الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السحر اليوم، فقال له صفوان: اسكت فضَّ الله فاك
(1)
،
فوالله لأن يرُبَّني
(2)
رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن
(3)
.
ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم
-:
وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وثبت معه نفر قليل من المهاجرين والأنصار
(4)
،
وأهل بيته، فيهم: أبو بكر، وعمر،
(1)
فض الله فاك: أي كسر أسنانك وأسقطها. انظر النهاية (3/ 406).
(2)
يربني: أي يكون علي أميرًا وسيدًا، انظر النهاية (2/ 166)، وهذه رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار، وفي رواية ابن حبان في صحيحه قال: لأن يليني.
(3)
أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه برقم 4754، وقال محققه: حسن، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 412).
(4)
روى الترمذي في جامعه وقال: حديث حسن صحيح برقم 1689 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الفئتين لموليتان، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل، قال الحافظ في الفتح (8/ 29 - 30): هذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين، وروى أحمد في مسنده بسند ضعيف برقم 4336، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى الناس، وثبت معه ثمانون رجلًا من المهاجرين والأنصار، وهذا لا يخالف حديث ابن عمر، فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين، وأما ما ذكره النووي في شرح مسلم أنه ثبت معه اثنا عشر رجلًا فكأنه أخذه مما ذكر ابن إسحاق في السيرة (4/ 93): أنهم كانوا عشرة، ووقع في شعر العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط، ولعل هذا هو الثبت، ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعُد فيمن لم ينهزم. أهـ
وعلي بن أبي طالب والعباس، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي:«إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُموُا إِلَيَّ! أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، لكن لم يلتفت منهم أحد
(1)
.
ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض ببغلته
(2)
قِبَل المشركين، وهو يقول:
«أَنَا النِّبِيُّ لَا كَذِبْ
…
أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ»
(3)
والعباس رضي الله عنه آخذ بلجام بغلته صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركابها يكفانها عن الإسراع نحو العدو، وهو صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، 22467، وقال محققوه: إسناده حسن.
(2)
ومما يُنبه عليه هنا أن البغلة البيضاء التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين غير البغلة البيضاء التي أهداها له ملك أيلة؛ لأن ذلك كان في تبوك، وغزوة حنين كانت قبلها، ووقع في صحيح مسلم برقم 1775، أن البغلة التي كانت تحته صلى الله عليه وسلم في حنين أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، وهذا هو الصحيح.
ووقع عند ابن سعد في طبقاته (2/ 325): أن البغلة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين هي (دلدل) وهي التي أهداها له المقوقس، وهذا فيه نظر، والصحيح ما في صحيح مسلم. فتح الباري (8/ 30).
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 31): وأما نسبته صلى الله عليه وسلم إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس؛ لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر بخلاف عبد الله فإنه مات شابًا، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضِمام بن ثعلبة: أيكم ابن عبد المطلب؟
لا يألو يسرع نحو المشركين
(1)
.
«وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة، إنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى
(2)
، وقد انكشف عنه جيشه، وهو مع ذلك على بغلته، وليست سريعة الجري، ولا تصلح لكر ولا لفر ولا لهرب، وهو مع هذا أيضًا يركضها إلى وجوههم، وينوه باسمه ليعرفه من يعرفه، صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين، وما هذا كله إلا ثقة بالله، وتوكلًا عليه، وعلمًا منه بأنه سينصره ويتم ما أرسله به، ويظهر دينه على سائر الأديان»
(3)
.
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته، فاستنصر ربه ودعاه قائلًا: «اللَّهُمَّ! نَزِّلْ نَصْرَكَ
(4)
، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْبَدَ بَعْدَ اليَوْمِ»
(5)
.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ
(6)
، وَبِكَ أُصَاوِلُ
(7)
،
(1)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي باب قول الله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} برقم 4315، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين برقم 1775.
(2)
حومة القتال: معظمه وأشد موضع فيه، انظر لسان العرب (3/ 407)، والوغى: الحرب نفسها، انظر لسان العرب (15/ 353).
(3)
تفسير ابن كثير رحمه الله (7/ 170).
(4)
صحيح مسلم برقم 1776.
(5)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 12220، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(6)
أحاول: هو من المفاعلة، وقيل المحاولة: طلب الشيء بحيلة، انظر النهاية (1/ 444).
(7)
هذه رواية الإمام أحمد في مسنده، وفي رواية ابن حبان في صحيحه:(أصول).
أصاول: أي أسطو وأقهر، والصولة: الحملة والوثبة، انظر النهاية (3/ 57).
وَبِكَ أُقَاتِلُ»
(1)
.
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل، والصحابة الذين ثبتوا يقاتلون معه، ويتقون به لشجاعته وثباته صلى الله عليه وسلم كعادتهم في مثل هذه المواقف الصعبة.
قال البراء بن عازب رضي الله عنه: «كنا، والله إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به -يعني النبي صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كنا إذا احمر البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى إلى القوم منه»
(3)
(4)
.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 18933، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن حبان في صحيحه، كتاب السير، باب الخروج وكيفية الجهاد برقم 4758.
(2)
أخرج ذلك مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1776.
(3)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 1347، وقال محققوه: إسناده صحيح.
(4)
أحداث هذه الغزوة مستفادة من كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي (4/ 106 - 121) باختصار مع الحذف والإضافة.