الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - العز بن عبد السلام:
وقد ترجمناه في هذه المقدّمة.
6 - النووي:
يحيى بن شرف بن مرِّي النووي، محيي الدِّين، أبو زكريَّا.
وُلد سنة (631 هـ)، بنوى من قرى درعا جنوب دمشق.
شيخ الإِسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمحدثين ومحرِّر المذهب الشافعيّ، ومهذّبه، ومنقّحه، ومرتّبه، صاحب التصانيف المشهورة، برع في علوم الحديث، والفقه، وألّف فيهما الكثير من المؤلّفات النافعة المباركة، مثل "المجموع"، و"منهاج الطالبين"، و"التنقيح"، و"روضة الطالبين"، و"التّحقيق"، و"تصحيح التنبيه"، و"الفتاوى"، و"المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج"، و"تهذيب الأسماء واللغات" و"رياض الصالحين"، و"الأذكار".
قدم دمشق سنة (649 هـ)، وسِنُّه تسعة عشر عامًا؛ وكان قدومه دمشق بعد مغادرة العز بن عبد السلام دمشق إلى مصر بعشر سنوات (639 هـ)، وأخذ فيها عن علمائها الفقه والحديث والأصول والعربية.
والظاهر أنهّ لم يرَ العزّ بن عبد السلام إذ لم تردنا أخبار تؤكّد أو تحتمل لقاءه، لذلك كان تأثّره بالعزّ ضعيفًا؛ لكنّه نقل عن فتاوى الإِمام العز، في موضع واحد في كتابه "روضة الطالبين" في كتاب السير، في فصل في السلام، قوله: "وقد حث الشرع على المصافحة، وجعله الشيخ الإِمام أبو محمد بن عبد السلام من البدع المباحة، ويستحبُّ مع المصافحة البشاشة
بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها" (1)، كما نقل عنه في "المجموع" (2)، حول الخلاف مع ابن الصلاح حول خُلوف الصائم (3). والصحيح أنهّ لم يطَّلع على هذا الكتاب "الغاية" لأننّي أُرجِّح تأليفه في مصر، كما تبيَّن من تاريخ النسخ الخطية المعتمدة، وما في "المجموع في شرح المهذّب" من نقول عن "الغاية" فهو من تدوين السُّبكيّ في "تتمّته".
وأشهر المؤلفات التي صنّفها في مذهب الشافعيّ رضي الله عنه:
1 -
منهاج الطالبين، وهو اختصار لكتاب "المحرر" الذي ألّفه الرافعي، إلّا أن "منهاج الطالبين" يمتاز عن "المحرر" بما ضمّنه النووي من "التنبيه" على قيود بعض المسائل هي في الأصل محذوفات، ومنها مواضع يسيرة ذكرها في "المحرر" على خلاف المختار في المذهب. ومنها إبدال ما كان من ألفاظه غريبًا أو موهمًا خلاف الصواب بأوضح وأخصر منه بعبارات جليات، ومنها بيان القولين، والوجهين، والطريقتين، والنص، ومراتب الخلاف في جميع الحالات، ومنها مسائل نفيسة ضمّها إليه ينبغي أن لا يخلي الكتاب منها. وبذلك جاء هذا المختصر كما أراده له مؤلّفه في معنى الشرح للمحرر، إلّا أنّه أكثر تحريرًا للرأي المعتمد في المذهب.
2 -
"المجموع في شرح المهذّب"، شرح فيه كتاب أبي إسحاق الشيرازي، وقد أوضح النووي منهجه في هذا الشرح فقال: "فلهذا لا أترك قولًا أو
(1)"روضة الطالبين" للنووي (10/ 237).
(2)
"المجموع" للنووي (1/ 277).
(3)
انظر: فقرة (مساجلاته وخلافاته مع علماء عصره) في هذه المقدّمة.
وجهًا أو نقلًا ولو كان ضعيفًا أو واهيًا، إلّا ذكرته إذا وجدته، إن شاء الله، مع بيان رجحان ما كان راجحًا، أو تضعيف ما كان ضعيفًا، وتزييف ما كان زائفًا. وأحرص على تتبع كتب الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين إلى زماني من المبسوطات والمختصرات، وكذلك نصوص الإِمام الشافعيّ صاحب المذهب رضي الله عنه فأنقلها من نفس كتبه المتيسرة عندي كالأم، والمختصر، والبويطي، وما نقله المفتون والمعتمدون من الأصحاب". وبيّن الإِمام منهجه في الشرح بأنّه يهتم بتبيين لغات المهذّب وألفاظه وتعريف المصطلحات الفقهية، وذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة والمرفوعة والموقوفة، ويتكلّم على سندها ورجالها، ويخرّجها من كتب السنّة ويترجم لأسماء الأصحاب والعلماء والرواة، ويعرّف بهم تعريفًا موجزًا يرفع الإبهام والإشكال والالتباس عنهم، وإذا كان الحديث ضعيفًا بيّن الدليل للحكم الفقهي ولو بحديث آخر بقوله: ويغني عنه كذا. ثمّ يسهب النووي في بيان الأحكام بعبارة سهلة، ويضم الفروع والتتمّات والزوائد والقواعد والضوابط في الفقه، ويحدّد ما اتفق عليه أصحاب الشّافعيّ. وما انفرد به بعضهم، ملتزمًا بيان الراجح والمعتمد في المذهب، ويتتبع فتاوى الأصحاب في كتب الأصول والطبقات والشروح، فإنْ كان القول مشهورًا أو للجمهور ذكره من غير تعيين قائله، وإنْ كان القول غريبًا أضافه إلى قائله، كما يذكر مذاهب السلف من الصحابة والتابعين مع أدلتها ويبسط الكلام في الأدلّة، ويجيب عن بعضها، كما ينقل مذاهب الأئمة والعلماء، ويذكر أدلّة كل مذهب ويناقش الأدلّة، ويرجّح بينها بما يتفق غالبًا مع المعتمد والراجح في المذهب الشّافعيّ، ولكن
الإِمام النووي تُوفِّي قبل أنْ يتمّ الكتاب، وقد وصل إلى باب الربا، وجاء شرحه هذا في تسع مجلدات، ثمّ قام تقي الدين عليّ بن عبد الكافي السُّبكيّ (ت: 756 هـ) وبدأ في إتمامه، وأنجز ثلاث مجلدات ثمّ مات، وقد كمّله أحد علماء الحضارمة، كما كمّله عالم من علماء العراق، وأخيرًا انتهى "المجموع" على يد الشيخ محمد بخيت المطيعي.
3 -
روضة الطالبين ونزهة المفتين، هذّب به كتاب الرافعيّ (شرح الوجيز) بطريقة متوسطة بين المبالغة في الاختصار والإيضاح، وحذف الأدلة في معظمه، واستوعب جميع فقه الكتاب، حتى الوجوه الغربية المنكرات، واقتصر على الأحكام، وضمَّ إليه في أكثر المواطن تفريعات وتتمات، واستدرك على الإِمام الرافعي في مواضع يسيرة، منبِّهًا على ذلك.
وللإمام النوويّ منهج في الترجيح وضّحه في مقدِّمته لكتاب "المجموع" فذكر القواعد التي اعتمدها في الترجيح بين أقوال الإِمام الشافعي وأوجه أصحابه المنتسبين إلى مذهبه، يخرَّجونها على أصوله، ويستنبطونها من قواعده؛ وملخصها:
1 -
القول المعضد بالدليل الذي لا معارض له، سواء كان قديما أو جديدًا هو مذهب الشافعي، حيث صحّ عنه قوله:"إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا قولي".
2 -
القول الجديد للشافعيّ هو مذهبه، إذا نصّ في الجديد على خلاف القديم، أمّا إذا لم يتعارض القول القديم والجديد، أو لم يتعرض في الجديد بشيء للمسألة، فالقديم مذهبه ويُفتى به.