الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن المجربات أيضًا، كتابة اسمه تعالى الودود، في خرقة من حرير أبيض، ويكتب معه، محمد رسول الله، خمسًا وثلاثين مرة، والحمد لله، خمسًا وثلاثين مرة، بعد صلاة الجمعة، وإدامة النظر إلى هذه الكتابة كل يوم عند طلوع الشمس، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (1).
ومن أسباب احتجاب الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرائي منامًا، إخلال الأدب مع العلماء والأئمة وحضور مجالس الغيبة، واطلاع الناس على الأسرار الممنوعة للخواص (2).
ونحو ذلك من الحكايات والخرافات التي ينسجونها لترويج ضلالتهم، والتي يدرك بطلانها السذج من الناس، والله المستعان.
المسألة الثالثة: الأمور التي يستمدونها من الرؤى
يستمد الصوفية عن الرؤى والمنامات أمورًا كثيرة، منها:
أولا: تصحيح عقائدهم الباطلة:
ومن أمثلة ذلك:
أن ابن عربي زعم أنه ألف كتابه الكفري فصوص الحكم بإذن النبي صلى الله عليه وسلم في المنام (3).
(1) انظر: سعادة الدارين (ص493).
(2)
انظر: طبقات الشعراني (1/ 75).
(3)
انظر: فصوص الحكم (1/ 17).
وأكثر كتبه تحريف لما أنزل الله في كتابه المنزلة، وعكس وضد لما قاله أنبياؤه (1).
وقال في هذا الكتاب: ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن فرآها قد كملت إلا موضع لبنة، فكان صلى الله عليه وسلم موضع اللبنة، وأنا خاتم الأولياء، فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى الحائط موضع لبنتين واللبنة من ذهب وفضة، فيرى اللبنتين تنقص الحائط عنهما، وتكمل بهما لبنة الذهب ولبنة الفضة، فلا بد أن يرى نفسه تنطبع في موضع تلك اللبنتين، فيكون خاتم النبيين والأولياء وتلك اللبنتين فيكمل الحائط (2).
ومن أمثلة ذلك:
قول أبي المواهب الشاذلي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: إذا كانت لك حاجة وأردت قضاءها فانذر لنفيسة (3) الطاهرة ولو فلسًا، فإن حاجتك تقضي (4).
(1) وقد ذكر في هذا الكتاب أن إبليس وفرعون من العارفين الناجين، وهما في الجنة، عياذا بالله وأن فرعون كان أعلم من موسى بالله، وأن كل من عبد شيئًا فما عبد إلا الله، عياذًا بالله قال الذهبي رحمه الله عن هذا الكتاب: ومن أردأ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله سير أعلام النبلاء (23/ 48).
(2)
فصوص الحكم (1/ 63).
(3)
هي نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، صاحبة المشهد المعروف بمصر (145 - 208هـ) تقية صالحة عالمة بالتفسير والحديث، سمع عليها الإمام الشافعي، توفيت بالقاهرة قال ابن كثير رحمه الله عنها: وإلى الآن قد بالغ العامة في اعتقادهم فيها، وفي غيرها كثيرًا جدًا ولا سيما عوام مصر، فإنهم يطلقون فيها عبارات بشعة مجازفة تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظًا كثيرة ينبغي أن يعرفوا أنها لا تجوز
…
والذي ينبغي أن يعتقد فيها ما يليق بمثلها من النساء الصالحات، وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر الحرام.
وانظر ترجمتها في سير أعلام النبلاء (10/ 106، 107) والبداية والنهاية (10/ 273، 274).
(4)
طبقات الشعراني (2/ 74).
وساق الحصني (1) قصته عن رجل من أهل طرابلس كان في مركب قادمًا من الإسكندرية فهاج البحر وأشرف من في المركب على الهلاك، فقال لهم ذلك الرجل: استعينوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فعملوا، فنام رجل منهم مشهور بالصلاح، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: انج وابشروا بالسلامة (2).
ثانيًا: تصحيح أقوال الصوفية ورسومهم:
ومن أمثلة ذلك:
قول الجنيد (3): رأيت في المنام كأني واقف بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا أبا القاسم، من أين لك هذا الكلام الذي تقول، فقلت: لا أقول إلا حقا. فقال: صدقت .. (4).
وقال أبو المواهب الشاذلي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله إني متطفل في علم التصوف، فقال صلى الله عليه وسلم: اقرأ كلام القوم؛ فإن المتطفل على هذا العلم هو الولي، وأما العالم به فهو النجم الذي لا يدرك (5).
(1) هو أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حَرِيز (752 - 829) ونسبته إلى الحصين من قرى حوران، وهو من أعداء شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ألف في الرد عليه كتاب دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد.
انظر ترجمته في الضوء اللامع (11/ 81) وشذرات الذهب (7/ 188، 189)
(2)
دفع شبه من شبه وتمرد (91) دار الكتب العربية مصر الطبعة الأولى 1350 هـ.
(3)
الجنيد: هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، توفي 279 وقيل توفي سنة 298، أصل أبيه من نهاوند، والجنيد إمام الصوفية، ويقال له: سيد الطائفة.
انظر ترجمته وأقواله في طبقات الصوفية (155 - 163)، الطبقات الكبرى (1/ 72 - 74) شذرات الذهب (2/ 228 - 230).
(4)
الرسالة القشيرية (180).
(5)
طبقات الشعراني (2/ 75).
ومن أكاذيبهم ومن تلاعب الشيطان بهم ما زعموه من تأييد النبي صلى الله عليه وسلم لكتاب الإحياء، وما ينسجونه من العقوبات لمن أنكر على كتبهم وعقائدهم.
فذكر اليافعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فناوله كتاب الإحياء، فتصفحه ورقة ورقة من أوله إلى آخره ثم قال: والله إن هذا الشيء حسن، ثم ناوله الصديق ثم ناوله الفاروق فأثنيا عليه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتجريد الفقيه علي بن حرزهم الذي أمر بإحراق كتاب الإحياء عن القميص وأن يضرب ويحد حد المفتري فجرد وضرب إلى آخر هذه الفرية (1).
ومن ذلك قول الساوي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليه زي أهل التصوف، وقرأ عليه قواعد العقائد الذي صنفه الغزالي، فأذن له في القراءة فقرأ عليه الكتاب (2).
ثالثًا: تفسير بعض آي الكتاب العزيز:
قال ابن عربي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: قوله تعالى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} [النور: 35]: ما هذه الشجرة؟ فقال: كنى عن نفسه سبحانه، ولذلك نفى عنها الجهات، فإنه لا يتقيد بالجهات، والغرب
(1) انظر: تعريف الأحياء بفضائل الإحياء (5/ 3، 4) ملحق بالإحياء، دار المعرفة، وطبقات السبكي (4/ 131، 132).
(2)
انظر: طبقات السبكى (116) وتبيين كذب المفتري (297 - 299) وفصل قواعد العقائد من كتاب الإحياء (1/ 125 - 148) دار الفكر.
والشرق: كناية عن الفرع والأصل؛ فهو الله، فالق المواد وأصلها، ولولا هو ما كانت المادة (1).
وزعم أبو الحسن الشاذلي (2) أنه علم معنى قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] لرؤيا رآها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: يا علي، طهر ثيابك من الدنس تحظ بمدد الله في كل دهر، فقلت: يا رسول الله، وما ثيابي؟ فقال: اعلم أن الله تعالى قد خلع عليك خمس خلع، خلعة المحبة وخلعة المعرفة، وخلعة التوحيد، وخلعة الإيمان، وخلعة الإسلام، ومن أحب الله هان عليه كل شيء، ومن عرف الله صغر في عينيه كل شيء، ومن وحد الله لم يشرك به شيئًا، ومن آمن بالله أمن من كل شيء، ومن أسلم لله لم يعصه، وإن عصاه يعتذر إليه، وإن اعتذر إليه قبل عذره.
قال الشاذلي بعد هذا القول: ففهمت عند ذلك تفسير قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (3).
رابعًا: التمييز بين صحيح الأحاديث وضعيفها:
قال أبو المواهب الشاذلي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون» . وفي صحيح ابن حبان: «أكثروا من
(1) سعادة الدارين (477).
(2)
هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار (593 - 656هـ) شيخ الطريقة الشاذلية.
انظر ترجمته في طبقات الشعراني (2/ 4 - 12) وطبقات الشاذلية الكبرى (15 - 50).
(3)
الإرشاد والتطريز (127).
ذكر الله حتى يقولوا مجنون» (1). فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته، وصدق راوي (اذكروا الله)؛ فإني قلتهما معا مرة قلت هذا وقلت هذا (2).
وقد يسألونه صلى الله عليه وسلم عما أشكل عليهم في معاني الأحاديث، كما قال أبو الحسن الشاذلي: سمعت الحديث الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان (3) على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة» (4) فأشكل عليَّ معناه، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: يا مبارك، ذلك غين الأنوار، لا غين الأغيار (5).
خامسًا: الأدعية والأذكار.
ومن أمثلة ذلك:
قال ابن عربي: رأيت في النوم كأن الله يناديني ويقول لي: يا عبدي إن أردت أن تكون عندي مقربًا مكرمًا فأكثر من قول: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143].
(1) الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 169) بلفظ "اذكروا الله ذكرًا يقول المنافقون إنكم تراءون" وفيه الحسن بن أبي جعفر الجفري وهو ضعيف، مجمع الزوائد (10/ 76) واللفظ الآخر للحديث وهو (أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون) أخرجه أحمد في مسنده (3/ 68، 71) والحاكم في مسنده (4998) وابن حبان (2/ 131) وابن عدي في الضعفاء (3/ 980).
والحديث ضعيف لجميع طرقه، لا يثبت منه شيء، وانظر التفصيل والكلام فيه في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (2/ 9، 10).
(2)
طبقات الشعراني (2/ 75، 76).
(3)
ليغان: يتغشى، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (17/ 23).
(4)
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (17/ 23) بشرح النووي.
(5)
لطائف المنن (161).
كرر ذلك على مرات (1).
وقال أبو بكر الكتاني: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله ادع الله لي ألا يميت قلبي. فقال: قل في كل يوم أربعين مرة، يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت (2).
وزعم أبو المواهب الشاذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: وما أحسن {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] لو كانت وردك بالليل، ويكون دعاؤك «اللهم فرج كربتنا اللهم أقل عثرتنا اللهم اغفر زلتنا». وتصلي عليَّ وتقول:{وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 181، 182].
وادعى محمد صالح الجعفري الإدريسي أن من منة الله عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجازه في المنام بالصلاة العظيمية؛ قال قلت له صلى الله عليه وسلم: أصلي عليك بهذه الصيغة، وكنت قد ختمتها وهو يسمعني، فقال لي بها وبغيرها، فاعتبرت هذه أعظم إجازة عندي دلت على فضل هذه الصيغة، وعلى فضل صاحبها (3).
سادسًا: تعظيم مشايخهم وذكر الفضائل والمناقب لهم:
والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا؛ فكثير ممن كتبوا في تراجم الصوفية ذكروا في تراجم شيوخهم أنهم رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهم، وربما زعموا أيضًا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وإنكاره على مخالفيهم؛ فمن ذلك:
(1) سعادة الدارين (476).
(2)
الرسالة القشيرية (177) وطبقات الشعراني (1/ 110).
(3)
انظر: المنتقى النفيس (201).
زعم أبو الحسن الشاذلي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وقد باهى موسى وعيسى عليهما السلام بالإمام الغزالي، وقال: أفي أمتكما حبر كهذا؟ قالا: لا (1).
وقال أبو المواهب الشاذلي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، لا تدعني. فقال: لا ندعك حتى ترد على الكوثر وتشرب منه (2).
وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: أنت تشفع لمائة ألف. قلت له: بم استوجبت ذلك يا رسول الله؟ قال: بإعطائك لي ثواب الصلاة علي (3).
وقال أيضًا: تفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في فمي فقلت: يا رسول الله، ما فائدة هذا التفل؟ فقال: لا تتفل بعدها على مريض إلا ويبرأ (4).
وجاء في ترجمة أبي الحسن الهاملي أنه رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلا رأس أبي الحسن، ففعلا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور حوله وهو قائم، والفقيه قاعد!! وهو صلى الله عليه وسلم يقول: أنا أحب هذا، أنا أحب هذا. حتى كاد أن يرتمي عليه (5).
وفي ترجمة أبي بكر محمد بن عمران أن أحد الناس رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قبَّل قدم الفقيه أبي بكر دخل الجنة (6).
(1) انظر: تعريف الأحياء بفضائل الإحياء ملحق بكتاب الإحياء (5/ 9) دار المعرفة.
(2)
طبقات الشعراني (2/ 71).
(3)
المرجع السابق (2/ 72).
(4)
المرجع السابق (2/ 75).
(5)
طبقات الخواص (88).
(6)
المرجع السابق (175).
وقال محمد بن عثمان الميرغني (1): لما يسر الله لي الفتح بتفسير القرآن رأيت في تلك الليلة المصطفى صلى الله عليه وسلم في محفل من الرسل الكرام، وهو يقول: الأنبياء كلهم نقطة من نوري، والأولياء من نورك يا خثم. ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابني، ما قام بأمر الله في المؤمنين أحد بعدي مثلك، شكر الله سعيك. فقلت: كيف يا رسول الله؟ قال: تعبت في باقي المؤمنين ونصحتهم، ما تعب فيهم أحد بعدي مثلك. فقلت له: أرضاك ذلك؟ فقال: أرضاني، وأرضى الله من فوق سبع سمواته وعرشه وحجبه!! ثم نادى: يا رضوان عمِّر جنانا ومساكن لابني محمد بن عثمان وأتباعه وصحبه، وأتباع أتباعه إلى يوم القيامة. وقال: يا مالك. فَحَضر. قال: عمِّر في النار مواضع ومساكن لأعداء ابني محمد بن عثمان (2).
وزعم أحمد الرفاعي أن الله خاطبه في المنام بقوله: ما تريد يا أحمد؟ فقال: أريد ما تريده. قال الله: لك المراد، ولك أعطي كل يوم مائة حاجة مقضية (3).
وزعم علي بن وهب السنجاري أنه رأى الله في المنام فقال له: يا عبدي قد جعلتك من صوفتي في أرضي وأيَّدتك في جميع أقوالك بروح مني، وأقمتك
(1) ولد بمكة سنة 1208 هـ تلقى الطريقة الميرغنية والطريقة الشاذلية، وأسس في النهاية طريقة خاصة به عرفت بالطريقة الختمية توفي سنة (1268 هـ).
انظر: ما قيل فيه وفي طريقته في كتاب طائفة الختمية أصولها التاريخية وأهم تعاليمها للدكتور أحمد محمد جلي.
(2)
الرسائل المرغنية (116).
(3)
طبقات الشعراني (2/ 69).
رحمة لخلقي، فاخرج إليهم واحكم فيهم بما علمتك من حكمي وأظهر لهم بما أيدتك به من آيتي (1).
سابعًا: ومن الأشياء المستمدة من الرؤى عند الصوفية الأحكام الشرعية ومعرفة الراجح من مسائل الخلاف:
زعم ابن عربي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم منامًا فسأله عن الرجل يقول لامرأته: أنت طالق ثلاثًا. ولم يكن طلقها، هل هي ثلاث كما قال، أو ترجع إلى واحدة، فقال صلى الله عليه وسلم: هي ثلاث كما قال. قال ابن عربي: قلت: فقد حكم بعض العلماء بأنها ترجع إلى واحدة، فقال: أولئك حكموا بما وصل إليهم وأصابوا. فقلت: يا رسول الله ما أريد في هذه المسألة إلا ما تدين الله أنت به. فقال صلى الله عليه وسلم: ثلاث كما قال لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (2).
وقال أيضًا: رأيت وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وخمس مائة في النوم أبا بكر الصديق رضي الله عنه فسألته: أين حد المسجد الحرام الذي تكون الصلاة فيه بمائة ألف، هل هو الحرم كله، أو المسجد المعروف وحده؟ فقال: لا أقول هو الحرم كله، ولا أقول هو المسجد وحده؛ ولكني أقول: كل موضع في الحرم توقع الصلاة فيه فهو مسجد، وهو في الحرم، فهو في المسجد الحرام، والصلاة فيه بمائة ألف صلاة، هكذا هو عندنا ثم استيقظت (3).
(1) طبقات الشعراني (1/ 139).
(2)
سعادة الدارين (477).
(3)
المرجع السابق (474، 475).