الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله إليه الخلوة فاعتزلهم في غار حراء، ثم علموا حاله حين نزل عليه الوحي من رب العالمين، وحين بدأ أمر الإسلام يظهر للوجود أخذ يدعو الناس إليه ويبلغ ما أنزل عليه1.
فليست هناك لحظة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا لحظة من حياة المجتمع الجاهلي غابت عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا غاب عن المجتمع، فكان التعرف على المجتمع شاملا بالممارسة التي تعوز فن خدمة العمل مع الجماعة في العصر الحديث.
وبات ذلك المنهج نظريا وتطبيقيا خالصا بالأسبقية التاريخية، والعملية ملكا للدعوة الإسلامية تبز به جميع أنماط العمل مع الجماعات.
1 الرسالة المحمدية للسيد سليمان الندوي ط ثانية ص64.
رابعا: تربية قيادة
مدخل
…
رابعا: تربية قيادة
دار الأرقم بن الأرقم.
اختيار القيادة.
الجهر بالمبادئ فجأة عملية خطيرة مراهقة لا يوصى بها المشتغلون في حقل الخدمة الاجتماعية.
وإعداد القيادة داخل المجتمع قبل إعلان المبادئ جزء من منهج العمل مع الجماعة توصي به، وتؤكده الدراسات الاجتماعية التي نيط بها وظيفة التغيير الاجتماعي المرغوب فيه1.
1 دراسات في تنظيم المجتمع ص155، الخدمة الاجتماعية والمجتمع ص179.
وهذا المبدأ قد أسسته من قبل الدعوة الإسلامية في "دار الأرقم بن الأرقم" حيث اختار النبي صلى الله عليه وسلم الأشخاص الذين توسم فيهم الاستجابة للدعوة1، ثم تعهدهم بعيدا عن المجتمع وثقافته بالتربية والإعداد.
وأول من اختارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألصق الناس به من آل بيته وأصدقائه، فآمنت خديجة رضي الله عنها، وزيد بن ثابت مولاه، وعلي بن أبي طالب، وصديقه الحميم أبو بكر، وورقة بن نوفل2.
ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتخب الأخيار المصابيح ويدعوهم إلى الإسلام يعاونه في ذلك سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، فقد تعرف على وظيفته بفطرته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه3.
واتخذت هذه المرحلة دورا سريا حتى تكتمل التربية للقيادة بعيدا عن جاذبية المجتمع التي تضغط دائما على المبادئ في مهدها لتموت، ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخير الأشخاص أولا، ثم ينبئهم عن الضغط الاجتماعي، حتى تسربت مبادئ الإسلام إلى المجتمع كالنور يقهر الظلام رويدا رويدا.
1 السيرة لابن كثير ج1 ص427، سيرة الرسول عزة دروزة ج1 ص178، وراجع من حضارة الإسلام ج1 ص19.
2 فقه السيرة لفضيلة الشيخ محمد الغزالي ص97-98 الحلبية ج1 ص302 وما بعدها ص306، الكامل في التاريخ ج2 ص59، المواهب اللدنية ج1 ص244-245.
3 ابن هشام ج1 ص250 الكامل في التاريخ ج2 ص59.
يقول في ذلك ابن هشام:
ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به، ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاء به1.
وتأتي هذه القضية واضحة في قصة إسلام سيدنا علي رضي الله عنه. روى البيهقي:
ثم إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاء بعد ذلك فوجدهما يصليان فقال علي:
ما هذا يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دين الله اصطفى لنفسه، وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له، وإلى عبادته وتكفر باللات والعزى".
فقال علي: هذا أمر لم أسمع به من قبل اليوم، فلست بقاض أمرا حتى أحدث به أبا طالب، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره فقال له:
"يا علي إذا لم تسلم فاكتم"، فمكث على تلك الليلة حتى جاء فقال: ما عرضت علي يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتكفر باللات والعزى وتبرأ من الأنداد"، ففعل علي وأسلم فمكث علي يأتيه على خوف من أبي طالب، وكتم علي إسلامه، ولم يظهره2.
1 السيرة لابن هشام ج1 ص262 الكامل في التاريخ ج2 ص59.
2 دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص414، ابن كثير ج1 ص428.