الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيحرزوا
(1)
ما أصيب منهم، فلما لم يجئه أحد أمر بتقسيم الغنائم.
البدء بالمؤلفة قلوبهم
(2)
وهم سادات العرب:
أول من أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم هم سادات العرب، يتألفهم إلى الإسلام، فأعطى أبا سفيان بن حرب مئة من الإبل
(3)
.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن الحارث ابن عمه صلى الله عليه وسلم مئة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقرع بن حابس التميمي مئة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عُيينة بن حصن الفزاري مئة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن عُلاثة
(4)
مئة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس بن مرداس دون ذلك، فأنشأ يقول:
أَتَجْعَلَ نَهْبِي وَنَهْبَ العُبَيْـ
…
ـدِ
(5)
بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالَأقْرَعِ
(1)
يقال: أحرزت الشيء: إذا حفظته وضممته إليك، وصنته عن الأخذ، انظر النهاية (1/ 352).
(2)
قال الحافظ في الفتح (8/ 48): المراد بالمؤلفة ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا؛ ولم يتمكن الإسلام من قلوبهم.
(3)
أخرج إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان مئة من الإبل: الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم برقم 1060.
(4)
قال الإمام النووي في شرح مسلم (7/ 139)، عُلاثة: بضم العين.
(5)
العُبيد: بضم العين وفتح الباء: اسم فرس للعباس بن مرداس، انظر شرح غريب السيرة (3/ 130).
فَمَا كَاَن بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ
…
يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا
…
وَمَنْ تَخْفِضِ اليَوْمَ لَا يُرْفَعِ
فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم المائة من الإبل
(1)
.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام مئة من الإبل، ثم سأله مئة أخرى، فأعطاه إياها، ثم سأله فأعطاه
(2)
،
ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا حَكِيمُ! إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» .
قال حكيم: فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أرزأ
(3)
أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا.
فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا ليعطيه فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه، فأبى أن يقبل منه، فقال عمر رضي الله عنه: إني أُشهدكم معشر المسلمين، أني أعرض عليه حقه
(1)
أخرج ذلك كله: مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم برقم 1060، 137، 138.
(2)
في رواية الإمام أحمد في مسنده برقم 15321، قال حكيم: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من المال فألحفت: أي بالغت.
(3)
قال الحافظ في الفتح (3/ 336)، لا أرزأ: بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الزاي: أي لا أُنقص ماله بالطلب منه.
من هذا الفيء
(1)
، فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيمٌ أحدًا من الناس شيئًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تُوفي
(2)
.
قال الحافظ في الفتح: وإنما امتنع حكيم من أخذ العطاء، مع أنه حقه؛ لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئًا فيعتاد الأخذ، فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده، ففطمها عن ذلك، وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه
(3)
.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية - وكان ما زال مشركًا - مئة من الإبل، ثم مئة ثانية، ثم مئة ثالثة.
قال صفوان: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ
(4)
.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن هشام مئة من الإبل، وأعطى سهيل بن عمرو مئة من الإبل
(5)
، وأعطى حويطب بن
(1)
الفيء: هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب، ولا جهاد. انظر النهاية (3/ 434).
(2)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه برقم 1472، ومسلم في صحيحه، برقم 1035.
(3)
انظر فتح الباري (3/ 336).
(4)
أخرج ذلك الإمام مسلم، كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال:«لا» وكثرة عطائه برقم 2313.
(5)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 13574، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
عبد العُزى مئة من الإبل
(1)
.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرين خمسين خمسين، وأربعين أربعين، حتى شاع في الناس أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى سمرة
(2)
، فخطفت
(3)
رداؤه صلى الله عليه وسلم، فقال: «أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ
(4)
نَعَمًا
(5)
لَقَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذَّابًا، وَلَا جَبَانًا»
(6)
(7)
.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
انظر سيرة ابن هشام (4/ 103)، الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 326).
(2)
قال الحافظ في الفتح (6/ 35): السمرة: شجرة من شجر البادية ذات شوك، ويقال: هي شجرة الطلح.
(3)
قال الحافظ في الفتح (6/ 35)، فخطفت: بكسر الطاء.
(4)
قال الحافظ في الفتح (6/ 35)، العضاه: بكسر العين: هو شجر ذو شوك.
(5)
النعم: بفتح النون والعين: هي الإبل والشاء، انظر لسان العرب (14/ 212).
(6)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه برقم 2821، وبرقم 3148.
(7)
أحداث هذه الغزوة مستفادة من كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي (4/ 138 - 153) مع حذف واختصار.