الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرايات، ورتب جنده في هيئة صفوف منتظمة، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلته البيضاء - التي أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي - ولبس درعين، والمغفر والبيضة، واستقبل الصفوف، وطاف عليهم، فأمرهم وحضهم على القتال، وبشرهم بالفتح إن صبروا وصدقوا.
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني سليم خالد بن الوليد رضي الله عنه، فلم يزل على مقدمته حتى ورد الجِعْرَانَة
(1)
.
وفي صحيح مسلم قال أنس رضي الله عنه: وعلى مجنبة خيلنا خالد ابن الوليد رضي الله عنه
(2)
.
هزيمة المسلمين وفرارهم:
بدأ المسلمون ينحدرون في وادي حنين - وكان منحدرًا شديدًا - وذلك في عماية الصبح
(3)
، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي وأحنائه
(4)
، وشعابه، فما راعهم
(5)
وهم ينحطون إلا الكتائب قد شدت عليهم شدة رجل واحد،
(1)
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 325).
(2)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام برقم 1059.
(3)
عماية الصبح: بقية ظلمة الليل، انظر النهاية (3/ 305).
(4)
أحناء الوادي: منعطفه. انظر النهاية (1/ 455).
(5)
فما راعهم: أي فما فاجأهم.
وبدأ الضرب بخالد بن الوليد رضي الله عنه حتى سقط، وانكشفت خيل بني سليم مولية، وتبعهم أهل مكة، وهم الطلقاء، وبدأ الفرار من كل مكان
(1)
.
قال جابر رضي الله عنه: «فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
وفي صحيح مسلم قال البراء بن عازب رضي الله عنه: «فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا
(3)
مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ»
(4)
.
فلما رأى أبو سفيان بن حرب هزيمة المسلمين، وكان قد اعتزل هو وصفوان بن أمية، وحكيم بن حزام، ورجال من أهل مكة، وراء تل ينظرون لمن يكون النصر، فقال -وكان حديث عهد بالإسلام: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وصرخ كلدة بن الحنبل
(5)
وهو مع أخيه لأمه صفوان بن أمية: ألا بطل
(1)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، وابن حبان في صحيحه، برقم 4774 بمعناه، وقال محققو المسند: إسناده حسن.
(2)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، وإسناده حسن.
(3)
رشقه رشقًا: إذا رماه بالسهام. انظر النهاية (2/ 206).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1776.
(5)
كان كلدة بن الحنبل رضي الله عنه في ذلك الوقت مشركًا، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، روى الإمام أحمد في مسنده برقم 15425 بسند صحيح عن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال: أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلباءٍ وجداية وضغابيس، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي، قال: فدخلت عليه، ولم أسلم ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ارجع فقل: السلام عليكم، آدخل؟» ، اللبأ: أول ما يحلب عند الولادة. انظر النهاية (4/ 192).
الجداية: بفتح الجيم وكسرها، ما بلغ ستة أشهر أو سبعة أشهر من أولاد الظباء ذكرًا كان أو أنثى بمنزلة الجدي من المعز. انظر النهاية (1/ 241).
الضغابيس: هي صغار القِثَّاء: واحدتها ضغبوس. انظر النهاية (3/ 82).