الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ} [الأعراف: 145] فَهَلْ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ أَنْ يُثْبِتَ لِرَبِّهِ خَاصِّيَّةَ الْآدَمِيِّ الْبَانِي الصَّانِعِ الْعَامِلِ الْكَاتِبِ، أَمْ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ حَقِيقَةَ الْعَمَلِ وَالْبِنَاءِ كَمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَيَلِيقُ بِجَلَالِهِ، أَمْ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَصْرُوفَةٌ عَنْ ظَاهِرِهَا، أَمْ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَقُولَ عَمَلُ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ فَكَمَا أَنَّ ذَاتَه لَيْسَتْ مِثْلَ ذَوَاتِ خَلْقِهِ فَعَمَلُهُ وَصُنْعُهُ وَبِنَاؤُهُ لَيْسَ مِثْلَ عَمَلِهِمْ وَصُنْعِهِمْ وَبِنَائِهِمْ، وَنَحْنُ لَمْ نَفْهَمْ مِنْ قَوْلِنَا بَنَى فُلَانٌ وَكَتَبَ فُلَانٌ مَا فِي عَمَلِهِ مِنْ الْمُعَالَجَةِ وَالتَّأْثِيرِ إلَّا مِنْ جِهَةِ عِلْمِنَا بِحَالِ الْبَانِي لَا مِنْ جِهَةِ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، فَفَرِّقْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ بَيْنَ مَا دَلَّ مُجَرَّدُ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ لَفْظُ الْفِعْلِ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِ إضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ الْمُعَيَّنِ، وَبِهَذَا يَنْكَشِفُ لَكَ كَثِيرٌ مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَتَرَى مَوَاقِعَ اللَّبْسِ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَاَللَّهُ يُوَفِّقُنَا وَسَائِرَ إخْوَانِنَا الْمُؤْمِنِينَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَيَجْمَعُ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَبَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم
[فَصْلٌ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ]
فَصْلٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ، هُوَ الْمَنْصُوص عَنْ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا نُصُوصُهُمْ الَّتِي فِيهَا بَيَانٌ أَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، بَلْ الْمَعْنَى أَيْضًا مِنْ كَلَامِهِمْ فَكَثِيرٌ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِثْلُ مَا ذَكَرَ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنْ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَثْرَمِ وَعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ فَابْتَدَأَ عَبَّاسٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَوْمٌ قَدْ حَدَثُوا يَقُولُونَ لَا نَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
هَؤُلَاءِ أَضَرُّ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ عَلَى النَّاسِ، وَيْلَكُمْ فَإِنْ لَمْ تَقُولُوا لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَقُولُوا مَخْلُوقٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْمُ سُوءٍ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَذْهَبُ إلَيْهِ وَلَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُسْتَعْظِمًا لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا شَكٌّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَفَرَّقَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ وَالْقُرْآنُ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُونَ لَا يَقُولُونَ أَسْمَاءُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ، لَمْ يَزَلْ اللَّهُ تَعَالَى قَدِيرًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا، لَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ لَيْسَتْ بِمَخْلُوقَةٍ، وَلَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَيْسَ مَخْلُوقٍ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَلَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّ أَمْرٍ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا، وَأَيُّ كُفْرٍ أَكْفَرُ مِنْ هَذَا إذَا زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَهَاوَنُونَ بِهَذَا وَيَقُولُونَ إنَّمَا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَيَتَهَاوَنُونَ بِهِ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ هَيِّنٌ وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ. قَالَ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَبُوحَ بِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَهُمْ يَسْأَلُونَنِي فَأَقُولُ إنِّي أَكْرَهُ الْكَلَامَ فِي هَذَا، فَيَبْلُغُنِي أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَلَيَّ أَنِّي أُمْسِكُ قَالَ الْأَثْرَمُ فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَقَالَ لَا قَوْلَ إنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَلَا عِلْمُهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَى هَذَا أَقُولُ هُوَ كَافِرٌ؟ فَقَالَ: هَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَشُكَّ فِي هَذَا الْقُرْآنِ، عِنْدَنَا فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، فَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا خَالِدٍ وَمُوسَى بْنَ مَنْصُورٍ وَغَيْرَهُمَا يَجْلِسُونَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ فَيَعِيبُونَ قَوْلَنَا وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ لَا يُقَالَ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَيَعِيبُونَ مَنْ يُكَفِّرُ وَيَقُولُونَ إنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ كَالْمُغْتَاظِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِعَبَّاسٍ وَذَاكَ السِّجِسْتَانِيُّ الَّذِي عِنْدَكُمْ بِالْبَصْرَةِ ذَاكَ الْخَبِيثُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ فِي هَذَا أَيْضًا، يَقُولُ لَا أَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ذَاكَ خَبِيثٌ ذَاكَ الْأَحْوَلُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: كَانَ يَقُولُ مَرَّةً بِقَوْلِ جَهْمٍ ثُمَّ صَارَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِهَذَا الْقَوْلِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ جَهْمٌ إلَّا السَّاعَةَ.
فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذَا زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، يُبَيِّنُ أَنَّ الْعِلْمَ الَّذِي تَضْمَنَّهُ الْقُرْآنُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْقُرْآنِ.
وَقَدْ نَبَّهْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ حَقٌّ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَصْلُ مَعْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْضَمُّ إلَى الْعِلْمِ مَعْنَى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ خَبَرٌ أَوْ طَلَبٌ أَمَّا الْخَبَرُ الْحَقُّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِلْمٌ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّهُ مَسْبُوقٌ بِتَصَوُّرِ الْمَأْمُورِ وَالْمَأْمُورِ
بِهِ وَغَيْرِ ذَاكَ فَالْعِلْمُ أَيْضًا أَصْلُهُ وَاسْمُ الْقُرْآنِ وَالْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ هَذَا كُلَّهُ فَقَوْلُ الْقَائِلِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ يَتَضَمَّنُ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ هِيَ فِي الْقُرْآنِ فَمَنْ قَالَ هُوَ مَخْلُوقٌ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الصَّوْتُ الْقَائِمُ بِبَعْضِ الْأَجْسَامِ يَكُونُ ذَلِكَ الْجِسْمُ هُوَ الَّذِي سَمَّى اللَّهَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ الْجِسْمِ وَصَوْتُهُ لِلَّهِ اسْمٌ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الِاسْمُ قَدْ نَحَلَهُ إيَّاهُ ذَلِكَ الْجِسْمُ.
وَلِهَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا، فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنِّي لَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ، هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ رَوَاهُ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُ الْبُوشَنْجِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ عَنْ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي رَوَاهُ مِنْ جِهَتِهِ الْبَرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَلْهُ غَيْرُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْبَرْقَانِيِّ.
وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ لَفْظَهُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَسَمَّى نَفْسَهُ وَجَعَلَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَلْهُ أَحَدًا غَيْرُهُ، وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، وَلَفْظُ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ: فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرُهُ وَكَانَ اللَّهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ.
فَقَدْ أَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ مَعْنَى الْقُرْآنِ إنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَمْ يَنْحَلْهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَكَانَ اللَّهُ يَقُولُ إنِّي لَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ، الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ مَدْلُولُ الْآيَاتِ فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: إنَّهُ إذَا كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا وَلَمْ يَزَلْ عَزِيزًا حَكِيمًا، وَالْحِكْمَةُ تَتَضَمَّنُ كَلَامَهُ وَمَشِيئَتَهُ كَمَا أَنَّ الرَّحْمَةَ تَتَضَمَّنُ مَشِيئَتَهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا مَرِيدًا، وَقَوْلُهُ غَفُورًا أَبْلَغُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَمْ يَزَلْ غَفُورًا فَأَوْلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا، وَعِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ: بَلْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا وَلَا رَحِيمًا وَلَا غَفُورًا إذْ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِخَلْقِ أُمُورٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ كَانَ كَذَلِكَ.
الثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَمَّى نَفْسَهُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَا أَنَّ الْمَخْلُوقَ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ بِهَا، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ فِي جِسْمٍ لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجِسْمُ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ بِهَا.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْحَلْهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهَذَا
يَبِينُ بِجَعْلِهِ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أَيْ هُوَ الَّذِي حَكَمَ بِنَفْسِهِ بِذَلِكَ لَا غَيْرُهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ مَخْلُوقًا لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَنَحَلَهُ ذَلِكَ.
الرَّابِعُ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا لِيُبَيِّنَ حِكْمَةَ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ كَانَ فِي مِثْلِ هَذَا، فَأَخْبَرَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَلْهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ، وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْجَوَاب أَنَّهُ إذَا نَحَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ كَانَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا بِخَلْقِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَا يُخْبِرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ نَاسَبَ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ وَمَا زَالَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ لَمْ يَزَلْ سبحانه وتعالى.
وَهَذَا التَّفْرِيقُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ لِيَصِحَّ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ هُوَ الْمُسَمِّي لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ كَانَ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ يَتَضَمَّنُ الْقَوْلَ بِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ لِأَنَّ ظُهُورَ عَدَمِ خَلْقِ هَذَيْنِ لِلنَّاسِ أَبْيَنُ مِنْ ظُهُورِ عَدَمِ الْقَوْلِ بِفَسَادِ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِخَلْقِ هَذَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ اسْمًا لِمُجَرَّدِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ لَمْ يَصِحَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ الْحُجَّةِ، فَإِنَّ خَلْقَ الْحُرُوفِ وَحْدَهَا لَا تَسْتَلْزِمُ خَلْقَ الْعِلْمِ، وَهَكَذَا الْقَائِلُونَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ إنَّمَا يَقُولُونَ بِخَلْقِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ عِنْدَهُمْ الْقُرْآنُ لَيْسَ لِلْعِلْمِ عِنْدَهُمْ دَخْلٌ فِي مُسَمَّى الْقُرْآنِ.
وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ لَهُ الْأَثْرَمُ فَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَقَالَ لَا أَقُولُ إنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَلَا عِلْمُهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا أَقُولُ هُوَ كَافِرٌ، فَقَالَ هَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا ثُمَّ اسْتَفْهَمَ اسْتِفْهَامَ الْمُنْكِرِ فَقَالَ أَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَشُكَّ فِي هَذَا الْقُرْآنِ عِنْدَنَا فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، فَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ
فَأَجَابَ أَحْمَدُ بِأَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا بِخَلْقِ أَسْمَائِهِ وَعِلْمِهِ، فَقَوْلُهُمْ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَنَحْنُ لَا نَشُكُّ فِي ذَلِكَ حَتَّى نَقِفَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ خَلْقَ أَسْمَائِهِ وَعِلْمِهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ أَحْمَدُ قَوْلَهُمْ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلُوا فِيهِ أَسْمَاءَ اللَّهِ وَعِلْمَهُ لِأَنَّ دُخُولَ ذَلِكَ فِيهِ لَا رَيْبَ فِيهِ كَمَا أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي جِسْمٍ لَكِنْ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ لَا ذَلِكَ الْجِسْمُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَلَامُ ذَلِكَ الْجِسْمِ لَا كَلَامُ اللَّهِ، كَإِنْطَاقِ جَوَارِحِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ نُطْقِهِ وَبَيْنَ إنْطَاقِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْسَامِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ عِلْمُ اللَّهِ لِأَنَّ كَوْنَ أَسْمَاءِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ يَعْلَمُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يُنَازِعَ فِيهِ، وَأَمَّا اشْتِمَالُ الْقُرْآنِ عَلَى الْعِلْمِ فَهَذَا يُنَازِعُ فِيهِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَجْعَلُونَ الْقُرْآنَ فِيهِ عِلْمُ اللَّهِ بَلْ وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ الْكَلَامُ مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَالْخَبَرِ وَالطَّلَبِ وَأَنَّ مَعْنَى الْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَمَعْنَى الطَّلَبِ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِرَادَةَ، يُنَازِعُونَ فِي أَنَّ مُسَمَّى الْقُرْآنِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعِلْمُ، فَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ، فَذَكَرَ أَحْمَدُ لَفْظَ الْقُرْآنِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَوَارِدِ النِّزَاعِ فَإِنَّ قَوْلَهُ الْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] .
وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] وَلِقَوْلِهِ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: 61] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ} [الرعد: 37] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِاَلَّذِي جَاءَك مِنْ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ إنَّمَا هُوَ مَا جَاءَهُ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَاتِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَجِيءَ الْقُرْآنِ إلَيْهِ مَجِيءُ مَا جَاءَهُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ مَا فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَدْ يُقَالُ هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ عِلْمٌ عَظِيمٌ.
وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْكَلَامُ عِلْمٌ عَظِيمٌ، فَأَطْلَقَ أَحْمَدُ عَلَى الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي فِيهِ عِلْمٌ هُوَ نَفْسُهُ يُسَمَّى عِلْمًا وَذَلِكَ هُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ:{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] فَفِيهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ مَا شَاءَهُ سُبْحَانَهُ لَا جَمِيعُ عِلْمِهِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَا رَوَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ عِلْمَ
اللَّه مَخْلُوقٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ حَتَّى خَلَقَهُ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: دَخَلْت عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا وَأَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ إنَّ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ شَيْئًا مَخْلُوقًا فَقَدْ كَفَرَ.
ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ مَنْ يَقُولُ عِلْمُ اللَّهِ بَعْضُهُ مَخْلُوقٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَقَدْ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ وَإِنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِهِ فَبَعْضُ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ.
كَمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ مَنْ قَالَ كَانَ اللَّهُ وَلَا عِلْمَ؟ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ تَغَيُّرًا شَدِيدًا وَأَكْبَرَ غَيْظَهُ ثُمَّ قَالَ لِي: كَافِرٌ، وَقَالَ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَزْدَادُ فِي الْقَوْمِ بَصِيرَةً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلِمْتُ أَنَّ بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ كَانَ يَقُولُ الْعِلْمُ عِلْمَانِ فَعِلْمٌ مَخْلُوقٌ وَعِلْمٌ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَهَذَا أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا؟ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ يَكُونُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَيَكُونُ عِلْمُهُ كُلُّهُ بَعْضُهُ مَخْلُوقٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَا بِشْرٌ كَذَا كَانَ يَقُولُ وَتَعَجَّبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَعَجُّبًا شَدِيدًا وَرُوِيَ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قُلْت لِابْنِ الْحَجَّامِ - يَعْنِي يَوْمَ الْمِحْنَةِ - مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَخْلُوقٌ فَنَظَرَ ابْنُ رَبَاحٍ إلَى ابْنِ الْحَجَّامِ نَظَرًا مُنْكِرًا عَلَيْهِ لَمَّا أَسْرَعَ، فَقُلْت لِابْنِ رَبَاحٍ أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ أَنْتَ فَلَمْ يَرْضَ مَا قَالَ ابْنُ الْحَجَّامِ فَقُلْت لَهُ كَفَرْت قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ كَانَ لَا عِلْمَ لَهُ فَهَذَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ، وَقَدْ كَانَ الْمَرِيسِيِّ يَقُولُ إنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَكَلَامَهُ مَخْلُوقٌ وَهَذَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كُفْرٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَفِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] .
وَعَنْ الْمَرُّوذِيِّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْحُجَّةُ {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] الْآيَةَ وَقَالَ: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145]
وَقَالَ {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] وَقَالَ {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ} [الرعد: 37] وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنُ وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي جَاءَهُ وَالْعِلْمُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْقُرْآنُ مِنْ الْعِلْمِ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَقَالَ:{الرَّحْمَنُ} [الرحمن: 1]{عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: 2]{خَلَقَ الإِنْسَانَ} [الرحمن: 3] وَقَالَ: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54] .
فَأَخْبَرَ أَنَّ الْخَلْقَ خَلْقٌ وَالْخَلْقُ غَيْرُ الْأَمْرِ وَأَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ الْخَلْقِ وَهُوَ كَلَامُهُ وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَخْلُ مِنْ الْعِلْمِ وَقَالَ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .
وَالذِّكْرُ هُوَ الْقُرْآنُ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُ مِنْهُمَا وَلَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا عَالِمًا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَلَيْسَا مِنْ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ مِنْهُمَا، فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أَكْفَرْتَهُمْ؟ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ غَيْرَ مَوْضِعٍ: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 120] فَذَكَرَ الْكَلَامَ قَالَ ابْنُ ثَوَابٍ ذَاكَرْتُ ابْنِ الدَّوْرَقِيِّ فَذَهَبَ إلَى أَحْمَدَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ لِي سَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي كَمَا قَالَ لَكَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ زَادَنِي أَنْزَلَهُ بِعَمَلِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي أَحْمَدُ إنَّمَا أَرَادُوا الْإِبْطَالَ.
وَقَدْ فَسَّرَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ كَلَامَ أَحْمَدَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِلَفْظِ الْقُرْآنِ الْمَعْنَى فَقَطْ، وَأَنَّ مَعْنَى الْقُرْآنِ يَعُودُ إلَى الْعِلْمِ فَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَلَمْ يُرِدْ بِالْقُرْآنِ الْحُرُوفَ وَالْمَعَانِيَ فَمَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى إلَّا الْعِلْمُ فَقَدْ كَذَبَ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا أَحْمَدُ أَنَّ مَعْنَاهَا الْعِلْمُ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ الْعِلْمُ فَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا صَحَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالْكَلَامِ الْمَعْنَى تَارَةً كَمَا يُرَادُ بِهِ الْحُرُوفُ أُخْرَى، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْحُرُوفِ فَهَذَا خِلَافُ نُصُوصِهِ الصَّرِيحَةِ عَنْهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ قَدِيمٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ هُوَ الْمَعْنَى
الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَكْفُرُ مَنْ قَالَ بِحُدُوثِهِ.
قَالَ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ رَدًّا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الضُّلَّالِ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، وَرَوَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَمَّنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، قَالَ بَلَى تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كَمَا جَاءَتْ نَرْوِيهَا لِكُلِّ حَدِيثٍ وَجْهٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسًى فَهُوَ كَافِرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" إذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَيَخِرُّونَ سُجُودًا حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالَ سَكَنَ عَنْ قُلُوبِهِمْ - نَادَى أَهْلَ السَّمَاءِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ "، قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ، وَذَكَرَهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ قَالَ سَأَلْت أَبِي عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ فَقَالَ أَبِي بَلْ تَكَلَّمَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِصَوْتٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ، وَقَالَ أَبِي حَدِيث ابْنِ مَسْعُودٍ إذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَجَرِّ سِلْسِلَةٍ عَلَى الصَّفْوَانِ قَالَ أَبِي وَالْجَهْمِيَّةُ تُنْكِرُهُ وَقَالَ أَبِي هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ كَافِرٌ، إنَّمَا نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ.
وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ لَهُ إنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ قَدْ تَكَلَّمَ، وَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسًى بِلَا صَوْتٍ فَهُوَ جَهْمِيٌّ عَدُوُّ اللَّهِ وَعَدُوُّ الْإِسْلَامِ، أَيْ حَقًّا جَهْمِيٌّ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ يَا ضَالًّا مُضِلًّا مَنْ ذَبَّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ يُجَانِبُ أَشَدَّ الْمُجَانَبَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَ حَتَّى انْتَهَى إلَى آخِرِ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ. فَتَبَسَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا تَكَلَّمَ عَافَاهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ فِي كِتَابِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ وَيَذْكُرُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ اللَّهَ يُنَادِي بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ فَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِ اللَّهِ عز وجل» .
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ صَوْتَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُ أَصْوَاتَ الْخَلْقِ، لِأَنَّ صَوْتَ اللَّهِ يُسْمِعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يُسْمِعُ مَنْ قَرُبَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُصْعَقُونَ مِنْ صَوْتِهِ فَإِذَا تَنَادَى الْمَلَائِكَةُ لَمْ يُصْعَقُوا.
وَقَالَ: لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا فَلَيْسَ لِصِفَةِ اللَّهِ نِدٌّ وَلَا مِثْلٌ وَلَا يُوجَدُ
شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ فِي الْمَخْلُوقِينَ، حَدَّثَنَا بِهِ دَاوُد بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرْنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ يَقُولُ، سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلِمَةٍ» وَهَذَا قَدْ اسْتَشْهَدَ بِهِ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَا آدَم فَيَقُولُ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ: فَيُنَادِي بِصَوْتٍ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِك بَعْثًا إلَى النَّارِ، قَالَ يَا رَبِّ مَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ. أُرَاهُ قَالَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» .
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: مَنْ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَوْلَا ابْنُ مَسْعُودٍ سَأَلْنَاهُ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] قَالَ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ صَلْصَلَةً مِثْلَ صَلْصَلَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ فَيَخِرُّونَ حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ سَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الْوَحْيُ وَنَادَوْا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ، وَقَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا وَقَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى الصَّفْوَانِ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» : قَالَ وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا قَضَى اللَّهُ أَمْرًا تَكَلَّمَ رَجَفَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَخَرَّتْ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ سُجَّدًا. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا النَّجْمِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ، قَالَ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَقُولُ حِينَ رَأَيْنَاهَا يُرْمَى بِهَا مَاتَ مَلَكٌ