الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
تقدم في الباب الأول حقيقة الرؤى وأقسامها عند أهل السنة والجماعة، كما دل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والمسلم الحق يجب أن يكون وقافًا عند أمر الله تعالى لا يجاوزه ولا يقصر فيه، وكل انحراف عن أمر الله إنما هو نزعة من الشيطان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: دين الله وسط بين الغالي فيه، والجافي عنه، والله تعالى ما أمر عباده بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر، إما إفراط فيه، وإما تفريط فيه.
وإذا كان الإسلام الذي هو دين الله لا يقبل من أحد سواه، قد اعترض الشيطان كثيرًا ممن ينتسب إليه، حتى أخرجه عن كثير من شرائعه (1).
وقال ابن القيم رحمه الله: وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان:
إما إلى تفريط وإضاعة.
وإما إلى إفراط وغلو.
ودين الله وسط بين الجافي عنه، والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين فكما أن الكافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له،، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد (2).
(1) الوصية الكبرى (ص65) بتعليق محمد عبد الله النمر وعثماني جمعة ضميرية دار الفاروق الطبعة الثانية 1410 هـ
(2)
مدارج السالكين (2/ 521، 522) دار الكتب العلمية الطبعة الأولى (1403 هـ).
فالإفراط والتفريط كلاهما تضييع لأمر الله وعدم تعظيم له، وقد حصل الإفراط والتفريط في الرؤى.
فمن الناس من أنكر جوانب من الرؤى، فأنكر الرؤيا الصادقة، كالماديين في عصرنا وفي كل عصر، كأتباع مدرسة التحليل النفسي.
وفي مقابل هؤلاء هناك من يعتمدون على الرؤى في حياتهم كأنها وحي، بل منهم من يجعلها حجة يستدل بها كما يستدل بالكتاب والسنة.
فهؤلاء وهؤلاء لهم في الرؤى تخرصات وتخبطات، وأقاويل ما أنزل الله بها من سلطان.
وسوف أعرض إن شاء الله، مذهب كل طائفة في الرؤى ثم أقوم بمناقشة آرائهم وذلك من خلال الفصلين التاليين.
الفصل الأول: نظريات علماء النفس في الرؤى، ومناقشتهم ويمثل هذا جانب التفريط والتقصير.
الفصل الثاني: مذهب الصوفية في الرؤى، والرد عليه ويمثل جانب الإفراط والغلو.