الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألا تأخذنا العزة بالإثم، فنقول إن كذا وكذا حقيقة ثابتة لا تقبل الجدل والنقاش (1).
ولا تنكر تلك الجهود التي يقوم بها بعض علماء النفس من المسلمين، في إخراج علم نفس إسلامي، ولكن يؤخذ على بعض هؤلاء القصور في العلم الشرعي مما يجعلهم ينقلون كل ما عند علماء النفس الغربيين دون تمحيص، بل على أنه مسلمات مع أنه يحتوي في بعض جوانبه على أخطاء عقدية.
ويؤخذ أيضًا على هؤلاء الذين يحاولون تقريب علم النفس للإسلام، أنهم يستشهدون بأقوال الفارابي وابن سينا والغزالي على أنهم يمثلون الاتجاه الإسلامي مع أن هؤلاء لهم أقوال منكرة، وخاصة في أمور العقيدة، وقد ناقش شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله آراءهم في كثير من كتبه.
لذلك فنصيحتي لعلماء النفس من المسلمين أن يأخذوا من المصدر الأصيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يتطرق إليه شك، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم الاستشهاد بأقوال وفهم العلماء الربانيين من سلف هذه الأمة الصالح، فهذا هو الطريق الصحيح لمن أراد إخراج علم نفس ينطلق من المنهج الشرعي.
المسألة الثالثة: مصادر المعرفة عند علماء النفس
اتضح لنا مما سبق أن علماء النفس قد ألزموا أنفسهم بدراسة الظواهر النفسية التي يمكن ملاحظتها أو قياسها أو إخضاعها للبحث التجريبي، أما
(1) الإنسان بين المادية والإسلام (ص19) محمد قطب.
الظواهر النفسية والروحية التي لا يمكن ملاحظتها أو قياسها أو إخضاعها للبحث التجريبي فقد استبعدوها عن دائرة البحث في علم النفس.
فعلم النفس ينحو منحى ماديًا في تفسيره للمعرفة، فالمعرفة الحسية هي الأساس الذي يعتمد عليها علماء النفس، ولا يتعرضون في موضوع التعلم، واكتساب المعرفة إلى العلم الذي يحصل عليه الإنسان عن طريق الوحي أو الإلهام أو الرؤيا الصادقة (1).
وسبب هذا الانحراف في مفهوم المعرفة هو انحرافهم في الإيمان بالله عز وجل والإيمان بالوحي وما يتبعه من الرؤيا الصادقة، بل وإنكارهم أيضًا لتأثير الشياطين في الإنسان (2).
فإذا كانت الرؤى ثلاثة أقسام:
رؤيا من الله، رؤيا من الشيطان، ورؤيا من حديث النفس.
فإن علماء النفس في نظرياتهم للرؤى استبعدوا القسمين الأولين، وانحصرت بحوثهم وتجاربهم ونظرياتهم في القسم الثالث: وأما القسمان الأولان فلهم فيهما تفسيرات مادية (3).
(1) انظر: كتاب الحديث النبوي وعلم النفس (ص207 - 208) للدكتور محمد عثمان نجاتي
(2)
انظر: الرد على من ينكر دخول الجني في الإنسي في كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله (4/ 67) وكتاب إيضاح الحق في دخول الجن في الإنس والرد على من أنكر ذلك لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
(3)
انظر: الحديث النبوي وعلم النفس (ص208).
وقد قدم علم النفس عدة نظريات لتفسير الرؤى والأحلام، وكلها تدور حول أحاديث النفس في النوم، والاختلاف بين هذه النظريات هو في تفسير أسباب هذه الأحلام، ولهم في ذلك تفسيران.
الأول: أحلام نفسية، بمعنى أن هذه الأحلام صور وأفكار تداعى بعضها وراء بعض، دون اتصال بمؤثر حسي إطلاقًا فهي تشبه خواطر اليقظة وتستمد وجودها من ذكريات الماضي وتجاربه.
الثاني: أحلام حسية بمعنى أن الأحلام تتضمن صورًا عقلية أدت إليها مؤثرات موجودة بالفعل تقع على الحس الظاهر، أو الباطن عند النائم، ولكن النائم أدركها على غير وجهها.
ولكل نوع أنصاره ومؤيدوه، وإن جمع جمهرة من علماء النفس بين الاتجاهين (1).
وسوف أناقش إن شاء الله نظرية واحدة لكل اتجاه، وبقية النظريات التي قدمها علماء النفس تدور حول هذه التفسيرات، والرد عليها ومناقشتها، يقال فيه ما يقال في كل نظرية من هذه النظريات.
ففي الاتجاه الأول: نظرية التحليل النفسي.
والاتجاه الثاني: نظرية التنبيهات الخارجية.
(1) انظر: كتاب الأحلام للدكتور توفيق الطويل (ص70 - 71) وحول صلة علم النفس بالرؤى انظر كتاب: دليل الحيران في تفسير الأحلام، لمحمد علي قطب (ص24).