الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الموصى له
- مسألة: تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم وكافر، ولو مرتدًّا أو حربيًّا؛ لقوله تعالى:{إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا} [الأحزاب: 6] قال محمد بن الحنفية: (هو وصية المسلم لليهودي والنصراني)[تفسير الطبري 20/ 211]، ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما:«أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ حُيَيٍّ أَوْصَتْ لِابْنِ أَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ» [عبد الرزاق: 9914]، ولأن الهبة تصح لهم، فصحت لهم الوصية.
- مسألة: وصية الرجل لعبده لا تخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن يوصي لعبده بمشاعٍ من ماله: وأشار إليه المؤلف بقوله: (وَتَصِحُّ) الوصية (لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ) من مال؛ (كَثُلُثٍ) ورُبُع؛ لأنها وصية تضمنت العتق بثُلُث ماله فصحت، كما لو صرح بذلك، (وَيَعْتِقُ مِنْهُ) أي: من العبد (بِقَدْرِهِ) أي: بقدر الثُلُث، فإن كان ثُلُثه مائة وقيمة العبد مائة فأقلُّ عَتَقَ كلُّه؛ لأنه يملك من كل جزء من المال ثُلُثَه مُشاعًا، ومن جملته نفسُه، فيملك ثُلُثَها فيَعْتِقُ ويسري إلى بقيته، (فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ) من الثُلُث، كأن تكون قيمة العبد أقل من ثلث مال سيده، (أَخْذَهُ) أي: أخذ العبدُ الفاضلَ؛ لأنه صار حرًّا.
وإن لم يَخرج العبد كله من الثلث فإنه يَعتق منه بقدر الثُلُث إن لم تُجِز الورثة عتق باقيه، فلو كانت الوصية لعبده بثُلُث المال، وقيمته مائة دينار، وله سوى العبد خمسون دينارًا، فمجموع ماله: مائة وخمسون دينار؛ وثُلُثها: خمسون، وهي نصف قيمة العبد، فيَعتق من العبد نصفه.
الحالة الثانية: أن يوصي لعبده بمال معين لا يدخل هو فيه: فلا تصح الوصية، كدار وفرش وثوب ومائة من مال؛ لأنه يصير للورثة، فكأنه وصَّى لهم بما يرثونه.
- مسألة: (وَ) تصح الوصية (بِحَمْلٍ) معين من أمة أو حيوان؛ إذا تحقق وجوده قبل الوصية؛ لجريان الوصية مجرى الإرث.
ولا تصح بحمل معين إذا لم يتحقق وجوده قبل الوصية؛ وأما الوصية بحمل غير معين كأن يوصي بما تحمله دابته أو شجرته فيصح، ويأتي في الوصية بالمعدوم.
واختار شيخ الإسلام: عدم صحة الوصية بحمل أمته منفردًا عن أمه؛ لحديث أبي أيوبَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [أحمد: 23513، والترمذي: 1283]، وليس التفريق مختصًّا بالبيع، بل هو عام في كل تفريق إلا العتق وافتداء الأسير.
- مسألة: (وَ) تصح الوصية (لِحَمْلٍ تُحُقِّقَ وُجُودُهُ) حين الوصية أو قبلها، بأن تضعه لأقلَّ من ستَّة أشهرٍ من الوصيَّة إن كانت فراشًا، أو لأقلَّ من أربع سنين إن لم تكن كذلك؛ لأنها تعليق على خروجه حيًّا، والوصية قابلة للتعليق بخلاف الهبة، ولأنها تجري مجرى الميراث.
فإن لم يتحقق وجوده فلا تصح الوصية، كما لو وصى لمن تحمل هذه المرأة؛ لأن الوصية تمليك، فلا تصح للمعدوم، ولأن الوصية أجريت مجرى الميراث.
واختار شيخ الإسلام: تصح الوصية للمعدوم بالمعدوم، فيكون الريع للفقراء إلى أن يحدث المعدوم فيكون لهم؛ لأنه يصح في الوقف فكذا في الوصية.