المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الوجه العاشر قال صلى الله عليه وسلم ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية - جـ ٦

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى إبْطَالِ التَّحْلِيلِ] [

- ‌نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ حَرَامٌ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ]

- ‌[الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ بُطْلَانُ الْحِيَلِ وَأَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي لَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَخْبَرَ اللَّه عَنْ أَهْل الْجَنَّة الَّذِينَ بَلَاهُمْ فِي سُورَة نُون]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ قَالَ اللَّه وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْت]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ]

- ‌[الْوَجْه السَّادِسُ قَوْل النَّبِيّ مَنْ أَدَخَلَ فَرَسًا بَيْن فَرَسَيْنِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيِّعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ الْيَهُودُ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا]

- ‌[الْوَجْهُ الْعَاشِرُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ الْمَقَاصِدَ وَالِاعْتِقَادَاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْعَادَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْحِيلَة تَصْدُرُ مِنْ رَجُلٍ كَرِهَ فِعْلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ لَيْسَ كُلُّ مَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ حِيلَةً]

- ‌ أَقْسَامِ الْحِيَلِ

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ الْحِيَلَ مَعَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهَا أُحْدِثَتْ بِالرَّأْيِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُفْقَدُ مِنْ الدِّينِ الْأَمَانَةُ]

- ‌[الْوَجْه الثَّامِن عَشْر أوجب اللَّه النَّصِيحَة وَالْبَيَان فِي الْمُعَامَلَات خَاصَّة]

- ‌[الْوَجْه التَّاسِع عَشْر اسْتَعْمَلَ الرَّسُول رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَة]

- ‌[الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْه الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ أَنْ اللَّه وَرَسُوله سَدّ الذَّرَائِع الْمُفْضِيَة إلَى الْمَحَارِم]

- ‌[الطَّرِيقُ الثَّانِي إبْطَالُ التَّحْلِيلِ فِي النِّكَاحِ] [

- ‌الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِي سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ]

- ‌[الْمَسْلَك الثَّالِث التَّحْلِيل لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيّ يَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ طلق ثَلَاثًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمَسْلَك الْخَامِس قَالَ اللَّه بَعْد الطَّلَاق مَرَّتَانِ وَبَعْد الخلع فَإِن طلقها]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّادِسُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّابِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّامِنُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ]

- ‌[الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْعَاشِرُ أَنَّهُ قَصَدَ بِالْعَقْدِ غَيْرَ مَا شُرِعَ لَهُ الْعَقْدُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ جَوَازَ التَّحْلِيلِ قَدْ أَفْضَى إلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ]

- ‌[كِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الطَّوَائِفِ الْمُلْحِدَةِ وَالزَّنَادِقَةِ] [

- ‌خِطْبَة الْكتاب]

- ‌[أَوْجُهٍ الرد عَلَيَّ الْمعَارضين]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْوَقْفِ وَاللَّفْظِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالُوا وَلَا نَقُولُ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ]

- ‌[الْأَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا وَإِثْبَاتِ قِدَمِ كَلَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ إنَّ هَذَا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ أَنْ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ الَّذِي هُوَ الْقَلْبُ يُوصَفُ بِالنُّطْقِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي إثْبَاتِ أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَلَا الْإِرَادَةَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ ثُبُوتَ الْكَلَامِ لِلَّهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَحْكُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ إنَّ هَذَا الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالذَّاتِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ إذَا جَاءَ أَنْ تَجْعَلُوا هَذِهِ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ حَقِيقَةً وَاحِدَةً]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ إنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا حُجَّتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ تَكُونَ أَقَمْت دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهِ قَدِيمًا وَاحِدًا لَيْسَ بِمُتَغَايِرٍ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ إمَّا قِدَمُهُ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ إنَّ قَوْلَك عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ إنْ عَنَيْت بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَتْ كَحَقِيقَةِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْكَلَامَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ إنَّك اعْتَمَدَتْ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا قَدِيمًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ قِيَاسُك الْوَحْدَةَ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْكَلَامِ عَلَى الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْمُتَكَلِّمِ قِيَاسٌ لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ أَنْ يُقَالَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ كَوْنَ الْقَدِيمِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ وَلَا مُتَبَعِّضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ نَفْيُ الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا عَنْ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَمْسُونَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ شَيْئًا وَاحِدًا لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ أَنْ يُقَالَ مَا تَعْنِي بِقَوْلِك كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ كَوْنَهُ ذَلِكَ قِدَمُهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ إنَّ هَؤُلَاءِ الْمُثْبِتِينَ لِلْحُرُوفِ الْقَدِيمَةِ قَالُوا مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ اجْتِمَاعَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ وَالرُّؤْيَةِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْقَوْل بِالتَّجَزُّؤِ وَالتَّبْعِيضِ وَالتَّعَدُّدِ وَالتَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ فِي كَلَام اللَّه]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ الْقُرْآنَ قَدْ نَطَقَ بِأَنَّ لِلَّهِ كَلِمَاتٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى مَعَ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ قَوْلُهُمْ كَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْكَلَامِ إنَّهُ وَاحِدٌ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجَوَابِ عَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُ قَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ كَانَ الْبَارِي عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ مَا شُكَّ فِيهِ يُقْطَعُ فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِ الْقَائِلِينَ إنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ]

- ‌[بَابٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الْأَشْعَرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَذْهَب الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَطَبَقَتِهِ]

الفصل: ‌[الوجه العاشر قال صلى الله عليه وسلم ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها]

وَلِمَنْ يُجَوِّزُ الْحِيَلَ فِي بَابِ الْأَثْمَانِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ فُنُونٌ كَثِيرَةٌ يُعَلِّقُونَ الْحُكْمَ فِيهَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى الْمَقْصُودِ، فَيَقَعُونَ فِي مِثْلِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْيَهُودُ سَوَاءً، إلَّا أَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ مِنْ جِهَةِ الْحَالِفِ، وَالْمَنْعَ هُنَا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَحِمَ هَذِهِ الْأُمَّةَ - بِأَنَّ نَبِيَّهَا صلى الله عليه وسلم نَبَّهَهُمْ عَلَى مَا لُعِنَتْ بِهِ الْيَهُودُ، وَكَانَ السَّابِقُونَ مِنْهَا فُقَهَاءَ أَتْقِيَاءَ عَلِمُوا مَقْصُودَ الشَّارِعِ، فَاسْتَقَرَّتْ الشَّرِيعَةُ بِتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ بُدِّلَتْ صُوَرُهَا، وَبِتَحْرِيمِ أَثْمَانِهَا - لَطَرَقَ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ الْحِيَلِ مَا طَرَقَ لَهُمْ فِي الْأَثْمَانِ وَنَحْوِهَا. إذْ الْبَابَانِ بَابٌ وَاحِدٌ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا فَعَلَتْهُ الْيَهُودُ، وَبَيْنَ أَنْ يُرِيدَ رَجُلٌ أَنْ يَهَبَ رَجُلًا شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ثَوْبًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ دَارًا، فَيُرِيدَ أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُ مِنَّتَهُ، فَيَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا آخُذُ هَذَا الثَّوْبَ، فَيُبَاعَ ذَلِكَ الثَّوْبُ، وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ، أَوْ يُفَصِّلَ قَمِيصًا، ثُمَّ يَأْخُذَهُ وَيَقُولَ: مَا أَخَذْت الثَّوْبَ، وَإِنَّمَا أَخَذْت ثَمَنَهُ، أَوْ أَخَذْتُ قَمِيصًا؟ هَذَا تَأْوِيلُ الْيَهُودِ بِعَيْنِهِ، فَإِنَّ الْحَالِفَ أَرَادَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَنْعًا يُوجِبُ الْحِنْثَ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَرَادَ مَنْعَ عِبَادِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ مَنْعًا يُوجِبُ الْحِنْثَ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ أَكْثَرَ الْحِيَلِ وَجَدَهَا عِنْدَ الْحَقِيقَةِ تَعُودُ إلَى مَا يُشْبِهُ هَذَا.

وَمِمَّا ذُكِرَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ فِعْلَ أَرْبَابِ الْحِيَلِ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْيَهُودِ الَّذِي لُعِنُوا عَلَيْهِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.

[الْوَجْهُ الْعَاشِرُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا]

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ

وَهُوَ مَا رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، فَتَذَاكَرْنَا الطَّلَاقَ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ عِنْدِ:" يُعْزَفُ إلَى آخِرِهِ ". وَإِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ إلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ صَحِيحٌ، وَسَائِرُ إسْنَادِهِ حَسَنٌ، فَإِنَّ حَاتِمَ بْنَ حُرَيْثٍ شَيْخٌ،

ص: 37

وَمَالِكَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ مِنْ قُدَمَاءِ الشَّامِيِّينَ. وَلِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ

، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاَللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إلَى جَنْبِ عَلَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَةٌ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ، وَعُرْفُهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُعَلَّقَةِ إذَا قَالَ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا، فَهُوَ مِنْ الصَّحِيحِ الْمَشْرُوطِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْنِدْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ بَازِلًا أَوْ لَا يَذْكُرُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِهَارِ الْحَدِيثِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي الصَّحِيحِ، وَإِذَا قَالَ: رُوِيَ عَنْ فُلَانٍ أَوْ يَذْكُرُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ كِتَابِهِ لَكِنْ يَكُونُ مِنْ الْحَسَنِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالْبَرْقَانِيُّ فِي صَحِيحَيْهِمَا الْمُخَرَّجَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. لَكِنْ فِي لَفْظٍ لَهُمَا:«تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَةٌ لَهُمْ وَيَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ» .

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَيَأْتِيهِمْ طَالِبُ حَاجَةٍ فَيَقُولُونَ» إلَى آخِرِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَلَمْ يَشُكَّ وَهَذَا مَعَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا لَفْظٌ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد كِلَا الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنْ رَوَى الثَّانِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، أَوْ أَبِي عَامِرٍ، وَلَفْظُهُ:«لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ» .

وَذَكَرَ كَلَامًا قَالَ: «يَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

، وَالْخَزُّ - بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ - وَسَوَاءٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ هُنَا نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَلَيْسَ هُوَ الْخَزَّ الْمَأْذُونَ فِي لُبْسِهِ الْمَنْسُوجَ مِنْ صُوفٍ وَحَرِيرٍ.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ» يَعْنِي: مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَحِلِّينَ.

ص: 38

وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَحِلِّينَ يَنْزِلُ مِنْهُمْ أَقْوَامٌ إلَى جَنْبِ جَبَلٍ، فَيُوَاعِدُهُمْ رَجُلٌ إلَى الْغَدِ فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ سبحانه وتعالى لَيْلًا وَيَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، كَمَا ذُكِرَ الضَّمِيرُ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد حَيْثُ قَالَ:«يَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ» وَكَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، حَيْثُ قَالَ:«يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ وَيَمْسَخُ مِنْهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ» - وَالْخَسْفُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - التَّبْيِيتُ الْمَذْكُورُ فِي الْآخِرِ. فَإِنَّ التَّبْيِيتَ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْبَأْسِ فِي اللَّيْلِ كَتَبْيِيتِ الْعَدُوِّ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ} [الأعراف: 97] وَهَذَا نَصٌّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اسْتَحَلُّوا هَذِهِ الْمَحَارِمَ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِيهَا، حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الشَّرَابَ الَّذِي شَرِبُوهُ لَيْسَ هُوَ الْخَمْرَ، وَإِنَّمَا لَهُ اسْمٌ آخَرُ إمَّا النَّبِيذُ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا الْخَمْرُ عَصِيرُ الْعِنَبِ النِّيءُ خَاصَّةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ تَأْوِيلُ طَائِفَةٍ مِنْ الْكُوفِيِّينَ مَعَ فَضْلِ بَعْضِهِمْ وَعِلْمِهِ وَدِينِهِ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:

دَعْ الْخَمْرَ يَشْرَبْهَا الْغُوَاةُ

فَإِنَّنِي رَأَيْتُ أَخَاهَا قَائِمًا فِي مَكَانِهَا

فَإِنْ لَا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فَإِنَّهُ

أَخُوهَا غَذَتْهُ أُمُّهُ بِلِبَانِهَا

وَلَقَدْ صَدَقَ فِيمَا قَالَ، فَإِنَّ النَّبِيذَ إنْ لَمْ يُسَمَّ خَمْرًا فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْخَمْرِ فِي الْمَعْنَى، فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا.

وَإِنَّمَا أَتَى هَؤُلَاءِ حَيْثُ اسْتَحَلُّوا الْمُحَرَّمَاتِ بِمَا ظَنُّوهُ مِنْ انْتِفَاءِ الِاسْمِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمِ وَثُبُوتِهِ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ شُبْهَةُ الْيَهُودِ فِي اسْتِحْلَالِ بَيْعِ الشَّحْمِ بَعْدَ تَجْمِيلِهِ، وَاسْتِحْلَالِ أَخْذِ الْحِيتَانِ يَوْمَ الْأَحَدِ بِمَا أَوْقَعُوهَا بِهِ يَوْمَ السَّبْتِ فِي الشِّبَاكِ وَالْحَفَائِرِ مِنْ فِعْلِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، حَيْثُ قَالُوا: لَيْسَ هَذَا بِصَيْدٍ وَلَا عَمَلٍ فِي يَوْمِ السَّبْتِ. وَلَيْسَ هَذَا بِاسْتِبَاحَةِ الشَّحْمِ. بَلْ الَّذِي يَسْتَحِلُّ الشَّرَابَ الْمُسْكِرَ زَاعِمًا أَنَّهُ لَيْسَ خَمْرًا، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْخَمْرِ، وَمَقْصُودَهُ مَقْصُودُ الْخَمْرِ أَفْسَدُ تَأْوِيلًا، مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخَمْرَ اسْمٌ لِكُلِّ شَرَابٍ أَسْكَرَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ قِيَاسًا، فَلَأَنْ كَانَ مِنْ الْقِيَاسِ مَا هُوَ حَقٌّ، فَإِنَّ قِيَاسَ الْخَمْرِ الْمَنْبُوذَةِ عَلَى الْخَمْرِ الْمَعْصُورَةِ مِنْ الْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ الْمُسَمَّى بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ، وَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الَّذِي لَا يُسْتَرَابُ فِي

ص: 39

صِحَّتِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي التَّحْرِيمِ.

وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى مِنْهَا مَا رَوَى النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْت أَبَا بَكْرِ بْنَ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مُحَيْسِنٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إيَّاهُ» .

وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: «لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ» وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ، وَابْنُ مُحَيْرِيزٍ إمَامٌ سَيِّدٌ جَلِيلٌ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَلَّالِ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى يَشْرَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» . وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ

، فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ، إنَّمَا شَرِبُوا الْخَمْرَ اسْتِحْلَالًا لِمَا ظَنُّوا أَنَّ الْمُحَرَّمَ مُجَرَّدُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَظَنُّوا أَنَّ لَفْظَ الْخَمْرِ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ. فَمَعْلُومٌ أَنَّ شُبْهَتَهُمْ فِي اسْتِحْلَالِ الْحَرِيرِ وَالْمَعَازِفِ أَظْهَرُ، فَإِنَّهُ قَدْ أُبِيحَ الْحَرِيرُ لِلنِّسَاءِ مُطْلَقًا وَلِلرِّجَالِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ الْغِنَاءُ وَالدُّفُّ قَدْ أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعُرْسِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ أُبِيحَ مِنْهُ الْحِدَاءُ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ دَلَائِلِ التَّحْرِيمِ مَا فِي الْخَمْرِ.

فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ يُخْسَفُ بِهِمْ وَيُمْسَخُونَ إنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي اسْتَحَلُّوا بِهِ الْمَحَارِمَ بِطَرِيقِ الْحِيلَةِ فَأَعْرَضُوا عَنْ مَقْصُودِ الشَّارِعِ وَحِكْمَتِهِ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلِذَلِكَ مُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، كَمَا مُسِخَ أَصْحَابُ السَّبْتِ بِمَا تَأَوَّلُوا مِنْ التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي اسْتَحَلُّوا بِهِ الْمَحَارِمَ، وَخُسِفَ بِبَعْضِهِمْ، كَمَا

ص: 40

خُسِفَ بِقَارُونَ، لِأَنَّ فِي الْخَمْرِ وَالْحَرِيرِ وَالْمَعَازِفِ مِنْ الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ مَا فِي الزِّينَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا قَارُونُ عَلَى قَوْمِهِ. فَلَمَّا مَسَخُوا دِينَ اللَّهِ مَسَخَهُمْ اللَّهُ، وَلَمَّا تَكَبَّرُوا عَنْ الْحَقِّ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ.

وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ مِنْهَا: مَا رَوَى فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَبِيتُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، ثُمَّ يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَيُبْعَثُ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَائِهِمْ رِيحٌ فَتَنْسِفُهُمْ كَمَا نَسَفَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِاسْتِحْلَالِهِمْ الْخُمُورَ وَضَرْبِهِمْ بِالدُّفُوفِ وَاِتِّخَاذِهِمْ الْقَيْنَاتِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: إذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ اسْتِحْلَالِ الرِّبَا بِاسْمِ الْبَيْعِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ اسْتِحْلَالِ الْخَمْرِ بِاسْمٍ آخَرَ فَجَمَعَ مِنْ الْمَطَاعِمِ مَا حَرُمَ فِي ذَاتِهِ وَمَا حَرُمَ لِلْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ، فَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ» يَعْنِي الْعِينَةَ وَهَذَا الْمُرْسَلُ بَيِّنٌ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تُسَمَّى بَيْعًا فِي الظَّاهِرِ وَحَقِيقَتُهَا وَمَقْصُودُهَا حَقِيقَةُ الرِّبَا - وَالْمُرْسَلُ صَالِحٌ لِلِاعْتِضَادِ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.

وَلَهُ مِنْ الْمُسْنَدِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعِينَةِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِينَةَ عِنْدَ مُسْتَحِلِّهَا إنَّمَا يُسَمِّيهَا بَيْعًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهَا رِبًا لَا بَيْعٌ، وَقَدْ رُوِيَ فِي اسْتِحْلَالِ الْفُرُوجِ حَدِيثٌ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ النَّبِيِّ

ص: 41

- صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ وَجَبْرِيَّةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ عَضُوضٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ الْحِرُّ وَالْحَرِيرُ» . يُرِيدُ اسْتِحْلَالَ الْفُرُوجِ مِنْ الْحَرَامِ وَالْحِرُّ - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ - هُوَ الْفَرْجُ.

وَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ ظُهُورَ اسْتِحْلَالِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَاسْتِحْلَالِ خُلْعِ الْيَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ اسْتِحْلَالَ الْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَمْ يَسْتَحِلَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الزِّنَا الصَّرِيحَ، وَلَمْ يُرِدْ بِالِاسْتِحْلَالِ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا فِي النَّاسِ، ثُمَّ لَفْظُ الِاسْتِحْلَالِ، إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَصْلِ فِيمَنْ اعْتَقَدَ الشَّيْءَ، حَلَالًا، وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا الْمُلْكَ الْعَضُوضَ الَّذِي كَانَ بَعْدَ الْمُلْكِ وَالْجَبْرِيَّةِ قَدْ كَانَ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ. وَفِي تِلْكَ الْأَزْمَانِ صَارَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَنْ يُفْتِي بِنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ مَنْ يُفْتِي بِذَلِكَ أَصْلًا.

يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَشْهُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ وَالْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ» . قَالَ: وَقَالَ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ تَعَالَى» فَلَمَّا لَعَنَ أَهْلَ الرِّبَا وَالتَّحْلِيلَ، وَقَالَ مَا ظَهَرَ الرِّبَا وَالزِّنَا فِي قَوْمٍ إلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ كَانَ هَذَا كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ مِنْ الزِّنَا كَمَا أَنَّ الْعِينَةَ مِنْ الرِّبَا وَأَنَّ اسْتِحْلَالَ هَذَيْنِ اسْتِحْلَالٌ لِلرِّبَا وَالزِّنَا. وَأَنَّ ظُهُورَ ذَلِكَ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ الَّتِي ذُكِرَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ.

وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ يُوَافِقُ هُنَا، رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ:

ص: 42

يَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِأَسْمَاءٍ يُسَمُّونَهَا بِهَا وَالسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ وَالْقَتْلَ بِالرَّهْبَةِ وَالزِّنَا بِالنِّكَاحِ وَالرِّبَا بِالْبَيْعِ» .

وَهَذَا الْخَبَرُ صَدَقَ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهَا قَدْ بُيِّنَتْ، وَأَمَّا اسْتِحْلَالُ السُّحْتِ الَّذِي هُوَ الْعَطِيَّةُ لِلْوَالِي وَالْحَاكِمِ وَالشَّافِعِ وَنَحْوِهِمْ بِاسْمِ الْهَدِيَّةِ فَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، وَأَمَّا اسْتِحْلَالُ الْقَتْلِ بِاسْمِ الْإِرْهَابِ الَّذِي يُسَمِّيهِ وُلَاةُ الظُّلْمِ سِيَاسَةً وَهَيْبَةً وَأُبَّهَةَ الْمُلْكِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْخُمُورَ وَالرِّبَا وَالسُّحْتَ وَالزِّنَا وَغَيْرَهَا بِأَسْمَاءٍ أُخْرَى مِنْ النَّبِيذِ وَالْبَيْعِ وَالْهَدِيَّةِ وَالنِّكَاحِ، وَمَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرِيرَ وَالْمَعَازِفَ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ فِعْلُ أَصْحَابِ الْحِيَلِ، فَإِنَّهُمْ يَعْمِدُونَ إلَى الْأَحْكَامِ فَيُعَلِّقُونَهَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِلُّونَهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي لَفْظِ الشَّيْءِ الْمُحَرَّمِ، مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ يَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَعْنَى الشَّيْءِ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي الْحِيَلِ الرِّبَوِيَّةِ، وَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُسْتَحَلُّ بِاسْمِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالنِّكَاحِ وَهِيَ رِبًا، أَوْ سِفَاحٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِلرَّجُلِ وَلَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ تَجْعَلُهَا إلَى سَنَةٍ بِأَلْفٍ، وَمِائَتَيْنِ فَقَالَ: بِعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِالْأَلْفِ الَّتِي فِي ذِمَّتِك، ثُمَّ ابْتَعْهَا مِنِّي بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ، فَهَذِهِ صُورَةُ الْبَيْعِ وَفِي الْحَقِيقَةِ بَاعَهُ الْأَلْفَ الْحَالَّةَ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ مُؤَجَّلَةٍ، فَإِنَّ السِّلْعَةَ قَدْ تَوَاطَئُوا عَلَى عَوْدِهَا إلَى رَبِّهَا، وَلَمْ يَأْتِيَا بِبَيْعٍ مَقْصُودٍ بَتَّةً.

وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ، وَإِنْ أَتَوْا بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَبِالْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَالْمَهْرِ فَإِنَّهُمْ قَدْ تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ لَيْلَةً، أَوْ سَاعَةً ثُمَّ تُفَارِقَهُ، وَأَنَّهَا لَا تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ تُعْطِيهِ، وَهَذَا هُوَ سِفَاحُ امْرَأَةٍ تَسْتَأْجِرُ رَجُلًا لِيَفْجُرَ بِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهَا. فَتَبْدِيلُ النَّاسِ لِلْأَسْمَاءِ لَا يُوجِبُ تَبْدِيلَ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّهَا أَسْمَاءٌ سَمَّوْهَا وَآبَاؤُهُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، كَتَسْمِيَةِ الْأَوْثَانِ آلِهَةً، فَإِنَّ خَصَائِصَ الْإِلَهِيَّةِ لَمَّا كَانَتْ مَعْدُومَةً فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ حَقِيقَةٌ، وَكَذَلِكَ خَصَائِصُ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَهِيَ الصِّفَاتُ وَالنُّعُوتُ الْمَوْجُودَةُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ فِي الْعَادَةِ إذَا كَانَ بَعْضُهَا مُنْتَفِيًا عَنْ هَذَا الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا وَلَا نِكَاحًا، فَإِذَا كَانَتْ صِفَاتُ الْخَمْرِ، وَالرِّبَا، وَالسِّفَاحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مَوْجُودَةً فِي شَيْءٍ كَانَ مُحَرَّمًا، وَإِنْ سَمَّاهُ النَّاسُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الِاسْمِ لِتَغْيِيرٍ أَتَوْا بِهِ فِي ظَاهِرِهِ.

وَإِنْ أُفْرِدَ بِاسْمٍ، كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقَ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْكَافِرِ فِي الْحَقِيقَةِ.

ص: 43