن شرع في أول شهر، أجزأه صيام شهرين بالأهلة، تامين كانا أو ناقصين. وإن دخل في أثناء شهر، صام شهراً بالهلال، وأتم الشهر الذي دخل فيه بالعدد ثلاثين يوماً؛ فإن أفطر يوما لغير عذر، لزمه استئناف الشهرين، لأنه أمكنه التتابع. وإن حاضت المرأة أو نفست، أو أفطرت لمرض مخوف، أو جنون أو إغماء، لم ينقطع التتابع، لأنها لا صنع لها في الفطر. وإن أفطر لسفر، فظاهر كلام أحمد أنه لا ينقطع التتابع، لأنه عذر مبيح للفطر أشبه المرض؛ ويتخرج في السفر والمرض غير المخوف، أنه ينقطع التتابع، لأنه أفطر باختياره.
وإن أفطر يوم عيد فطر أو أضحى، أو أيام التشريق، لم ينقطع به التتابع، لأنه فطر واجب، ويكمل الشهر الذي أفطر فيه يوم الفطر ثلاثين يوماً، لأنه بدأ من أثنائه; وإن صام ذي الحجة قضى أربعة أيام، وحسب بعدد ما أفطر، لأنه بدأ من أوله. وإن قطع صوم الكفارة بصوم رمضان، لم ينقطع
التتابع، لأنه زمن منع الشرع صومه في الكفارة، أشبه زمن الحيض. اهـ.
وسئل: إذا ظاهر منها وتمت عدتها، هل تزوج وتصير مظاهرته محل طلاق؟
فأجاب: لا يكون الظهار طلاقاً وإن نوى به الطلاق أو صرح به؛ قال في الإقناع وشرحه: وإن قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي، فهو ظهار، ولا يقع به الطلاق ولو نواه وصرح به فقال بعد قوله: أنت علي كظهر أمي، أعني به الطلاق، لم يصر طلاقاً، لأنه لا تصلح الكناية به عندهم؛ ذكره في الشرح والمبدع. انتهى. وقال في الكافي وغيره نحو ذلك.
وقال في الإرشاد للشافعية: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام كظهر أمي، فله أحوال - إلى أن قال – الخامس: أن يعكس فينوي بالحرام الظهار، وبالآخر الطلاق، فيصح الظهار فقط، لأن قوله: كظهر أمي، لا يصلح كناية عن الطلاق. انتهى. وقاله في شرح الرسالة.
وأما حكم الظهار، فقال أيضاً في الإقناع وشرحه: ويحرم على مظاهِر ومظاهَر منها الوطء قبل التكفير، للآية ولحديث ابن عباس؛ ومن مات منهما ورثه الآخر، ولو مات أحدهما أو طلقها المظاهر قبل الوطء فلا كفارة عليه. وإن عاد المظاهر قبل الوطء فتزوجها، لم يطأها حتى يكفِّر. انتهى ملخصاً. وذكر في الكافي وغيره نحو ذلك.
وأما إذا ظاهر من زوجته ولم يكفِّر، إضراراً بها بلا عذر، وطلبت زوجته منه ذلك، فقد ذكر بعض فقهاء الحنابلة: أن حكمة كحكم المولي من زوجته، فتضرب له مدة أربعة أشهر؛ فإذا مضت الأربعة الأشهر ولم يكفر ويطأ، أو يفيء بلسانه إن كان له عذر، ورافعته إلى الحاكم، أمره الحاكم بذلك، فإن أبى أمره الحاكم بالطلاق إذا طلبته الزوجة، فإن لم يطلق طلق الحاكم عليه بعد طلب الزوجة، فإن طلق عليه الحاكم طلقة أو طلقتين أو فسخ صح ذلك، لأن الحاكم قائم مقام الزوج لأنه نائبه.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن ظهار العبد؟
فأجاب: الذي عليه جمهور العلماء، أن الظهار يصح من كل زوج يصح طلاقه؛ قال في الإنصاف: وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. فيصح ظهار الصبي حيث صححنا طلاقه، قال في عيون المسائل: سوى أحمد بينه وبين الطلاق - إلى أن قال - تنبيهان:
أحدهما: شمل قوله: يصح من كل زوج يصح طلاقه: العبد، وهو الصحيح وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وجزم به في الفروع وغيره; وقيل: لا يصح; والذي يترجح عندي هو قول جمهور العلماء.
سئل الشيخ علي بن حسين بن الشيخ: إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي، أو قاله لمن أبانها ثم تزوجها؟
فأجاب: الأمر كما قال صاحب المحرر، وعليه تدل نصوص أحمد، قال في الإقناع: وإن قال لأجنبية: أنت علي كظهر أمي، أو إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، فتزوجها، لم يطأها حتى يكفِّر كفارة ظهار، لأنه إذا تزوجها تحقق معنى الظهار بينهما. وعلم صحة الظهار من الأجنبية روى ذلك الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب، أنه قال في رجل قال:"إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، فتزوجها، فقال عمر: كفارة الظهار" قال الشارح: لأنها يمين مكفرة، فصح عقدها قبل النكاح، كاليمين بالله تعالى، والآيات خرجت مخرج الغالب، وهي قوله:{مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 2] .
والفرق بينه وبين الطلاق: أن الطلاق حل قيد النكاح، ولا يمكن حله قبل عقده، والظهار: تحريم للوطء، فيجوز تقديمه على العقد. وإنما اختص حكم الإيلاء بنسائه لكونه يقصد الإضرار بهن، والكفارة في الظهار لكونه من المنكر والزور، فلا يختص تلك بنسائه.
وسئل: إذا ظاهر منها وقتاً، وجامع قبل المدة، هل إذا مضى الوقت المحدود قبل التكفير، حكمه حكم المظاهر منها مطلقاً؟
فأجاب: قال في الإقناع وشرحه: وإن وطئ المظاهر منها قبل التكفير أثم، واستقرت علية الكفارة ولو مجنوناً،
فلا تسقط بعد ذلك كالصلاة، وتحريم المظاهر باق عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:" لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به " 1، وتجزئه كفارة واحدة، لحديث سلمة بن صخر، ولأنه وجد الظهار والعود في عموم الآية.
[كفارة الظهار]
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن كفارة الظهار؟
فأجاب: أما كفارة الظهار فهو عتق رقبة، فإن كان ما يقدر فلا بد أن يصوم شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فإن لم يستطع الصيام أطعم ستين مسكيناً.
وأجاب الشيح عبد الرحمن بن حسن: وأما مسألة المظاهر، فاعلم أنه يجب على المفتي أن يعتبر شواهد أحواله، فإذا عرف شاهد الحال أنه يقدر على أن يصوم شهرين متتابعين، فلا يجوز للمفتي أن يفتح له باب الرخصة في الإطعام، بمجرد قوله لا أستطيع الصيام.
وسئل: عن كفارة ظهار المملوك، هل هو كالحر؟
فأجاب: العبد كالحر في كفارة الظهار، غير أن العبد لا يكفِّر إلا بالصوم، بناء على المشهور في مذهبنا وغيره، لأنه لا يملك؛ قال في المنتهى: فإن لم يجد صام حر أو قن شهرين.
1 الترمذي: الطلاق (1199)، وابن ماجة: الطلاق (2065) .
سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: هل تكفِّر المرأة
…
إلخ؟
فأجاب: والمرأة إذا حلفت بالظهار، فليس عليها إلا كفارة يمين.
سئل الشيخ علي بن الشيخ حسين: عن سفر المظاهر، هل يقطع التتابع؟
فأجاب: قال في الإقناع وشرحه: سفر المظاهر إذا أفطر فيه لا يقطع التتابع، وقال في موضع آخر: إذا تخلله فطر السفر أو المرض المبيحان للفطر في السفر، لم ينقطع التتابع، أو تخلله فطر حامل أو مرضع، لخوفهما على أنفسهما أو على ولديهما، لم ينقطع التتابع، لأنه فطر أبيح لعذر.