الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدوم وفد هوازن:
وبعد أن قُسمت الغنائم قدم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا أربعة عشر رجلًا، ورأسهم: زهير بن صرد، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ثم قالوا: يا رسول الله! إنا أصلٌ وعشيرة، فمُن علينا، مَنَّ الله عليك، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، وقال زهير بن صرد، أحد بني سعد بن بكر
(1)
: يا رسول الله، إنما في الحظائر
(2)
عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، ولو أنا مَلحْنَا
(3)
الحارث بن أبي شمر
(4)
، أو للنعمان بن المنذر
(5)
، ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به، رجونا عطفه وعائدته
(6)
علينا، وأنت خير المكفولين، ثم سألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيُ، وَإِمَّا الْمَالُ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ» .
(1)
وهم قوم حليمة السعدية مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
الحظيرة: هي الموضع الذي يُحاط عليهم، ويقصد الأسرى، انظر النهاية (1/ 389).
(3)
ملحنا: أي أرضعنا، والملح بالرضاع.
(4)
الحارث بن أبي شمر: ملك الشام من العرب.
(5)
النعمان بن المنذر: ملك العراق من العرب.
(6)
عائدته: فضله.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل
(1)
من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين، قالوا: فإنا نختار سبينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، فَإِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، فَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفع بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَبِالمُؤْمِنِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِسَائِنَا وَأَبْنَائِنَا» .
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر، قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين، فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله، ثم قال:«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ» .
وقال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عيينة بن حصن: أما ما كان لي ولبني فزارة، فلا، وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم، فلا، وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم، فلا، فقالت الحيان: كذبت، بل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ
(1)
قفل: رجع، انظر النهاية (4/ 82).