المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كِتَابُ الفَرَائِضِ) جمع فريضة، بمعنى: مفروضة، أي: مقدرة، وهي: نصيب مقدر - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ٢

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌فصل في الإحرام

- ‌(فَصْلٌ) في المواقيت

- ‌فصل في محظورات الإحرام

- ‌(فَصْلٌ في الفِدْيَةِ)

- ‌فصل في جزاء الصيد

- ‌فصل في حكم صيد الحرم

- ‌(فَصْلٌ في صِفَةِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في أركان وواجبات الحج والعمرة

- ‌(فَصْلٌ)في الهدي، والأضحية، والعقيقة

- ‌فصلفي العقيقة

- ‌(كِتَاب الجِهَادُ)

- ‌(فَصْلٌ)في عقد الذمة وأحكامها

- ‌فصلفي أحكام أهل الذمة

- ‌(كِتَابُ البَيْعِ وَسَائِرِ المُعَامَلَاتِ)

- ‌فَصْلٌفيما نُهِيَ عنه من البيوع ونحوها

- ‌(فَصْلٌ)الشروط في البيوع

- ‌(فَصْلٌ) في الخيار

- ‌(فَصْلٌ)في التصرف في المبيع قبل قبضه، وما يحصل به قبضه

- ‌(فَصْلٌ)في الربا والصرف

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّرْفِ

- ‌(فَصْلٌ)في بيع الأصول والثمار

- ‌(فَصْلٌ)في السلم

- ‌(فَصْلٌ) في القرض

- ‌(فَصْلٌ) في الرهن

- ‌(فَصْلٌ) في الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌فصل في الحوالة

- ‌(فَصْلٌ) في الصلح

- ‌(فَصْلٌ) في أحكام الجوار

- ‌(فَصْلٌ) في الحَجْرِ

- ‌(فَصْلٌ) في المحجور عليه لحظ نفسه

- ‌(فَصْلٌ) في الوكالة

- ‌(فَصْلٌ) في الشركة

- ‌(فَصْلٌ) في المساقاة

- ‌(فَصْلٌ)في الإجارة

- ‌فَصْلٌ

- ‌(فَصْلٌ) في السَّبَق

- ‌(فَصْلٌ) في العارية

- ‌(فَصْلٌ) في الغصب

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الشُّفْعَة

- ‌(فَصْلٌ) في الوديعة

- ‌(فَصْلٌ) في إحياء المَوَات

- ‌(فَصْلٌ) في الجعالة

- ‌(فَصْلٌ) في اللُّقَطة

- ‌فصل في اللَّقِيط

- ‌(فَصْلٌ) في الوقف

- ‌(فَصْلٌ) في الهبة والعطية

- ‌فصل

- ‌فصل في تصرفات المريض

- ‌(كِتَابِ الوَصَايَا)

- ‌فصل في الموصى له

- ‌فصل في الموصى به

- ‌فصل في الوصية بالأنصاء والأجزاء

- ‌(فَصْلٌ) في الموصى إليه

- ‌(كِتَابُ الفَرَائِضِ)

- ‌(فَصْلٌ) في الجد والإخوة

- ‌(فَصْلٌ) في الحجب

- ‌(فَصْلٌ) في العصبات

- ‌(فَصْلٌ) في أصول المسائل والعول

- ‌فصل في الرد

- ‌فصل في قسم التركات

- ‌(فَصْلٌ) في ذوي الأرحام

- ‌(فَصْلٌ) في ميراث الحَمْل

- ‌فصل في ميراث القاتل والمبعض

- ‌(كِتَابُ العِتْقِ)

- ‌فصل في التدبير

- ‌فصل في الكتابة

- ‌فصل في حكم أمهات الأولاد

الفصل: ‌ ‌(كِتَابُ الفَرَائِضِ) جمع فريضة، بمعنى: مفروضة، أي: مقدرة، وهي: نصيب مقدر

(كِتَابُ الفَرَائِضِ)

جمع فريضة، بمعنى: مفروضة، أي: مقدرة، وهي: نصيب مقدر شرعًا لمستحِقه.

والفرائض شرعاً: العلم بقسمة المواريث، جمع ميراث.

والميراث: هو الحق المخلف عن ميت، ويقال له أيضًا: التراث.

ويسمى العارف بهذا العلم: فارضًا، وفريضًا، وفرضيًّا، وفرائضيًّا.

وقد حث صلى الله عليه وسلم على تعلمه وتعليمه، ومن ذلك: حديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً: «العِلْمُ ثَلَاثَةٌ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» [أبو داود 2885، وابن ماجه 54، وضعفه الألباني]، وقال عمر رضي الله عنه:«تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ» [ابن أبي شيبة 31034].

- مسألة: (أَسْبَابُ الإِرْثِ) ثلاثة فقط، لا يرث ولا يورث بغيرها، وهي:

السبب الأول: (رَحِمٌ) أي: قرابة، وهي الاتصال بين إنسانين بالاشتراك في ولادة، قريبة أو بعيدة، فيرث بها؛ لقوله تعالى: {وأولو الأرحام بعضهم أولى

ص: 505

ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75]، وجهات الرحم ثلاثة: أصول الميت؛ كآبائه وأمهاته، وفروعه؛ كأولاده وأولادهم، وحواشيه؛ كإخوته وأعمامه، وأولادهم.

(وَ) السبب الثاني: (نِكَاحٌ)؛ لقوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم

} الآية [النساء: 12]، وهو: عقد الزوجية الصحيح، سواء دخل بالزوجة أو لا، فلا ميراث في النكاح الفاسد ولا الباطل؛ لأن وجوده كعدمه.

(وَ) السبب الثالث: (وَلَاءُ) عتقٍ، والولاء: عصوبة سببها نعمة المعتِق على رقيقه بالعتق، فيرث بالولاء المعتِقُ وعصبته من عتيقه، ولا عكس، فلا يرث العتيق من معتِقه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» [ابن حبان 4950، والحاكم 7990]، فشبه الولاء بالنسب، والنسب يورث به، فكذا الولاء.

- فرع: لا إرث بغير هذه الأسباب الثلاثة، فلا إرث بالموالاة، أي: المؤاخاة والمعاقدة، وهي المحالفة، ولا بإسلامه على يديه، ولا بكونهما من أهل ديوان واحد، ولا بالالتقاط؛ لعدم الدليل على الإرث بهذه الأسباب.

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: يثبت الإرث عند عدم الرحم والنكاح والولاء بأسباب أخرى، وهي:

ص: 506

1 -

الموالاة والمعاقدة: وهو الاتفاق على الولاء والنصرة والتوارث، كما كانوا يفعلونه في الجاهلية من الخلة والمعاقدة، يقول لصاحبه: دمي دمك وترثني وأرثك، واستمر ذلك أول الإسلام، فكانوا يتوارثون بتلك المؤاخاة، وفي ذلك نزل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33]، والموالاة كالمعاقدة.

2 -

الإسلام على يديه؛ لحديث تميم الداري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يسلم على يدي الرجل؟ فقال: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» [أحمد 16944، وأبو داود 2918، والترمذي 2112، وابن ماجه 2752]، وعن مجاهد: أن رجلًا أتى عمر رضي الله عنه فقال: إن رجلًا أسلم على يدي، فمات وترك ألف درهم، فتحرجت منها، ورفعتها إليك، فقال:«أَرَأَيْتَ لَوْ جَنَى جِنَايَةً عَلَى مَنْ كَانَتْ تَكُونُ؟ » قال: علي، قال:«فَمِيرَاثُهُ لَكَ» [ابن أبي شيبة 31577].

3 -

الالتقاط؛ لحديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المَرْأَةُ تُحْرِزُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ: عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَنْهُ» [أحمد 16004، وأبو داود 2906، والترمذي 2115، وابن ماجه 2742]، ولقول عمر رضي الله عنه لمن التقط لقيطاً:«هُوَ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ لَكَ، وَعَلَيْنَا رَضَاعُهُ» [ابن أبي شيبة 31569]، ولأن إنعام الملتقط على اللقيط بتربيته والقيام عليه، ليس بدون إنعام المعتق على العبد بعتقه.

ص: 507

4 -

كونهما من أهل الديوان، وهو اسم الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش، وأهل العطاء، والمراد: كونهما مكتوبين في ديوان واحدٍ، قال أبو الخطاب في توريثهم من بعض:(يروى عن عمر رضي الله عنه (1).

5 -

وزاد شيخ الإسلام: العتيق من سيده؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «مَاتَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إِلَّا عَبْدًا لَهُ هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهُ» [أحمد 1930، والترمذي 2106، وأبو داود 2905، وابن ماجه 2741، وضعفه البخاري، وقال ابن القيم بعده: وبهذه الفتوى نأخذ]، ولأن له ولاء، فهو أولى من بيت المال.

- مسألة: (وَمَوَانِعُهُ) أي: موانع الإرث ثلاثة:

الأول: (قَتْلٌ)، فلا يرث القاتل باتفاق الأئمة، مكلف أو غير مكلف، انفرد بقتل مورثه أو شارك فيه، ولو كان القتل بسبب؛ كحفر نحو بئر، إن لزم القاتلَ قَوَدٌ أو دِيَةٌ أو كفارة، ويأتي الكلام عليه في فصل ميراث القاتل؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ» [الموطأ 2/ 867، وأحمد 348، وابن ماجه 2646].

(وَ) الثاني: (رِقٌّ)، وهو: عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، وهو

(1) لم نقف عليه، وإنما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه جعل العقل على أهل الديوان [ابن أبي شيبة 27325]، فإذا كان أهل الديوان يعقل بعضهم عن بعض؛ فكونهم يتوارثون من بابِ أولى.

ص: 508

مانع من الجانبين، فلا يرث الرقيق اتفاقاً، ولو مُدبِّرًا أو مكاتَبًا أو أم ولد؛ لأنه لو ورث لكان لسيده وهو أجنبي، ولا يورث؛ لأنه لا مال له.

(وَ) الثالث: (اخْتِلَافُ دِينٍ)، بأن يكون أحدهما على ملة والثاني على ملة أخرى، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم؛ لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعًا:«لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ المُسْلِمَ» [البخاري 4283، ومسلم 1614].

وأهل الذمة يرث بعضهم بعضًا مع اتفاق أديانهم، كيهودي ويهودي، ولا يرث بعضهم من بعض مع اختلاف أديانهم، كاليهود مع النصارى؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» [أحمد 6664، وأبو داود 2911، وابن ماجه 2731]، وعن محمد بن الأشعث: أن عمَّةً له توفيت باليمن وهي يهودية، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:«لَيْسَ ذَاكَ لَكَ، يَرِثُهَا أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْهَا مِنْ أَهْلِ دِينِهَا، لَا يَتَوَارَثُ مِلَّتَانِ» [سنن الدارمي 3039].

- فرع: يستثنى من اختلاف الدين أمران:

1 -

الولاء، فيرث المسلم عتيقه الكافر؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرِثُ المُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» [الدارقطني 6356]، ولأن ولاءه له بالإجماع، وهو شعبة من الرق، فورثه به كما يرثه قبل العتق.

ص: 509

ويرث الكافر عتيقه المسلم بالولاء؛ قياسًا على ما تقدم.

2 -

إذا أسلم كافر قبل قسم ميراث مورثه المسلم، فيرث منه؛ لحديث عروة وابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» [سعيد بن منصور 189، 190]، ولما روي: (أن عمر رضي الله عنه قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فإنه يصيبه، وقضى به عثمان رضي الله عنه [ابن عبد البر بإسناده في التمهيد 2/ 57]، والحكمة فيه الترغيب في الإسلام والحث عليه، فإن قسم البعض دون البعض ورث مما بقي دون ما قسم.

ولا يرث من أسلم قبل قسم الميراث إن كان زوجًا؛ لانقطاع عُلَق الزوجية عنه بموتها بخلافها، وكذا لا ترث هي منه إن أسلمت بعد عدتها.

واختار شيخ الإسلام: أنه يستثنى من مانع اختلاف الدين أيضاً ثلاثة أمور:

1 -

المسلم، فإنه يرث من قريبه الكافر الذمي، لا العكس؛ لحديث عائذ بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» [الدارقطني 3620]، و «كَانَ مُعَاوِيَةُ، يُوَرِّثُ المُسْلِمَ مِنَ الْكَافِرِ، وَلَا يُوَرِّثُ الْكَافِرَ مِنَ الْمُسْلِمِ» [سعيد بن منصور 146]، ولئلا يمتنع قريبه من الإسلام.

2 -

المرتد إن قُتِل في ردته أو مات عليها، فماله لوارثه المسلم، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ لوروده عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما [سنن الدارمي 3116، 3117]، قال شيخ الإسلام:(وهو المعروف عن الصحابة)، ولأن

ص: 510

توريث قرابته المسلمين أولى من توريث عموم المسلمين.

والمذهب: أن ماله فيء؛ لأنه كافر فلا يرثه المسلم، ولا يمكن جعله لأهل دينه؛ لأنه لا يرثه فلا يرثونه.

3 -

الزنديق: وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهو المنافق: فإنه يرث ويورث؛ لأنه عليه السلام لم يأخذ من تركة منافق شيئًا، ولا جعله فيئًا، فعُلم أن التوارث مداره على النصرة الظاهرة، واسم الإسلام يجري عليه في الظاهر إجماعًا.

والمذهب: أن المنافق كالمرتد على ما تقدم؛ لأنه في الحقيقة كافر.

- مسألة: (وَأَرْكَانُهُ) أي: الإرث ثلاثة:

1 -

(وَارِثٌ)، وهو: الحي بعد موت المورث، أو الملحق بالأحياء حكمًا؛ كالمفقود.

2 -

(وَمُوَرِّثٌ)، وهو: الميت الذي انتقلت التركة منه، حقيقةً أو حكمًا.

3 -

(وَمَالٌ مَوْرُوثٌ)، وهو: التركة، من مال أو حق أو مختص.

- مسألة: (وَشُرُوطُهُ) أي: الإرث، ثلاثة:

1 -

(تَحَقُّقُ مَوْتِ مُوَرِّثٍ)؛ لقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176]، إما:

ص: 511

أحقيقة: بمشاهدة، أو استفاضة، أو شهادة عدلين.

ب أو حكمًا: بإلحاقه بالأموات حكمًا؛ كالمفقود.

ت أو تقديرًا: بإلحاقه بالأموات تقديرًا، كالجنين إذا جُني على أمه فسقط ميتًا، فإنه يجب فيه غرة -عبد أو أمة-، فيقدر حيًّا، ثم يقدر أنه مات؛ لتورث عنه تلك الغرة.

2 -

(وَتَحَقُّقُ وُجُودِ) أي: حياة (وَارِثٍ) حين موت المورث، إما:

أحقيقة: بمشاهدة، أو استفاضة، أو شهادة عدلين.

ب أو حكمًا: بإلحاقه بالأحياء حكمًا؛ كالمفقود قبل مضي المدة التي يغلب على الظن فيها هلاكه، وكالحمل.

3 -

(وَالعِلْمُ بِالجِهَةِ المُقْتَضِيَةِ لِلإِرْثِ)، أي: معرفة أسباب الإرث: من رحم، أو نكاح، أو ولاء.

- مسألة: (وَالوَرَثَةُ) ثلاثة أصناف:

1 -

(ذُو فَرْضٍ) أي: ذو نصيب مقدر شرعًا، لا يزيد إلا بالرد، ولا ينقص إلا بالعول.

2 -

(وَعَصَبَةٌ): وهم من يرثون بلا تقدير.

ص: 512

3 -

(وَذُو رَحِمٍ): وهم الذين يرثون عند عدم العصبات وأصحاب الفروض غير الزوجين، على ما يأتي بيانه.

- مسألة: (فَذُو الفَرْضِ) أي: الأنصباء المقدرة (عَشَرَةٌ: الزَّوْجَانِ، وَالأَبَوَانِ)، مجتمعين أو متفرقين، (وَالجَدُّ) لأب، (وَالجَدَّةُ) لأم أو أب، كذلك، (وَالبِنْتُ، وَبِنْتُ الابْنِ)، وإن نزل أبوها، (وَالأُخْتُ) لأبوين أو لأب، (وَوَلَدُ الأُمِّ)، ذكرًا كان أو أنثى، ويأتي تفصيل أحوالهم.

- مسألة: (وَالفُرُوضُ المُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللهِ) تعالى (سِتَّةٌ: النِّصْفُ، وَالرُّبُعُ، وَالثُّمُنُ، وَالثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ، وَالسُّدُسُ)، وإن شئت قلت: النصف، والثلثان، ونصفهما، ونصف نصفهما، وأما ثلث الباقي فإنما ثبت باجتهاد الصحابة، ويأتي في العمريتين.

- مسألة: (فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةِ) أصناف:

الصنف الأول: (الزَّوْجُ)، ويستحق النصف بشرط واحد، وهو: (إِنْ لَمْ

ص: 513

يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ وَلَدٌ)، ذكر أو أنثى، منه أو من غيره، (وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) وإن نزل أبوه بمحض الذكور؛ لقوله تعالى:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12].

(وَ) الصنف الثاني: (البِنْتُ)، وتستحق النصف بشرطين:

1 -

عدم المعصب، وهو أخوها، سواء كان شقيقًا، أَو لأبٍ، أَو لأم؛ لقوله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).

2 -

عدم المشارك، وهو أختها أو أخواتها، سواء كنَّ شقيقات أو لأب أو لأم؛ بلا خلاف؛ لقوله تعالى:{وإن كانت واحدة فلها النصف} [النساء: 11].

(وَ) الصنف الثالث: (بِنْتُ الابْنِ) وإن نزل أبوها بمحض الذكورة؛ كبنت ابن ابن، وبنت ابن ابن ابن، إجماعاً؛ لأن ولد الابن كولد الصلب، الذكر كالذكر، والأنثى كالأنثى.

وتستحقه بثلاثة شروط:

1 -

عدم المعصب، وهو أخوها، سواء كان شقيقاً أو لأب، أو ابن عمها الذي في درجتها؛ لقوله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).

2 -

عدم المشارك، وهي أختها، سواء كانت شقيقةً أو لأب، أو بنت عمها التي في درجتها؛ قياساً على البنت.

ص: 514

3 -

(مَعَ عَدَمِ) الفرع الوارث الأعلى منها، سواء كان (وَلَدَ الصُّلْبِ)، أو ولد ابن أعلى منها، وهذا بالإجماع.

(وَ) الصنف الرابع: (الأُخْتُ لأَبَوَيْنِ)، وهي الشقيقة، وتستحق النصف إجماعاً بأربعة شروط:

1 -

(عِنْدَ عَدَمِ) الفرع الوارث، وهو (الوَلَدُ، وَوَلَدُ الابْنِ)، وإن نزل بمحض الذكور؛ لقوله تعالى:{إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك} .

2 -

عدم الأصل الوارث من الذكور وهو الأب، والجد على القول بأنه كالأب، ويأتي؛ لقوله تعالى:(يسألونك قل الله يفتيكم بالكلالة)، والكلالة: هي من لا ولد له ولا والد.

3 -

عدم المعصب، وهو الأخ الشقيق؛ لقوله تعالى:{وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} ، والجد - على القول بتوريثها معه وهو المذهب-، فلا يفرض لها النصف مع الجد، إلا في المسألة الأكدرية، وتأتي.

4 -

عدم المشارك، وهو الأخت الشقيقة؛ لقوله تعالى:{فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك} .

ص: 515

(وَ) الصنف الخامس: (الأُخْتُ للأَبِ)، وتستحق النصف بخمسة شروط، الأربعة السابقة في استحقاق الشقيقة له، والخامس:(عِنْدَ عَدَمِ الأَشِقَّاءِ)؛ بالإجماع.

- مسألة: (وَالرُّبُعُ فَرْضُ اثْنَيْنِ) من أصحاب الفروض:

الصنف الأول: (الزَّوْجُ)، ويستحقه بشرط واحد، وهو ما أشار إليه بقوله:(مَعَ الوَلَدِ) للزوجة، منه أو من غيره، ذكر أو أنثى، (أَوْ) مع (وَلَدِ الِابْنِ) كذلك، وإن سَفَل أبوه بمحض الذكور؛ لقوله تعالى:(فإن كان لهن ولدٌ فلكم الربع مما تركن).

(وَ) الصنف الثاني: (الزَّوْجَةُ فَأَكْثَرُ)، وتستحقه بشرط واحد، وهو عدم الفرع الوارث للزوج، وهو ما أشار إليه بقوله:(مَعَ عَدَمِهِمَا) أي: عدم الولد للزوج، ذكر أو أنثى، منها أو من غيرها، ومع عدم ولد ابن كذلك، وإن سَفَل، إجماعًا؛ لقوله تعالى:(ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد).

- مسألة: (والثُمُنُ فَرْضُ) صنف (وَاحِدٍ: وَهُوَ الزَّوْجَةُ فَأَكْثَرُ)، وتستحقه بشرط واحد، وهو وجود الفرع الوارث، وأشار إليه بقوله:(مَعَ الوَلَدِ)

ص: 516

للزوج، منها أو من غيرها، ذكر أو أنثى، واحد أو متعدد، (أَوْ) مع (وَلَدِ الابْنِ) كذلك، وإن سَفَل؛ لقوله تعالى:(فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم).

- مسألة: (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ أَرْبَعَةِ) أصناف:

فالصنف الأول: فرض (البِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ)، فيأخذن الثلثين بشرطين:

1 -

عدم المعصب.

2 -

وجود المشارك، بأن يكنَّ اثنتين فأكثر؛ لقوله تعالى:(فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ماترك)، ولحديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخ سعد بن الربيع: «أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ ثُلُثَيْ مَالِهِ، وَأَعْطِ امْرَأَتَهُ الثُّمُنَ، وَخُذْ أَنْتَ مَا بَقِيَ» [أحمد 14789، وأبو داود 2892، والترمذي 2092، وابن ماجه 2720]، وحكي إجماعاً.

(وَ) الصنف الثاني: فرض (بِنْتَيِ الابْنِ فَأَكْثَرَ)، وإن نزل أبوهما بمحض الذكور، وسواء كانتا أختين أو بنتي عم متحاذيتين، فيأخذن الثلثين بثلاثة شروط:

1 -

عدم الفرع الوارث الأعلى منها، على ما تقدم بيانه في ميراثها النصف.

ص: 517

2 -

عدم المعصب، على ما تقدم بيانه في ميراثها النصف.

3 -

وجود المشارك، بأن يكن اثنتين فأكثر؛ لقوله تعالى:(فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ماترك)، ويدخل أولاد الابن في الأولاد، قياساً على بنات الصلب.

(وَ) الصنف الثالث: فرض (الأُخْتَيْنِ لأَبَوَيْنِ) أي: الشقيقة (فَأَكْثَرَ)، فيأخذن الثلثين بأربعة شروط:

1 -

عدم الأصل الوارث من الذكور.

2 -

عدم الفرع الوارث.

3 -

عدم المعصب.

على ما تقدم بيانه في ميراث الشقيقة النصف.

4 -

وجود المشارك، بأن يكنَّ اثنتين فأكثر؛ لقوله تعالى:(فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ).

(وَ) الصنف الرابع: فرض (الأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ)، فيأخذن الثلثين - وحكي إجماعاً - بخمسة شروط:

1 -

عدم الأصل الوارث من الذكور.

2 -

عدم الفرع الوارث.

ص: 518

3 -

عدم وجود الشقيقات والشقائق.

4 -

عدم المعصب، وأشار إليه بقوله:(مَعَ الانْفِرَادِ عَنْ مُعَصِّبٍ).

وتقدم بيان هذه الشروط.

5 -

وجود المشارك، بأن يكنَّ اثنتين فأكثر؛ لقوله تعالى:(فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ)، وقد أجمعوا أنها نزلت في الإخوة لغير أم.

- تنبيه: أصحاب الثلثين هم أصحاب النصف ماعدا الزوج، وشروطهم هي شروط أصحاب النصف، ما عدا شَرْطَ عدم المشارك يتغير إلى وجود المشارك.

- مسألة: (وَالثُّلُثُ فَرْضُ) صنفين (اثْنَيْنِ):

الصنف الأول: فرض (وَلَدَيِ الأُمِّ)، ذكرين، أو أنثيين، أو خنثيين، أو مختلفين، (فَأَكْثَرَ) من اثنين، ويستحقون الثلث -إجماعاً- بثلاثة شروط:

1 -

عدم الفرع الوارث مطلقًا، من الأولاد وأولاد البنين وإن نزلوا.

2 -

عدم الأصل الوارث من الذكور.

3 -

أن يكونوا اثنين فأكثر، ذكرين كانوا، أو أنثيين، أو ذكرًا وأنثى، أو أكثر من ذلك.

ص: 519

والدليل على ذلك: قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، أجمع العلماء على أن المراد هنا ولد الأم، والكلالة: من لا ولد له ولا والد.

- فرع: يختص ولد الأم بخمسة أحكام:

1 -

أن ذكرهم كأنثاهم حال الانفراد، فمن انفرد منهم أخذ السدس، ذكرًا كان أو أنثى، بخلاف غيرهم، فإنه إذا انفرد الذكر منهم أخذ جميع المال، وإذا انفردت الأنثى أخذت فرضها.

2 -

أنه (يَسْتَوِي فِيهِ) أي: في الثلث (ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُم) حال اجتماعهم، فلا يفضل ذكرهم على أنثاهم في الإرث؛ لقوله تعالى:{فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} ، والشركة إذا أطلقت تقتضي المساواة، بخلاف غيرهم، فإن البنت إذا اجتمعت مع الابن عصبها، فله ضعف مالها.

3 -

أن ذكرهم يدلي بأنثى -وهي الأم- ويرث، بخلاف ذكر غيرهم فإنه إذا أدلى بأنثى لا يرث؛ كابن البنت، وابن الأخت.

4 -

أنهم يحجبون من أدلوا به نقصانًا، وهي الأم من الثلث إلى السدس، بخلاف غيرهم، فإن المدلَى به منهم يحجب المدلي.

ص: 520

5 -

أنهم يرثون مع من أدلوا به، فيرثون مع الأم التي أدلوا بها، وغيرهم لا يرث مع من أدلى به؛ كابن الابن فإنه لا يرث مع الابن، وهذا الأخير تشاركهم فيه الجدة أم الأب، وأم أبي الأب، فإنها تدلي بابنها وترث معه، كما سيأتي.

(وَ) الصنف الثاني: فرض (الأُمِّ)، وتستحق الثلث بثلاثة شروط:

1 -

عدم الفرع الوارث، وأشار إليه بقوله:(حَيْثُ لَا وَلَدَ)، ذكراً أو أنثى، واحداً أو متعدداً، (وَلَا وَلَدَ ابْنٍ)، كذلك، وإن نزل؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].

2 -

(وَلَا عَدَدَ) أي: اثنين فأكثر (مِنَ الإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ)، أو منهما، ولو محجوبين كما سيأتي؛ لقوله تعالى:{فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء: 11].

3 -

ألا تكون المسألة إحدى العمريتين، وأشار إليه الصنف بقوله:(لَكِنْ لَهَا ثُلُثُ البَاقِي فِي العُمَرِيَّتَيْنِ)، وسُميتا بذلك: لقضاء عمر فيهما بذلك، وتبعه عليه عثمان، وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم [مصنف عبدالرزاق 10/ 253].

- فرع: (وَ) العمريتان مسألتان فقط، و (هُمَا):

1 -

(أَبَوَانِ، وَزَوْجٌ)، فللزوج النصف، وللأم السدس -ثلث الباقي-، وللأب الباقي.

ص: 521

6

زوج

1/ 2

3

أم

1/ 3 الباقي

1

أب

الباقي

2

2 -

(أَوْ) أبوان و (زَوْجَةٌ)، ، فللزوجة الربع، وللأم الربع -ثلث الباقي-، وللأب الباقي.

4

زوجة

1/ 4

1

أم

1/ 3 الباقي

1

أب

الباقي

2

ووجهه: أن الأم والأب استويا في السبب المدلى به وهو الولادة، وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد، فلو أعطينا الزوج فرضه وأخذت الأم الثلث؛ لزم تفضيل أنثى على ذكر من حيز واحد في مرتبة واحدة، أو أعطينا الزوجة فرضها والأم الثلث كاملًا لزم أن لا يفضل عليها التفضيل المعهود مع اتحاد الجهة والرتبة، فلذلك استدركوا هذا المحذور وأعطوا الأم ثلث الباقي والأب ثلثيه؛ مراعاة لهذه المصلحة.

ص: 522

- مسألة: (والسُدُسُ فَرْضُ سَبْعَةِ) أصناف:

الصنف الأول: (الأُمُّ)، وتستحق السدس بأحد شرطين:

1 -

وجود الفرع الوارث، وأشار إليه بقوله:(مَعَ الوَلَدِ)، ذكراً كان أو أنثى، واحداً أو متعدداً، (أَوْ وَلَدِ الابْنِ)، كذلك، وإن نزل؛ لقوله تعالى:(ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد).

2 -

(أَوْ) وجود (عَدَدٍ) أي: اثنين فأكثر (مِنَ الإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ)، أو منهما، لقوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، ولفظ الإخوة يستعمل في الاثنين، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه:«الْإِخْوَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَخَوَانِ فَصَاعِدًا» [الحاكم 7961].

- فرع: يحجب الإخوةُ والأخواتُ الأمَّ حجب نقصان من الثلث إلى السدس، ولو كانوا محجوبين بالشخص، واختاره ابن باز وابن عثيمين؛ لظاهر قوله تعالى:(فإن كان له إخوة فلأمه السدس)، فأتى بالفاء الدالة على ارتباط الجملة الثانية بالجملة الأولى، وقد ذكر في الأولى ميراث الأب، والإخوة لا يرثون معه.

واختار شيخ الإسلام: أنهم لا يحجبون الأم إلا إذا كانوا وارثين معها، فإن كانوا محجوبين ورثت الثلث؛ لأنهم إنما يحجبون الأم إلى السدس

ص: 523

ليستفيدوا من هذا الحجب، فإذا لم يكونوا وارثين فلا معنى لهذا الحجب، وقياساً على المحجوب بالوصف في عدم التأثير.

(وَ) الصنف الثاني: (الجَدَّةُ فَأَكْثَرُ مَعَ تَحَاذٍ)، أي: تساوَيْن في الدرجة، ويستَحْقِقْنَ السدس بشرط: عدم الأم؛ إجماعاً؛ لحديث بُريدة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ» [أبوداود 2895، والنسائي 6338].

ويأتي تفصيل أحكام الجدات.

(وَ) الصنف الثالث: (بِنْتُ الابْنِ فَأَكْثَرُ) وإن نزل أبوها (مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ) الواحدة، ويستَحْقِقْنَ السدس تكملة الثلثين بشرطين:

1 -

عدم المعصب؛ لقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11].

2 -

أن يكن مع أنثى فرع أعلى منهن وارثة النصف فرضًا؛ لقول هُزَيل بن شُرَحْبِيل: سئل أبو موسى عن بنت وابنة ابن وأخت، فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود، فسيتابعني، فسئل ابن مسعود، وأُخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضَلَلْتُ إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم:«لِلابْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» [البخاري 6736].

ص: 524

- فرع: إن وجد مع بنت الابن فأكثر فرع وارث أعلى منهنَّ، فلا يخلو:

1 -

أن يكون الفرع الوارث ذكرًا: فيسقطن؛ لأن كل ذكر من الفروع، يسقط من تحته من أولاد الابن.

2 -

أن يكون الفرع الوارث أنثيين فأكثرَ لا ذكر معهنَّ: فلهما الثلثان، ويسقط من دونهنَّ من بنات الابن؛ لاستغراق من فوقهن الثلثين، إلا أن يعصبهن ذكر بدرجتهن، أو أنزل منهن.

3 -

أن يكون الفرع الوارث أنثى واحدة لا ذكر معها: فلها النصف، ولمن دونها من بنات الابن السدس تكملة الثلثين، سواء كنَّ واحدةً أم أكثر، فلا يزيد الفرض بزيادتهنَّ؛ لأن إناث الفروع لا يتجاوز فرضهنَّ الثلثين، وقد أخذت البنت النصف، فلم يبق إلا السدس يكون لبنات الابن.

(وَ) الصنف الرابع: (أُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لأَبَوَيْنِ) واحدة، فترث السدس تكملة الثلثين بشرطين:

1 -

عدم المعصب؛ لقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11].

2 -

وجود أخت شقيقة وارثة النصف فرضًا، إجماعاً، وقياسًا على بنت الابن مع بنت الصلب.

فإن تعددت الشقيقات؛ بأن كنَّ اثنتين فأكثرَ؛ أسقطن الأختَ لأب فأكثرَ؛ لاستغراقهن الثلثين، إلا إذا وجد من يعصبهن.

ص: 525

(وَ) الصنف الخامس: (الوَاحِدُ مِنْ وَلَدِ الأُمِّ)، ذكراً كان أو أنثى أو خنثى، ويستحق السدس بثلاثة شروط:

1 -

عدم الفرع الوارث مطلقًا.

2 -

عدم الأصل الوارث من الذكور.

3 -

أن يكون منفردًا.

والدليل على ذلك: قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، أجمع العلماء على أن المراد هنا ولد الأم، والكلالة: من لا ولد له ولا والد.

(وَ) الصنف السادس: (الأَبُ)، ويستحق السدس بشرط واحد: وهو وجود الفرع الوارث، وأشار إليه بقوله:(مَعَ الوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الابْنِ)، وإن نزل؛ لقوله تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11].

(وَ) الصنف السابع: (الجَدُّ)، فيستحق السدس بشرطين:

1 -

وجود الفرع الوارث، وأشار إليه بقوله:(كَذَلِكَ) أي: مع الولد، أو ولد الابنِ، وإن نزل.

ص: 526