الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشروط والعيوب في النكاح
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله: عما إذا شرطت طلاق ضرتها، أو طلاق نفسها بعد شهرين؟
فأجاب: أما شرطها طلاق نفسها بعد شهرين، فهذا لا يجوز اشتراطه، وهو شرط باطل; وأما اشتراط طلاق ضرتها، ففيه خلاف مشهور بين العلماء، والصحيح: أنه شرط باطل بما ثبت في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تسأل المرأة طلاق أختها، ولتنكح فإنه يأتيها ما قدر لها "1.
سئل الشيخ حسين بن الشيخ محمد، رحمهم الله: ما الفرق بين كون المرأة تشترط أن لا يتزوج عليها، وبين قولها: إن تزوجتَ علي فهو طلاقي؟
فأجاب: الظاهر أن الكل شرط صحيح، تملك به الفسخ إذا تزوج. وأما وقوع الطلاق، فشرطه: أن يكون حال التعليق صادراً من زوج؛ فلو علقه قبل العقد عليها على شرط لم يكن طلاقاً، لأن الزوجة لم تكن حال التعليق في نكاحه. فإن كان قد عقد عليها، وعلق طلاقها على شرط، صح التعليق، ووقع عند وجود شرطه.
1 البخاري: القدر (6601)، ومسلم: النكاح (1413)، والترمذي: الطلاق (1190)، والنسائي: النكاح (3239) ، وأحمد (2/238) .
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، رحمه الله تعالى: إذا شرطت عند العقد طلاق ضرتها، فهذا الشرط اختلف العلماء فيه: هل هو صحيح أم فاسد؟ فذهب الحنابلة إلى صحته، فعندهم يجب الوفاء به، أو خيار الفسخ له إذا لم يف; وذهب كثير من الفقهاء إلى أنه شرط باطل، للأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك، والنهي يقتضي الفساد. وعلى هذا، يبطل الشرط ويصح النكاح، لأن هذا ليس من الشروط المبطلة للعقد، كنكاح الشغار، والتحليل، والمتعة.
وأما من شرطت على الزوج عند العقد شرطاً صحيحاً، ورضي بذلك الزوج، وقالت: إن فعلت كذا فهو طلاقي، ثم لم يف لها، بل خالف ما شرطت عليه، فهذا الشرط إن كان من الشروط الصحيحة فلها الفسخ إذا لم يف به، وإن لم تقل: فهو طلاقي، ولها إلغاؤه وإبطاله. فإذا أسقطته بعد البينونة سقط، وجاز له أن يرجع إليها بنكاح جديد، فإن كان الإسقاط قبل البينونة سقط والنكاح بحاله، وليس لها مطالبته بذلك بعد إسقاطه.
وسئل: عمن تشاجر هو وزوجته ثم تراضيا على شروط صحيحة، كقوله: إن تزوجت عليك فهو طلاقك، ثم قالت له: أعد اللفظ، فأعاده مرتين أو ثلاثاً، هل يثبت هذا الشرط؟ وإن كان بعد عقد النكاح؟ وهل يقع عليها
الطلاق؟ وهل يفرق بين الحرفين فيما إذا قال: إن تزوجت فأنت طالق، أو إذا تزوجت؟
فأجاب: هذا الشرط - وهو تعليق الطلاق على التزوج - شرط لازم، وتعليقه صحيح؛ فمتى تزوج طلقت. ثم ننظر في نيته حال تكراره لفظ الطلاق، فإن قصد بالتكرار إفهامها، أو التأكيد، لم تطلق إلا واحدة، وله أن يراجعها بعد التزوج بالأخرى، لأن هذا الشرط لم يوجد عند العقد، بل حدث بعد ذلك. فإن لم يقصد بالتكرار الإفهام ولا التأكيد، طلقت ما نواه. فإن لم يكن له نية، ففيه خلاف، والأشهر: أنها تطلق بعدد التكرار; وبعضهم يقول: لا تطلق إلا واحدة. وأما التفرقة بين "إن" الشرطية و"إذا"، فالعامة لا يفرقون بينهما، فيحكم عليهم بلغتهم على قصدهم ونيتهم، مع أن في مثل هذه الصورة يقع الطلاق بكل حال.
وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: إذا شرطت عليه طلاق ضرتها، فأكثر أهل العلم يصححون هذا الشرط، بمعنى أن لها الفسخ إذا لم يف; واختار الموفق وجماعة من الأصحاب عدم صحة هذا الشرط، وأنها لا تملك الفسخ إذا لم يف، للنهي عنه في الحديث الصحيح؛ وأرجو أن هذا القول أقرب.
سئل بعضهم: إذا شرط النفقة عليها؟
فأجاب: وأما إذا تزوج المرأة بشرط أن النفقة عليها،
فهو صحيح إذا تراضوا عليه.
سئل بعضهم: إذا شرطت عليه أن لا تحول من منْزلها؟
فأجاب: إذا شرطت على زوجها عند العقد أن لا تحول من مسكنها، وتدعى المرأة بشهود نساء، فالمسألة خلافية، والحنابلة يجوزون هذا الشرط، إذا شهد للزوجة شاهدان عدلان، بالغان حران، غير متهمين؛ فأما النساء فلا تجوز شهادتهن في ذلك ولو كثرن.
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: إذا كان لرجل أمة، ولآخر عبد، وأراد تزويج واحد منهما الآخر، وشرطا أن الأولاد بينهما؟
فأجاب: هذا الشرط فاسد لا يصح، بل الأولاد يتبعون الأم في الحرية والرق.
وسئل: عمن تزوج امرأة ولم يقدر على وطئها، وقد بذل لها صداقاً؟
فأجاب: لا يعود إليه شيء من الصداق، بل يصير كل الصداق للمرأة، ويؤجل حولاً، فإن قدر على الوطء لم يلزمه أن يطلقها، وإن مضت السنة ولم يقدر على الوطء، لزمه أن يطلقها، وإن أبى فسخها الأمير.
وأما العيوب التي في المرأة توجب فسخ النكاح، فمثل: البرص، والجذام، والرتق، والعمى.