الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الحادي والعشرون
علم الحضري والسفري
النوع الحادي والعشرون
علم الحضري والسفري
أما الحضري فهو كثير، وغالب القرآن نزل إما بمكة أو بالمدينة.
وأما السفري فقد تقدم جانب منه في علم المواضع التي أنزل فيها القرآن، فمن ذلك:
قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)[البقرة: 125]، قال ابن الخصار: نزلت إما في عمرة القضاء أو في غزوة الفتح، أو في حجة الوداع. أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: لما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له عمر رضي الله عنه: هذا مقام أبينا إبراهيم، قال: نعم، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فنزلت.
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب
- رضي الله تعالى عنه - أنه أمر بمقام إبراهيم عليه السلام فقال: يا رسول الله أليس نقوم مقام خليل ربنا؟ قال: بلى، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فلم يلبث إلا يسيراً حتى نزلت. وقد أخر.
ومن ذلك قوله تعالى: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها)[البقرة: 189]، روى ابن جرير عن الزهري: أنها نزلت في عمرة الحديبية. وعن السدي: بأنها نزلت في حجة الوداع.
ومن ذلك: سورة (الفتح)، أخرج البخاري والترمذي والنسائي وابن حبان وابن مردويه عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر - يعني الحديبية -، فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي، فقلت: ثكلتك أمك عمر، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجبك.
قال عمر: فحركت بعيري حتى تقدمت أمام الناس، فخشيت أن يكون ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي
فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال: لقد أنزل علي الليلة سورة لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها، ثم قرأ:(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك)[الفتح: 1،2] انتهى.
ومن السفري أيضاً قوله تعالى: (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)[الأنفال]، نزلت لما استقل المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وقالوا: أغر هؤلاء دينهم؟ فأنزل الله تعالى ذلك: (وإذ يقول المنافقون
…
) إلى آخر الآية.
ومن ذلك قوله تعالى: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين)[ن: 17]، روى ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج: أن أبا جهل
قال يوم بدر: خذوهم أخذاً فاربطوهم في الحبال ولا تقتلوا منهم أحداً.
فنزل: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة
…
) [القلم: 17]. يقول في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة.
ومن السفري أيضاً سورة (الأنفال)، روى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، وابن مردويه، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه - قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاص، وأخذت سيفه وكان يسمى " ذا الكتيفة "، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم به، فقلت: يا رسول الله قد شفاني الله تعالى من المشركين، فنفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت. فقال:" هذا السيف لا لك ولا لي ضعه "، فوضعته، ثم رجعت قلت: عسى أن يعطي هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي. فرجعت فقال: " اذهب فاطرحه في القبض "، فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل
أخي وأخذ سلبي، فرجعت به، حتى إذا أردت أن ألقيه لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه، فشد لي صوته، وما جاوزت إلا يسيراً حتى نزلت سورة (الأنفال)، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اذهب فخذ سيفك ".
ومن ذلك سورة (المنافقين)، نزلت في عبد الله بن أبي في غزوة (بني المصطلق) لما قال ما قال، والقضية مشهورة من أولها إلى آخرها سفرية.
ومن ذلك قوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله)[البقرة: 196]، أخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن أمية قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم متضمخ بالزعفران، عليه جبة، فقال: كيف تأمرني في عمرتي؟ فنزلت. فقال: " أين السائل
عن العمرة؟ ألق عنك ثيابك ثم اغتسل " الحديث.
ومن ذلك آية التيمم في (النساء)، أخرج ابن مردويه عن الأسلع بن شريك: أنها نزلت في بغض أسفار النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) الآية [النساء: 102]، نزلت بعسفان بين الظهر والعصر، كما أخرجه أحمد عن ابن عياش الرزقي.
ومن ذلك آية التيمم في (المائدة)، ففي الصحيح عن عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أنها نزلت بالبيداء وهم داخلون المدينة.
ومن ذلك قول الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة) الآية [التوبة: 34]، أخرج أحمد عن ثوبان: أنها نزلت في بعض أسفار النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك قول الله تعالى: (لو كان عرضاً قريباً) الآية [التوبة: 42]، نزلت في تبوك، أخرجه ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -.
ومن ذلك خاتمة (النحل): (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)[126]، أخرج البيهقي في " الدلائل "، والبزار عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أنها نزلت بأحد والنبي صلى الله عليه وسلم واقف على حمزة حين استشهد.
أقول: كذا ذكره الحافظ السيوطي - رحمه الله تعالى - وليس من هذا النوع، لأن أحداً من المدينة، وكذلك قوله: إن سورة (اقرأ) من السفر لا يتم، لأن حراء من مكة.
ومن ذلك قوله تعالى: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها) الآية [الإسراء: 76]، أخرج أبو الشيخ والبيهقي في " الدلائل " من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم: أنها نزلت في تبوك.
ومن ذلك قول الله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن لرآدك إلى معاد)[القصص: 85]، نزلت بالجحفة في سفر الهجرة.
ومن ذلك قول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) الآية [الحجرات: 13]. أخرج الواحدي عن ابن أبي مليكة: أنها نزلت بمكة يوم الفتح لما رقي بلال على ظهر الكعبة وأذن، فقال بعض الناس: هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة.
ومن ذلك سورة: (إذا جاء نصر الله) الآية [النصر: 1]. أخرج البزار والبيهقي في " الدلائل " عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: نزلت هذه السورة: (إذا جاء نصر الله والفتح) على رسول الله صلى الله عليه وسلم أواسط أيام التشريق،
فعرف أنه الوداع، فأمر بناقته القصوى فرحلت، ثم قام فخطب الناس.
فذكر خطبته المشهورة. انتهى.