الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الخامس
علم صفة حال النبي صلى الله عليه وسلم
حين ينزل عليه الوحي
النوع الخامس
علم صفة حال النبي صلى الله عليه وسلم
حين ينزل عليه الوحي
وهذا النوع أيضاً لم يذكره الإمام السيوطي - رحمه الله تعالى -.
أخرج البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشد علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول).
قال عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد،
فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقاً. انتهى. يتفصد: أي يرشح بالعرق.
وأخرج البخاري في صحيحه، حدثنا أبو نعيم، حدثنا همام، حدثنا عطاء، وقال مسدد: حدثنا يحيى، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية، ......................
أن يعلى كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة، وعليه ثوب قد أظل عليه، ومعه ناس من أصحابه، إذ جاءه رجل متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب؟
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فجاءه الوحي، فأشار إلى يعلى أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: أين الذي يسألني عن العمرة آنفاً؟ فالتمس الرجل، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها عنك، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك ".
وأخرج مسلم بن عبادة بن الصامت، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي كرب لذلك، وتربد له وجهه. وفي رواية: كان إذا نزل عليه الوحي، عرفنا ذلك في فيه، وغمض عينه، وتربد وجهه. انتهى.
قوله: " كرب ": أي حصل له كرب شديد. وقوله: " تربد وجهه ": أي تجمع وتغبر. وهذه الأحاديث تدل على أن يكون في حالة الوحي، في شدة وكرب. وقال الله تعالى:" إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً "[المزمل: 5]. قال ابن مسعود رضي الله عنهما: شديداً.
وقيل: "ثقيلاً "يعني كلاماً عظيماً جليلاً، ذا خطر وعظم، لأنه
كلام رب العالمين. وكل شيء له خطر ومقدار، فهو ثقيل، والمعنى: فصبر نفسك مستعدة لقبول هذا القول العظيم الثقيل الشاق.
وقيل: في الوحي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي يجد له مشقة.
وقيل: إنما سمي ثقيلاً لما فيه من الأوامر والنواهي، فإن فيها مشقة وكلفة غلى النفس.
وقيل: لما فيه من الوعد، والوعيد، والحلال والحرام، والحدود، والأحكام، والفرائض.
وقيل: ثقيلاً على المنافقين، لأنه يظهر عيوبهم ونفاقهم.
وقيل: هو خفيف على اللسان، ثقيل في الميزان.
وقيل: ثقيلاً بالمعاني ليس بسفاسف لأنه كلام رب العالمين.
وقيل: معناه أنه قول مبين في صحته وبيان نفعه، كما تقول: هذا كلام رصين، وهذا قول له وزن. إذا استجدته، وعلمت أنه صادق الحكمة. والبيان الرصين - بالصاد المهملة -: المحكم الثبوت.
وقيل: سماه ثقيلاً لما فيه من المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ.
وقال بعضهم: إنما سمي ثقيلاً - يعني القرآن -، فإنه لما فيه من التكاليف الشاقة، ثقيل على المكلفين، سيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عليه السلام يتحملها ويحملها أمته، ومما يدل على شدة الوحي وثقله على النبي صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى:(يا أيها المزمل)[المزمل: 1]، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: أي المتزمل في ثيابه. وهو التلفف فيها.
قال المفسرون: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتزمل في ثيابه أول ما جاءه جبريل فرقاً منه، فكان يقول: زملوني، زملوني. حتى أنس به. انتهى. وذلك لشدة الوحي وعظم الخطاب.
ومما يدل على شدة الوحي، قوله تعالى:(يا أيها المدثر)[المدثر: 1]، وهو الذي يدثر في ثيابه ليستدفئ بها، وإنما سمي النبي صلى الله عليه وسلم المدثر، لقوله:" دثروني"، : أي: لحفوني، واجعلوا علي غطاء.
أخرج البخاري في كتاب التفسير، عن جابر رضي الله عنه من رواية الزهري عن أبي سلمة، عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: " فبينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء
والأرض، فجئثت منه رعباً، فرجعت، فقلت: زملوني، زملوني، فدثروني، فأنزل الله عز وجل:(يأيها المدثر) إلى (والرجز فاهجر)[المدثر: 1 - 5] قبل أن تفرض الصلاة ". وهي الأوثان. وفي رواية: " فجئت منه حتى هويت إلى الأرض، فجئت إلى أهلي ....... " وذكره، وفيه، قال أبو سلمة: والرجز: الأوثان، قال: " ثم حمي الوحي وتتابع ".
ومما يدل على شدة الوحي، ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأنزل عليه الوحي وهو في ناقته، فبركت، وألقت جرانها على الأرض. كذلك ما