الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الواحدة والخمسون
الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأوّلها
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد ..
فقد تقدم في كلمة سابقة الكلام على الرؤى وأقسامها، وبعض الأخطاء التي يقع فيها الناس في الرؤيا، وسيكون الكلام في هذه الكلمة عن الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأوّلها:
الرؤيا الأولى:
روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الآخِرَةِ، وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ»
(1)
.
«وتأويله صلى الله عليه وسلم دليل على أن تفسير الرؤيا قد يؤخذ من اشتقاق كلماتها، فإنه صلى الله عليه وسلم أخذ من عقبة حسن العاقبة، ومن رافع الرفعة، ومن رطب بن طاب: لذاذة الدين وكماله، وقد
(1)
برقم 2270.
قال علماء أهل العبارة: أن لها أربعة طرق:
أحدها: ما يشتق من الأسماء كما ذكرناه آنفاً.
وثانيها: ما يُعتبر مثاله: ويميز شكله كدلالة معلم الكتاب على القاضي، والسلطان، وصاحب السجن، ورأس السفينة، وعلى الوصي والوالد.
وثالثها: ما يعبره المعنى المقصود من ذلك الشيء المرئي، كدلالة فعل السفر على السفر، وفعل السوق على المعيشة، وفعل الدار على الزوجة والجارية.
ورابعها: التعبير بما تقدم له ذكر في القرآن والسنة، أو الشعر، أو كلام العرب وأمثالها، وكلام الناس وأمثالهم، أو خبر معروف، أو كلمة حكمة وذلك كنحو تعبير الخشب بالمنافق لقوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون:4]، وكتعبير القارورة بالمرأة لقوله صلى الله عليه وسلم:«رِفْقًا بِالقَوَارِيرِ» يعني ضعفة النساء»
(1)
.
«والسفينة: تعبر بالنجاة لقوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت:15].
والحجارة: بقسوة القلب لقوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ
(1)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي (6/ 34).