الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد القذف
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: عن حد القذف؟
فأجاب: وأما حكم القذف بالزنى، فإذا قذف [إنسان] رجلاً أو امرأة بالزنى، ولم يأت بأربعة شهداء يشهدون بأنهم رأوا ذكره في فرجها، كالميل في المكحلة، فإنه يجب عليه حد القذف: ثمانون جلدة، ولا تقبل له شهادة أبداً. وحد القذف حق للمقذوف، إن طلبه أقامه عليه الأمير، فإن عفا عنه فلا يقيمه الأمير؛ لكن إن كان القاذف معروفاً بالشر، جاز للأمير تأديبه عن تعرض أعراض المسلمين.
وأما الذي يرمي أخاه بالزنى، ويعتذر أن ما له قصد، وأنه من الشيطان، فليس هذا بعذر، فإن كان المقذوف بالزنى شكاه على الأمير، أقام عليه الحد، وإلا أدب أدباً يزجره عن مثل هذا الكلام القبيح.
وأجاب أيضاً: وأما من قال: يا زان، فهذا يجلد حد القذف: ثمانين جلدة، إذا لم يأت بأربعة شهداء يشهدون على أنه زان. وأما الحرة إذا قذفت الحرة، فتجلد ثمانين جلدة، إذا لم تأت بأربعة شهداء؛ وشهادة النساء على
القذف ما يثبت بها جلد; وأما الرجال، فإذا شهد اثنان مقبولا الشهادة، على أن هذه المرأة قاذفة هذه المرأة، أو هذا الرجل قاذف هذا الرجل بالزنى، فيجلد ثمانين جلدة، لأن الله تعالى قال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [سورة النور آية: 4] ؛ ولا تقبل شهادة القاذف بعد ذلك إلا إن تاب وكذّب نفسه.
وأجاب أيضاً: وأما الذي يقذف المحصن أو المحصنة، ولم يأت بأربعة شهداء عدول، يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل شهادته إلا إن تاب، كما قال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [سورة النور آية: 4] .
وأما الذي يسب المسلمين ويؤذيهم بلسانه، فيؤدبه الأمير بما يزجره. والذي قال لمسلم: يا مشرك، فهذا القول لا يجوز، ويؤدب من قال ذلك أدباً بليغاً. والذي قال لرجل: ما فيك إسلام، وهو مسلم، فكذلك يؤدب. وكذلك الذي يسب المسلمين يؤدب، وكذلك الذي يقذف أخاه بالفسق، وكذلك الذي قال للمسلم: يا عدو الله، وكذلك الذي قال للمسلم: يا حمار، وكذلك الذي قال لرجل مسلم: يا كلب، وكذلك الذي قال لأخيه: يا سارق، وهو كاذب، وكذلك الذي قال لأخيه: يا باطل، يا عفن، وليس كذلك؛ وكل هؤلاء يؤدبهم الأمير، بما يزجرهم عن الكلام الخبيث.
وسئل أيضاً: إذا قذف إنسان جماعة بالزنى أمواتاً أو أحياء
…
إلخ؟
فأجاب: الذي وقفنا عليه من كلام أهل العلم، أنه إذا قذفهم بلفظة واحدة، فإنه يحد حداً واحداً، إذا طلبوا إقامة الحد عليه، وأما قذف الأموات، فلا أدري عنه، وأقل ما فيه إذا كانوا مسلمين، يعزره الإمام على قدر ما يراه؛ وأما ما ذكره المالكية من شروط القذف، فهو كلام متوجه.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: إذا قذف صبي صبية بالزنى، أو صبياً، فإن كان يمكن الوطء من مثله، كبنت تسع، وابن عشر، فهذا يقام الحد على قاذفهما، وإن لم يبلغا، بخلاف الصغير الذي لا يجامع مثله، والصغيرة التي لا يجامع مثلها، فليس على قاذفهما إلا التعزير، وأما الصغير إذا قذف الكبير، فليس عليه إلا التعزير.
وأما مسألة القذف، فالقذف ينقسم إلى صريح وكناية، كالطلاق: فالصريح: ما لا يحتمل غيره، نحو: يا زان، يا عاهر، يا منيوك، ونحو ذلك. والكناية: التعريض بالألفاظ المجملة، المحتملة للقذف وغيره؛ فإن فسر الكناية بالزنى فهو قذف، لأنه أقر بالقذف، وإن فسره بما يحتمله غير القذف، قبل مع يمينه، ويعزر تعزيراً يردعه وأمثاله. فمتى وجد منه اللفظ المحتمل للقذف وغيره، ولم يفسره بما يوجب القذف، فإنه يعزر، ولا حد عليه.