المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الثالثة والخمسونالإبل - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ١١

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىوقفات مع حديث: لا حسد إلا في اثنتين

- ‌الكلمة الثانيةمن فضائل التمر

- ‌الكلمة الثالثةمن حكم الصيام

- ‌الكلمة الرابعةتأملات في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

- ‌الكلمة الخامسةنبي الله آدم عليه السلام

- ‌الكلمة السادسةمسائل وفوائد من قصة آدم عليه السلام

- ‌الكلمة السابعةنبي الله نوح عليه السلام

- ‌الكلمة التاسعةنبي الله وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة العاشرةقصة بعثة إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة الحادية عشرةفوائد من قصة نبي الله وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام

- ‌الكلمة الثانية عشرةنبي الله موسى عليه السلام

- ‌الكلمة الثالثة عشرةفوائد من قصة موسى عليه السلام

- ‌الكلمة الرابعة عشرةنبي الله عيسى عليه السلام

- ‌الكلمة الخامسة عشرةفوائد من قصة نبي الله عيسى عليه السلام

- ‌الكلمة السادسة عشرةفوائد من قصة نبي الله يوسف عليه السلام (1)

- ‌الكلمة السابعة عشرةفوائد من قصة نبي الله يوسف عليه السلام (2)

- ‌الكلمة الثامنة عشرةمقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)

- ‌الكلمة التاسعة عشرةمقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)

- ‌الكلمة العشرونمقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم (2)

- ‌الكلمة الواحدة والعشرونالعرش

- ‌الكلمة الثانية والعشرونالفرح

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونالحزن

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونالعدل

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونسيرة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌الكلمة السادسة والعشرونسيرة سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌الكلمة السابعة والعشرونشرح حديث: الشفاء في ثلاثة (1)

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونشرح حديث: الشفاء في ثلاثة (2)

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونبعض الأدوية النبوية التي فيها شفاء

- ‌الكلمة الثلاثونمقتطفات من سيرة الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونالإحسان

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونالشورى

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونحديث الأبرص والأقرع والأعمى

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونمن محاسن الدين الإسلامي: وجود بدائل لكل عمل صالح

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونشرح حديث مالك بن التيهان

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (1)

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (2)

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثونشرح حديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (3)

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونحلمه صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الأربعونفوائد من حديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»

- ‌الكلمة الثانية والأربعونغزوة مؤتة (1)

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونغزوة مؤتة - دروس وعبر (2)

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونغزوة حنين(1)(1)

- ‌قصة نبي من الأنبياء:

- ‌شجرة ذات أنواط

- ‌هزيمة المسلمين وفرارهم:

- ‌ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونغزوة حنين (2)

- ‌متابعة الكفار:

- ‌شجاعة أم سليم

- ‌قصة صاحب الجمل الأحمر:

- ‌أبو قتادة رضي الله عنه وقتيله:

- ‌شدة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌مطاردة الكفار وسرية أبي عامر رضي الله عنه إلى أوطاس:

- ‌جمع الغنائم:

- ‌شهداء المسلمين في غزوة حنين:

- ‌الكلمة السادسة والأربعونغزوة الطائف (1)

- ‌طريق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وحصارها:

- ‌قصة المخنث:

- ‌رمي الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الطائف بالمنجنيق:

- ‌إسلام عبيد من الطائف:

- ‌رؤيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورحيل المسلمين:

- ‌إسلام سراقة بن مالك الجعشمي رضي الله عنه

- ‌قسمة الغنائم بالجعرانة:

- ‌البدء بالمؤلفة قلوبهم(2)وهم سادات العرب:

- ‌الكلمة السابعة والأربعونغزوة الطائف (2)

- ‌«لا تُوطَأُ الحُبْلَى(3)حَتَّى تَضَعَ»:

- ‌شأن ذي الخويصرة التميمي:

- ‌عَتْبُ الأنصار وخطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهم:

- ‌نذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌قدوم وفد هوازن:

- ‌إسلام مالك بن عوف النصري:

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونفوائد ومسائل فقهية من غزوة حنين (1)

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونفوائد ومسائل فقهية من غزوة حنين (2)

- ‌الكلمة الخمسونفوائد ومسائل فقهية من فتح الطائف

- ‌الكلمة الواحدة والخمسونالرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأوّلها

- ‌الرؤيا الأولى:

- ‌الرؤيا الثانية:

- ‌الرؤيا الثالثة:

- ‌الرؤيا الرابعة:

- ‌الرؤيا الخامسة:

- ‌الكلمة الثانية والخمسونالخيل

- ‌الكلمة الثالثة والخمسونالإبل

- ‌الكلمة الرابعة والخمسونالغنم

- ‌أولًا: فضلها:

- ‌ثانيًا: الأحكام الشرعية المتعلقة بها:

- ‌الكلمة الخامسة والخمسونقصة أصحاب الجنة

- ‌الكلمة السادسة والخمسونقصة أصحاب القرية

- ‌الكلمة السابعة والخمسونقصة أصحاب الكهف (1)

- ‌الكلمة الثامنة والخمسونفوائد من قصة أصحاب الكهف (2)

- ‌الكلمة التاسعة والخمسونقصة الرجلين: المؤمن والكافر

- ‌الكلمة الستونقصة أصحاب أيلة الذين اعتدوا في السبت

- ‌الكلمة الواحدة والستونالفتور أسبابه وعلاجه

- ‌الخاتمة:

- ‌الكلمة الثانية والستونالمنهجية في طلب العلم

- ‌الفائدة السادسة:في المقصود ببركة العلم:

- ‌الكلمة الثالثة والستونتغسيل الميت وأحكامه

- ‌الكلمة الرابعة والستونتكفين الميت وأحكامه

- ‌يستحب في الكفن أمور:

- ‌الكلمة الخامسة والستونحمل الجنازة واتباعها، والمسائل المتعلقة بذلك

- ‌الكلمة السادسة والستوندفن الميت وأحكامه (1)

- ‌الكلمة السابعة والستوندفن الميت وأحكامه (2)

- ‌الكلمة الثامنة والستونمن بدع الجنائز

- ‌«غسل الميت:

- ‌الكفن والخروج بالجنازة:

- ‌الصلاة عليها:

- ‌الدفن وتوابعه:

- ‌الكلمة التاسعة والستونالبيوع: قواعد وحكم وفوائد (1)

- ‌وينقسم البيع إلى قسمين: حلال وحرام:

- ‌من القواعد في البيع:

- ‌الكلمة السبعونالبيوع: قواعد وحكم وفوائد (2)

- ‌أما موانع البركة فهي:

- ‌من صور البيوع المنهي عنها:

الفصل: ‌الكلمة الثالثة والخمسونالإبل

‌الكلمة الثالثة والخمسون

الإبل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد ..

فمن المخلوقات العظيمة التي ذكرها الله في كتابه الإبل، قال تعالى:{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} [الغاشية:17].

قال ابن كثير رحمه الله: «فإنها خلق عجيب، وتركيبها غريب، فإنها في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتؤكل وينتفع بوبرها، ويُشرب لبنها، ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت؟»

(1)

.

وإنما أمر الله سبحانه بالنظر إليها والتفكر فيها لأن ذلك يدل على عظمة خالقها سبحانه.

(1)

تفسير ابن كثير رحمه الله (14/ 333).

ص: 497

وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ

تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ

كما أن خلقها الظاهري عجيب، فإن من صفاتها وخلائقها وما جبلت عليه ما هو أعجب وأعجب، ومن خالطها أو استمع إلى ما يذكره أهلها عرف ذلك.

وقد جعلها الله آية معجزة لنبي من أنبيائه وهو صالح عليه السلام، قال تعالى:{وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65)} [هود: 64 - 65].

والإبل بالجملة محبوبة لدى كثير من الناس لا سيما العرب، ومن حبهم لها وتعلقها بها أنهم يؤثروها على كثير من المحاب الدنيوية، ويدفعون عنها ويستميتون دونها، وعلى هذه المعاني يدل قول الله تعالى:{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)} [التكوير: 4]

(1)

.

أما منافعها، فهي على سبيل الإجمال على قسمين:

القسم الأول: منافع دينية، وهي ما يتعلق بها من الأحكام الشرعية، فمن ذلك:

(1)

العشار: هي الناقة العشراء، وهي التي مضى لها من حملها عشرة أشهر، وجمعها عشار، وكانت أنفس أموال العرب لقرب ولادتها ورجاء لبنها.

ص: 498

1 -

الهدي والأضاحي: قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)} [الحج: 36]، فهي أفضل ما يتقرب به إلى الله في الهدي والأضاحي، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجته مائة بدنة نحر منها ثلاث وستون بيده، وجمهور أهل العلم على أنه يجزئ عن سبعة، ودليلهم ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبد الله قال:«نَحَرْنَا فِيِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»

(1)

.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حُرِّمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالًا»

(2)

،

وهذا يدل على استحباب بعث الهدي إلى البيت الحرام من البلاد البعيدة، ولو لم يصحبها المُهدي؛ لأن الإهداء إلى البيت صدقة على مساكين الحرم، وتعظيم للبيت، وتقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء في طاعته

(3)

.

(1)

برقم 1318.

(2)

صحيح البخاري برقم 1696، وصحيح مسلم برقم 1321 واللفظ له.

(3)

تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (2/ 175 - 176).

ص: 499

2 -

الوضوء من أكل لحومها: روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ» ، قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ»

(1)

.

وظاهر هذا الحديث هو الراجح من كلام أهل العلم.

وفي الحديث: «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ»

(2)

. ومعاطن الإبل: هي مباركها التي تأوي إليها وتقيم فيها.

3 -

الدية: الأصل في الدية هي الإبل لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ»

(3)

. وقوله صلى الله عليه وسلم: «قَتِيلَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ؛ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»

(4)

.

4 -

وجوب الزكاة فيها إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول، وتمت شروط الوجوب الأخرى، والزكاة ثاني أركان الإسلام،

(1)

برقم 360.

(2)

مسند الإمام أحمد (27/ 353) برقم 16799، وقال محققوه: حديث صحيح.

(3)

سنن النسائي برقم 4857، وأورده الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح موارد الظمآن برقم 2661.

(4)

سنن النسائي برقم 4791، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح سنن النسائي برقم 4513.

ص: 500

وهي تزكية للمال، وتطهير له، وسد لحاجة الفقراء والمساكين، قال الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103].

وأما منافعها الدنيوية، فهي على ستة أضرب:

1 -

شرب ألبانها: قال تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)} [النحل: 66]، وفي هذا من العبر أن الدم والفرث لا يستساغ في طعام أو شراب، ومع ذلك يخرج الله من بينهما هذا الشراب الطيب لونًا ورائحة، وغذاء ودواء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «إِذَاَ أَكَلَ أَحَدكُم طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَزِدْنَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرَ اللَّبَنِ»

(1)

.

قال القرطبي رحمه الله: «ثم إن في الدعاء بالزيادة منه علامة الخصب، وظهور الخيرات، وكثرة البركات، فهو مبارك كله»

(2)

.

قال ابن القيم رحمه الله: «اللبن أنفع المشروبات للبدن الإنساني

(1)

مسند الإمام أحمد (3/ 440)، برقم 1978، وقال محققوه: حديث حسن.

(2)

تفسير القرطبي (10/ 127).

ص: 501

لما اجتمع فيه من التغذية والدموية، ولاعتباره حال الطفولية، وموافقته للفطرة الأصلية»

(1)

.

2 -

أكل لحومها: قال الله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)} [المؤمنون: 21].

وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه وكان مئة ناقة، أمر من كل ناقة بضعة «وهي القطعة» من اللحم فطبخت فشرب من مرقها، وأكل من لحمها»

(2)

.

ولحوم الإبل من أنفع اللحوم لمن اعتادها، تُقوى بها الأجسام وتشتد، لا سيما التي ترعى البوادي، وتأكل أحرار البقول.

3 -

ركوب الإبل: وللركوب نوع من الإبل توصف بالنجائب، وتسمى في زماننا الجيش، وتتميز بسرعتها، والراحة في الركوب عليها لحسن سيرها، مع تحملها لقطع المسافات الطويلة، والصبر على الجوع والعطش، ولا تعرف هذه الصفات مجتمعة في غير الإبل.

ووردت السنة بمشروعية المسابقة على الإبل، وإجازة أخذ

(1)

الطب النبوي ص 301.

(2)

برقم 1218.

ص: 502

السبق، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ»

(1)

.

وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة نجيبة تسمى القصواء، وكانت لا تسبق، ومن طريف ما جاءت به السنة في ذكر هذه الناقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بركت به في غزوة الحديبية قال الناس: خلأت القصواء، خلأت القصواء، وهذا عيب شديد، فدافع عنها النبي صلى الله عليه وسلم ونفى عنها هذا العيب وقال:«مَا خَلَأَتِ القَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ»

(2)

.

فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ»

(3)

.

ولم يزل العرب قديمًا وحديثًا قبل وجود مراكب الحديد، يتنافسون في اختيار النجائب الأصلية، ولهم في مدحها والافتخار بها الأشعار مدونة في مظانها.

4 -

الحمل عليها: قال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)} [النحل:7]، وفي الإبل ما هو مخصص لحمل الأثقال

(1)

(12/ 453) برقم 7482، وقال محققوه: حديث صحيح، ونقل الحافظ في تلخيص الحبير (4/ 161) تصحيحه عن ابن القطان وابن دقيق العيد.

(2)

صحيح البخاري برقم 2731.

(3)

صحيح البخاري برقم 2872.

ص: 503

ويسمونها عرب الجزيرة الزمل وهي تحمل من الأثقال ما لا يحمله سواها مع سهولة الانقياد لأصحابها.

5 -

الانتفاع منها بأصوافها وأوبارها وجلودها في صنع الأخبية وأنواع من اللباس والمتاع والأثاث التي لا تنحصر أنواعه، وذلك هو الدفء الذي ذكره الله بقوله:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)} [النحل:5].

وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)} [النحل:80].

6 -

التداوي بها: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس قال: «قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ»

(1)

.

قال ابن القيم رحمه الله: قال صاحب القانون: «واعلم أن لبن

(1)

صحيح البخاري برقم 233، وصحيح مسلم برقم 1671.

ص: 504

النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفقٍ وما فيه من خاصية، وأن هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أن إنسانًا أقام عليه بدل الماء والطعام شُفي به، وقد جُرب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك، فعُوفوا

(1)

. وأنفع الأبوال: بول الجمل الأعرابي وهو النجيب

(2)

(3)

.

7 -

الجمال والزينة: قال تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)} [النحل:6].

قال قتادة: «ولأنها إذا راحت وهو رجوعها بالعشي من المرعى توفر حسنها، وعظم شأنها، وتعلقت القلوب بها؛ لأنها إذ ذاك أعظم ما تكون أسمنة وضروعًا، ولهذا المعنى قدم الرواح على السراح، لتكامل درها وسرور النفس بها إذ ذاك»

(4)

.

(1)

القانون (2/ 544).

(2)

القانون (1/ 412).

(3)

زاد المعاد (4/ 63).

(4)

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/ 274).

ص: 505

وفي الحديث: «الإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا، وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ، وَالْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

(1)

.

«وهذا جدول لبيان زكاة الإبل:

ممم جدول

م

العدد

المقدار الواجب

إيضاح

من

إلى

1

5

9

شاة

من الغنم

2

10

14

شاتان

من الغنم

3

15

19

ثلاث شياه

من الغنم

4

20

24

أربع شياه

من الغنم

5

25

35

بنت مخاض

وهي ما تم لها سنة

6

36

45

بنت لبون

وهي ما تم لها سنتان

7

46

60

حقة

وهي ما تم لها ثلاث سنوات

8

61

75

جذعة

وهي ما تم لها أربع سنين

9

76

90

بنتا لبون

-

10

91

120

حقتان

-

فما زاد على 120 فالواجب في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة»

(2)

(3)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

سنن ابن ماجه برقم 2305، قال البوصيري: هذا سند صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في سنن ابن ماجه (2/ 32)، برقم 1866.

(2)

الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة لمجموعة من العلماء تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية ص 136.

(3)

ومن أراد التوسع فليراجع كتب الفقه، باب الزكاة.

ص: 506