الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استعمالُ قدر الماء منه، وكذلك الزائد على الأصح.
* * *
154 - فصل في تطهير ماء البئر
إذا نجس ماءُ البئر: فإن كان قليلًا، طهر بالمكاثرة بالماء حتى يبلغ قلَّتين ويزول تغيُّره، وإن كان كثيرًا كُوثر حتى يزول تغيُّره.
ويطهر الكثيرُ بهبوب الرياح، وطول الزمان، ولا يطهر بما له رائحةٌ غلَّابة؛ كالمسك؛ وفي التراب قولان.
155 - فرع:
إذا انبثت النجاسة في بئر كثيرة الماء بحيث لا يخلو دلوٌ منها عن جزء من النجاسة في غالب الظن، ففي نجاسة ماء الدلو قولان؛ فإن نزحها نزحًا متواليًا بحيث لا تسكنُ حركة (1) حتى يُلحقَها أُخرى، فزالت غلبةُ الظن، جاز استعماله؛ لأنَّ ما لا تترجَّح نجاستهُ على طهارته جائزُ الاستعمال.
* * *
156 - فصل في نجاسة الماء الجاري
الجاري: ما تدافع في استواء أو انحدار، فإن كان بين يديه ارتفاع، فهو راكدٌ على المذهب، فإذا وقع في الماء الجاري نجاسةٌ مائعة، فانمحقت ولم تغيِّره فهو طاهر، فلو وافقت الماءَ في صفته، فقد قال الإمام: يقدَّر لها
(1) أي: حركة ماء البئر بالدلو.
صفة مخالفة لصفة الماء، فإن لم تغيِّره فطاهر، وإن غيَّرته فنجس.
وقال: لو وقع في ماء متغيِّر بطول المُكْث بولٌ كثير لم يغيِّره، نجس إن غيَّره بتقدير المخالفة، وإن كانت النجاسةُ جامدةً تجري مع الماء فحريمُها ومحلُّها نجس، ووراءها وأمامها طاهر، ولا تباعدَ من يمينها وشمالها وفوقها وتحتها على الأصح.
وقيل: فيه القولان؛ فإن أوجبنا التباعدَ فلم يبلغ ما بين موردها وبين الشط قُلَّتين، فما يقابلها إلى الشطِّ نجسٌ كله، وحريمُها: ما يصادمُها من يمينها ويسارها، ويضافُ إليه مثلُه من ورائها وأمامها. وأبعدَ من طهَّر حريمَها، ومَن ألحق أمامها بيمينها، ولا يُجتنب في الراكد حريم، إذ لا حريم له.
وإن كانت النجاسة واقفةً، فحكمها ما سبق، وقلتان من المنحدر عنها نجستان، وفيما جاوزهما وجهان، والفتوى: نجاسته.
وقال الإمام: يعتبر في حريم النجاسة إذا انحدر عنها ما يعتبر في النجاسة المائعة من تقدير المخالفة.
هذا في النهر الذي تُغيِّره النجاساتُ المعتادة، أمَّا النهر العظيم الذي لا تغيِّره النجاساتُ المعتادة: فلا يجتنبُ فيه سوى حريمِ النجاسة، وقيل: حكمه في التباعد على ما سبق.
وإن كانت النجاسة راسبةً فيه، فلا خلاف أنَّا لا نحكم بنجاسة المنحدر، وليكن المنحدر عنها كما على اليمين واليسار في أمر التباعد.
وقال الإمام: لو وقع في واد من أوديتنا بعرةٌ صغيرة لا يتوقع تغيُّره بمثلها، وجب القطعُ بطهارة المنحدر؛ لأنَّ نسبتها إلى هذا الوادي كنسبة