الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
عدم الأب، وهذا بالإجماع.
(واللهُ أَعْلَم).
(فَصْلٌ) في الجد والإخوة
- مسألة: (وَالجَدُّ) لأب وإن علا بمحض الذكور يرث (مَعَ الإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ لأَبَوَيْنِ، أَوِ) الإخوة والأخوات (لِأَبٍ)، ويرثون معه ولا يسقطون به، وأما الإخوة من الأم فإنهم يسقطون بالجد بلا خلاف؛ لما ورد عن علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما من توريث الإخوة مع الجد [ابن أبي شيبة: 31220، وما بعده]، ولأن ميراثهم ثبت بالكتاب، فلا يُحْجَبون إلا بنص أو إجماع أو قياس، وما وُجِد شيء من ذلك، ولأنهم تساووا في سبب استحقاق الميراث فيتساوون فيه، فإن الأخ والجد يدليان بالأب، وقرابة البُنوة لا تنقص عن قرابة الأبوة، بل ربما كانت أقوى؛ فإن الابن يُسقط تعصيب الأب.
وعنه واختاره شيخ الإسلام وابن القيم: أن الإخوة يسقطون بالجد كما يسقطون بالأب؛ لأن الله تعالى سمى الجد أبًا، فقال تعالى:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]، وقال تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]، فيكون له حكم الأب، ولقول أبي بكر الصديق،
وابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهم:«الجَدُّ أَبٌ» [علقه البخاري بصيغة الجزم 8/ 151، ووصله الدارمي: 2945، 2968]، قال البخاري:(ولم يذكر أن أحدًا خالف أبا بكر رضي الله عنه في زمانه، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرون)، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» [البخاري: 6732، ومسلم: 1615]، والجد أولى من الأخ، بدليل المعنى والحكم؛ أما المعنى فإنه له قرابة إيلاد وبعضيَّة كالأب، وأما الحكم فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ دونه، ولا يسقطه أحد إلا الأب، والإخوة والأخوات يسقطون بثلاثة وهم الابن، وابنه، وإن نزل والأب، ويجمع له بين الفرض والتعصيب، كالأب، وهم ينفردون بواحد منهما، وقد ذكر ابن القيم لترجيح هذا القول عشرين وجهًا.
- مسألة: يكون الجد مع الإخوة والأخوات لأبوين أو لأب (كَأَحَدِهِمْ)، فيقاسمهم المال أو فيما أبقت الفروض، ويكون كأخ منهم؛ لأنهم تساووا في الإدلاء فتساووا في الميراث، فجدٌّ وأخ لأب وأخت لأب، أصلها من خمسة، للجد سهمان، وللأخ سهمان، وللأخت لأب سهم، وفي جدٍّ وجدَّة وأخ، للجدة سُدُس، والباقي للجد والأخ مقاسمة.
إلا إذا كان الثلث خيرًا له من المقاسمة؛ فيأخذه، والباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
- مسألة: لا يخلو توريث الإخوة مع الجد من حالين:
الحالة الأولى: إذا كان مع الجد صنف واحد من الإخوة، كالجد مع ولد الأبوين فقط، أو الجد مع ولد الأب، فعلى قسمين:
القسم الأول: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أي: مع الجد والإخوة، (صَاحِبُ فَرْضٍ؛ فَلَهُ) أي: فللجدِّ (خَيْرُ أَمْرَيْنِ: المُقَاسَمَةُ، أَوْ ثُلُثُ جَمِيعِ المَالِ).
وههنا ثلاث ضوابط:
1 -
تكون المقاسمة خيرًا للجد: إذا نَقَص الإخوة عن مثلي الجد؛ كجد وأخ وأخت، فإن الجد له سهمان، والإخوة لهم ثلاثة أسهم، فالأفضل للجد المقاسمة؛ لأن مجموع الإخوة أقل من مثلي الجد.
2 -
يكون الثلث خيرًا للجد: إذا زاد الإخوة عن مثلي الجد؛ كجد وثلاث إخوة، فالجد له سهم، والإخوة لهم ثلاثة، فزادت سهامهم عن مثلي الجد؛ إذ مثلاه: سهمان، فكان الأفضل للجد أن يأخذ ثلث المال.
3 -
يستوي الأمران: إذا كانت سهام الإخوة مثلي سهم الجد؛ كجد وأخوين.
القسم الثاني: (وَإِنْ كَانَ) معه صاحب فرض؛ كزوج، أو بنت، أو أم، ونحوهم، (فَـ) ـيأخذ صاحب الفرض فرضه، واحدًا كان أو أكثر، ثم الجدُّ (لَهُ خَيْرُ) واحد من (ثَلَاثَةِ أُمُورٍ) وهي:(المُقَاسَمَةُ) للإخوة كأخ، (أَوْ
ثُلُثُ البَاقِي) من المال (بَعْدَ صَاحِبِ الفَرْضِ، أَوْ سُدُسُ جَمِيعِ المَالِ).
- فرع: (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بعد أصحاب الفروض (غَيْرُهُ) أي: السُّدُس؛ (أَخَذَهُ) الجد؛ لأن الجد لا ينقص أبدًا عن سُدُس المال، (وَسَقَطُوا) أي: الإخوة، من الأبوين أو الأب، ذكورًا كانوا أو إناثًا؛ لاستغراق الفروضِ التركةَ.
مثاله: أم وبنتان وجد وأخت، فإن المسألة تصح من ستة، للأم السدس: سهم واحد، وللبنتين الثلثان: أربعة سهام، ويبقى السدس، فيكون للجد، وتسقط الأخت.
وإن بقي دون السُّدُس؛ كزوج وبنتين وجد وأخ فأكثر؛ أُعِيل للجد بباقي السُّدُس.
(إِلَّا) الأختَ فلا تسقط (فِي) مسألة (الأَكْدَرِيَّةِ)؛ قيل: سميت بذلك لتكديرها قواعد زيد بن ثابت، (وَهِيَ: زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَجَدٌّ، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ) أخت (لِأَبٍ).
مسألتها من ستة: (فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ): وهو ثلاثة سهام، (وَلِلأُمِّ ثُلُثٌ): سهمان، (وَلِلجَدِّ سُدُسٌ): وهو سهم واحد، (وَلِلأُخْتِ نِصْفٌ): وهو ثلاثة
سهام، (فَتَعُولُ) المسألة (إِلَى تِسْعَةٍ).
(ثُمَّ يُقْسَمُ نَصِيبُ الجَدِّ وَالأُخْتِ بَيْنَهُمَا) بالمقاسمة، للذكر مثل حظ الأنثيين، (وَهُوَ) أي: نصيبهما (أَرْبَعَةٌ) من التسعة، وهي أصل المسألة (عَلَى ثَلَاثَةِ) رؤوس، والأربعة لا تقسم على ثلاثة، فنضرب الثلاثة في عول المسألة وهو تسعة، (فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ)، للزوج تسعة، وللأم ستة، وللجد والأخت اثنا عشر، له ثمانية، ولها أربعة، ودليل ذلك: وروده عن زيد بن ثابت [ابن أبي شيبة: 31240].
(وَلَا يَعُولُ فِي مَسَائِلِ الجَدِّ) مع الإخوة، غير هذه المسألة، (وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ) أي: الجد (ابْتِدَاءً إِلَّا فِيهَا) أي: الأكدرية، وخرج بقوله:(ابتداء) مسائل المعادَّة، فإنه يفرض لها فيها بعد المقاسمة، وتأتي.
(وَ) الحالة الثانية: إذا كان مع الجد الصنفان جميعًا، وأشار إليه بقوله:(إِذَا كَانَ مَعَ) الولد (الشَّقِيقِ وَلَدَ أَبٍ)؛ كزوج وأخ شقيق وأخ لأب، وتسمى المعادة؛ لأن الإخوة الأشقاء يعدّون الإخوة لأب على الجد، ولذا قال:(عَدَّهُ) أي: زاحم الشَّقيقُ بولد الأب (عَلَى الجَدِّ)، فنجعل الإخوة لأب إخوة أشقاء ليزاحموا الجدَّ، ويُحسب عليه من عِداد الرؤوس، ؛ لأن الجد
والدٌ فإذا حجبه أخوان وارثان جاز أن يحجبه أخ وارث وأخ غير وارث كالأم، ولأن ولد الأب يرثون معه إذا انفردوا، فيَعَدُّون عليه مع غيرهم، بخلاف ولد الأم فإن الجد يحجبهم، فلا يعدون عليه.
فيعطى الجدُّ نصيبَه كأخ شقيق، ثم لا يخلو حال الإخوة من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون ولد الأبوين ذكرًا أو أكثر: فلا يرث ولد الأب شيئًا، وأشار إليه بقوله:(ثُمَّ أَخَذَ) الشقيق (مَا حَصَلَ لَهُ) أي: لولد الأب؛ لأنه أقوى تعصيبًا منه، فلا يرث معه شيئًا كما لو انفرد عن الجد.
الثانية: أن يكون ولد الأبوين جمعًا من الإناث، اثنتين فأكثر: فلا يتصور أن يبقى شيء لولد لأب؛ لأن الجد له الثلث، والأخوات لهن الثلثان، فلا يبقى شيء.
الثالثة: أن يكون ولد الأبوين أنثى واحدة: وأشار إليه بقوله: (وَتَأْخُذُ أُنْثَى) أي: أخت (لِأَبَوَيْنِ) مع جد وولد أب فأكثر، ذكر أو أنثى، (تَمَامَ فَرْضِهَا) أي: النصف; لأنه لا يمكن أن تزاد عليه مع عصبة، ويأخذ الجد الأحظ له على ما تقدم، (وَالبَقِيَّةُ) بعد ما يأخذانه (لِوَلَدِ الأَبِ) واحدًا كان أو أكثر.
- تنبيه: لا حاجة إلى المعادَّة إلا في الحال التي تكون فيها المقاسمة