الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- مسألة: (وَلَوْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِالبَيْعِ) في الشقص المشفوع، (وَأَنْكَرَ مُشْتَرٍ) شراءه؛ (ثَبَتَتِ) الشفعة؛ لأن البائع أقر بحقين؛ حق للشفيع وحقٍّ للمشتري، فإن أسقط حقه بإنكاره ثبت حق الآخر وهو الشفيع.
وعليه فلا يخلو البائع من حالين:
1 -
أن يكون مقِرًّا بقبض الثمن من المشتري: فيأخذ الشفيع الشقص من البائع، ويدفع إليه الثمن؛ لاعترافه بالبيع.
2 -
أن لا يكون البائع مقراً بقبض الثمن من المشتري: فيبقى في ذمة الشفيع إلى أن يدَّعِيَهُ المشتري؛ لأنه لا مستحِقَّ له غيره.
(فَصْلٌ) في الوديعة
من وَدَعَ الشيء: إذا تركه؛ لأنها متروكه عند المودَع.
وشرعًا: اسم للمال، أو المختص المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض.
وأجمعوا على جواز الإيداع؛ لقوله تعالى: {فليؤد الذي ائتمن أمانته} [البقرة: 283]، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:«أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» [أحمد 15424، وأبو داود 3535، والترمذي 1264، وحسنه]، ولحاجة الناس إليها؛ لأنه يتعذر عليهم حفظ جميع أموالهم بأنفسهم.
- مسألة: (وَ) حكم قبول الوديعة لا يخلو من أمرين:
1 -
(يُسَنُّ قَبُولُ وَدِيعَةٍ: لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الأَمَانَةَ)، أي: أنه ثقة قادر على حفظها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [مسلم 2699].
2 -
يكره قبول الوديعة: لمن لا يعلم من نفسه الأمانة إلا برضا ربها. قاله في المبدع، وقال في الكشاف:(ولعل المراد إعلامه بذلك إن كان لا يعلمه؛ لئلا يغره).
- مسألة: (وَيَلْزَمُ) المودَعَ (حِفْظُهَا) أي: الوديعة؛ لقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58]، ولا يمكن أداؤها إلا بالحفظ.
ثم لا يخلو مكان الحفظ من أمرين:
الأول: أن لا يعين ربها مكان حرزها: فيلزم المودَع حفظها (فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) عرفًا، اتفاقًا؛ لأن الإيداع يقتضي الحفظ، وإذا أطلق حمل على المتعارف، وهو حرز المثل، وهو ما جرت العادة بحفظ الوديعة فيه؛ فالدنانير في الصناديق من وراء الأقفال، والثياب في البيوت، وهكذا.
فإن لم يحرزها في حرز مثلها مع عدم التعيين ضمنها؛ لأنه مفرط.
(وَ) الثاني: (إِنْ عَيَّنَهُ) أي: الحرز (رَبُّهَا) أي: رب الوديعة؛ بأن قال -مثلًا-: احفظها في هذا البيت، فعلى قسمين:
أإن أحرزها بمثل الحرز المعيَّن في الحفظ، أو أحرزها في حرز فوقه - ولو لغير حاجة-: لا يضمن الوديعة إن تلفت؛ لأن تعيين الحرز يقتضي الإذن في مثله، وفيما هو أحفظ من باب أولى.
ب (فَـ) إن (أَحْرَزَ بِدُونِهِ) أي: دون المعيَّن رتبةً في الحفظ فضاعت، فلا يخلو من أمرين:
1 -
أن يمكنه إحرازها بمثله أو أعلى منه: ضمن، اتفاقاً؛ لمخالفته المودِع، ولأن بيوت الدار تختلف، فمنها ما هو أسهل نقبًا ونحوه.
2 -
أن لا يمكنه إحرازها إلا بما دونه: لم يضمنها؛ لأن إحرازها به في ذلك الحرز أحفظ لها من تركها بمكانها، وليس في وسعه حينئذ سواه.
- مسألة: الوديعة أمانة عند المودَع؛ لقوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} [البقرة: 283]، فإذا تلفت الوديعة لم يخل من أمرين:
1 -
أن يكون تلفها بغير تعدٍّ ولا تفريط: فلا ضمان عليه فيها؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ» [ابن ماجه 2401، وضعفه الحافظ]، ولأن المستودَع يحفظها لمالكها، فلو ضُمنت لامتنع الناس من الدخول فيها، وذلك مضر؛ لما فيه
من مسيس الحاجة إليها.
2 -
أن يكون تلفها بتعدٍّ منه أو تفريط: وأشار إليه بقوله: (أَوْ تَعَدَّى) أي: فعل ما لا يجوز؛ كأن تكون ثياباً فيلبَسها دون إذن، (أَوْ فَرَّطَ) أي: ترك ما وجب عليه من حفظها؛ كأن يقصر في حفظ الوديعة في حرز مثلها؛ فإنه يضمن، قال في المبدع:(بغير خلاف علمناه)؛ لأن المتعدي متلف لمال غيره فضمنه، كما لو أتلفه من غير إيداع، والمفرط متسبب بترك ما وجب عليه من حفظها.
- مسألة: (أَوْ قَطَعَ) المودَع (عَلَفَ دَابَّةٍ) أو سقيها (عَنْهَا) فلا يخلو من أمرين:
1 -
أن يكون ذلك (بِغَيْرِ قَوْلٍ) من مالك: لا تعلفها، أو لا تسقها، حتى ماتت:(ضَمِنَ)؛ لأنه من كمال الحفظ، بل هو الحفظ بعينه، ؛ لأن العرف يقتضي علفها وسقيها، فهو مأمور به عرفًا.
2 -
أن يكون ذلك بقول المالك: لا تعلفها، أو لا تسقها، حتى ماتت: فلا يضمن المودَع؛ لأن مالكها أذن له في إتلافها، أشبه ما لو أمره بقتلها، لكن يأثم بترك علفها وسقيها حتى مع الأمر بتركهما؛ لحرمة الحيوان.
واختار ابن عثيمين: أنه يضمن، لأنه تعدى بترك علفها، أشبه ما إذا لم ينهه، ولكن يُجعل ما ضمنه في بيت المال؛ لأنها تلفت بقولٍ من صاحبها وقد رضي بتلفها عليه.
- مسألة: (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُودَعٍ فِي) أمور:
1 -
إذا ادعى أنه (رَدَّهَا) أي: الوديعة (إِلَى رَبِّهَا)، بيمينه؛ لأنه لا منفعة له في قبضها، فيقبل قوله بغير بينة.
2 -
(أَوِ) ادعى أنه ردها إلى (غَيْرِهِ) أي: غير ربها (بِإِذْنِهِ) أي: بإذن ربها، بيمينه؛ لأنه ادعى دفعًا يبرأ به من رد الوديعة، أشبه ما لو ادعى ردها إلى مالكها.
- فرع: (لَا) يقبل قول مودَع في ردها إلى (وَارِثِهِ)، أي: وارث المالك إلا ببينة؛ لأنهم لم يأتمنوه.
3 -
(وَ) يقبل قول مودَع (فِي تَلَفِهَا) أي: الوديعة، بيمينه؛ لتعذر إقامة البينة على ذلك، فلو لم يقبل قوله فيه لامتنع الناس من قبول الأمانات مع الحاجة إليه، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
لكن إذا ادعى التلف بسبب ظاهر؛ كحريق ونهب جيش، ونحوه؛ لم يقبل منه ذلك إلا ببينة تشهد بوجود ذلك السبب في تلك الناحية، فإن عَجَزَ عن إقامة البينة بالسبب الظاهر ضمنها؛ لأنه لا تتعذر إقامة البينة به، والأصل عدمه.
4 -
(وَ) يقبل قول مودَع في (عَدَمِ تَفْرِيطٍ، وَ) عدم (تَعَدٍّ)؛ لأنه أمين، والأصل براءته.
5 -
(وَ) يقبل قول مودَع (فِي الإِذْنِ) أي: أن المالك أذِنَ له في دفعها إلى إنسان عيَّنه، مع إنكار المالك الإذن؛ لأنه أمين.
- مسألة: (وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَانِ) واحداً شيئًا مشتركًا بينهما، لم يخل من أمرين:
1 -
أن يكون (مَكِيلاً أَوْ مَوْزُوناً يُقْسَمُ) بلا ضرر، (فَطَلَبَ أَحْدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكٍ، أَوْ) حضوره و (امْتِنَاعِهِ) من أخذ نصيبه، أو من الإذن لشريكه في أخذ نصيبه:(سُلِّمَ إِلَيْهِ) أي: إلى الطالب وجوبًا؛ لأنه أمكن تمييز نصيب أحد الشريكين من نصيب الآخر بغير غبن ولا ضرر، فإذا طلب أحدهما نصيبه لزم دفعه إليه، كما لو كان متميزًا.
واختار القاضي وابن عثيمين: لا يلزمه الدفع إلا بإذن شريكه أو الحاكم، لأنه ينقص بالكيل أو الوزن.
2 -
أن يكون غير مكيل وغير موزون، أو كان كذلك، لكن لا ينقسم