المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الذين لا يلزمهم عقل] - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌[فصل في الذين لا يلزمهم عقل]

القصاص في ذلك؛ قال في الإنصاف، لما ذكر عدم وجوب القصاص في ذلك، قال: إنه المذهب، وعليه الأصحاب، قال ونقل حنبل والشالنجي: القود في اللطمة ونحوها.

ونقل حنبل: قال الإمام أحمد والشعبي، والحكم وحماد، قالوا: ما أصاب بسوط أو عصا، وكان دون النفس، ففيه القصاص، قال أحمد: وكذلك أرى; ونقل أبو طالب: لا قصاص بين المرأة وزوجها في أدب يؤدبها به، فإن اعتدى أو جرح، يقتص لها منه.

ونقل ابن منصور: إذا قتله بعصا، أو خنقه، أو شدخ رأسه بحجر، يقتل بمثل الذي قتل به، لأن الجروح قصاص; ونقل أيضاً: كل شيء من الجروح والكسر يقدر على القصاص، يقتص منه، للأخبار؛ واختار ذلك الشيخ تقي الدين، وقال: ثبت عن الخلفاء الراشدين.

ص: 417

[فصل في الذين لا يلزمهم عقل]

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عن عمودي النسب هل يعقلون؟

فأجاب: وعمودي النسب ما يلزمهم عقل.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: هل يحمل الصبي والمرأة واليتيم شيئاً من الدية؟

فأجاب: الصبي والمرأة واليتيم، ما عليهم شيء من

ص: 417

الدية التي تسوقها العشيرة، ولو كان أبو اليتيم القاتل.

سئل الشيخ سعيد بن حجي: عن الذين يعقلون في الدية، ما حدهم الذي ينتهون إليه في البعد والقرب؟

فأجاب: لا خلاف بين أهل العلم، أن العاقلة العصبات، وأن غيرهم من الإخوة من الأم، وسائر ذوي الأرحام، والزوج، وكل من عدا العصبات، ليس هم من العاقلة; وسائر العصبات من العاقلة، بعدوا أو قربوا من النسب، والولاء؛ وبهذا قال عمر بن عبد العزيز، وحماد ومالك والشافعي، ولا أعلم عن غيرهم خلافهم، ولا يعتبر أن يكونوا وارثين في الحال، بل متى كانوا يرثون لولا الحجب عقلوا - إلى أن قال - وليس على فقير من العاقلة، ولا صبي، ولا زائل عقل، حمل شيء من الدية، وأكثر أهل العلم: أنه لا مدخل لأحد من هؤلاء في تحمل العقل.

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ، لا يعقلان، وأجمعوا على أن الفقير لا يلزمه شيء؛ وهذا قول مالك والشافعي، وأصحاب الرأي. انتهى ملخصاً. فقد علمت: أن العاقلة: العصبات الذين يرثون بالتعصيب، وأنهم يعقلون وإن حجبوا، وأن الفقير والمرأة والصبي لا عقل عليهم.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن قوم اجتمعوا وعقدوا بينهم العهود في الموازرة، والمعاونة على

ص: 418

الأضياف، والمدافعة، وأنهم يعقلون في الدماء، عمدها وخطأها؟

فأجاب: الحلف إذا وقع على خلاف أحكام الشرع لم يجب التزامه، ولا الوفاء به، فإن قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، كما ثبت في الصحيحين من حديث بريرة - الحديث -. وهذا الحلف المذكور على هذا الوجه، يخالف حكم الله، فإن الحكم الشرعي: أن دية العمد على القاتل خاصة، ودية الخطإ على العاقلة؛ وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء، فكيف يبطل هذا الحكم الشرعي، بحلف الجاهلية وعقودهم وعهودهم؟!

وسئل: عن الصبي إذا قتل؟

فأجاب: الصبي إذا قتل أحداً خطأ أو عمداً، فدية المقتول على عاقلة الصبي، لأن عمده كالخطإ.

ومن قتله المسلمون خطأ، فديته على بيت المال، والعاقلة لا تحمل إلا الخطأ في الجائفة فما فوقها، وأما دون الجائفة في الخطإ، ففيه خلاف بين العلماء؛ والذي نفتي به عندنا: أنها لا تحمل ما دون الثلث، وإنما تحمل ما فوق الثلث فأكثر في الخطإ خاصة; فدية الجائفة والمأمومة على الجاني خاصة في العمد، والظاهر أنها ليست منجمة، بل هي حالة.

ص: 419

سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: ما المعتبر فيما تحمله العاقلة

إلخ؟

فأجاب: اعلم أن المشهور: أن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث، ولا تحمل ما فوق الثلث إلا في الخطإ خاصة; وأما في العمد، فتلزم الجاني في ماله حالّة، وإذا حملت العاقلة رد ولم تحمل؛ فالاعتبار في ذلك بحال المجني عليه، إذا كان حراً مسلماً ولم يكن جنيناً. وأما دية الجنين، فلا تحمله العاقلة لنقصه عن الثلث، إلا إذا كان تبعاً لأمه.

سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: إذا تعذر حصول الأرش الواجب على العاقلة لعدمهم أو فقرهم، وتعذر الأخذ من بيت المال، فهل يلزم به الجاني؟

فأجاب: الصحيح من المذهب: السقوط والحالة هذه، ولا يطالب الجاني بذلك؛ قال في الإنصاف: هو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، بناء على أن الدية وجبت على العاقلة ابتداء. وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور، ومنتخب الآمدي، وغيرهم؛ قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين، والحاوي الصغير والفروع وغيرهم، وهو من مفردات المذهب.

ويحتمل أن تجب في مال القاتل؛ قال المصنف هنا:

ص: 420

وهو أولى، فاختاره، يعني: اختار المصنف - وهو الشيخ موفق الدين بن قدامة - هذا القول الثاني; قال في الشرح: فإن لم يمكن الأخذ من بيت المال، فليس على العاقلة شيء؛ وهذا أحد قولي الشافعي; ولأن الدية لزمت العاقلة ابتداء، بدليل أنها لا يطالب بها غيرهم - إلى أن قال - فعلى هذا، إن وجد بعض العاقلة، حملوا بقسطهم، وسقط الباقي فلا يجب على أحد.

قال شيخنا: ويحتمل أن تجب في مال القاتل، إذا تعذر حملها عنه، وهذا القول للشافعي، لعموم قوله تعالى:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [سورة النساء آية:92] ، ولأن قضية الدليل وجوبها على الجاني، جبراً للمحل الذي فوته، وإنما سقط عن القاتل، لقيام العاقلة مقامه في جبر المحل، فإذا لم يوجد ذلك بقي واجباً عليه بمقتضى الدليل، ولأن الأثر دائر بين أن يبطل دم المقتول، وبين إيجاب ديته على المتلف، ولا يجوز الأول، لأن فيه مخالفة الكتاب والسنة، وقياس أصول الشريعة، فتعين الثاني، ولأن إهدار الدم المضمون لا نظير له، وإيجاب الدية على القاتل له نظائر؛ وأطال الكلام في تقوية هذا القول.

واختار هذا القول الثاني أيضاً: الشيخ تقي الدين، قال في الاختيارات: وتؤخذ الدية من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة، في أصح قولي العلماء; قال في شرح الإقناع:

ص: 421

وعنه: تجب في مال القاتل، قال في المقنع: وهو أولى، أي: من إهدار دم الأحرار في غالب الأحوال، فإنه لا يكاد توجد عاقلة تحمل الدية كلها، ولا سبيل إلى الأخذ من بيت المال، فتضيع الدماء.

القسامة

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: هل في العبيد والصبيان والنساء القسامة؟

فأجاب: نعم في العبيد والصبيان والنساء القسامة، إذا قتل أحد منهم، وإذا ثبت اللوث ثبتت القسامة؛ والذي ذكر بعض أهل العلم: أن النساء لا قسامة عليهن، يعنون بذلك أنهن لا يحلفن مع الرجال في القسامة.

ص: 422