الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثلاثون
علم أسماء القرآن
النوع الثلاثون
علم أسماء القرآن
قال أبو المعالي عزيز بن عبد الملك المعروف بشيذلة في كتاب " البرهان ": اعلم أن الله سبحانه وتعالى سمى القرآن بخمس وخمسين اسماً. ثم ذكر ذلك وعدده، واستدل عليه بالآيات الواردة في تسميته بالأسماء المذكورة. انتهى.
وقد سماه الله تبارك وتعالى بأسماء، فمن ذلك: أنه سماه (كتاباً) و (مبيناً).
فأما تسميته (كتاباً) فلجمعه أنواع العلوم والقصص والأخبار على أبلغ وجه، و" الكتاب " لغة: الجمع.
و" المبين " لأنه أبان، أي: أظهر الحق من الباطل.
وأما " القرآن " فاختلف فيه، فقال جماعة: هو اسم علم غير مشتق، خاص بكلام الله تعالى، فهو غير مهموز، وبه قرأ ابن كثير، وهو مروي عن الشافعي - رحمه الله تعالى -.
وقال قوم منهم الأشعري: هو مشتق من قرنت الشيء بالشيء إذا [ضممت] أحدهما إلى الآخر، وسمي به، لقران السورة والآيات والحروف فيه.
وقال الفراء: هو مشتق من القرائن، لأن الآيات يصدق بعضها بعضاً، ويشابه بعضها بعضاً.
وعلى القولين هو بلا همزة أيضاً، ونونه أصلية.
واختلف القائلون بأنه مهموز: فقال اللحياني: وهو مصدر القرءاة كالرجحان والغفران، سمي به المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر.
وقال الزجاج: وهو وصف على فعلان، مشتق من القرء، بمعنى الجمع، ومنه: قرأت الماء في الحوض، أي: جمعته.
قال أبو عبيدة: وسمي بذلك لأنه جمع السور بعضها إلى بعض.
وقال الراغب: لا يقال لكل جمع قرآن، ولا لجمع كل كلام قرآن. قال: وإنما سمي قرآناً لكونه جمع ثمرات الكتب السابقة المنزلة. وقيل: لأنه جمع أنواع العلوم كلها.
وحكى قطرب قولاً: أنه سمي قرآناً لأن القارئ يظهره ويبينه من فيه، أخذاً من قول العرب: ما قرأت الناقة سلى قط. أي: ما رمت ولداً، والقرآن يلفظه القارئ من فيه فسمي قرآناً.
وأما تسميته (كلاماً) فمشتق من الكلام بمعنى التأثير؛ لأنه يؤثر في نفس السامع فائدة لم تكن عنده ويؤثر في نفس السامع فائدة لم تكن عنده ويؤثر في المبطل بإقامة الحجة عليه.
وأما تسميته بـ (النور)؛ فلأنه يدرك به غوامض الحلال والحرام، ويكشف ما استتر من المشكلات، ويظهر خفيات المعضلات.
وأما تسميته (الهدى)؛ فلأنه دليل على الحق، وهو من باب إطلاق
المصدر على اسم الفاعل مبالغة، كأنه يشير أن من تمسك به فهو عين الهداية، وأنه يهدي إلى شيء آخر.
وأما تسميته (فرقان)؛ فلأنه فارق بين الحق والباطل. قاله مجاهد.
وأما تسميته (شفاء)؛ فلأنه يستشفى به من الأمراض المعنوية، كالكفر والجهل، والحسية.
وأما تسميته (ذكراً)؛ فلما فيه من المواعظ وأخار الأمم الماضية، فيكون من باب إطلاق المصدر على اسم الفاعل، بمعنى مذكراً، والذكر أيضاً بمعنى الشرف، ومنه قوله تعالى:(وإنه لذكر لك ولقومك)[الزخرف: 44].
وأما تسميته (الحكمة)؛ فلأنه نزل على القانون المعتبر من وضع الشيء في محله، أو لأنه به يعرف أفضل المعلومات، وهو الله جل شأنه بأفضل العلم وهو القرآن.
والحكمة هي: معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلم، أو لأنه به
يحصل الكمال الإنساني الذي خلق له، وهو معرفة الحق سبحانه لما له من صفات الكمال، والخلق بما هو لهم من الأحكام، والقرآن جامع لذلك.
والحكمة تطلق ويراد بها هذا المعنى؛ وهو استكمال النفس لمعرفة الحق والخلق.
وأما تسميته (الحكيم)؛ فلأنه أحكمت آياته بعجيب النظم وبديع المعنى، وأحكمت عن تطرق التبديل والتحريف، والاختلاف والتباين، فيكون المعنى على ذلك محكم بما ذكرنا. ومعنى المحكم: أي المتقن على أعلا الوجوه البالغة، وحسن الانتظام.
وأما تسميته (المهيمن)؛ فلأنه شاهد على جميع الكتب والأمم السالفة، أو لكون علمه مستول على كل علم، فهو مهيمن عليه.
وأما تسميته (الحبل)؛ فلأنه من تمسك به نجا.
وأما تسميته (الصراط المستقيم)؛ فلأنه طريق إلى الجنة [قويم] لا اعوجاج فيه.
وأما تسميته (المثاني)؛ فلأنه فيه قصص الأمم الماضية، فهو ثانٍ لما
تقدمه. وقيل: لتكرار المواعظ والقصص فيه.
وأما تسميته (المتشابه)؛ فلأنه يشبه بعضه بعضاً في الحسن والصدق، أو لكونه فيه المتشابه، من باب تسمية الكل بالجزء.
وأما تسميته (الروح)، فلأنه به تحيا القلوب، كما تحيا الأجسام بالروح.
وأما تسميته (المجيد)؛ فلشرف ذاته وتأثيره وعظم جزائه، والمجيد: هو الشريف ذاتاً، الجميل أفعالاً، الجزيل عطاءً. وكل ذلك في القرآن.
وأما تسميته (العزيز)؛ فلأنه لا يوجد مثله، وتشتد الحاجة إليه، ويصعب الوصول إلى مرماه.
وأما تسميته (البلاغ)؛ فلأنه أبلغ به الناس ما نزل إليهم من الأمر والنهي، أو لأن فيه بلاغاً وكفاية عن غيره.
وأما تسميته (رحمة)؛ فلأنه به النجاة من ورطة الكفر والعصيان.
وأما تسميته (موعظة)؛ فلكونه به يحصل الاتعاظ والتنبيه والرجوع إلى الله تعالى.
وأما تسميته (مباركاً)؛ فلأنه كثير الخيرات والمنافع والإفادات.
وأما تسميته (علياً)؛ فلارتفاعه عن طبقة كلام المخلوقين، أو لارتفاعه في اللوح المحفوظ، أو عند الحق سبحانه وتعالى.
وأما تسميته (قيماً)؛ فهو إما: بمعنى قياماً للحق والحجة، أو مقوماُ للعامل به على الهدى.
وأما تسميته (فصلاً)؛ فلأنه يفصل الحق من الباطل، أي: يقطعه.
وأما تسميته (نبأ عظيم)؛ فلكونه خبراً عظيماً وارداً من محل جليل، غير معروف عند السامعين.
وأما تسميته (أحسن الحديث)؛ فلأنه جمع لصفات التفضيل بلا مرية في ذلك.
وأما تسميته (تنزيلاً)؛ فلأن الله جل شأنه أنزله على حسب الحكم التي اقتضتها الأحوال الكائنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما تسميته (وحياً)؛ فلأنه أنزل عليه في خفاء، لا يطلع على ذلك أحد من البشر والوحي هو: الإعلان في الخفاء.
وأما تسميته (عربياً)؛ فلأنه بلغة العرب.
وأما تسميته (بصائر)؛ فلأنه من الاستبصار والمعرفة.
وأما تسميته (بياناً)؛ فلأنه يبين كل مبهم، ويكشف كل مغلق.
وأما تسميته (علماً)؛ فلأنه جمع علوم الأولين والآخرين، فمن أراد العلوم كلها وجدها فيه.
وأما تسميته (حقاً)؛ فلأنه يتحقق كل شيء ويظهر.
وأما تسميته (عجباً)؛ فلما فيه من كل عجيبة من المعاني والنفائس.
وأما تسميته بـ (العروة الوثقى)؛ فلأن من تمسك به لا ينقطع أبداً، حتى يبلغ المطلوب.
وأما تسميته (صدقاً) فظاهر.
وأما تسميته (عدلاً)؛ فلكونه لا جور فيه ولا حيف.
وأما تسميته (أمراً)؛ فلأنه شأن عظيم، أنزله الله تعالى إلى الخلق، والشيء إذا فخم أطلق عليه أمراً، تعظيماً له عن أن يطلق عليه شيء من الأسماء.
وأما تسميته (بشيراً)؛ فلأنه به البشارة لأهل الإيمان.
وأما تسميته (قصصاً)؛ فلأنه فيه قصص الأمم السالفة.
فهذا ما تيسر من أسمائه، وكلها مذكورة في القرآن، والله المستعان.
وأما تسميته (مصحفاً)، فلما حكى المظفر في " تاريخه " قال: لما جمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن قال: سموه. فقال بعضهم: سموه (الجبلا). فكرهوه، وقال بعضهم: سموه سفراً. فكرهوه من أجل اليهود.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: أرأيت كتاباً بالحبشة يدعونه بالمصحف.
فسموه به. انتهى.
وقد ورد في التوراة تسمية القرآن توراة وإنجيلا.