المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» - الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين

[سهل العتيبي]

فهرس الكتاب

- ‌أصل هذا الكتاب

- ‌إهداء

- ‌المقدمة

- ‌أهمية هذا الموضوع

- ‌ صلة هذا الموضوع بالعقيدة والمذاهب المعاصرة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج الدراسة:

- ‌تمهيد

- ‌أهمية الرؤى في حياة الناس

- ‌الباب الأولحقيقة الرؤى وأقسامها وعلاماتهاوعلاقتها بالنبوة

- ‌الفصل الأولحقيقة الرؤى

- ‌المبحث الأولالرؤى لغة واصطلاحًا

- ‌المسألة الأولى: الرؤى في اللغة

- ‌المسألة الثانية: الرؤى اصطلاحًا

- ‌المبحث الثانيالفرق بين الرُّؤْيا والحُلُم والفرق بين الرُّؤيا والرُّؤْية

- ‌المسألة الأولى: الفرق بين الرؤيا والحلم

- ‌المسألة الثانية: الفرق بين الرؤيا والرؤية

- ‌المبحث الثالثدلالات الرؤيا

- ‌المبحث الرابعتعلُّق الرؤيا بالروح

- ‌المسألة الأولى: تعريف الروح وصفاتها وخصائصها

- ‌المسألة الثانية: هل روح النائم تفارق جسده في المنام

- ‌المسألة الثالثة: هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام

- ‌المطلب الأول: تلاقي أرواح الأحياء والأموات في المنام:

- ‌المطلب الثاني: تلاقي أرواح الأحياء في المنام:

- ‌الفصل الثانيأقسام الرؤى وعلاماتها

- ‌المبحث الأولأقسام الرؤى وعلاماتها

- ‌المبحث الثانيعلامات الرؤيا الصالحة وأقسامها

- ‌المسألة الأولى: صفات الرؤيا الصالحة

- ‌المسألة الثانية: أقسام الرؤيا الصالحة

- ‌المسألة الثالثة: علامات الرؤيا الصالحة

- ‌المسألة الرابعة: رؤيا المؤمن عند اقتراب الزمان

- ‌المسألة الخامسة: أسباب صدق الرؤيا الصالحة:

- ‌المسألة السادسة: هل يسوغ العمل وفق الرؤيا الصالحة

- ‌المبحث الثالثأقسام الناس في الرؤى

- ‌الفصل الثالثعلاقة الرؤى بالنبوة

- ‌المبحث الأولرؤيا الأنبياء وحي

- ‌المسألة الأولى: تعريف الوحي وأقسامه

- ‌المسألة الثانية: الرؤيا الصالحة أول مبدأ الوحي للأنبياء

- ‌المسألة الثالثة: رؤيا الأنبياء في المنام وحي وحق

- ‌المبحث الثانيكون الرؤيا الصالحة جزءًا من أجزاء النبوة

- ‌المسألة الأولى: الأحاديث الواردة في كون الرؤيا الصالحة جزءًا من أجزاء النبوة

- ‌المسألة الثانية: معنى كون الرؤيا الصالحة جزءًا من أجزاء النبوة

- ‌المسألة الثالثة: مواقف العلماء من اختلاف الروايات في تحديد أجزاء النبوة

- ‌المسألة الرابعة: هل تنسب رؤيا الكافر الصادقة إلى أجزاء النبوة

- ‌الباب الثانيأقوال المخالفين في الرؤىومناقشتهم

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولنظريات علماء النفس في الرؤى ومناقشتهم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: تعريف علم النفس

- ‌المسألة الثانية: نشأة علم النفس وأطواره

- ‌المسألة الثالثة: مصادر المعرفة عند علماء النفس

- ‌المبحث الأولنظرية التحليل النفسي، ومناقشتها

- ‌المسألة الأولى: نظرية التحليل النفسي

- ‌المسألة الثانية: مناقشة هذه النظرية

- ‌المبحث الثانينظرية التنبيهات الخارجية، ومناقشتها

- ‌المسألة الأولى: نظرية التنبيهات الخارجية

- ‌المسألة الثانية: مناقشة هذه النظرية

- ‌الفصل الثانيمذهب الصوفية في الرؤىوالرد عليهم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: أصل التسمية

- ‌المسألة الثانية: التصوف اصطلاحًا

- ‌المسألة الثالثة: نشأة التصوف وأطواره

- ‌المسألة الرابعة: وسائل المعرفة عند الصوفية

- ‌المسألة الخامسة: كيفية اكتساب المعرفة الصوفية

- ‌المبحث الأولمذهب الصوفية في الرؤى

- ‌المسألة الأولى: تعريف الصوفية للرؤيا

- ‌المسألة الثانية: مكانة الرؤى عند الصوفية

- ‌المسألة الثالثة: الأمور التي يستمدونها من الرؤى

- ‌المسألة الرابعة: شبهاتهم في جعل الرؤى مصدرًا للتلقي والمعرفة

- ‌المبحث الثانيالرَّدُّ على شبهاتهم

- ‌الباب الثالثأحكام الرؤى وآدابها

- ‌الفصل الأولأحكام الرؤى

- ‌المبحث الأول: رؤية الله في المنام

- ‌تمهيد: رؤية الله عيانًا

- ‌المسألة الأولى: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المنام

- ‌المسألة الثانية: هل يرى المؤمن ربه في المنام

- ‌المبحث الثانيرؤية الملائكة في المنام

- ‌المبحث الثالثرؤية الأنبياء في المنام

- ‌المسألة الأولى: الأحاديث الواردة في رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌المسألة الثانية: أقوال العلماء في رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌المسألة الثالثة: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة»

- ‌المبحث الرابعرؤية الأنبياء في المنام

- ‌المبحث الخامسالكذب في الرؤيا

- ‌المسألة الأولى: تعريف الكذب

- ‌المسألة الثانية: تحريم الكذب عمومًا

- ‌المسألة الثالثة: تغليظ الكذب والافتراء على الله

- ‌المسألة الرابعة: الكذب في الرؤيا

- ‌الفصل الثانيأحكام تعبير الرؤى

- ‌تمهيدحقيقة علم التعبير

- ‌المسألة الأولى: تعريف التعبير لغة واصطلاحًا

- ‌المسألة الثانية: حقيقة علم التعبير

- ‌المسألة الثالثة: هل هذا العلم توقيفي أو لا

- ‌المسألة الرابعة: مكانة هذا العلم

- ‌المبحث الأولأقسام تأويل الرؤى وقواعده

- ‌المسألة الأولى: تعريف التأويل لغة واصطلاحًا

- ‌المسألة الثانية: الأصل في التعبير

- ‌المسألة الثالثة: أقسام تأويل الرؤيا

- ‌المسألة الرابعة: من كليات التعبير

- ‌المبحث الثانيهل الرؤيا إذا عبرت وقعت

- ‌المبحث الثالثأمثلة من تأويل الرؤى في السنة

- ‌الفصل الثالثآداب الرؤى

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولإذا رأى ما يحب

- ‌المبحث الثانيإذا رأى ما يكره

- ‌المبحث الثالثشروط المعبر للرؤيا

- ‌المبحث الرابعآداب المعبر

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع والمصادر

- ‌من إصدارات الصندوق الخيريلنشر البحوث والرسائل العلمية

الفصل: ‌المسألة الثالثة: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة»

‌المسألة الثالثة: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة»

جاء في بعض ألفاظ الأحاديث السابقة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسيراه في اليقظة، ومن تلك الألفاظ:

ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» زاد مسلم: «أو لكأنما رآني في اليقظة» .

وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «من رآني في المنام، فقد رآني في اليقظة» وهذا لفظ ابن ماجة.

فهذه ثلاثة ألفاظ: فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة أو فقد رآني في اليقظة.

فما معنى هذا الألفاظ؟

ذكر المازري والنووي رحمهما الله أنه إذا كان المحفوظ من هذه الألفاظ: «فكأنما رآني في اليقظة» فهو ظاهر، وهو بمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أي رؤياه صحيحة ليست بأضغاث أحلام، ولا من تشبيهات الشيطان (1).

وأما إن كان المحفوظ «فسيراني في اليقظة» ففي معنى ذلك أقوال لأهل العلم.

القول الأول: أن معنى هذا الحديث تشبيه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه رآه في اليقظة، فكان معناه أن الذي يراني في المنام فكأنه رآني في اليقظة لأن الشيطان لا يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم على صورته.

(1) انظر: المعلم بفوائد مسلم (3/ 120) وشرح صحيح مسلم للنووي (15/ 26).

ص: 362

ويدل على هذا المعنى ما جاء في رواية مسلم: «لكأنما رآني في اليقظة» .

القول الثاني: أن هذا خاص بأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم ممن آمن به قبل أن يراه، فكأن فيه بشرى له بأنه سيراه في اليقظة قبل موته.

وقال بهذا ابن التين والمازري (1).

القول الثالث: أن الرائي سوف يرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها، وخروجها على الحق.

وبهذا قال ابن بطال، والقاضي عياض، وابن العربي (2).

القول الرابع: أنه يراه في المرآة التي كانت له صلى الله عليه وسلم إن أمكنه ذلك، وهذا قول لأبي جمرة وهو أضعف الأقوال، قال ابن حجر رحمه الله:"وهذا من أبعد المحامل"(3).

القول الخامس: أن من رآه في المنام فسيراه في الآخرة وهذا الذي عليه جمهور العلماء المحققين.

وقد اعترض على هذا القول ابن بطال وابن العربي بأنه رؤيته صلى الله عليه وسلم في الآخرة تكون لجميع المؤمنين من رآه في النوم، ومن لم يره، فلا مزية لمن رآه في النوم على غيره (4).

(1) انظر: المعلم (3/ 120) وشرح صحيح مسلم للنووي (15/ 26) وفتح الباري (12/ 385).

(2)

انظر: فتح الباري (12/ 384، 385) وعارضة الأحوذي (9/ 131).

(3)

فتح الباري (12/ 385).

(4)

انظر: عارضة الأحوذي (9/ 131) وفتح الباري (12/ 385).

ص: 363

وأجاب القاضي عياض رحمه الله على هذا الاعتراض باحتمال أن تكون رؤياه له صلى الله عليه وسلم في النوم على الصفة التي عرف بها، ووصف بها موجبة لتكرمته في الآخرة، وأن يراه رؤية خاصة من القرب منه، والشفاعة له بعلو الدرجة، ونحو ذلك من الخصوصيات (1).

وعلى هذا القول فيه بشارة لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بأنه سيموت مسلمًا (2).

القول السادس: وبه قالت الصوفية: أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسيراه في اليقظة في الحياة الدنيا حقيقة ويخاطبه، وذكروا أن جماعة من الصالحين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها، فجاء الأمر كذلك (3).

وهذا القول باطل من وجوه:

الأول: أنه مستحيل شرعًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ولا يعقل أن يحيا بعد موته لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] فكيف يقول عاقل بعد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي.

(1) انظر: فتح الباري (12/ 385).

(2)

انظر: الفتح الرباني (17/ 225) ومشتهى الخارف ص (54).

(3)

انظر: فتح الباري (12/ 385) ومشتهى الخارف ص (54).

وممن قال بهذا القول ابن أبي جمرة في كتابه بهجة النفوس (4/ 237 - 239) وتبعه في ذلك السيوطي في كتابه تنوير الحلك في رؤية النبي والملك، المطبوع مع الحاوي في الفتاوى للسيوطي (2/ 255 - 269) وكذلك أحمد عز الدين البيانوني في كتابه: الرؤى والأحلام" (13ص 2، 133).

ص: 364

ثم هؤلاء لم يستندوا إلى دليل من الشرع، سوى الاحتمال في هذه الأحاديث، ولذا لم يذكر السيوطي في رسالته "تنوير الحلك" سوى الاحتمال في تلك الأحاديث، بل ولم يذكر حديثًا ضعيفًا ولا موقوفًا ولا مرسلاً مع سعة اطلاعه وطول باعه في الحديث، وشدة انتصاره لهذا المذهب.

ولم يذكر عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه وقعت له هذه الرؤية في اليقظة.

قال صاحب "المواهب اللدنية": "وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته، فقال شيخنا يعني السخاوي لم يصل إلينا ذلك عن أحد الصحابة، ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح، وبيتها مجاور لقبره، ولم ينقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه"(1).

الثاني: يلزم من هذا القول أن كل من رآه صلى الله عليه وسلم في النوم أن يراه في اليقظة وهذا باطل لأن أناسًا كثيرة رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ولم يروه في اليقظة في الحياة الدنيا، فيلزم على ذلك أن يكون خبر النبي صلى الله عليه وسلم كذبًا، وهذا مستحيل شرعًا (2).

الثالث: أنه مستحيل عقلاً، فيستحيل أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم رائيان في مكانين مختلفين فيلزم من ذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم شخصية متعددة توجد في كل زمان ومكان.

(1) المواهب اللدنية مع شرحها للزرقاني (5/ 295).

(2)

انظر: فتح الباري (12/ 385) ومشتهى الخارف ص (55).

ص: 365

كما يلزم عليه أن يكون النبي خرج من قبره، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم يلزم أن يقوم بالجهاد والدعوة إلى الله عز وجل.

ويلزم عليه أن الذين يزورون القبر يأتون ويسلمون على مجرد القبر، وليس فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد خرج على رأيهم.

كما يلزم عليه أيضًا أن كل من رآه يقظة يكون صحابيًا فتدوم الصحبة في الناس إلى يوم القيامة.

وكل هذه لوازم عقلية تدل على بطلان هذا القول.

والمقصود من هذا المبحث بيان أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جائزة إذا رآه الرائي على صفته التي كان عليه صلى الله عليه وسلم فعندئذ تكون رؤياه رؤيا حق، لأن الشيطان لا يتمثل به صلى الله عليه وسلم.

وأما أن رآه على غير صفته، أو رآه يأمره بباطل فهي أضغاث أحلام، وقرائن تدل على عدم رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام.

وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته فهذه غير جائزة ولا ممكنة، إذ لا دليل عليها من الشرع ولا من العقل، بل الشرع والعقل يمنعان وقوعها.

ص: 366