الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُلِدَ مَوْلُودٌ مَاتَ مَوْلُودٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ.
وَلَكِنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى فِي حَقِّهِ أَمْرًا يَسْمَعُهُ أَهْلُ الْعَرْشِ فَيُسَبِّحُونَ فَيُسَبِّحُ مَنْ تَحْتَهُمْ بِتَسْبِيحِهِمْ فَيُسَبِّحُ مَنْ تَحْتَ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ التَّسْبِيحُ يَهْبِطُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لِمَ سَبَّحْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ سَبَّحَ مَنْ فَوْقَنَا فَسَبَّحْنَا بِتَسْبِيحِهِمْ، فَيَقُولُونَ أَفَلَا تَسْأَلُونَ مَنْ فَوْقَكُمْ مِمَّ سَبَّحُوا، فَيَسْأَلُونَهُمْ فَيَقُولُونَ قَضَى اللَّهُ فِي خَلْقِهِ كَذَا وَكَذَا الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ فَيَهْبِطُ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَتَحَدَّثُونَ بِهِ فَتَسْتَرِقُهُ الشَّيَاطِينُ بِالسَّمْعِ عَلَى تَوَهُّمٍ مِنْهُمْ وَاخْتِلَافٍ، ثُمَّ يَأْتُونَ بِهِ إلَى الْكُهَّانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَيُحَدِّثُونَهُمْ فَيُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ فَتُحَدِّثُ بِهِمْ الْكُهَّانُ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ حَجَبَ الشَّيَاطِينَ عَنْ السَّمَاءِ بِهَذِهِ النُّجُومِ وَانْقَطَعَتْ الْكِهَانَةُ الْيَوْمَ فَلَا كِهَانَةَ» ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيّ فِي كِتَابِهِ (نِهَايَةِ الْعُقُولِ فِي دِرَايَةِ الْأُصُولِ) الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَوْرَدَ فِيهِ مِنْ الدَّقَائِقِ مَا لَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَالسَّابِقِينَ وَاللَّاحِقِينَ وَالْمُوَافِقِينَ.
[الْأَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ]
الْأَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ زَعَمُوا أَنَّ الْمَعْنَى بِكَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا أَنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ فِي جِسْمٍ، وَنَحْنُ نَزْعُمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، وَأَنَّ ذَاتَه تَعَالَى مَوْصُوفَةٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ، لِأَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إمَّا فِي الْمَعْنَى وَإِمَّا فِي اللَّفْظِ. أَمَّا فِي الْمَعْنَى فَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْوُقُوعِ، أَمَّا النِّزَاعُ فِي الصِّحَّةِ، فَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّا تَوَافَقْنَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَصِحُّ مِنْهُ إيجَادُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، أَمَّا فِي الْوُقُوعِ فَذَلِكَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّهُ تَعَالَى مُوجِدٌ لِجَمِيعِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَمِنْهَا هَذِهِ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُنَا إنْكَارُ كَوْنِهِ مُوجِدًا لَهَا عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَهُمْ يُثْبِتُونَ ذَلِكَ بِالسَّمْعِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَزْمَ بِوُقُوعِ الْجَائِزَاتِ الَّتِي لَا تَكُونُ مَحْسُوسَةً لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ السَّمْعِ، فَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى بِكَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا عِنْدَهُمْ أَنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ وَلَمْ يُثْبِتُوا لَهُ مِنْ كَوْنِهِ