الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نساءهم وذراريهم وأنعامهم.
مطاردة الكفار وسرية أبي عامر رضي الله عنه إلى أوطاس:
وكان سببها أن هوازن لما انهزمت ذهبت فرقة منهم فيهم رئيسهم مالك بن عوف النصري، فلجؤوا إلى الطائف، فتحصنوا بها، وسارت فرقة فعسكروا بمكان يقال له أوطاس، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم سرية من أصحابه بقيادة أبي عامر الأشعري رضي الله عنه، وهو عم
(1)
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دُريد بن الصمة فقتل
(2)
دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى رضي الله عنه: وبعثني مع أبي عامر فرُمي أبو عامر في ركبته، رماه جُشمي
(3)
بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه، فقلت: يا عم من رماك؟
فأشار أبو عامر إلى أبي موسى، فقال: إن ذاك قاتلي تراه ذلك الذي رماني، فقصدت له فاعتمدته فلحقته، فلما رآني
(1)
وقع عند ابن إسحاق في السيرة (4/ 105): ابن عمه، قال الحافظ في الفتح (8/ 42): والأول - أي رواية الشيخين في صحيحيهما - أشهر.
(2)
اختلف في قاتل دريد بن الصمة: فعند ابن إسحاق في السيرة (4/ 103): أنه ربيعة بن رفيع السلمي. وأورد الحافظ في الفتح (8/ 42): بأن قاتله هو الزبير بن العوام رضي الله عنه، وساق الحديث، وقد رواه البزار بإسناد حسن.
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 43): جُشمي: بضم الجيم وفتح الشين: أي رجل من جُشم.
ولى عني ذاهبًا فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربيًا؟ ألا تثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر، فقلت: إن الله قد قتل صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا
(1)
منه الماء، فقال: يا ابن أخي، انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي.
قال أبو موسى رضي الله عنه: واستعملني أبو عامر على الناس، ومكث يسيرًا، ثم إنه مات، فلما مات رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه، وهو في بيت على سرير مرمل
(2)
،
وعليه فراش، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقلت له: قال: قل له يستغفر لي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه، ثم رفع يديه، ثم قال:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ» ، حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ» ، فقلت: ولي يا رسول الله! فاستغفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ مُدْخَلًا كَرِيمًا»
(3)
.
(1)
قال الحافظ في الفتح (8/ 43): فنزا: أي انصب.
(2)
مُرمل: أي معمول بالرمال، وهي حبال الحصر، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير. انظر فتح الباري (8/ 43)، النهاية (2/ 241).
(3)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة أوطاس برقم 4323، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعري رضي الله عنهما برقم 2498.