الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعلام هداية تساند وتؤيد وتصدق وتدعو وتنشر دعوة الله، فتظهر رقعة العمل للدعوة على مساحة شاسعة مترامية الأطراف، وقد وجدت في كل ناحية منها داعية يثق في صدق برسالته، ويجاهد في صدق لنشر دعوته، فتشتعل الجزيرة ساعتئذ بمشاعر من النور، والإيمان تتلاقى مع صوت الحق الذي يصدع به رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة "أم القرى" ومركز الإرشاد لجميع الدعاة.
وهنا نجد قيادة الدعوة بعد أن أعدت القيادة كمنهج للعمل مع الجماعة أمرت بعضهم بالتوجه إلى ديارهم يدعون إلى الإسلام، حتى يسمعوا بظهور النبي صلى الله عليه وسلم فيلحقوا به، ويتضح هذا في عدة نماذج منها:
النموذج الأول:
في مكة المكرمة كانت ظاهرة اشتراك القيادة التي أعدها ورباها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوية الدلالة على منهجيتها في العمل للدعوة.
فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه يدعو إلى الإسلام كل من يتوسم فيه خيرا ويعرف عنه صلاحا من أمره، لقد كرس جهده الكريم لنشر الدعوة الإسلامية، وقاد أصدقاءه إلى مركز الإرشاد إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمهم الإسلام، ويتلو عليهم القرآن، ويمنحهم من فيوضات النبوة قبسا ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.
وكان النجاح حليف سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، فقد أسلم بدعايته عثمان بن عفان.
والزبير بن العوام.
وسعد بن أبي وقاص1.
وكان يتحمل مؤنة الضيوف الذين يفدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت له ضيافات لا يفعلها أحد، وعندما سمع قصة أبي ذر الغفاري، وأنه بات عديدا من الأيام يعيش على ماء زمزم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يستضيفه عنده. يقول في الحلبية:
"إن أبا بكر قال يا رسول الله ائذن لي في إطعامه الليلة، قال أبو ذر: فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، فكان ذلك أول طعام أكلته"2.
قال الطبري في تاريخه:
"ثم أسلم أبو بكر بن أبي قحافة الصديق، فلما أسلم أظهر إسلامه ودعا إلى الله عز وجل وإلى رسوله، قال: وكان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها، وبما كان فيهم من خير أو شر، وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه وجلس إليه فأسلم على يديه
1 راجع السيرة لابن هشام ج1 ص250، 251، الحلبية ج1 ص312 الكامل في التاريخ ج2 ص5559.
2 الحلبية ج1 ص309، 316، دلائل البيهقي ج1 ص457، محمد رسول الله أتين دينه 117.
فيما بلغني عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له، فأسلموا وصلوا فكان هؤلاء الثمانية النفر الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم"1.
ولقد كانت أعمال أبي بكر رضي الله تعالى عنه للدعوة الإسلامية أبعد من نشرها بالموعظة والحكمة والبيان والشرح، وأبعد من إيواء الضيوف فقد تجاوزت أريحيته الكريمة هذه الحدود، فوظف ثروته لشراء العبيد الذين ارتفعوا بقلوبهم المؤمنة على مستوى أسيادهم الأحرار الذين غاظهم هذا السمو العقلي، والروحي في إيمان عبيدهم، فراحوا يسمونهم العذاب ألوانا وأشكالا.
يقول ابن هشام:
"ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب، بلال سابعهم،
عامر بن فهيرة، والنهدية وابنتها، وأم عيسى، ولبيبة جارية بني مؤمل المؤملية، وزنيرة".
وذكر في شرح المواهب اللدنية أنه أعتق:
أبا فكيهة، وأم بلال2.
1 تاريخ الطبري ج1 ص317، راجع المواهب اللدنية ج1 ص345، 346، دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص418، راجع الدرر ص40، 41.
2 السيرة لابن هشام ج1 ص317 317، المواهب ج1 ص266-269، الحلبية ج1 ص336، الكامل في التاريخ ج2 ص66-70، الدرر ص547، المحبر ص183، 184، السيرة لابن كثير ج1 ص493.