الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ إضَافَةَ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ إلَى اللَّهِ لَيْسَ كَإِضَافَةِ الْخَلْقِ إلَيْهِ وَأَنَّ بَابَ قَالَ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ بَابِ خَلَقَ، وَبُطْلَانُ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَإِذَا كَانَ بَاطِلًا، وَقَوْلُهُمْ أَيْضًا بَاطِلٌ تَعَيَّنَ صِحَّةُ مَذْهَبِ السَّلَفِ يُؤَكِّد هَذَا.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: وَهُوَ أَنَّ السَّلَفَ وَالْمُعْتَزِلَةَ جَمِيعًا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي تُثْبِتُونَهُ أَنْتُمْ بَلْ الَّذِي سَمَّتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ كَلَامَ اللَّهِ وَقَالُوا إنَّهُ مَخْلُوقٌ وَافَقَهُمْ السَّلَفُ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ لَكِنْ قَالُوا إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامِ اللَّهِ فَكَانَ قَوْلُكُمْ خَرْقًا لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَذَلِكَ خَرْقٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ جَمِيعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِ السَّلَفِ إلَّا هَذَانِ الْقَائِلَانِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ الَّذِي قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهُ مَخْلُوقٌ، لَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ.
[الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَحْكُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ]
الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ: إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَحْكُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ بِخَلْقِ كَلَامِ اللَّهِ كَمَا يَحْكِيهِ عَنْهُمْ السَّلَفُ وَأَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَكَمَا يَقُولُونَ هُمْ ذَلِكَ وَإِنْ حَكَيْتُمْ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَذُمُّوهُمْ بِذَلِكَ كَمَا ذَمُّوهُمْ السَّلَفُ بِهِ بَلْ تَمْدَحُونَهُمْ بِذَلِكَ كَمَا يَمْدَحُونَ بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ فَلَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ وَالْمُعْتَزِلَةُ جَمِيعًا أَوْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ وَمُوَافَقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إنَّهُ مَخْلُوقٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ وَاجِبٌ عِنْدَكُمْ وَمَنْ قَالَ عَنْ ذَلِكَ إنَّهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَهُوَ ضَالٌّ عِنْدَكُمْ أَوْ كَافِرٌ، ثُمَّ الْمُعْتَزِلَةُ تُسَمِّيهِ كَلَامَ اللَّهِ وَتَقُولُ كَلَامُ اللَّهُ مَخْلُوقٍ، وَالسَّلَفُ تُسَمِّيهِ كَلَامَ اللَّهِ وَيَقُولُونَ هُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَعَ قَوْلِكُمْ إنَّهُ مَخْلُوقٌ هَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّهِ مَجَازٌ وَتُنْفَى الْحَقِيقَةُ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُكُمْ، أَوْ يُقَالُ بَلْ يُسَمَّى كَلَامُ اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُكُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ لَزِمَكُمْ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُعْتَزِلَةُ تَعْتَقِدُ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ بِحَالٍ، إنْ تَلَفَّظُوا بِذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَهُمْ مُخْطِئُونَ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ إنِّي زَنَيْت بِأُمِّي أَوْ قَتَلَتْ نَبِيًّا وَلَمْ يَكُنْ الْمَزْنِيُّ بِهَا أُمَّهُ وَلَا الْمَقْتُولُ نَبِيًّا فَهُوَ مُخْطِئٌ فِي هَذَا الظَّنِّ فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ نَفْسِهِ.
لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَظُنُّ الْقَائِلُ أَنَّهُ بِهِ مَذْمُومٌ وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا تَذُمُّ أَنْفُسَهَا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ تَذُمُّهُمْ بِذَلِكَ فَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِدَ بَعْضُ الْكُفَّارِ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَخَذَ كِتَابًا فَمَزَّقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ الْمُصْحَفُ أَوْ قَتَلَ أَقْوَامًا يَظُنُّهُمْ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ
وَهُوَ عِنْدَ نَفْسِهِ مُتَدَيِّنٌ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا هُمْ الْمُعْتَزِلَةُ عِنْدَكُمْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الَّذِي اعْتَقَدُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ لَا رَيْبٍ إنَّهُ مَخْلُوقٌ كَمَا لَا رَيْبَ فِي قَتْلِ أُولَئِكَ النَّفَرِ وَتَمْزِيقِ ذَلِكَ الْكِتَابِ، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ وَإِنْ اعْتَقَدْتُمْ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِخَلْقِهِ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ كَمَا اعْتَقَدَ أُولَئِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ قَتْلَهُمْ عِبَادَةٌ لِلَّهِ وَأَنَّ هَذَا الْمُصْحَفَ هُوَ الْقُرْآنُ وَتَمْزِيقَهُ عِبَادَةٌ لِلَّهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَؤُلَاءِ قَتَلُوا أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مَزَّقُوا الْمُصْحَفَ، وَإِنْ كَانُوا قَصَدُوا ذَلِكَ وَاعْتَقَدُوهُ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى أَصْلِكُمْ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُعْتَزِلَةَ قَالَتْ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَإِنْ كَانُوا هُمْ قَصَدُوا ذَلِكَ وَاعْتَقَدُوهُ فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ مَخْلُوقٌ إنْ كَانَ مَجَازًا فَلَمْ يَحْكُمُوا عَلَى مَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَهُمْ إنَّمَا قَالُوا إنَّهُ مَخْلُوقٌ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، وَاللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ بِإِرَادَةِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بَلْ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُجْمَلٌ، فَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ قَالُوا كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَلَا قَالُوا إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ قَدِيمًا عِنْدَهُمْ فَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ مُطْلَقًا.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: إنَّ هَذَا النَّقْلَ عَنْهُمْ إذَا قِيلَ إنَّهُ صَحِيحٌ إمَّا بِاعْتِبَارِ وَإِحْدَى الْحَقِيقَتَيْنِ أَوْ بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُذَمُّونَ عَلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ، بَلْ يُحْمَدُونَ عَلَى ذَلِكَ إذْ أَنْتُمْ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ السَّلَفَ الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إمَامَتِهِمْ فِي الدِّينِ ذَمُّوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا أَنْتُمْ ذَامُّونَ لِلسَّلَفِ الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إمَامَتِهِمْ فِي الدِّينِ وَأَنْتُمْ عِنْدَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ مَذْمُومُونَ، وَأَنْتُمْ بِذَلِكَ مِنْ جِنْسِ الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَقْدَحُ فِي سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَهَذَا حَقٌّ، فَإِنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ، وَقَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ فِيهِ مِنْ التَّنَقُّصِ وَالسَّبِّ وَالطَّعْنِ عَلَى السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَعَلَى السُّنَّةِ مَا لَيْسَ فِي قَوْلِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ. فَإِنَّ الْخَوَارِجَ يُعَظِّمُونَ الْقُرْآنَ وَيُوجِبُونَ اتِّبَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّبِعُوا السُّنَنَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَهُمْ يَقْدَحُونَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَمَنْ تَوَلَّاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَقْدَحُوا فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ بَلْ لَا تُجَوِّزُ اتِّبَاعَ الْقُرْآنِ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ كَمَا
يُصَرِّحُونَ بِهِ، كَالرَّازِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَّبِعُوا السُّنَنَ أَوْ إجْمَاعَ السَّلَفِ فَالْجَهْمِيَّةُ أَعْظَمُ قَدْحًا فِي الْقُرْآنِ وَفِي السُّنَنِ وَفِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ هَلْ هُمْ دَاخِلُونَ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَأْخُذُونَ بِبَعْضِ الْجَهْمِ وَأَيْضًا فَفِيهِمْ مَنْ لَا يُكَفِّرُ الْأُمَّةَ بِخِلَافِهِ وَلَا يَسْتَحِلُّ السَّيْفَ، وَفِيهِمْ مَنْ قَدْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ وَجَهِلُوا أَصْلَ الْقَوْلِ وَقَوْلَ الدُّعَاةِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَظُهُورَ ذَلِكَ، فَمِنْ هُنَا كَانَ حَالُ فُرُوعِ الْجَهْمِيَّةِ قَدْ يَكُونُ أَخَفَّ مِنْ حَالِ الْخَوَارِجِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُمْ فِي نَفْسِهِ أَحْنَثُ مِنْ قَوْلِ الْخَوَارِجِ بِكَثِيرٍ، وَإِذَا كَانَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَدْ قَالَ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّ فِتْنَتَهُمْ أَضَرُّ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ فِتْنَةِ الْأَزَارِقَةِ وَالْمُعْتَزِلَةُ جَهْمِيَّةٌ؛ عُلِمَ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارَ الْعَبْسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الرَّقَاشِيُّ، سَمِعْت يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ فِتْنَةُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْأَزَارِقَةِ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَلُّوا وَأَنَّهُمْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا، وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ، وَيُنْكِرُونَ عَذَابَ الْقَبْرِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، وَفُرُوعُ الْجَهْمِيَّةِ لَا يَقْبَلُونَ شَهَادَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَأْتَمِرُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ شَرٌّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ هُمْ أَصْلُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي هَؤُلَاءِ مَنْ لَا يَرَى التَّكْفِيرَ وَالسَّيْفَ كَمَا تَرَاهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ وَهُوَ قَوْلُ الْخَوَارِجِ.
وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا يَكُونُ أَهْلُ الْبِدَعِ مَعَ الْقُدْرَةِ يُشْبِهُونَ الْكُفَّارَ فِي اسْتِحْلَالِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْفِيرِهِمْ كَمَا يَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ وَالرَّافِضَةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَفُرُوعُهُمْ لَكِنَّ فِيهِمْ مَنْ يُقَاتِلُ بِطَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ كَالْخَوَارِجِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْعَى فِي قَتْلِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالِفِيهِ إمَّا بِسُلْطَانِهِ وَإِمَّا بِحِيلَتِهِ وَمَعَ الْعَجْزِ يُشْبِهُونَ الْمُنَافِقِينَ يَسْتَعْمِلُونَ التَّقِيَّةَ وَالنِّفَاقَ كَحَالِ الْمُنَافِقِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبِدَعَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكُفْرِ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ