الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عقدنا فهرسًا في آخر الكتاب خاصًّا بأقوال الإمام العز وترجيحاته في هذا الكتاب.
* * *
*
المدرسة الشاميَّة في الفقه الشافعي:
*
دخول المذهب الشافعي إلى الشام
(1):
عُرف للمذهب طريقان: بغداديُّ وخراسانيٌّ؛ والسؤال المتبادر للأذهان: هل هناك مدرسة شاميَّة للفقه الشافعيّ؟ وما معالمُها البارزة؟
في الحقيقة إنّ وجود مدرسة شاميَّة لفقه الشافعية لم يذكره مؤرِّخو الفقه والتشريع، لكن يُمكن القول إنّ الفقه الشافعيَّ وصل إلى الشام بطريق الخراسانيين وطريق العراقيين، وهو ما يظهر من إسناد النوويِّ في الفقه، والذي سطَّره في كتابه "تهذيب الأسماء واللغات"، فاستفاد فقهاء المذهب الشاميّون، ولا سيما فيمن رأينا كتبهم كابن الصلاح، وابنُ عبد السلام، والنووي، من الطريقتين، وكانت لهم مدرسة محرَّرة، استقرَّت وتوافقت في القرن السابع على يد محرِّر المذهب الإمام النووي رحمه الله، وأصبح المصنّفون بعده شُرًّاحًا لكتبه، وعليها الفتوى. ولا ننسى أنّ "نهاية المطلب" أو "المذهب الكبير" قد اختُصِر على يد اثنين من علماء الشام: ابن أبي عصرون، وابنُ عبد السلام.
انتشر المذهب الشافعي أوّل مرّة في الشام عند تولّي الشَيخ أبي زُرْعة
(1)"المذهب عند الشافعية"، محمد الطيّب بن محمد اليوسف (ص: 84).
محمّد بن عثمان الدمشقي سنة (352 هـ) قضاء دمشق بعد قضاء مصر، فكان يُشجِّع على حفظ مختصر المزني، فَيُعطي لمن يحفظه مئة دينار (1).
وكثُر أتباعُ الشافعيّ بالشام حتى انتشر المذهب انتشارًا واسعًا فيها، زاحم المذاهب الأخرى، ولا سيما بعد القرن الخامس، حيث عُرف فيها فقهاء مشهورون، وأئمّة معروفون على مستوى عصرهم، مثل ابن أبي عصرون، وفخر الدّين ابن عساكر، والعزّ بن عبد السلام، وابنُ الصلاح، وسديد الدين التزمنتي، والنووي، والمِزِّيّ، وابنُ قاضي شهبة، وابنُ النفيس الطبيب الفقيه، وابنُ قاضي عجلون، وغيرهم كثير.
وفي عهد صلاح الدين الأيوبي أبطل العمل بالمذهب الشيعي، وأحيى المذاهب الأربعة السنيَّة، وجعل للمذهب الشّافعيّ الحظّ الأوفر، فقد كان هو وأسرته شافعيّين؛ وهو ما يُفسّر أحد أسباب نهضة المذهب في بلاد الشام.
وعرفت دمشق في تاريخها ستّين مدرسةً للمذهب الشافعيّ وحده (2)؛ أوّلُها المدرسةُ الأمينيّة الشافعيّة، التي تأسّست سنة (514 هـ) على يد أمين الدين كمَشْتكين، نائب قلعة بُصْرى وصرخد (3).
* * *
(1) انظر: "طبقات الشافعيّة" لابن السُّبكي (3/ 196 - 198)، و"طبقات الشافعية" للإسنوي (2/ 519 - 520).
(2)
انظر: "خطط دمشق"، أكرم حسن العلبي (ص: 544).
(3)
"خطط دمشق"، أكرم حسن العلبي (ص: 104).