الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُجَرَّدُ الثَّوَابِ دُونَ السُّورَةِ، وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اُحْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي لَأَرَى هَذَا خَبَرًا جَاءَهُ مِنْ السَّمَاءِ ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنِّي قُلْت سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَلَا وَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
، وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعْدِلُ يَدْخُلُ فِيهِ حُرُوفُهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ «أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ النَّبِيُّ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» . وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُ قَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَاحِدًا]
بِمَا ذَكَرَهُ الْمُلَقَّبُ عِنْدَهُمْ بِالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الرَّازِيّ فَقَالَ: لَمَّا كَانَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخْبِرًا بِالْخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ الْمُخْبَرَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ.
وَلْنَضْرِبْ لِذَلِكَ مِثَالًا لِهَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا إذَا قَالَ لِأَحَدِ غِلْمَانِهِ إذَا قُلْت اضْرِبْ فَاضْرِبْ فُلَانًا، وَيَقُولُ لِلثَّانِي إذَا قُلْت اضْرِبْ فَلَا تَتَكَلَّمُ مَعَ فُلَانٍ وَيَقُولُ لِلثَّالِثِ إذَا قُلْت اضْرِبْ فَاسْتَخْبِرْ عَنْ فُلَانٍ، وَيَقُولُ لِلرَّابِعِ إذَا قُلْت اضْرِبْ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْغِلْمَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَمَّ يَقُولُ لَهُمْ اضْرِبْ فَهَذَا الْكَلَامُ الْوَاحِدُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمْ أَمْرٌ وَفِي حَقِّ الثَّانِي نَهْيٌ وَفِي حَقِّ الثَّالِثِ خَبَرٌ وَفِي حَقِّ الرَّابِعِ اسْتِخْبَارٌ وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ أَمْرًا وَنَهْيًا وَخَبَرًا وَاسْتِخْبَارًا فَأَيُّ اسْتِبْعَادٍ فِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ. فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ هَذِهِ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا الَّتِي اعْتَمَدَهَا إمَامُ أَتْبَاعِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ هُوَ أَيْضًا قَدْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فِي أَجَلِّ كُتُبِهِ عِنْدَهُ وَبَيَّنَ فَسَادَهَا، فَقَالَ فِي نِهَايَةُ الْعُقُولِ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّيْءَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَطَلَبًا وَبَيَانُهُ أَنَّ إنْسَانًا لَوْ قَالَ
لِبَعْضِ عَبِيدِهِ مَتَى قُلْت لَك افْعَلْ فَاعْلَمْ أَنِّي أَطْلُبُ مِنْك الْفِعْلَ، وَقَالَ لِلْآخَرِ مَتَى قُلْت لَك هَذِهِ الصِّيغَةَ فَاعْلَمْ أَنِّي أَطْلُبُ مِنْك التَّرْكَ، وَقَالَ لِلْآخَرِ مَتَى قُلْت لَك هَذِهِ الصِّيغَةَ فَاعْلَمْ أَنِّي أُخْبِرُ عَنْ كَوْنِ الْعَالَمِ حَادِثًا، فَإِذَا حَضَرُوا بِأَسْرِهِمْ وَخَاطَبَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِهَذِهِ الصِّيغَةِ كَانَتْ تِلْكَ الصِّيغَةُ الْوَاحِدَةُ أَمْرًا وَنَهْيًا وَخَبَرًا مَعًا، فَإِذَا عُقِلَ ذَلِكَ فِي الشَّاهِدِ فَلْيُعْقَلْ مِثْلُهُ فِي الْغَائِبِ. ثُمَّ قَالَ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ افْعَلْ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ طَلَبًا وَلَا خَبَرًا بَلْ هُوَ صِيغَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِإِفَادَةِ مَعْنَى الطَّلَبِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي جَعْلِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ دَلِيلًا عَلَى حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ، إنَّمَا الِاسْتِحَالَةُ فِي أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ وَكَلَامُنَا إنَّمَا هُوَ فِي نَفْسِ حَقِيقَةِ الْخَبَرِ وَحَقِيقَةِ الطَّلَبِ.
وَاسْتِقْصَاءُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِنْ كِتَابِ الْمَحْصُولُ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ فَهَذَا كَلَامُ الْمُسْتَدِلِّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فِي بَيَانِ فَسَادِهَا وَبُطْلَانِهَا وَذَلِكَ كَافٍ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ: أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْحُجَّةُ مِنْ أَفْسَدِ الْحُجَجِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمَثَلَ الْمَضْرُوبَ أَكْثَرُ مَا فِيهِ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ مُشْرَكًا بَيْنَ مَعَانِي أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ كَمَا قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ وَيْلٌ لَك أَنَّهُ دُعَاءٌ وَخَبَرٌ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الصِّيغَةَ الْوَاحِدَةَ يُرَادُ بِهَا الْأَمْرُ تَارَةً وَالْخَبَرُ أُخْرَى كَقَوْلِ الْقَائِلِ غَفَرَ اللَّهُ لِفُلَانٍ وَرَحِمَهُ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَأَجَارَهُ مِنْ النَّارِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ نِعَمًا عَظِيمَةً فَإِنَّ هَذَا فِي الْأَصْلِ خَبَرٌ وَهُوَ كَثِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ طَلَبٌ وَكَذَلِكَ صِيغَةُ افْعَلْ هِيَ أَمْرٌ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ تُضَمَّنُ مَعْنَى النَّهْيِ وَالتَّهْدِيدِ كَمَا قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] .
وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرَادُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ إمَّا الْأَمْرُ وَالْخَبَرُ أَوْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ، هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهِمْ، وَالنِّزَاعُ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَبَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ أَيْضًا وَالرَّازِيُّ يَخْتَارُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُوَافَقَةً لِأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمَانِعَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرًا يَرْجِعُ إلَى الْقَصْدِ فَإِنَّ قَصْدَ الْمَعْنَيَيْنِ جَائِزٌ وَلَكِنْ الْمَانِعُ أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى الْوَضْعِ وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ إنَّمَا وَضَعُوهُ لِهَذَا وَهَذِهِ وَلِهَذَا وَهَذِهِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِيهَا جَمِيعًا اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ.
وَلِهَذَا كَانَ الْمُرَجَّحُ قَوْلَ الْمُسَوِّغِينَ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِمَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالًا لَهُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ وَذَلِكَ يَسُوغُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَا مَانِعَ لِأَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ أَنْ يَسْتَعْمِلُوا اللَّفْظَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ فِيهِ نِزَاعٌ كَالطَّلَاقِ الْقَوْلُ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، وَمِنْهُ اسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ طَوَائِفَ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ بَعْضُ الْمَعْنَى لَيْسَ هُوَ غَيْرَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِعْمَالًا لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَا يَجْعَلُونَ اللَّفْظَ بِذَلِكَ مَجَازًا، وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا، وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ ضِدُّ اسْتِعْمَالِ الْعَامِّ فِي بَعْضِ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِهَذَا مُفْرَدًا وَلِهَذَا مُفْرَدًا فَجَمَعَ بَيْنَ مَعْنَيَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقِرُّ مِثْلُ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُ عَيْنُ مَعْنَاهُ إذْ هُوَ مَعْنَاهُ مُفْرَدًا وَمَعَهُ غَيْرُهُ.
وَكَمَا أَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ لَيْسَ بِغَيْرٍ لَهُ عِنْدَهُمْ فَلَا يَصِيرُ الشَّيْءُ غَيْرًا لِنَفْسِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَزِيدُ نَظِيرَهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا تَكْمِيلَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ نُبَيِّنُ حَقِيقَةَ مَا يَحْتَجُّ بِهِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ هَذَا الْمَثَلَ الَّذِي ضَرَبُوهُ مَضْمُونُهُ أَنْ يُجْعَلَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِأَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ وَيُقْصَدُ بِالْخِطَابِ بِهِ إفْهَامُ كُلِّ مَعْنًى لِمُخَاطَبٍ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ الْأَوَّلِ وَهَذَا جَائِزٌ فِي الْمَعْقُولِ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا ادَّعَوْهُ فِي الْكَلَامِ بِشَيْءٍ وَذَلِكَ أَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ هُوَ فِي أَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ يَدُلُّ عَلَى حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَازِعُ فِيهِ أَحَدٌ وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى ضَرْبِ الْمَثَلِ، بَلْ دَلَالَةُ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ كَثِيرٌ جِدًّا وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ خَبَرًا أَوْ أَمْرًا لَكِنْ وَيَدُلُّ عَلَى حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي هِيَ مَدْلُولُ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ هَلْ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ فَالنِّزَاعُ فِي الْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَهِيَ أَمْرُ اللَّهِ بِكَذَا وَأَمْرُهُ بِكَذَا أَوْ نَهْيُهُ عَنْ كَذَا وَنَهْيُهُ عَنْ كَذَا أَوْ خَبَرُهُ بِكَذَا وَخَبَرُهُ بِكَذَا هَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمَعَانِي لَا تَتْبَعُ وَضْعَ وَاضِعٍ، وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ هَؤُلَاءِ إذَا احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ قَالُوا إنَّ مَدْلُولَ الْعِبَارَاتِ وَالْإِشَارَاتِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَلَا بِقَصْدِ الْوَاضِعِينَ الْمُتَكَلِّمِينَ ثُمَّ يَحْتَجُّونَ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ بِجَوَازِ أَنْ يَجْعَلَ الْوَاضِعُ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ مَوْضُوعًا لِمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا فَإِنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى يَتْبَعُ قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِرَادَةَ، فَإِنَّهُ بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ