الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو قتادة رضي الله عنه وقتيله:
ونفَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبا قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه، سلب رجل قتله، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا
(1)
رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ إِليهِ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَاءِهِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا للنَّاسِ؟ قُلتُ: أَمْرُ اللهِ رضي الله عنهما، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا
(2)
، وَجَلَسَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلْبُهُ» ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَسَلْبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ».
فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله!
(3)
إذًا لا يعمد
(4)
إلى
(1)
قال الحافظ في الفتح (8/ 37) علا: ظهر.
(2)
قال الحافظ في الفتح (8/ 37): في السياق حذف، بينته الرواة الثانية حيث قال: فتحلل ودفعته، ثم قتلته، وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، فإذا عمر بن الخطاب.
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 38): المعنى: لا والله.
(4)
قال الحافظ في الفتح (8/ 39): أي لا يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل كأنه أسدٌ في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حقه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه.
أسد من أُسد الله، يقاتل عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» .
قال أبو قتادة: فأعطاني، فبعت الدرع، فابتعت
(1)
به مخرفًا
(2)
في بني سلمة
(3)
، فإنه لأول مالٍ تأثلته
(4)
في الإسلام
(5)
.
قال الإمام البغوي في شرح السنة: «وفي الحديث دليل على أن كل مسلم قتل مشركًا في القتال يستحق سلبه من بين سائر الغانمين، وأن السلب لا يُخمس قل ذلك أم كثر، روى مسلم في صحيحه أن سلمة بن الأكوع قتل مشركًا، فجاء بجمله يقوده عليه رحله وسلاحه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟» ، قالوا: ابن الأكوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ»
(6)
. وسواء نادى الإمام بذلك أو لم يناد، وسواء كان القاتل بارز المقتول، أو لم يبارزه؛ لأن أبا قتادة قتل القتيل قبل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
(1)
ابتاع الشيء: اشتراه، انظر لسان العرب (1/ 557).
(2)
قال الحافظ في الفتح (8/ 40)، المخرف: بفتح الميم والراء: أي بستانًا.
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 41)، سلمة: بكسر اللام: وهم بطن من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة.
(4)
تأثلته: أي جمعته. انظر النهاية (1/ 27).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] برقم 4321، 4322، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1751.
(6)
أخرج هذا الحديث الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1754.