المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الوجه السابع عشر إن هذا يهدم عليهم إثبات العلم بصدق الكلام النفساني] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية - جـ ٦

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى إبْطَالِ التَّحْلِيلِ] [

- ‌نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ حَرَامٌ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ]

- ‌[الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ بُطْلَانُ الْحِيَلِ وَأَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي لَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَخْبَرَ اللَّه عَنْ أَهْل الْجَنَّة الَّذِينَ بَلَاهُمْ فِي سُورَة نُون]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ قَالَ اللَّه وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْت]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ]

- ‌[الْوَجْه السَّادِسُ قَوْل النَّبِيّ مَنْ أَدَخَلَ فَرَسًا بَيْن فَرَسَيْنِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيِّعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ الْيَهُودُ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا]

- ‌[الْوَجْهُ الْعَاشِرُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ الْمَقَاصِدَ وَالِاعْتِقَادَاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْعَادَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْحِيلَة تَصْدُرُ مِنْ رَجُلٍ كَرِهَ فِعْلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ لَيْسَ كُلُّ مَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ حِيلَةً]

- ‌ أَقْسَامِ الْحِيَلِ

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ الْحِيَلَ مَعَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهَا أُحْدِثَتْ بِالرَّأْيِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُفْقَدُ مِنْ الدِّينِ الْأَمَانَةُ]

- ‌[الْوَجْه الثَّامِن عَشْر أوجب اللَّه النَّصِيحَة وَالْبَيَان فِي الْمُعَامَلَات خَاصَّة]

- ‌[الْوَجْه التَّاسِع عَشْر اسْتَعْمَلَ الرَّسُول رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَة]

- ‌[الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْه الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ أَنْ اللَّه وَرَسُوله سَدّ الذَّرَائِع الْمُفْضِيَة إلَى الْمَحَارِم]

- ‌[الطَّرِيقُ الثَّانِي إبْطَالُ التَّحْلِيلِ فِي النِّكَاحِ] [

- ‌الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِي سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ]

- ‌[الْمَسْلَك الثَّالِث التَّحْلِيل لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيّ يَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ طلق ثَلَاثًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمَسْلَك الْخَامِس قَالَ اللَّه بَعْد الطَّلَاق مَرَّتَانِ وَبَعْد الخلع فَإِن طلقها]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّادِسُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّابِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّامِنُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ]

- ‌[الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْعَاشِرُ أَنَّهُ قَصَدَ بِالْعَقْدِ غَيْرَ مَا شُرِعَ لَهُ الْعَقْدُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ جَوَازَ التَّحْلِيلِ قَدْ أَفْضَى إلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ]

- ‌[كِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الطَّوَائِفِ الْمُلْحِدَةِ وَالزَّنَادِقَةِ] [

- ‌خِطْبَة الْكتاب]

- ‌[أَوْجُهٍ الرد عَلَيَّ الْمعَارضين]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْوَقْفِ وَاللَّفْظِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالُوا وَلَا نَقُولُ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ]

- ‌[الْأَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا وَإِثْبَاتِ قِدَمِ كَلَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ إنَّ هَذَا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ أَنْ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ الَّذِي هُوَ الْقَلْبُ يُوصَفُ بِالنُّطْقِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي إثْبَاتِ أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَلَا الْإِرَادَةَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ ثُبُوتَ الْكَلَامِ لِلَّهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَحْكُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ إنَّ هَذَا الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالذَّاتِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ إذَا جَاءَ أَنْ تَجْعَلُوا هَذِهِ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ حَقِيقَةً وَاحِدَةً]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ إنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا حُجَّتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ تَكُونَ أَقَمْت دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهِ قَدِيمًا وَاحِدًا لَيْسَ بِمُتَغَايِرٍ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ إمَّا قِدَمُهُ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ إنَّ قَوْلَك عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ إنْ عَنَيْت بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَتْ كَحَقِيقَةِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْكَلَامَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ إنَّك اعْتَمَدَتْ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا قَدِيمًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ قِيَاسُك الْوَحْدَةَ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْكَلَامِ عَلَى الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْمُتَكَلِّمِ قِيَاسٌ لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ أَنْ يُقَالَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ كَوْنَ الْقَدِيمِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ وَلَا مُتَبَعِّضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ نَفْيُ الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا عَنْ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَمْسُونَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ شَيْئًا وَاحِدًا لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ أَنْ يُقَالَ مَا تَعْنِي بِقَوْلِك كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ كَوْنَهُ ذَلِكَ قِدَمُهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ إنَّ هَؤُلَاءِ الْمُثْبِتِينَ لِلْحُرُوفِ الْقَدِيمَةِ قَالُوا مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ اجْتِمَاعَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ وَالرُّؤْيَةِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْقَوْل بِالتَّجَزُّؤِ وَالتَّبْعِيضِ وَالتَّعَدُّدِ وَالتَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ فِي كَلَام اللَّه]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ الْقُرْآنَ قَدْ نَطَقَ بِأَنَّ لِلَّهِ كَلِمَاتٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى مَعَ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ قَوْلُهُمْ كَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْكَلَامِ إنَّهُ وَاحِدٌ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجَوَابِ عَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُ قَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ كَانَ الْبَارِي عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ مَا شُكَّ فِيهِ يُقْطَعُ فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِ الْقَائِلِينَ إنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ]

- ‌[بَابٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الْأَشْعَرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَذْهَب الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَطَبَقَتِهِ]

الفصل: ‌[الوجه السابع عشر إن هذا يهدم عليهم إثبات العلم بصدق الكلام النفساني]

كَانَ عِنْدَهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالرُّسُلِ، كَانَ الْعِلْمُ بِجَوَازِ إرْسَالِ الرُّسُلِ سَابِقًا عَلَى الْعِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِمَا يَتَأَخَّرُ عِلْمُهُ عَلَى مَا يَتَقَدَّمُ عِلْمُهُ، وَمِنْ حَقِّ الدَّلِيلِ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدْلُولِ حَيْثُ جُعِلَ دَلِيلًا عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مِمَّنْ يُسَوِّغُ التَّكْلِيفُ الْعَقْلِيُّ فَذَاكَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ يَرْجِعُ إلَى صِفَاتٍ تَقُومُ بِالْأَفْعَالِ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى ثُبُوتِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ هَذَا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَوْلَهُمْ: وُرُودُ التَّكْلِيفِ دَالٌّ عَلَى عِلْمِهِ، وَعِلْمُهُ دَالٌّ عَلَى ثُبُوتِ الْمُصَدَّقِ، إذْ الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْ نُطْقِ النَّفْسِ بِمَا يَعْلَمُهُ، وَذَلِكَ هُوَ التَّدْبِيرُ وَالْخَبَرُ، فَقَدْ جَعَلُوا الْعِلْمَ مُسْتَلْزِمًا لِلْكَلَامِ بِنَوْعَيْهِ الْخَبَرُ وَالصِّدْقُ وَالتَّدْبِيرُ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ، وَهَذَا إلَى التَّحْقِيقِ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ. فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْعِلْمِ وَالْكَذِبِ النَّفْسَانِيِّ، فَإِنْ قِيلَ لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ بِإِثْبَاتِهِ تَارَةً وَجَعْلِهِ كَلَامًا مُحَقَّقًا وَنَفْيِهِ أُخْرَى وَنَفْيِ تَسْمِيَتِهِ كَلَامًا مُحَقَّقًا إذَا قُدِّرَ وُجُودُهُ، لَكِنَّ التَّنَاقُضَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقَدْ يَكُونُ الْبَاطِلُ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْعِلْمِ لِلصِّدْقِ النَّفْسَانِيِّ وَمُنَافَاتِهِ لِلْكَذِبِ دُونَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا وَعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ لِلصِّدْقِ،

[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ إنَّ هَذَا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ]

قِيلَ تَقُولُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا وَهُوَ.

الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: إنَّ هَذَا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ، وَإِذَا فَسَدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهُمْ إثْبَاتُ الْكَلَامِ لَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا بَلْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ إثْبَاتُ كَلَامٍ لَمْ يَعْلَمُوا وُجُودَهُ إلَّا وَهُوَ كَذِبٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا الْخَبَرَ النَّفْسَانِيَّ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْخَبَرِ الْكَذِبِ، فَهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا وُجُودَ خَبَرٍ نَفْسَانِيٍّ إلَّا مَا كَانَ كَذِبًا.

فَإِنْ أَثْبَتُوا لِلَّهِ ذَلِكَ كَانَ كُفْرًا بَاطِلًا خِلَافَ مَقْصُودِهِمْ وَخِلَافَ إجْمَاعِ الْخَلَائِقِ إذْ أَحَدٌ لَا يُثْبِتُ لِلَّهِ كَلَامًا لَازِمًا لِذَاتِهِ هُوَ كَذِبٌ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَرِيقٌ إلَى إثْبَاتِ الْخَبَرِ النَّفْسَانِيِّ بِحَالٍ. لِأَنَّا حِينَئِذٍ لَمْ نَعْلَمْ وُجُودَ مَعْنًى نَفْسَانِيٍّ صِدْقًا غَيْرَ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ لَا شَاهِدًا وَلَا غَائِبًا فَإِنَّ خَبَرَ اللَّهِ لَا يَنْفَعُك عَنْ الْعِلْمِ، وَإِذَا امْتَنَعَ إثْبَاتُ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْخَبَرِ امْتَنَعَ حِينَئِذٍ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ صِدْقًا، فَإِنَّ ثُبُوتِ الصِّفَةِ بِدُونِ الْمَوْصُوفِ مُحَالٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي إثْبَاتِ صِدْقِ الْخَبَرِ يُبْطِلُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ أَصْلِ الْخَبَرِ النَّفْسَانِيِّ، فَلَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ لَا خَبَرٌ نَفْسَانِيٌّ وَلَا صِدْقُهُ، وَالطَّرِيقَةُ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي إثْبَاتِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهَا لَوْ قُدِّرَ صِحَّتُهَا خَبَرٌ هُوَ كَذِبٌ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي

ص: 514

حَقِّهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ مَعَ التَّنَاقُضِ لَمْ يُثْبِتُوا لَا الْكَلَامَ النَّفْسَانِيَّ وَلَا صِدْقَهُ فَلَمْ يُثْبِتُوا وَاحِدًا مِنْ الْمُتَنَاقِضَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَخْلُو الْأَمْرُ عَنْ النَّقِيضَيْنِ وَيُمْكِنُ رَفْعُهُمَا جَمِيعًا.

قِيلَ: هَذَا لَا يُمْكِنُ فِي الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ الْمُمْتَنِعَةِ، فَإِنَّ مَنْ فَرَضَ تَقْدِيرًا مُمْتَنِعًا لَزِمَهُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ وَانْتِفَاؤُهُمَا وَذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمُحَالِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَهَذَا دَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ.

الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لِلْخَبَرِ مَعْنًى لَيْسَ هُوَ الْعِلْمُ وَبَابُهُ فَهَذَا إثْبَاتُ أَمْرٍ مُمْتَنِعٍ، وَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ صِفَةٍ بِأَنَّهُ صِدْقٌ أَوْ كَذِبٌ مُمْتَنِعٌ أَيْضًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فَقَوْلُهُمْ بَعْدَ هَذَا الْعِلْمِ يَسْتَلْزِمُ الصِّدْقَ مِنْهُ وَيُنَافِي الْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ يُنَاقِضُ قَوْلَهُمْ الْعِلْمُ لَا يَسْتَلْزِمُ الصِّدْقَ وَلَا يُنَافِي الْكَذِبَ، فَهَذَانِ النَّقِيضَانِ كِلَاهُمَا مُنْتَفٍ لِأَنَّ كِلَاهُمَا إنَّمَا يَلْزَمُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ مَعْنًى لِلْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَبَابَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا بَاطِلًا مُمْتَنِعًا كَانَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا إذْ حَاصِلُهُ لُزُومُ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ وَلَزِمَ الْخُلُوُّ عَنْ النَّقِيضَيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَهَذِهِ اللَّوَازِمُ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَلْزُومِ الَّذِي هُوَ مَعْنًى لِلْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَنَحْوَهُ، وَلِهَذَا يُجْعَلُ فَسَادُ اللَّوَازِمِ دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْمَلْزُومِ.

وَإِذَا أُرِيدَ تَحْرِيرُ الدَّلِيلِ بِهَذَا الْوَجْهِ قِيلَ لَوْ كَانَ لِلْخَبَرِ مَعْنًى لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَنَحْوَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ مُسْتَلْزِمًا لِصِدْقِهِ أَوْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِصِدْقِهِ لَمْ يُعْلَمْ حِينَئِذٍ أَنَّهُ غَيْرُ الْعِلْمِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إمْكَانَ تَقْدِيرِ الْكَذِبِ مَعَ الْعِلْمِ فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ مُسْتَلْزِمًا لِلصِّدْقِ النَّفْسَانِيِّ مُنَافِيًا لِلْكَذِبِ النَّفْسَانِيِّ كَانَ هَذَا التَّقْدِيرُ مُمْتَنِعًا فَلَا يُعْلَمُ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ مَعْنًى لِلْخَبَرِ غَيْرَ الْعِلْمِ لَا فِي حَقِّ الْخَالِقِ وَلَا فِي حَقِّ الْعِبَادِ، فَيَكُونُ قَائِلُ ذَلِكَ قَائِلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا دَلِيلٍ أَصْلًا فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ وَخَبَرِهِ وَهَذَا مُحَرَّمٌ بِالِاتِّفَاقِ.

وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِمْ، أَيْ أَنَّهُمْ قَالُوا بِلَا حُجَّةٍ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ مُسْتَلْزِمًا لِلصِّدْقِ النَّفْسَانِيِّ وَلَا مُنَافِيًا لِلْكَذِبِ النَّفْسَانِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَرِيقٌ إلَى إثْبَاتِ كَلَامِ نَفْسَانِيٍّ هُوَ صِدْقٌ، لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَلَا يُنَافِي ضِدَّهُ، فَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ وَسَائِرُ مَا يُذْكَرُ غَيْرُ الْعِلْمِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ فِي الْجُمْلَةِ وَأَنَّ الْكَذِبَ

ص: 515

مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ إثْبَاتُ كَلَامٍ نَفْسَانِيٍّ هُوَ صِدْقٌ وَقِيَامُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ كَقِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُتَكَلِّمٌ، وَهَذَا لَا يَنْفَعُهُمْ فِي إثْبَاتِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ، الَّذِي ادَّعَوْهُ مُنْفَرِدِينَ بِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا لَا يَنْفَعُهُمْ فِي إثْبَاتِ مَعْنَى الْخَبَرِ النَّفْسَانِيِّ الصَّادِقِ الَّذِي انْفَرَدُوا بِإِثْبَاتِهِ مِنْ بَيْنِ فِرَقِ الْأُمَّةِ وَابْتَدَعُوهُ وَفَارَقُوا بِهِ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَقَرُّوا هُمْ بِهَذَا الشُّذُوذِ وَالِانْفِرَادِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَحْصُولِ.

الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْجَوَابِ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَيْنِ لَا يُعَيِّنُ الصَّادِقَ وَهُوَ أَنْ نَقُولَ لَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْعِلْمَ يُنَافِي الْكَذِبَ النَّفْسَانِيَّ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ قَدْ يُجَامِعُ الْكَذِبَ النَّفْسَانِيَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ مُسْتَلْزِمًا لِخَبَرٍ نَفْسَانِيٍّ صُدِّقَ وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مَا عَلِمَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ بِنَفْسِهِ خَبَرٌ يُنَافِي ذَلِكَ، بَلْ لَوْ كُلِّفَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَلِهَذَا لَمْ يَتَنَازَعْ النَّاسُ فِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَكْلِيفُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَعْتَقِدَ خِلَافَ مَا يَعْلَمُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْإِمْكَانِ خَبَرٌ نَفْسَانِيٌّ يُنَافِي الْعِلْمَ لَأَمْكَنَ أَنْ يُطْلَبَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ كُلُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الشَّرِيعَةِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ كَمَا أَنَّ طَلَبَ الْكَذِبِ مُمْكِنٌ وَالتَّكْلِيفَ بِهِ مُمْكِنٌ.

وَأَمَّا طَلَبُ كَذِبٍ نَفْسَانِيٍّ يُخَالِفُ الْعِلْمَ فَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ طَلَبُهُ وَالتَّكْلِيفُ بِهِ إذْ هُوَ أَمْرٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْجَحْدَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ فِي الْعِبَارَةِ بِاللِّسَانِ دُونَ الْقَلْبِ، وَصَاحِبُ الْجَحْدِ وَإِنْ جَحَدَهُ بِاللِّسَانِ هُوَ مُعْتَرِفٌ بِالْقَلْبِ فَلَا يَصِحُّ الْجَحْدُ مِنْهُ بِالْقَلْبِ، هُوَ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ قَدْ يَقُومُ بِقَلْبِهِ كَذِبٌ نَفْسَانِيٌّ يُنَافِي عِلْمَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَطَلَ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَى إثْبَاتِ الْخَبَرِ النَّفْسَانِيِّ الَّذِي ادَّعَوْهُ وَرَاءَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ.

الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ: أَنْ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُخْبِرُ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَظُنُّهُ وَبِمَا يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ خِلَافَهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَهُ مَعْنًى يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَرَاءَ الْعِلْمِ وَلِهَذَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ هَذَا الْمَعْنَى قَبْلَ تَقْدِيرِ الْعِبَارَةِ عَنْهُ فَضْلًا عَنْ وُجُودِ التَّعْبِيرِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ بِخِلَافِ عِلْمِهِ وَيَعْتَقِدَ ذَلِكَ يُقَدِّرُهُ وَيُصَوِّرُهُ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ التَّعْبِيرِ عَنْهُ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْكَذِبَ لَفْظٌ لَهُ مَعْنًى كَمَا أَنَّ الصِّدْقَ لَفْظٌ لَهُ مَعْنًى وَلَوْ كَانَ

ص: 516

لَفْظًا لَا مَعْنَى لَهُ فِي النَّفْسِ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْوَاتِ وَالْأَلْفَاظِ الْمُهْمَلَةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكِنْ يُقَالُ هَذَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِقَادِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ فَإِنَّ الْمُعْتَقِدَ لِلشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ بِهِ لَا رَيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ فَالْكَذِبُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، لَكِنَّ الْكَذِبَ يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَالْجَهْلَ الْمُرَكَّبَ لَا يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاعْتِقَادَاتِ فِي كَوْنِهَا حَقًّا أَوْ بَاطِلًا أَوْ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً لَا يُخْرِجُ عَنْ الِاشْتِرَاكِ فِي مُسَمَّى الِاعْتِقَادِ وَالْخَبَرِ النَّفْسَانِيِّ كَمَا لَا تُخْرِجُ الْعِبَارَةُ عَنْهَا بِكَوْنِهَا حَقًّا أَوْ بَاطِلًا أَوْ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً عَنْ أَنْ تَكُونَ لَفْظًا وَعِبَارَةً وَكَلَامًا فَإِذَا كَانَتْ الْعِبَارَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا يَجْمَعُهَا النُّطْقُ اللِّسَانِيُّ فَالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الِاعْتِقَادُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ يَجْمَعُهُ النُّطْقُ النَّفْسَانِيُّ وَالْخَبَرُ النَّفْسَانِيُّ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِرَادَةَ أَوْ الطَّلَبَ سَوَاءٌ كَانَتْ إرَادَةَ شَرٍّ أَوْ كَانَ صَاحِبُهَا عَالِمًا بِحَقِيقَةِ مُرَادِهِ وَعَاقِبَتِهِ أَوْ كَانَ جَاهِلًا بِعَاقِبَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ الِاشْتِرَاكِ فِي مُسَمَّى الْإِرَادَةِ أَوْ الطَّلَبِ.

الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] فَنَفَى عَنْهُمْ التَّكْذِيبَ وَأَثْبَتَ الْجُحُودَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّكْذِيبَ بِاللِّسَانِ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفِيًا عَنْهُمْ فَعُلِمَ أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ تَكْذِيبَ الْقَلْبِ وَلَوْ كَانَ الْمُكَذِّبُ الْجَاحِدُ عِلْمُهُ يَقُومُ بِقَلْبِهِ خَبَرٌ نَفْسَانِيٌّ لَكَانُوا مُكَذِّبِينَ بِقُلُوبِهِمْ فَلَمَّا نَفَى عَنْهُمْ تَكْذِيبَ الْقُلُوبِ عُلِمَ أَنَّ الْجُحُودَ الَّذِي هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ الْمَعْلُومِ لَيْسَ هُوَ كَذِبًا فِي النَّفْسِ وَلَا تَكْذِيبًا فِيهَا وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالشَّيْءِ لَا يُكَذِّبُ بِهِ وَلَا يُخَيَّرُ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ فَإِنْ قِيلَ الْعَالِمُ بِالشَّيْءِ الْعَارِفُ بِهِ قَدْ يُؤْمِنُ بِذَلِكَ وَقَدْ يَكْفُرُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] وَذَلِكَ مَثَلُ الْمُعَانِدِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَلَيْسَ كُفْرُهُمْ لِمُجَرَّدِ لَفْظِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا قَدْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا يَعْلَمُونَهُ وَلَا يَكُونُونَ مُؤْمِنِينَ مِثْلُ مَا كَانَ يَقُولُهُ أَبُو طَالِبٍ مِنْ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَمِثْلُ إخْبَارِ كَثِيرٍ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ بِرِسَالَتِهِ وَمَعَ هَذَا فَلَيْسُوا مُؤْمِنِينَ وَلَا مُصَدِّقِينَ وَمِنْهُمْ الْيَهُودُ الَّذِينَ جَاوَرُوهُ وَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ قِيلَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا هُوَ.

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: وَهُوَ أَنَّ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ الْحَقِّ لَيْسَ إيمَانُ

ص: 517

الْقَلْبِ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِقَلْبِهِ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَكَانَ مُبْغِضًا لَهُ وَلِلرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِهِ وَلِمَنْ أَرْسَلَهُ مُعَادِيًا لِذَلِكَ مُسْتَكْبِرًا عَلَيْهِمْ مُمْتَنِعًا عَنْ الِانْقِيَادِ لِذَلِكَ الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ هَذَا مُؤْمِنًا مُثَابًا فِي الْآخِرَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ تَنَازُعِهِمْ الْكَثِيرِ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَلِهَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي كُفْرِ إبْلِيسَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا عَارِفًا بَلْ لَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ مِنْ عِلْمٍ فِي الْقَلْبِ وَعَمَلٍ فِي الْقَلْبِ أَيْضًا وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ أَئِمَّةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْإِيمَانَ مُجَرَّدَ مَا فِي الْقَلْبِ أَوْ مَا فِي الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ يُدْخِلُونَ فِي ذَلِكَ مَحَبَّةَ الْقَلْبِ وَخُضُوعَهُ لِلْحَقِّ لَا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ عِلْمِ الْقَلْبِ.

وَلَفْظُ التَّصْدِيقِ يَتَنَاوَلُ الْعِلْمَ الَّذِي فِي الْقَلْبِ وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مُوجَبُ الْعِلْمِ وَمُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ صَدَقَ عِلْمُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُودَ الْعِلْمِ مُسْتَلْزِمٌ لِوُجُودِ هَذَا الْعَمَلِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ إسْلَامُ الْقَلْبِ بِمَحَبَّتِهِ وَخُشُوعِهِ فَإِذَا عُدِمَ مُقْتَضَى الْعِلْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَزُولُ الْعِلْمُ مِنْ الْقَلْبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُطْبَعُ عَلَى الْقَلْبِ حَتَّى يَصِيرَ مُنْكِرًا لِمَا عَرَفَهُ جَاهِلًا بِمَا كَانَ يَعْلَمُهُ وَهَذَا الْعِلْمُ وَهَذَا الْعَمَلُ كِلَاهُمَا يَكُونُ مِنْ مَعَانِي الْأَلْفَاظِ.

فَلَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ يَنْظِمُ هَذَا كُلَّهُ لَكِنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ وَالْبِنَاءِ وَأَحَدُ ذَلِكَ هُوَ الْعِلْمُ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ هَذِهِ الْأَعْمَالَ فَهُوَ كَمَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمُ لِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْعَالَمِينَ الْجَاحِدِينَ الَّذِينَ لَيْسُوا مُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ كَقَوْلِ أُولَئِكَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ فَهَذَا خَبَرٌ مَحْضٌ مُطَابِقٌ لِعِلْمِهِمْ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] لَكِنْ كَمَا لَا يَنْفَعُهُمْ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ لَا يَنْفَعُهُمْ مُجَرَّدُ الْخَبَرِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْعِلْمِ فِي الْبَاطِنِ مُقْتَضَاهُ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ الْمَحَبَّةُ وَالتَّعْظِيمُ وَالِانْقِيَادُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْخَبَرِ الظَّاهِرِ مُقْتَضَاهُ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيُقِرُّونَ بِهِ يُوصَفُونَ بِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ وَبِأَنَّهُمْ جَاحِدُونَ وَيُوصَفُونَ بِأَنَّهُمْ مُكَذِّبُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ خِلَافَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُكَذِّبِينَ بِمَا عَلِمُوهُ أَيْ مُكَذِّبِينَ بِقُلُوبِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مُقِرِّينَ مُصَدِّقِينَ إذْ الْعَبْدُ يَخْلُو فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَالْكُفْرُ أَعَمُّ مِنْ التَّكْذِيبِ فَكُلُّ مَنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ كَافِرٌ وَلَيْسَ كُلُّ

ص: 518