الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمُطَلِّقِهَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّهُ سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا الْإِسْنَادُ جَيِّدٌ، رِجَالُهُ مَشَاهِيرُ ثِقَاتٌ وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ التَّحْلِيلَ الْمَكْتُومَ كَانُوا يَعُدُّونَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِفَاحًا.
[الْمَسْلَك الثَّالِث التَّحْلِيل لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيّ يَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ طلق ثَلَاثًا]
الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: أَنَّ التَّحْلِيلَ لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ عَلَيْهِ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ كَانَ أَرْحَمَ النَّاسِ بِأُمَّتِهِ وَأَحَبَّهُمْ لِمَيَاسِيرِ الْأُمُورِ، وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا، وَقَدْ جَاءَتْهُ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَهُوَ يُرْوَى مِنْ حِرْصِهَا عَلَى الْعَوْدِ إلَى زَوْجِهَا مَا يَرِقُّ الْقَلْبُ لِحَالِهَا وَيُوجِبُ إعَانَتَهَا عَلَى مُرَاجَعَةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّحْلِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَلَا يُحْصَى مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا لَيْلَةً ثُمَّ يُفَارِقُهَا، وَلَوْ أَنَّهُ مَنْ قَدْ كَانَ يَسْتَمْتِعُ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ حَلِّلْ هَذِهِ لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ عُلِمَ أَنَّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ أَمَرَ بِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ تُسَمِّهِ السُّنَّةُ حَتَّى تَعُدَّهَا إلَى بِدْعَةٍ زَيَّنَهَا الشَّيْطَانُ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَسْلَكَ وَعَلِمَ كَثْرَةَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَأْذَنُوا لِأَحَدٍ فِي تَحْلِيلٍ، عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ. فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْفِعْلِ إذَا كَانَ قَدِيمًا قَوِيًّا وَجَبَ وُجُودُهُ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ التَّحْلِيلُ مَعَ قُوَّةِ مُقْتَضِيهِ عُلِمَ أَنَّ فِي الدِّينِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ.
[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ]
ِ، فَرَوَى قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ وَحَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَحْفُوظٌ عَنْ عُمَرَ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يَقُولُ إنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَهُ
ابْنُ عُمَرَ: عَرَفْت ابْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَوْ رَأَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَرَجَمَ فِيهِ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَكِنَّ زَيْدًا هَذَا يُضَعَّفُ جِدًّا وَحَدِيثُهُ هَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ، كَمَا سَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ رُفِعَ إلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ لَا تَرْجِعْ إلَيْهِ إلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ غَيْرِ دُلْسَةٍ، رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَعَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُثْمَانَ فَقَالَ إنَّ جَارِيَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي غَضَبِهِ وَلَقِيَ شِدَّةً فَأَرَدْت أَنْ أَحْتَسِبَ نَفْسِي وَمَالِي فَأَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَبْنِيَ بِهَا ثُمَّ أُطَلِّقَهَا فَتَرْجِعَ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ لَا تَنْكِحْهَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُهَذَّبِ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرَادِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَرْوَانَ التُّجِيبِيِّ يَقُولُ: إنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَدِمَا وَكَانَ لَهُ جَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّلَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ عِلْمِهِمَا، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ غَيْرَ مُدَالَسَةٍ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فِي الْمُحَلِّلِ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ غَيْرِ دُلْسَةٍ وَلَا اسْتِهْزَاءٍ بِكِتَابِ اللَّهِ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هَيْثَمٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ سُئِلَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ الْأَمَةِ هَلْ يُحِلُّهَا سَيِّدُهَا لِزَوْجِهَا إذَا كَانَ لَا يُرِيدُ التَّحْلِيلَ، يَعْنِي إذَا بَتَّ طَلَاقَهَا، فَقَالَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ نَعَمْ، فَقَامَ عَلِيٌّ غَضْبَانَ وَكَرِهَ قَوْلَهُمَا. وَعَنْ عَلِيٍّ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ.
وَعَنْ أَشْعَثَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، وَعَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ وَالْمُحَلَّلَةَ،
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا قَالَ: ذَلِكَ السِّفَاحُ لَوْ أَدْرَكَكُمْ عُمَرُ لَنَكَّلَكُمْ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه وَسُئِلَ عَنْ الْمُحَلِّلَ قَالَ لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً إذَا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ، هَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ وَرَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ، عَنْ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْهُ لَكِنْ قَالَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُحَلِّلَ إذَا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْهُ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ، لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَلَوْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ سَمِعْت عُمَرَ يُسْأَلُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نَدِمَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ يُحَلِّلُهَا لَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ كِلَاهُمَا زَانٍ وَلَوْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، وَرَوَاهُ
الشَّالَنْجِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا، فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، هُمَا زَانِيَانِ،
وَقَالَ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ ثِنَا هُشَيْمٌ ثِنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عِمْرَانِ بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إنَّ عَمَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَنَدِمَ فَقَالَ عَمُّك عَصَى اللَّهَ فَأَنْدَمَهُ وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا قَالَ أَرَأَيْت إنْ أَنَا تَزَوَّجْتهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ أَتَرْجِعُ إلَيْهِ قَالَ مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ اللَّهُ، رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَمَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ يُحِلُّهَا لَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ، وَهَذِهِ الْآثَارُ مَشْهُورَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَفِيهَا بَيَانُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ عِنْدَهُمْ اسْمٌ لِمَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ سَوَاءٌ يُظْهِرُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُظْهِرْهُ، وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يُنَكِّلُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُحَلِّلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ رَغْبَةٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، إذَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ قَصَدَ التَّحْلِيلَ، وَأَنَّ الْمُطَلِّقَ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَإِنْ تَأَذَّى وَنَدِمَ وَلَقِيَ شِدَّةً مِنْ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّحْلِيلُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ هُوَ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ الْآثَارُ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ تَغْلِيظِ التَّحْلِيلِ فَهِيَ مِنْ أَبْلَغِ الدَّلِيلِ، عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَاسْتِحْقَاقَ صَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ كَانَ مَشْهُورًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ مَنْ خَالَفَ فِي الْمُتْعَةِ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا التَّحْلِيلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ، إنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَنَدِمَ وَنَدِمَتْ، فَأَرَدْت أَنْ أَنْطَلِقَ فَأَتَزَوَّجَهَا وَأُصْدِقَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ أَدْخُلَ بِهَا كَمَا يَدْخُلُ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أُطَلِّقَهَا، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ اتَّقِ اللَّهَ يَا فَتَى وَلَا تَكُونُ مِسْمَارَ نَارٍ لِحُدُودِ اللَّهِ، وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ هُوَ التَّيْسُ الْمُسْتَعَارُ وَهَذَا يَقْتَضِي شُهْرَةَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ زَمَنَ الصَّحَابَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَنَدِمَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَيْهِ رُقْعَتَانِ رُقْعَةٌ يُوَارِي بِهَا عَوْرَتَهُ، وَرُقْعَةٌ يُوَارِي بِهَا سَوْأَتَهُ، فَقَالَ لَهُ هَلْ لَك تَتَزَوَّجُ امْرَأَةً فَتَبِيتُ عِنْدَهَا لَيْلَةً وَتَجْعَلُ لَك جُعْلًا، قَالَ نَعَمْ فَزَوَّجُوهَا مِنْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ فَبَاتَ عِنْدَهَا قَالَتْ لَهُ هَلْ عِنْدَك مِنْ خَيْرٍ قَالَ هُوَ حَيْثُ تُحِبِّينَ جَعَلَهُ اللَّهُ فِدَاهَا، فَقَالَتْ لَا تُطَلِّقْنِي فَإِنَّ عُمَرَ لَنْ يُجْبِرَك عَلَى طَلَاقِي، فَلَمَّا أَصْبَحُوا لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ الْبَابُ حَتَّى كَادُوا يَكْسِرُونَ الْبَابَ، فَلَمَّا دَخَلُوا قَالُوا لَهُ طَلِّقْهَا، قَالَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فَقَالُوا
لَهَا، فَقَالَتْ إنِّي أَكْرَهُ أَنْ لَا يَزَالَ يَدْخُلُ عَلَيَّ الرَّجُلُ بَعْدَ الرَّجُلِ، فَارْتَفَعُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرُوهُ الْقِصَّةَ فَرَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَزَقْت ذَا الرُّقْعَتَيْنِ إذْ بَخِلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ لَئِنْ طَلَّقَهَا فَأَوْعَدَهُ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظُهُ فِي سُنَنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَنَدِمَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ اُنْظُرْ رَجُلًا يُحَلِّلُهَا لَك وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لَهُ حَسَبٌ أُقْحِمَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَتَوَارَى بِهِ إلَّا رُقْعَتَيْنِ، رُقْعَةً يُوَارِي بِهَا فَرْجَهُ وَرُقْعَةً يُوَارِي بِهَا دُبُرَهُ، فَأَرْسَلُوهُ إلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ هَلْ لَك أَنْ نُزَوِّجَك امْرَأَةً فَتَدْخُلَ عَلَيْهَا فَتَكْشِفَ عَنْهَا خِمَارَهَا ثُمَّ تُطَلِّقَهَا، وَنَجْعَلُ لَك عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا، قَالَ نَعَمْ، فَزَوَّجُوهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَابٌّ صَحِيحُ الْحَسَبِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَأَصَابَهَا فَأَعْجَبَهَا، فَقَالَتْ لَهُ أَعِنْدَك خَيْرٌ قَالَ نَعَمْ هُوَ حَيْثُ تُحِبِّينَ جَعَلَهُ اللَّهُ فِدَاهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مَكَّةَ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لَهُ صِغَارٌ وَعَلَيْهِ إزَارٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ رُقْعَةٌ وَمِنْ خَلْفِهِ رُقْعَةٌ، فَسَأَلَ عُمَرَ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إذْ نَزَعَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا، فَقَالَ لَهَا هَلْ لَك أَنْ تُعْطِينَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ شَيْئًا، وَيُحِلَّك لِي قَالَتْ نَعَمْ إنْ شِئْت، فَأَخْبَرُوهُ ذَلِكَ، قَالَ نَعَمْ، فَتَزَوَّجَهَا فَدَخَلَ بِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَدْخَلَتْ إخْوَتَهُ الدَّارَ فَجَاءَ الْقُرَشِيُّ يَحُومُ حَوْلَ الدَّارِ وَيَقُولُ يَا وَيْلَهُ غَلَبَ عَلَيَّ امْرَأَتِي، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غُلِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي. قَالَ مَنْ غَلَبَك، قَالَ ذُو الرُّقْعَتَيْنِ، قَالَ أَرْسِلُوا إلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ كَيْفَ مَوْضِعُك مِنْ قَوْمِك، قَالَ لَيْسَ بِمَوْضِعِي بَأْسٌ، قَالَتْ إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَك أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك فَقُلْ وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا، فَإِنَّهُ لَا يُكْرِهُك، وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَّفَ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك قَالَ لَا وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَوْ طَلَّقْتهَا لَأَوْجَعْت رَأْسَك بِالسَّوْطِ.
فَهَذَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ شَرَطَ تَقَدُّمَ الْعَقْدِ وَقَدْ حَكَمَ عُمَرُ بِصِحَّتِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَتْ الْمَسْأَلَةُ خِلَافًا فِي الصَّحَابَةِ، وَرُبَّمَا حَمَلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ عَلَى الشَّرْطِ الْمَقْرُونِ بِالْعَقْدِ لِتَتَّفِقَ رِوَايَتَاهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا، فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا، وَأَوْعَدَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ إنْ طَلَّقَهَا.
قُلْنَا: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ فَرَوَى أَبُو حَفْصٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ: إنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ، قُلْت أَوَ لَيْسَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ حَدِيثُ ذِي الرُّقْعَتَيْنِ حَيْثُ أَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا، قَالَ لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ لِابْنِ سِيرِينَ وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا لَمْ يَرَ عُمَرُ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ الَّذِينَ سَمِعُوهُ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا. قُلْت: وَقَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ: ذَلِكَ السِّفَاحُ لَوْ أَدْرَكَكُمْ عُمَرُ لَنَكَّلَكُمْ وَأَحَادِيثُ ابْنِ عُمَرَ كُلُّهَا تُبَيِّنُ أَنَّ نَفْسَ التَّحْلِيلِ الْمَكْتُومِ زِنًا وَسِفَاحٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ أَبِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ لَنَكَّلَ عَلَيْهِ.
وَسَائِرُ الْآثَارِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا تُبَيِّنُ أَنَّ التَّحْلِيلَ عِنْدَهُمْ كُلُّ نِكَاحٍ أَرَادَ بِهِ أَنْ يُحِلَّهَا، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا، فَعُلِمَ أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ التَّحْلِيلَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَكْتُومًا، فَالْمُنْقَطِعُ إذَا عَارَضَ الْمُسْنَدَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ. فَلَعَلَّهُ لَمْ تَكُنْ الْإِرَادَةُ فِيهِ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي. وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ، وَقَدْ أَجَابَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَفْصٍ بِهَذَا الْجَوَابِ أَيْضًا. ثُمَّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَعَلَّهُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَمْ يَنْوِ التَّحْلِيلَ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ شَرَطُوهُ بَلْ قَصَدَ نِكَاحَ الرَّغْبَةِ، وَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا لِلزَّوْجِ سَبَبًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ زَوَّجُوهُ بِهَا، وَتَوَاطَئُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا لِيُطَلِّقَهَا، وَلَمْ يُشْعِرُوهُ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَرْوِيِّ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ شَارَطُوهُ عَلَى الْخُلْعِ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ بِمَالٍ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ، بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى بَذْلِ الْمَالِ لَهُ، فَهُوَ مُوَاطَأَةٌ عَلَى فُرْقَةٍ مِنْ الزَّوْجِ، وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُوَاطَأَةِ عَلَى الطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ، كَالْمُوَاطَأَةِ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا الزَّوْجُ أَوْ يَهَبَهَا إيَّاهُ، إذَا كَانَ عَبْدَهُ، وَمَعَ هَذَا فَيُمْكِنُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّ ابْنَ سِيرِينَ لَمْ يَشْهَدْ الْقِصَّةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ إذَا حَدَّثَ بِهَا قَدْ لَا يُخْبِرُ الْمُخْبِرُ بِأَعْيَانِ الْأَلْفَاظِ وَتَرْتِيبِهَا. لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا غَيْرَ ذَلِكَ. بَلْ يَذْكُرُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْقِدَ النِّكَاحَ عَلَى صَدَاقٍ يَلْتَزِمُهُ الزَّوْجُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ حِكَايَةُ حَالٍ لَمْ يَشْهَدْهَا الْحَاكِي، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى هَذَا
الْوَجْهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَمَّا جَاءَ إلَى عُمَرَ رضي الله عنه إنَّمَا قَالَ غُلِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَلَمْ يَقُلْ غُدِرَ بِي وَلَا مُكِرَ بِي وَلَا خُدِعْت، وَلَوْ كَانَ الْمُتَزَوِّجُ قَدْ وَاطَأَهُ عَلَى أَنْ يَخْلَعَهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا لَكَانَتْ شِكَايَتُهُ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ رضي الله عنه.
وَاحْتِجَاجُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ غُلِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي. فَإِنَّ أَقَلَّ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَا الرُّقْعَتَيْنِ يَكُونُ قَدْ حَدَّثَهُ فَكَذَبَهُ وَوَعَدَهُ فَأَخْلَفَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ضَعِيفٌ. فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَسْتَفْصِلْهُ هَلْ نَوَيْت التَّحْلِيلَ وَقْتَ الْعَقْدِ أَمْ لَمْ تَنْوِهِ، وَلَوْ كَانَ مَنَاطُ الْحُكْمِ ذَلِكَ لَوَجَبَ الِاسْتِفْصَالُ، وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنْ الْمَالِكِيَّةِ يَقُولُ إذَا وَطِئَ الزَّوْجُ عَلَى التَّحْلِيلِ وَقَصَدَ هُوَ وَقْتَ الْعَقْدِ الرَّغْبَةَ وَلَمْ يُعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ، فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَالشَّرْطِ الْمُقَارِنِ، وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَاطَأَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَاعْتِقَادِ التَّحْلِيلِ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَقَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَارَنَةِ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً أَثَّرَتْ فِي الْعَقْدِ فِي الْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا، بَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَبْلَغُ فِي الْبُطْلَانِ مِنْ الِاعْتِقَادِ الْمُجَرَّدِ، فَلِهَذَا لَمْ يُرَخِّصْ أَحَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ فِي الْمُوَاطَأَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ الرُّخْصَةُ فِي الِاعْتِقَادِ الْمُجَرَّدِ، فَإِنَّ هَذَا تَلْبِيسٌ مُدَلِّسٌ عَلَى الْقَوْمِ، وَالنِّكَاحُ الَّذِي قَصَدَهُ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ وَلَمْ يُعَاقِدُوهُ عَلَيْهِ، وَالنِّكَاحُ الَّذِي رَضَوْا بِهِ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِرِضَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ التَّابِعِ لِرِضَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِذَا تَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ وَاطَئُوهُ عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ، وَلَا أَشْعَرُوهُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُمْ وَاطَئُوهُ عَلَى أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً ثُمَّ يُطَلِّقَهَا، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، الَّذِي يَكُونُ لِلزَّوْجِ فِيهِ رَغْبَةٌ فِي النِّكَاحِ إلَى وَقْتٍ، وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ قَدْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَهُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، حَتَّى أَظْهَرَ عُمَرُ السُّنَّةَ بِتَحْرِيمِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، ثُمَّ النِّكَاحُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الطَّلَاقُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَصِحُّ فِيهِ مِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ، إنَّمَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ إذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ حَقٌّ لَهَا كَالصَّدَاقِ مَثَلًا، وَلِهَذَا لَمَّا طُلِبَ مِنْ الرَّجُلِ الطَّلَاقَ رَدَّ الْأَمْرَ إلَيْهَا فَلَمْ تَطْلُبْهُ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَطْلُبْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ فَإِنَّهُ يَنْقَضِي بِمُضِيِّ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهَا لَهُ فَإِنَّ عُمَرَ لَا يُجْبِرُك عَلَى طَلَاقِي
لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ لَهَا وَعُمَرُ لَا يُجْبِرُ عَلَى تَوْفِيَةِ حَقٍّ لَمْ يَطْلُبْهُ صَاحِبُهُ، بَلْ عَفَا عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَظْهَرَ بَعْدَ هَذَا تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَحِكَايَةُ حَالٍ، وَالْحَاكِي لَهَا يَشْهَدُهَا لِيَسْتَوْفِيَ صِفَتَهَا، فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ لَمَّا رَغِبَتْ فِي الرَّجُلِ وَهُوَ قَدْ رَغِبَ فِيهَا وَهِيَ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ هِيَ أَوْلَى بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ خَاطِبٍ، قَدْ رَغِبَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ بِإِمْسَاكِهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ لَهُ لَا تُطَلِّقْهَا، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا يُسَمَّى طَلَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ فَسْخًا. حَتَّى قَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ طَلَاقٌ وَاقِعٌ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ «عَنْ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَسْلَمْت وَعِنْدِي أُخْتَانِ فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَنْقُصُ بِهِ الْعَدَدُ.
وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمْسَاكَ كَانَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ لَا بِذَلِكَ النِّكَاحِ. أَشْيَاءُ: أَحَدُهَا: أَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ كَيْفُ مَوْضِعُك مِنْ قَوْمِك. قَالَ لَيْسَ بِمَوْضِعِي بَأْسٌ. قَالَتْ إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَك أَتُطَلِّقُ امْرَأَتَك فَقُلْ لَا وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُهَا. فَاعْتَبَرَتْ الْمَرْأَةُ كَفَاءَتَهُ بِعِلْمِهَا. بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْأَوْلِيَاءِ بِهَا تَعَلُّقٌ. فَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ صَحِيحًا لَازِمًا. لَمْ يَكُنْ لِلْأَوْلِيَاءِ الِاعْتِرَاضُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا يَكُونُ اعْتِرَاضٌ لَهُمْ إذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَوَقَعَ النِّكَاحُ بِلَا رِضَاهُمْ. فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ قَدْ انْعَقَدَ لَازِمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ كَانَ مَقْصُودُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ كُفْءٍ يُبْطِلُ عُمَرُ رضي الله عنه النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْقَائِلُ لَأَمْنَعَنَّ خُرُوجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ.
وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه. فَيُقَالُ لَمْ يَكُنْ الْأَوْلِيَاءُ يُمْكِنُهُمْ الطَّعْنُ فِي كَفَاءَتِهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدْ كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ. إنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُمْ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ فَاسِدًا فَلَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُمْ ذِكْرُهُ. فَعَلَى التَّقْرِيرَيْنِ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِذِكْرِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ غَيْرَ لَازِمٍ.
وَثَانِيهَا: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لَوْ طَلَّقْتهَا لَأَوْجَعْت رَأْسَك بِالسَّوْطِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا النِّكَاحُ صَحِيحًا يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ لَمْ يَنْهَهُ عُمَرُ عَنْ طَلَاقِهَا إذَا أَرْضَوْهُ، وَهُوَ يَرَى شَغَفَ الْأَوَّلِ بِهَا، وَصَفْوَ الْأَوْلِيَاءِ إلَيْهِ فَلَمَّا نَهَاهُ عَنْ مُفَارَقَتِهَا كَانَ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ
لِلْأَوَّلِ إذَا فَارَقَهَا، وَهُمْ يُرِيدُونَ الِاسْتِحْلَالَ، وَإِنَّمَا دَرَأَ عُمَرُ رضي الله عنه الْعُقُوبَةَ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ إلَّا رَجَمْته.؛ لِأَنَّهُ أَعْرَابِيٌّ جَدِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا لَهُ طَلِّقْهَا قَالَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَقَامَهُ مَشْرُوطٌ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ لُزُومِ النِّكَاحِ وَصِحَّتِهِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ قَدْ رَوَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَ الْمَرْأَةَ لِوَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا الَّتِي تُسَمَّى الدَّلَّالَةَ، وَنَكَّلَ بِهَا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فَعَلَتْ مَا لَا يَحِلُّ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَيْسَ فِيهِ عَوْدُهَا إلَى الْمُطَلِّقِ بَلْ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَوَامُ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ بَلْ فِيهِ أَنَّهُ صَارَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَحْلِيلًا فَإِنْ كَانَ بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَهَذَا مِمَّا قَدْ يَسُوغُ فِيهِ الْخِلَافُ، كَمَا فِي النِّكَاحِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَةِ أَوْ نِكَاحِ الْعَبْدِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مَرْدُودٌ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: إنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إذَا حُذِفَ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه مُخَرَّجًا عَلَى هَذَا، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ، وَنِيَّةُ التَّحْلِيلِ كَاشْتِرَاطِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ الْفَاسِدُ إنْ حُذِفَ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَسَدَ، وَإِذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَهُوَ مَحَلُّ اخْتِلَافٍ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَلِّلِ، وَلِهَذَا لَمَّا أَفْتَى أَحْمَدُ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَدَثَ لَهُ رَغْبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَكَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ وَقَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عُمَرَ هَذَا، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْنَدٍ فَلَا يُعَارِضُ الْآثَارَ الْمُسْنَدَةَ، وَإِنَّمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْآثَارِ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، هَلْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِي صِحَّةِ أَصْلِ النِّكَاحِ وَلَا فِي جَوَازِ عَوْدِهَا إلَى الْأَوَّلِ بِالتَّحْلِيلِ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ الْإِسْنَادِ وَالِاحْتِمَالِ لَمْ تُعَارِضْ مَا عُرِفَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ رضي الله عنه فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ، وَمَنْ سَمِعَهُ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ فِيهِ الْتِبَاسٌ، مَا رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ ثِنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ هَلْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَلَّلَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَقَالَ لَا إنَّمَا كَانَتْ لِرَجُلٍ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَمَالٍ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ