الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ميراث القاتل والمبعض
- مسألة: (وَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ) أي: باشر قتله، (وَلَوْ بِمُشَارَكَةٍ) في قتله، (أَوْ) بـ (سَبَبٍ)؛ كحفر نحو بئر، أو نصب نحو سكين؛ (لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لَزِمَهُ) أي: القاتل (قَوَدٌ، أَوْ دِيَةٌ، أَوْ كَفَّارَةٌ)، فشمل القتل العمد العدوان، والخطأَ وشبهَ العمد؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ» [الموطأ 2/ 867، وأحمد 348، وابن ماجه 2646].
فأما ما لا يُضمن من القتل بشيء من قَوَدٍ أو دِيَةٍ أو كفارة؛ كالقتل لمورثه قصاصًا، أو حدًّا، أو دفعًا عن نفسه كالصائل إن لم يندفع إلا بالقتل، وكقتل العادلِ الباغيَ؛ فلا يمنع الإرث؛ لأنه مأذون فيه، فالمنع من الميراث بالقتل يتبع الضمان.
واختار ابن القيم وابن عثيمين: إن قتل مورثه عمدًا عدوانًا، فلا يرث من مال مورثه ولا من ديته؛ للحديث السابق، وإن قتله خطأ فإنه يرث من ماله ولا يرث من ديته؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:«المَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَمَالِهِ، وَهُوَ يَرِثُ مِنْ دِيَتِهَا وَمَالِهَا، مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَمَالِهِ شَيْئًا، وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ» [ابن ماجه
2736، وقال ابن القيم: وبه نأخذ (1)]، ووجه كونه ورث من المال: أنه لم يتعجله بالقتل، ووجه كونه لم يرث من الدية: أنها واجبة عليه، ولا معنى لكونه يرث شيئًا وجب عليه.
- مسألة: (وَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ) ولو مُدبَّرًا، أو مكاتَبًا، أو أم ولد، اتفاقاً؛ لأنه لو ورث لكان لسيده وهو أجنبي، (وَلَا يُورَثُ)؛ لأن فيه نقصًا منع كونهم وارثين، فمنع كونهم موروثين كالمرتد.
- مسألة: (وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ) وهو من بعضه حر وبعضه رقيق، (وَيُورَثُ، وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَصَابَ المُكَاتَبُ حَدًّا، أَوْ وَرِثَ مِيرَاثًا يَرِثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» [أبو داود 4582، والترمذي 1259، والنسائي 4811، وحسنه ابن القيم]، وروي عن علي رضي الله عنه [عبدالرزاق 15734]، ولأنه يجب أن يثبت لكلِّ بعضٍ حكمه كما لو كان الآخر معه.
مثاله: ابن نصفه حر، وأم وعم حران، فلو كان الابن كامل الحرية كان للأم السدس وله الباقي، وهو نصف وثلث، ولا شيء للعم، فللابن مع نصف حريته نصف ما يرث لو كان حرًّا كله، وهو ربع وسدس وللأم ربع،
(1) أعل الحديث الإشبيلي بمحمد بن سعيد، وقال:(وأظنه المصلوب)، وهو وضاع، وتبعه الألباني، وصرح الدارقطني بأنه محمد بن سعيد الطائفي، وقال عنه:(ثقة).
لأن الابن الحر يحجبها عن سدس، فنصفه الحر يحجبها عن نصف سدس، فلها سدس ونصف سدس، ومجموعهما ربع، والباقي وهو ثلث للعم تعصيبًا، وتصح من اثني عشر، للأم ثلاثة، وللمبعَّضِ خمسة، وللعم أربعة.