الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالضَّرُورَةِ وَالِاتِّفَاقِ أَنَّ مِنْهُ شَيْئًا لَيْسَ هُوَ الشَّيْءَ الْآخَرَ أَمَّا الصِّفَاتِيَّةُ فَيُقِرُّونَ بِذَلِكَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَهُوَ الْحَقُّ وَالْكُلَّابِيَّةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا نُفَاةُ الصِّفَاتِ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا مُضْطَرُّونَ إلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ فَإِنْ أَخَذُوا يَقُولُونَ بَلْ هَذَا هُوَ هَذَا كَمَا يَقُولُهُ الْمُتَفَلْسِفَةُ فِي الْعَاقِلِ وَالْمَعْقُولِ وَالْعَقْلِ وَفِي الْوُجُودِ وَالْوُجُوبِ وَكَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَمَا يَقُولُهُ أَبُو الْهُذَيْلِ إنَّ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ هُوَ اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فَسَادَ هَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْبَدِيهِيَّاتِ فِي الْعُقُولِ ثُمَّ إذَا الْتَزَمُوا ذَلِكَ كَانَ لِكُلِّ مَنْ نَازَعَ أَنْ يَقُولَ فِيمَا أَنْكَرُوهُ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا أَقَرُّوا بِهِ فَيَقُولُ الْمُجَسِّمُ أَنَا أَقُولُ إنَّ هَذَا الْجَانِبَ هُوَ هَذَا الْجَانِبُ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَيَقُولُ الصِّفَاتِيَّةُ كُلُّهُمْ نَحْنُ نَقُولُ الْعِلْمُ هُوَ الْقُدْرَةُ وَالْقُدْرَةُ هِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَيَقُولُ الْأَشْعَرِيَّةُ لِلْمُعْتَزِلَةِ نَحْنُ نَقُولُ الْأَمْرُ هُوَ النَّهْيُ وَيَقُولُ الْقَائِلُونَ بِالْحُرُوفِ وَالصَّوْتِ نَحْنُ نَقُولُ الْبَاءُ هِيَ السِّينُ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَإِنْ قَالُوا بَلْ لَا نَقُولُ فِي هَذَيْنِ إنَّ أَحَدَهُمَا هُوَ الْآخَرُ وَلَا غَيْرُهُ أَوْ هُمَا مُتَغَايِرَانِ بِاعْتِبَارٍ دُونَ اعْتِبَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ فِيمَا نُوزِعُوا فِيهِ مِنْ التَّبْعِيضِ نَظِيرَ الْقَوْلِ فِيمَا أَقَرُّوا بِهِ وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ لَا انْفِصَالَ عَنْهُ بِحَالٍ وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَأْسِيسِ الرَّازِيّ.
[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ كَوْنَهُ ذَلِكَ قِدَمُهُ]
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: قَوْلُهُ كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ كَوْنَهُ ذَلِكَ قِدَمُهُ. يُقَالُ لَكِنْ مِنْ أَيْنَ فِي قِدَمِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَأَنْتَ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي تَخْلِيصِ التَّلْبِيسِ عَلَى جَمِيعِ مَا احْتَجُّوا بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَيَّنَّا لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٌ أَنَّ جَمِيعَ حُجَجِهِمْ دَاحِضَةٌ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى طَرِيقِهِمْ الْمَشْهُورِ الَّذِي أَثْبَتُوا بِهِ حُدُوثَ الْأَجْسَامِ وَبَيَّنَّا اتِّفَاقَ السَّلَفِ عَلَى فَسَادِهَا فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ فِي الْعَقْلِ أَيْضًا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: إنْ حُجَّتَهُمْ عَلَى إنْكَارِ تَكَلُّمِ اللَّهِ بِالْحُرُوفِ يَنْقُضُ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَيَلْزَمُهُمْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا إنْكَارُ مَا أَثْبَتُوهُ مِنْ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ أَوْ الْإِقْرَارُ بِمَا أَنْكَرُوهُ مِنْ التَّكَلُّمِ بِالْحُرُوفِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، فِي كِتَابِ النَّقْضِ وَهُوَ فِي أَرْبَعِينَ سِفْرًا وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْحُرُوفِ وَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ السِّينَ مِنْ بِسْمِ بَعْدَ الْبَاءِ وَالْمِيمَ بَعْدَ السِّينِ وَالسِّينَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْبَاءِ لَا أَوَّلَ لَهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَعْقُولِ إلَى أَجْحَدِ
الضَّرُورَةِ فَإِنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِوُقُوعِ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَوَّلِيَّتِهِ.
فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَا أَوَّلَ لِمَا لَهُ أَوَّلُ سَقَطَتْ مُكَالَمَتُهُ وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ بِالْحُرُوفِ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَلَا تَعَاقُبٍ فِيهَا فَيُقَالُ لَهُمْ الْحُرُوفُ أَصْوَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا شَكَّ فِي اخْتِلَافِهَا وَقَدْ اعْتَرَفَ خُصُوصًا بِاخْتِلَافِهَا وَزَعَمُوا أَنَّ لِلَّهِ ضُرُوبًا مِنْ الْكَلَامِ مُتَغَايِرَةً مُخْتَلِفَةً عَلَى اخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَالْمَقَاصِدِ فِي الْعِبَارَاتِ وَكُلُّ صَوْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْأَصْوَاتِ مُتَضَادَّانِ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمَحِلِّ الْوَاحِدِ وَقْتًا وَاحِدًا كَمَا يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُ كُلِّ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْأَلْوَانِ وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ ذَلِكَ وَيَكْشِفُهُ أَنَّا كَمَا نَعْلَمُ اسْتِحَالَةَ قِيَامِ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ جَمِيعًا. فَكَذَلِكَ نَعْلَمُ اسْتِحَالَةَ صَوْتٍ خَفِيضٍ وَصَوْتٍ جَهُورِيٍّ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ جَمِيعًا، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَالْمُخْتَلِفُ مِنْ الْأَصْوَاتِ يَتَضَادُّ كَمَا أَنَّ الْمُخْتَلِفَ مِنْ الْأَلْوَانِ يَتَضَادُّ وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ وَمُتَّصِفٌ بِالْوَحْدَانِيَّةِ مُتَقَدِّسٌ عَنْ التَّجَزُّؤِ وَالتَّبَعُّضِ وَالتَّعَدُّدِ وَالتَّرْكِيبِ وَالتَّأَلُّفِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ مَا قُلْنَاهُ اسْتَحَالَ قِيَامُ أَصْوَاتٍ مُتَضَادَّةٍ بِذَاتٍ مَوْصُوفَةٍ بِحَقِيقَةِ الْوَحْدَانِيَّةِ. وَهَذَا مَا لَا مَخْلَصَ لَهُمْ مِنْهُ.
فَإِنْ تَعَسَّفَ مِنْ الْمُقَلَّدِينَ مُتَعَسِّفٌ وَأَثْبَتَ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ جِسْمًا مُرَكَّبًا مِنْ أَبْعَاضٍ مُتَأَلِّفًا مِنْ جَوَارِحَ نَقْلنَا الْكَلَامَ مَعَهُ إلَى إبْطَالِ التَّجْسِيمِ وَإِيضَاحِ تَقَدُّسِ الرَّبِّ عَنْ التَّبْعِيضِ وَالتَّأْلِيفِ وَالتَّرْكِيبِ، فَيُقَالُ لَهُ هَذَا بِعَيْنِهِ وَأَرُدُّ عَلَيْك فِيمَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْمَعَانِي، وَهُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ، فَإِنَّ الَّذِي نَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ فِي الْحُرُوفِ نَعْلَمُ نَظِيرَهُ بِالضَّرُورَةِ فِي الْمَعَانِي، فَالْمُتَكَلِّمُ مِنَّا إذَا تَكَلَّمَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَهُوَ بِالضَّرُورَةِ يَنْطِقُ بِالِاسْمِ الْأَوَّلِ لَفْظًا وَمَعْنًى قَبْلَ الثَّانِي، فَيُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي نَظِيرَ مَا قَالَهُ فِي الْحُرُوفِ.
فَيُقَالُ مَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ مَعْنَى اسْمِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَعْدَ مَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ، وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا أَوَّلَ لَهُ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَعْقُولِ إلَى جَحْدِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ بِمَعَانِي الْحُرُوفِ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَعَاقُبٍ وَلَا تَرْتِيبٍ، قِيلَ لَهُ مَعَانِي الْحُرُوفِ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ، لَا شَكَّ فِي اخْتِلَافِهَا، فَإِنَّ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِنَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَفْهُومَ مِنْ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، لَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالنَّفْسِ الْمَفْهُومَ مِنْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْمَعْنَى فِي صِيَغِ الْأَمْرِ لَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى فِي صِيَغِ
الْإِخْبَارِ، فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ هَذَا أَوْ يَمْنَعَ فَإِنْ سَلَّمَ كَمَا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ خَمْسُ حَقَائِقَ تُكُلِّمَ مَعَهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ قِيلَ لَهُ الْعِلْمُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْمَعَانِي ضَرُورِيٌّ بَدِيهِيٌّ لَيْسَ هُوَ بِدُونِ الْعِلْمِ بِتَعَاقُبِ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي، وَلَا بِدُونِ الْعِلْمِ بِاخْتِلَافِ الْأَصْوَاتِ بَلْ أَصْوَاتُ الْمُصَوِّتِ الْوَاحِدِ أَقْرَبُ تَشَابُهًا مِنْ الْمَعَانِي الْقَائِمَةِ بِنَفْسِهِ وَهَذَا الْأَمْرُ مَحْسُوسٌ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ سَقَطَتْ مُكَالَمَتُهُ أَبْلَغُ مِمَّا تَسْقُطُ مُكَالَمَةُ ذَاكَ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ لَهُ هَذِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةُ مُتَضَادَّةٌ فِي حَقِّنَا فَإِنَّا نَجِدُ مِنْ نُفُوسِنَا أَنَّهَا عِنْدَ تَصَوُّرِ مَعَانِي كَلَامٍ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُتَصَوَّرَ مَعَانِي كُلِّ كَلَامٍ، كَمَا نَجِدُ مِنْ نُفُوسِنَا أَنَّا عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِصَوْتٍ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِصَوْتٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِامْتِنَاعُ لِذَاتِ الْمَعْنَيَيْنِ وَالصُّورَتَيْنِ امْتَنَعَ أَنْ يَقُومَ ذَلِكَ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ لِعَجْزِنَا عَنْ ذَلِكَ كَمَا نَعْجِزُ عَنْ اسْتِحْضَارِ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُون ذَلِكَ مُمْتَنِعًا فِي حَقِّ اللَّهِ وَلَا مُمْتَنِعًا أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مَعَانِيَ كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً وَأَصْوَاتًا كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً.
قَوْلُهُ وَكُلُّ صَوْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْأَصْوَاتِ مُتَضَادَّانِ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمَحِلِّ الْوَاحِدِ وَقْتًا وَاحِدًا، فَيُقَالُ لَهُ أَمَّا الَّذِي نَجِدُهُ فَإِنَّا لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَجْمَعَ بَيْنَ صُورَتَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ وَقْتًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ مُتَمَاثِلَيْنِ، فَلَيْسَ الِامْتِنَاعُ فِي ذَلِكَ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْأَصْوَاتِ، وَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَسْتَحْضِرَ فِي قُلُوبِنَا الْمَعَانِيَ الْكَثِيرَةَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً أَوْ مُتَمَاثِلَةً وَإِنْ قَدَرْنَا أَنْ نَجْمَعَ مِنْ الْمَعَانِي فِي قُلُوبِنَا مَا لَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نَجْمَعَ لَفْظَهُ مِنْ الْأَصْوَاتِ.
فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقَلْبَ أَوْسَعُ مِنْ الْجَسَدِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَجِدَ كُلُّ أَحَدٍ نَفْسَهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا مَعَانٍ كَثِيرَةٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، كَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صُورَتَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ وَقِيَاسُ الْأَصْوَاتِ بِالْمَعَانِي وَهِيَ مُطَابِقَةٌ لَهَا وَقَوَالِبُ لَهَا أَجْوَدُ مِنْ قِيَاسِهَا بِالْأَلْوَانِ وَمَا أَلْزَمُوهُ فِي الْمَعَانِي مِنْ أَنَّهَا مَعْنًى وَاحِدُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ لَيْسَ فِي مُخَالَفَتِهِ لِبَدِيهَةِ الْعُقُولِ بِدُونِ أَنْ يُقَالَ يَكُونُ حَرْفٌ وَاحِدٌ هُوَ الْبَاءُ وَالسِّينُ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ هَذَا وَهُوَ نَظِيرُهُ فَلَا رَيْبَ أَنْ أَقُولَ بِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَحِلِّ الْوَاحِدِ أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ مِنْ كَوْنِ الْأَمْرِ هُوَ النَّهْيُ وَهُمَا الْخَبَرُ فَالْقَوْلُ بِاجْتِمَاعِ الصِّفَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى.
وَمَنْ قَالَ الْكَلَامُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ، وَأَنَّهَا كُلَّهَا مُجْتَمَعَةٌ قَائِمَةٌ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ