المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الثالثة والستونتغسيل الميت وأحكامه - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ١١

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىوقفات مع حديث: لا حسد إلا في اثنتين

- ‌الكلمة الثانيةمن فضائل التمر

- ‌الكلمة الثالثةمن حكم الصيام

- ‌الكلمة الرابعةتأملات في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

- ‌الكلمة الخامسةنبي الله آدم عليه السلام

- ‌الكلمة السادسةمسائل وفوائد من قصة آدم عليه السلام

- ‌الكلمة السابعةنبي الله نوح عليه السلام

- ‌الكلمة التاسعةنبي الله وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة العاشرةقصة بعثة إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة الحادية عشرةفوائد من قصة نبي الله وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة الثانية عشرةنبي الله موسى عليه السلام

- ‌الكلمة الثالثة عشرةفوائد من قصة موسى عليه السلام

- ‌الكلمة الرابعة عشرةنبي الله عيسى عليه السلام

- ‌الكلمة الخامسة عشرةفوائد من قصة نبي الله عيسى عليه السلام

- ‌الكلمة السادسة عشرةفوائد من قصة نبي الله يوسف عليه السلام (1)

- ‌الكلمة السابعة عشرةفوائد من قصة نبي الله يوسف عليه السلام (2)

- ‌الكلمة الثامنة عشرةمقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)

- ‌الكلمة التاسعة عشرةمقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)

- ‌الكلمة العشرونمقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم (2)

- ‌الكلمة الواحدة والعشرونالعرش

- ‌الكلمة الثانية والعشرونالفرح

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونالحزن

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونالعدل

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونسيرة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌الكلمة السادسة والعشرونسيرة سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌الكلمة السابعة والعشرونشرح حديث: الشفاء في ثلاثة (1)

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونشرح حديث: الشفاء في ثلاثة (2)

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونبعض الأدوية النبوية التي فيها شفاء

- ‌الكلمة الثلاثونمقتطفات من سيرة الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونالإحسان

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونالشورى

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونحديث الأبرص والأقرع والأعمى

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونمن محاسن الدين الإسلامي: وجود بدائل لكل عمل صالح

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونشرح حديث مالك بن التيهان

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (1)

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (2)

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (3)

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونحلمه صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الأربعونفوائد من حديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»

- ‌الكلمة الثانية والأربعونغزوة مؤتة (1)

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونغزوة مؤتة - دروس وعبر (2)

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونغزوة حنين(1)(1)

- ‌قصة نبي من الأنبياء:

- ‌شجرة ذات أنواط

- ‌هزيمة المسلمين وفرارهم:

- ‌ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونغزوة حنين (2)

- ‌متابعة الكفار:

- ‌شجاعة أم سليم

- ‌قصة صاحب الجمل الأحمر:

- ‌أبو قتادة رضي الله عنه وقتيله:

- ‌شدة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌مطاردة الكفار وسرية أبي عامر رضي الله عنه إلى أوطاس:

- ‌جمع الغنائم:

- ‌شهداء المسلمين في غزوة حنين:

- ‌الكلمة السادسة والأربعونغزوة الطائف (1)

- ‌طريق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وحصارها:

- ‌قصة المخنث:

- ‌رمي الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الطائف بالمنجنيق:

- ‌إسلام عبيد من الطائف:

- ‌رؤيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورحيل المسلمين:

- ‌إسلام سراقة بن مالك الجعشمي رضي الله عنه

- ‌قسمة الغنائم بالجعرانة:

- ‌البدء بالمؤلفة قلوبهم(2)وهم سادات العرب:

- ‌الكلمة السابعة والأربعونغزوة الطائف (2)

- ‌«لا تُوطَأُ الحُبْلَى(3)حَتَّى تَضَعَ»:

- ‌شأن ذي الخويصرة التميمي:

- ‌عَتْبُ الأنصار وخطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهم:

- ‌نذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌قدوم وفد هوازن:

- ‌إسلام مالك بن عوف النصري:

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونفوائد ومسائل فقهية من غزوة حنين (1)

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونفوائد ومسائل فقهية من غزوة حنين (2)

- ‌الكلمة الخمسونفوائد ومسائل فقهية من فتح الطائف

- ‌الكلمة الواحدة والخمسونالرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأوّلها

- ‌الرؤيا الأولى:

- ‌الرؤيا الثانية:

- ‌الرؤيا الثالثة:

- ‌الرؤيا الرابعة:

- ‌الرؤيا الخامسة:

- ‌الكلمة الثانية والخمسونالخيل

- ‌الكلمة الثالثة والخمسونالإبل

- ‌الكلمة الرابعة والخمسونالغنم

- ‌أولًا: فضلها:

- ‌ثانيًا: الأحكام الشرعية المتعلقة بها:

- ‌الكلمة الخامسة والخمسونقصة أصحاب الجنة

- ‌الكلمة السادسة والخمسونقصة أصحاب القرية

- ‌الكلمة السابعة والخمسونقصة أصحاب الكهف (1)

- ‌الكلمة الثامنة والخمسونفوائد من قصة أصحاب الكهف (2)

- ‌الكلمة التاسعة والخمسونقصة الرجلين: المؤمن والكافر

- ‌الكلمة الستونقصة أصحاب أيلة الذين اعتدوا في السبت

- ‌الكلمة الواحدة والستونالفتور أسبابه وعلاجه

- ‌الخاتمة:

- ‌الكلمة الثانية والستونالمنهجية في طلب العلم

- ‌الفائدة السادسة:في المقصود ببركة العلم:

- ‌الكلمة الثالثة والستونتغسيل الميت وأحكامه

- ‌الكلمة الرابعة والستونتكفين الميت وأحكامه

- ‌يستحب في الكفن أمور:

- ‌الكلمة الخامسة والستونحمل الجنازة واتباعها، والمسائل المتعلقة بذلك

- ‌الكلمة السادسة والستوندفن الميت وأحكامه (1)

- ‌الكلمة السابعة والستوندفن الميت وأحكامه (2)

- ‌الكلمة الثامنة والستونمن بدع الجنائز

- ‌«غسل الميت:

- ‌الكفن والخروج بالجنازة:

- ‌الصلاة عليها:

- ‌الدفن وتوابعه:

- ‌الكلمة التاسعة والستونالبيوع: قواعد وحكم وفوائد (1)

- ‌وينقسم البيع إلى قسمين: حلال وحرام:

- ‌من القواعد في البيع:

- ‌الكلمة السبعونالبيوع: قواعد وحكم وفوائد (2)

- ‌أما موانع البركة فهي:

- ‌من صور البيوع المنهي عنها:

الفصل: ‌الكلمة الثالثة والستونتغسيل الميت وأحكامه

‌الكلمة الثالثة والستون

تغسيل الميت وأحكامه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد ..

فهذه نبذة تتعلق بتغسيل الميت والأحكام المتعلقة بذلك:

1 -

«غسل الميت فرض كفاية، فينبغي لمن قام بذلك أن ينوي أنه مؤد لهذه الفريضة لينال أجرها وثوابها من الله تعالى»

(1)

.

2 -

«المسلم لا يجوز أن يغسل الكافر، أو يحمل جنازته، أو يكفنه، أو يصلي عليه، أو يتبع جنازته، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة:13]، فالآية تدل بعمومها على تحريم تغسيله، وحمله، واتباع جنازته، وقال تعالى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)}

(1)

من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 87.

ص: 591

[التوبة:84]، وقال تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة:113]، لكن إذا لم يوجد من يدفنه من الكفار، فإن المسلم يواريه بأن يلقيه في حفرة منعًا للتضرر بجثته، ولإلقاء قتلى بدر في القليب، وهكذا يجب أن يكون موقف المسلم من الكافر حيًّا وميتًا، موقف التبرئ والبغضاء، وكذا حكم المرتد، كتارك الصلاة عمدًا، وصاحب البدعة المكفرة»

(1)

.

3 -

إذا مات الميت وجب على طائفة من الناس أن يبادروا إلى غسله لقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي وقصته راحلته: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»

(2)

، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ»

(3)

.

4 -

الغاسل مؤتمن على الميت، فيجب عليه أن يفعل ما يلزم في تغسيله وغيره.

5 -

الغاسل مؤتمن على الميت، فيجب عليه أن يستر ما رآه فيه من مكروه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَسَّلَ مُسْلِمًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ حَفَرَ لَهُ فَأَجَنَّهُ أَجْرَى عَلَيْهِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أَسْكَنَهُ إِيَّاهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَفَّنَهُ كَسَاهُ

(1)

الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (1/ 301 - 302).

(2)

صحيح البخاري برقم 1849، وصحيح مسلم برقم 1206.

(3)

صحيح البخاري برقم 1315، وصحيح مسلم برقم 944.

ص: 592

اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ»

(1)

.

6 -

الغاسل مؤتمن على الميت، فلا ينبغي أن يمكن أحدًا من الحضور عنده إلا من يحتاج إليه لمساعدته في تقليب الميت، وصب الماء ونحوه.

7 -

لا يغسل الرجل المرأة إلا أن تكون زوجته، ولا المرأة الرجل إلا أن يكون زوجها، إلا من هو دون سبع سنين، فيغسله الرجل والمرأة سواء كان ذكرًا أم أنثى، لحديث عائشة رضي الله عنها:«لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ نِسَائِهِ»

(2)

. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ»

(3)

، وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق.

قال ابن المنذر: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن المرأة تغسل الصبي الصغير؛ لأنه لا عورة له في الحياة، فكذا بعد الموت، ولأن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم غسله

(1)

مستدرك الحاكم (1/ 677) برقم 1347؛ وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقال العلامة الألباني رحمه الله في كتاب الجنائز ص 69: وهو كما قالا. وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدراية برقم 140: إسناده قوي.

(2)

جزء من حديث في سنن أبي داود برقم 3141، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في الإرواء برقم 702.

(3)

سنن ابن ماجة برقم 1465، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في إرواء الغليل (3/ 160) برقم 700.

ص: 593

النساء، وليس لامرأة غسل ابن سبع سنين فأكثر، ولا لرجل غسل ابنة سبع سنين فأكثر»

(1)

.

8 -

«يستحب للغاسل إذا فرغ أن يغتسل كما يغتسل للجنابة، فإن لم يغتسل فلا حرج عليه»

(2)

، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لم يغتسل

(3)

.

9 -

«الأفضل أن يختار لتغسيل الميت ثقة عارف بأحكام التغسيل؛ لأنه حكم شرعي له صفة مخصوصة لا يتمكن من تطبيقها إلا عالم بها على الوجه الشرعي، لا سيما إذا كانوا من أهله وأقاربه؛ لأن الذين تولوا غسله صلى الله عليه وسلم كانوا من أهله، كعلي رضي الله عنه وغيره، وأولى الناس بغسله وصيه الذي أوصى أن يغسله، ثم أبوه، ثم جده، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته، ثم ذوو أرحامه»

(4)

.

10 -

شهيد المعركة لا يغسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ

(1)

الإجماع ص 50، والملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (1/ 301).

(2)

من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 87 - 88، والفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة ص 112 - 113 لمجموعة من المشايخ تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية.

(3)

سنن الدارقطني (2/ 72)، وصححه الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز ص 72.

(4)

الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (1/ 300)، والفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة ص 112.

ص: 594

أَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِم، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ»

(1)

. وكذلك لا يكفن ولا يصلى عليه بل يدفن بثيابه.

11 -

«السقط، وهو الولد يسقط من بطن أمه قبل تمامه ذكرًا كان أو أنثى إذا بلغ أربعة أشهر غسل، وكفن، وصلي عليه؛ لأنه بعد أربعة أشهر يكون إنسانًا.

12 -

يشترط أن يكون الماء الذي يُغسل به الميت طهورًا مباحًا، وأن يغسل في مكان مستور، ولا ينبغي حضور من لا علاقة له بتغسيل الميت»

(2)

.

وقد وردت أحاديث في غسل الميت كثيرة، فمن ذلك ما رواه أبو داود في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا، أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنْ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ

(1)

صحيح البخاري برقم 1343.

(2)

الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة ص 113.

ص: 595

أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ»

(1)

.

وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي وقصته ناقته: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»

(2)

.

وروى البخاري ومسلم من حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ، فَقَالَ:«اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا،] أَوْ سَبْعًا [، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ» ، قُلْتُ: وِتْرًا، قَالَ:«] نَعَمْ [، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ

(3)

، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا

(4)

إِيَّاهُ»] تَعْنِي إِزَارَهُ [، قَالَتْ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: نَقَضْنَهُ، ثُمَّ غَسَلْنَهُ،] فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ: قَرْنَيْهَا وَنَاصِيَتَهَا وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا [،] قَالَتْ: وَقَالَ لَنَا: «ابْدَأنَّ

(1)

برقم 3141، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في إرواء الغليل برقم 702.

(2)

صحيح البخاري برقم 1265، وصحيح مسلم برقم 1206.

(3)

أي: إزاره، قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (1/ 417) والأصل في الحقو معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سمي به الإزار للمجاورة.

(4)

أي: اجعلنه شعارها، والشعار الثوب الذي يلي الجسد لأنه يلي شعره. فتح الباري (8/ 52).

ص: 596

بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا]»

(1)

.

«وأما صفة تغسيل الميت فهي كالآتي:

يكون التغسيل في مكان مستور عن الأنظار، ومسقوف من بيت أو خيمة ونحوها إن أمكن.

يُستر ما بين سرة الميت وركبته وجوبًا قبل التغسيل، ثم يجرد من ثيابه، ويوضع على سرير الغسل منحدرًا نحو رجليه، لينصب عنه الماء وما يخرج منه.

ويكون التغسيل: بأن يرفع الغاسل رأس الميت إلى قرب جلوسه، ثم يمر على بطنه ويعصره برفق؛ ليخرج منه ما هو مستعد للخروج، ويُكثرُ صَبَّ الماء حينئذ؛ ليذهب بالخارج، ثم يلف الغاسل على يده خرقة خشنة؛ فينجي الميت، وينقي المخرج بالماء.

ثم ينوي التغسيل، ويسمي، ويوضئه كوضوء الصلاة، إلا في المضمضة والاستنشاق، فيكفي عنهما مسح الغاسل أسنان الميت ومنخريه بأُصبعيه مبلولتين أو عليهما خرقة مبلولة بالماء، ولا يدخل الماء فمه ولا أنفه، ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة سدر أو صابون.

(1)

صحيح البخاري برقم 167، 1253، 1263، وصحيح مسلم برقم 939.

ص: 597

* ثم يغسل ميامن جسده، وهي: صفحة عنقه اليمنى، ثم يده اليمنى وكتفه، ثم شِقَّ صدره الأيمن وجنبه الأيمن وفخذه الأيمن وساقه وقدمه الميامن، ثم يقلبه على جنبه الأيسر، فيغسل شق ظهره الأيمن، ثم يغسل جانبه الأيسر كذلك، ثم يقلبه على جنبه الأيمن، فيغسل شق ظهره الأيسر، ويستعمل السدر مع الغسل أو الصابون، ويُستحب أن يلف على يده خرقة حال التغسيل.

* والواجب غسلة واحدة إن حصل الإنقاء، والمستحب ثلاث غسلات، وإن لم يحصل الإنقاء زاد في الغسلات حتى ينقي إلى سبع غسلات، ويستحب أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا؛ لأنه يُصلِّب بدن الميت، ويطيبه، ويبرده، فلأجل ذلك يُجعل في الغسلة الأخيرة؛ ليبقى أثره.

* ثم ينشف الميت بثوب ونحوه، ويقص شاربه، وتقلم أظفاره إن طالت، ويؤخذ شعر إبطيه، ويُجعل المأخوذ معه في الكفن، ويُضفر شعر رأس المرأة ثلاثة قرون، ويسدل من ورائها.

* وأما إذا تعذر غسل الميت لعدم الماء، أو خيف تقطعه بالغسل، كالمجذوم والمحترق، أو كان الميت امرأة مع رجال ليس فيهم زوجها، أو رجلًا مع نساء ليس فيهم

ص: 598

زوجته، فإن الميت في هذه الأحوال يُيمم بالتراب، بمسح وجهه وكفيه من وراء حائل على يد الماسح، وإن تعذر غسل بعض الميت، غُسل ما أمكن غسله منه، ويمم عن الباقي»

(1)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان (1/ 302 - 304).

ص: 599