الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السادس والثلاثون
علم الظاهر والباطن
والحد والمطلع لكل آية من القرآن
النوع السادس والثلاثون
علم الظاهر والباطن
والحد والمطلع لكل آية من القرآن
ولم يذكر هذا النوع الحافظ السيوطي في " الإتقان ".
ذكر أبو بكر النقاش في أول تفسيره فقال: حدثنا جبريل، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن واصل بن حيان عن
ابن أبي الهذيل عن أبي الأحوص، قال عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، لكل آية منه ظاهر وباطن، ولكل حد ومطلع ".
حدثنا جعفر بن وجيه الخشاب بمرو، عن أحمد بن بشار المروزي قال: المعنى في قوله: " ظاهر وباطن " يريد به ظاهراً وباطناً، فالظاهر ما تعرفه العلماء والباطن ما يخفى عليهم، فيقولون في ذلك كما أمرنا: ونكل مالا نعلمه إلى الله تعالى.
وقال غيره: هو أن نؤمن به باطناً، كما نؤمن به ظاهراً.
وقال ابن الأعرابي: هو من قول العرب: قد بنيت أمري ظهراً لبطن.
أي: قلبته ظهراً لبطن. وعلى كل حد مطلع، أي له مصعد منه وبيان، فالمطلع المصعد من مكان مستقل إلى مكان مشرف.
وقال أيضاً: المطلع الانحدار من الموضع المشرف العالي إلى ما دونه من المكان، فهو من الأضداد.
ويقال: إن حده في فريضته وأحكامه، ومطلعه وثوابه وعقابه.
وقال أبو عمرو: ولكل حد مطلع أي مأتى يؤتى منه، وليس لهذا الكلام مطلع غيرها. قلت: يريد وجهه.
وقال الأصعمي: المطلع هو موضع الاطلاع، من إشراف إلى انحدار.
وقال ابن الأعرابي: المطلع: المأتى الذي يؤتى منه، حتى يعلم علم القرآن من ذلك المصعد والمأتى، ومطلع كل شيء وجهه ومسلكه.
وقال الحسن البصري: يقال: المطلع يطلع على قوم يعملون به.
وقال أبو عبيد: أحسبه ذهب إلى قول ابن مسعود: ما من حرف - أو قال: آية - إلا وقد عمل بها قوم، أو: لها قوم سيعملون بها.
قال: فإن كان ذهب إلى هذا، فهو وجه. وإلا فإن المطلع في كلام العرب: المأتى الذي يؤتى منه علم القرآن. وهو عندي: هو الوجه في المطلع، لأنه المصعد الذي يشرف منه على الشيء، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم: أن الحد هو المسمى الذي يريد الله جل شأنه من عباده، فيما يأمرهم وينهاهم عنه، إذا تدبر منهم متدبر، أشرف
بتدبيره على ما أراد الله تعالى منه. وقد ذهب قوم إلى أن قوله عليه السلام: " ولكل حد مطلع "؛ أي لكل حد من حدود الله، حده من حلال وحرام، وسائر شعائره، مقدار من الثواب والعقاب، يعانيه في الآخرة، ويطلع عليه، كما قال عمر رضي الله عنه: لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع. يعني ما يشرف عليه من أمر الله تعالى بعد الموت، وهذا قول الحسن. انتهى.
أقول: و" الظاهر " - والله أعلم - في الحديث: هو ما يتبادر من ظاهر الآية، و" الباطن ": ما يخفى ولا يدركه إلا من أيد بفهم من الله سبحانه وتعالى، و" الحد ": المعنى الذي ينبغي أن يوقف عنده، و" المطلع ": هو المعنى الذي يرشدك إلى الوقوف عند هذه النهاية.
مثال ذلك: قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) فظاهر الآية: الثناء
عليه سبحانه وتعالى. وباطنها: توحيده سبحانه وتعالى، وتفريده بالعبادة، فإنه إذا كان الثناء جميعه مخصوصاً به؛ فلا أحد يستحق الثناء سواه، فكيف يعبد أو يقصد من ليس له حمد في شيء. والحد الذي ينبغي أن يقصد ويوقف عنده: الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى في كل شيء، والتوكل عليه، والاكتفاء عمن سواه. والمطلع، وهو الذي أرشد إلى فهم الحد: هو حصر الحمد فيه سبحانه؛ فإن لفظ (الحمد لله) أفهم انحصار الحمد فيه، فأطلعنا من حصر الحمد فيه - جل شأنه - إلى أن ما سواه في حكم العدم، فلم ننزل بسواه حاجاتنا، ولم نتوكل على ما عداه في مهماتنا.
وكذا في قوله: (رب العالمين) فإن ظاهر هذا اللفظ: أنه سبحانه هو المربي للعالمين. وباطنه: الإشارة إلى أنه أحكم الخالقين، فإن المربي لا تكمل تربيته إلا بإحكام الأشياء، والإتيان بها على أحسن منوال، وأبدع حال.
والحد الذي ينبغي أن يوقف عنده: هو نفي الاعتراض ظاهراً وباطناً، في شيء من الأشياء على الله سبحانه وتعالى، والرضى بجميع ما يبديه، فإنه بعد أن علم أنه رب العالمين، أي: مربيهم، وعلم أن المربي حكيم وجب الرضى بجميع ما يكون، فإن كل ذلك من التربية الإلهية. والمطلع لهذا المعنى: الإتيان بلفظ الرب، الذي هو بمعنى التربية على جهة الحكمة.
وقس على هذا سائر الآيات، والله يتولى العناية.