المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الوجه الثالث والعشرون إذا تأملت عامة الحيل وجدتها رفعا للتحريم] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية - جـ ٦

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى إبْطَالِ التَّحْلِيلِ] [

- ‌نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ حَرَامٌ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ]

- ‌[الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ بُطْلَانُ الْحِيَلِ وَأَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي لَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَخْبَرَ اللَّه عَنْ أَهْل الْجَنَّة الَّذِينَ بَلَاهُمْ فِي سُورَة نُون]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ قَالَ اللَّه وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْت]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ]

- ‌[الْوَجْه السَّادِسُ قَوْل النَّبِيّ مَنْ أَدَخَلَ فَرَسًا بَيْن فَرَسَيْنِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيِّعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ الْيَهُودُ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا]

- ‌[الْوَجْهُ الْعَاشِرُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ الْمَقَاصِدَ وَالِاعْتِقَادَاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْعَادَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْحِيلَة تَصْدُرُ مِنْ رَجُلٍ كَرِهَ فِعْلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ لَيْسَ كُلُّ مَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ حِيلَةً]

- ‌ أَقْسَامِ الْحِيَلِ

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ الْحِيَلَ مَعَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهَا أُحْدِثَتْ بِالرَّأْيِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُفْقَدُ مِنْ الدِّينِ الْأَمَانَةُ]

- ‌[الْوَجْه الثَّامِن عَشْر أوجب اللَّه النَّصِيحَة وَالْبَيَان فِي الْمُعَامَلَات خَاصَّة]

- ‌[الْوَجْه التَّاسِع عَشْر اسْتَعْمَلَ الرَّسُول رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَة]

- ‌[الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ]

- ‌[الْوَجْه الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ أَنْ اللَّه وَرَسُوله سَدّ الذَّرَائِع الْمُفْضِيَة إلَى الْمَحَارِم]

- ‌[الطَّرِيقُ الثَّانِي إبْطَالُ التَّحْلِيلِ فِي النِّكَاحِ] [

- ‌الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِي سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ]

- ‌[الْمَسْلَك الثَّالِث التَّحْلِيل لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيّ يَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ طلق ثَلَاثًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمَسْلَك الْخَامِس قَالَ اللَّه بَعْد الطَّلَاق مَرَّتَانِ وَبَعْد الخلع فَإِن طلقها]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّادِسُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ السَّابِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّامِنُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ]

- ‌[الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْعَاشِرُ أَنَّهُ قَصَدَ بِالْعَقْدِ غَيْرَ مَا شُرِعَ لَهُ الْعَقْدُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنَّ جَوَازَ التَّحْلِيلِ قَدْ أَفْضَى إلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ]

- ‌[كِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الطَّوَائِفِ الْمُلْحِدَةِ وَالزَّنَادِقَةِ] [

- ‌خِطْبَة الْكتاب]

- ‌[أَوْجُهٍ الرد عَلَيَّ الْمعَارضين]

- ‌[الْكَلَامُ فِي الْوَقْفِ وَاللَّفْظِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالُوا وَلَا نَقُولُ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ قَائِمٌ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ]

- ‌[الْأَصْلُ التَّاسِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُتَكَلِّمًا وَإِثْبَاتِ قِدَمِ كَلَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ إنَّ هَذَا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ إثْبَاتَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ أَنْ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ الَّذِي هُوَ الْقَلْبُ يُوصَفُ بِالنُّطْقِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي إثْبَاتِ أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ وَلَا الْإِرَادَةَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ ثُبُوتَ الْكَلَامِ لِلَّهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ يُقَالَ لَا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَحْكُوا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ إنَّ هَذَا الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالذَّاتِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ إذَا جَاءَ أَنْ تَجْعَلُوا هَذِهِ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ حَقِيقَةً وَاحِدَةً]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ إنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا حُجَّتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ تَكُونَ أَقَمْت دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهِ قَدِيمًا وَاحِدًا لَيْسَ بِمُتَغَايِرٍ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ أَنْ يُقَالَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ إمَّا قِدَمُهُ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ إنَّ قَوْلَك عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ إنْ عَنَيْت بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ كَلَامِ اللَّهِ لَيْسَتْ كَحَقِيقَةِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْكَلَامَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَسَائِرَ الصِّفَاتِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ إنَّك اعْتَمَدَتْ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا قَدِيمًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ قِيَاسُك الْوَحْدَةَ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْكَلَامِ عَلَى الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا لِلْمُتَكَلِّمِ قِيَاسٌ لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ أَنْ يُقَالَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ كَوْنَ الْقَدِيمِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمُنْقَسِمٍ وَلَا مُتَبَعِّضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ نَفْيُ الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا عَنْ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَمْسُونَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ شَيْئًا وَاحِدًا لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ أَنْ يُقَالَ مَا تَعْنِي بِقَوْلِك كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ كَوْنَهُ ذَلِكَ قِدَمُهُ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ إنَّ هَؤُلَاءِ الْمُثْبِتِينَ لِلْحُرُوفِ الْقَدِيمَةِ قَالُوا مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ اجْتِمَاعَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ وَالرُّؤْيَةِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْقَوْل بِالتَّجَزُّؤِ وَالتَّبْعِيضِ وَالتَّعَدُّدِ وَالتَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ فِي كَلَام اللَّه]

- ‌[الْوَجْهُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ الْقُرْآنَ قَدْ نَطَقَ بِأَنَّ لِلَّهِ كَلِمَاتٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى مَعَ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ قَوْلُهُمْ كَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْكَلَامِ إنَّهُ وَاحِدٌ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقَاتِ]

- ‌[الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجَوَابِ عَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ إنَّهُ قَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ عَلَى إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ كَانَ الْبَارِي عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ]

- ‌[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ مَا شُكَّ فِيهِ يُقْطَعُ فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ]

- ‌[الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا]

- ‌[الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِ الْقَائِلِينَ إنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ]

- ‌[بَابٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الْأَشْعَرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَذْهَب الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَطَبَقَتِهِ]

الفصل: ‌[الوجه الثالث والعشرون إذا تأملت عامة الحيل وجدتها رفعا للتحريم]

رَسُولِهِ وَالْآخَرُ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَكَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مُفْتَرِقَةً عِنْدَ اللَّهِ وَفِي الْحُكْمِ الَّذِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ إذَا ظَهَرَ لَهُمْ الْمَقْصِدُ.

وَمَنْ تَأَمَّلَ الشَّرِيعَةَ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ صِحَّةَ هَذَا فَالْأَمْرُ الْمُحْتَالُ بِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْحَلَالِ، وَلَكِنْ لَيْسَ حَقِيقَتُهُ وَمَقْصُودُهُ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ بِمَنْزِلَتِهِ فَلَا يَكُونُ حَلَالًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَلَالِ فَيَقَعُ بَاطِلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْأَمْرُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ حَقِيقَتُهُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ الْحَرَامِ لَكِنْ لَيْسَتْ صُورَتُهُ صُورَتَهُ فَيَجِبُ أَنْ يُشَارِكَ الْحَرَامَ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الصُّورَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ]

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: إنَّك إذَا تَأَمَّلْت عَامَّةَ الْحِيَلِ وَجَدْتهَا رَفْعًا لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ مَعَ قِيَامِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ أَوْ التَّحْرِيمِ فَتَصِيرُ حَرَامًا مِنْ وَجْهَيْنِ. مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهَا فِعْلَ الْمُحَرَّمِ وَتَرْكَ الْوَاجِبِ.

وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ وَخِدَاعٌ وَخِلَابَةٌ وَمَكْرٌ وَنِفَاقٌ وَاعْتِقَادٌ فَاسِدٌ وَهَذَا الْوَجْهُ أَعْظَمُهَا إثْمًا فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْعُصَاةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِمَنْزِلَةِ الْبِدَعِ وَالنِّفَاقِ. وَلِهَذَا كَانَ التَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ يَأْمُرُ بِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا مَتْبُوعًا فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِهَا مُقَلِّدًا، فَأَمَّا إذَا عَمِلَ بِهَا مُعْتَقِدًا جَوَازَهَا فَهَذَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي الشَّرِّ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَيُّوبَ لَوْ أَتَوْا الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ مَعْذُورًا إذَا اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي طَلَبِ الْحَقِّ فَذَاكَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ لِلُحُوقِ الذَّمِّ وَإِلَّا فَالْمُقْتَضِي لِلذَّمِّ قَائِمٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، إذَا خَفِيَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْقُبْحِ كَانَ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِإِيضَاحِ قُبْحِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه قَالَ أَبُو طَالِبٍ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَمَةً فَأَرَادَ أَنْ يَقَعَ بِهَا يُعْتِقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقِيلَ لَهُ أَعْتِقْهَا وَتَزَوَّجْهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا أَبْطَلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَّةَ جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْحَرَائِرِ الْعِدَّةَ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ فَلَيْسَ مِنْ امْرَأَةٍ تَطْلُقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا إلَّا تَعْتَدُّ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ فَفَرْجٌ يُوطَأُ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ عَلَى

ص: 168

الْمَكَانِ فَيَتَزَوَّجُهَا فَيَطَأُهَا فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا كَيْفَ يَصْنَعُ يَطَؤُهَا رَجُلٌ الْيَوْمَ وَيَطَأُهَا الْآخَرُ غَدًا هَذَا نَقْضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ» .

وَلَا يُدْرَى حَامِلٌ أَمْ لَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَسْمَجَ هَذَا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَذَكَرَ الْحِيَلَ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فَقَالَ يَحْتَالُونَ لِنَقْضِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي الْحَارِثِ هَذِهِ الْحِيَلُ الَّتِي وَضَعُوهَا عَمَدُوا إلَى السُّنَنِ فَنَقَضُوهَا وَالشَّيْءُ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ إنَّهُ حَرَامٌ احْتَالُوا فِيهِ حَتَّى أَحَلُّوهُ وَسَبَقَ تَمَامُ كَلَامِهِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّا نَعْلَمُ بِاضْطِرَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَهَى عَنْ وَطْءِ الْحَبَالَى وَقَالَ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ بِحَيْضَةٍ» . إنَّ مِنْ أَكْثَرِ الْمَقَاصِدِ بِالِاسْتِبْرَاءِ أَنْ لَا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ وَلَا يَشْتَبِهَ النَّسَبُ. ثُمَّ إنَّ الشَّارِعَ بَالَغَ فِي هَذِهِ الصِّيَانَةِ حَتَّى جَعَلَ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَقْصُودٌ آخَرُ غَيْرُ اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، فَإِذَا مَلَكَ أَمَةً يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا وَأَعْتَقَهَا عَقِبَ مِلْكِهَا وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا اللَّيْلَةَ صَارَ الْأَوَّلُ قَدْ وَطِئَهَا الْبَارِحَةَ وَهَذَا قَدْ وَطِئَهَا اللَّيْلَةَ وَبِاضْطِرَارٍ نَعْلَمُ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ قَائِمَةٌ فِي هَذَا الْوَطْءِ، وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي هَذَا كَانَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ بِمَنْزِلَةِ التَّوَقُّفِ فِي الضَّرُورِيَّاتِ مِنْ الْعَقْلِيَّاتِ، وَكَذَلِكَ نَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ حَرَّمَ الرِّبَا لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ فَضْلٍ عَلَى مَالِهِ مَعَ بَقَاءِ مَالِهِ فِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ أَكْلًا لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ كَأَخْذِهِ بِالْقِمَارِ وَهُوَ يَسُدُّ طَرِيقَ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إلَى النَّاسِ. فَإِنَّهُ مَتَى جَوَّزَ لِصَاحِبِ الْمَالِ الرِّبَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَفْعَلُ مَعْرُوفًا مِنْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ كَمَا يَبْذُلَ الْقُرُوضَ مَعَ أَخْذِ فَضْلٍ لَهُ وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] فَجَعَلَ الرِّبَا نَقِيضَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرْبِيَ يَأْخُذُ فَضْلًا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ يَزِيدُ بِهِ مَالُهُ وَالْمُتَصَدِّقَ يَنْقُصُ مَالُهُ فِي الظَّاهِرِ لَكِنْ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39] .

فَكَمَا أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ الَّتِي فِيهَا الْإِعْطَاءُ لِلْمُحْتَاجِينَ حَرَّمَ الرِّبَا الَّذِي فِيهِ أَخْذُ الْمَالِ

ص: 169

مِنْ الْمُحْتَاجِينَ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلِمَ أَنَّ صَلَاحَ الْخَلْقِ فِي أَنَّ الْغَنِيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يُعْطَى لِلْفَقِيرِ وَأَنَّ الْفَقِيرَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يُعْطَى لِلْغَنِيِّ. ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الْمَعْنَى مَأْثُورًا عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَى رضي الله عنه وَعَنْ آبَائِهِ أَنَّهُ سُئِلَ لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا؟ فَقَالَ: لِئَلَّا يَتَمَانَعَ النَّاسُ الْمَعْرُوفَ، فَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ يُنَبِّهُ عَلَى بَعْضِ عِلَلِ الرِّبَا، فَحَرَّمَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ آخَرَ أَلْفًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَلْفًا وَمِائَةً وَعَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً غَيْرَ الْأَلْفِ، وَرِبَا النَّسَاءِ هُوَ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ غَرَضُ الْمُرْبِي فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ رِبَا الْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى الرِّبَا وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ» - وَالرِّمَا هُوَ الرِّبَا - رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ، إنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ الرِّمَا مَحْفُوظَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَأَسْقَطَ اعْتِبَارَ الصِّفَاتِ مَعَ إيجَادِ الْجِنْسِ وَإِنْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لِئَلَّا يُفْضِيَ اعْتِبَارُهَا إلَى الرِّبَا وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَشُكُّ الْمُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ دِرْهَمًا لِيَأْخُذَ دِرْهَمَيْنِ إلَى أَجَلٍ إلَّا لِحِكْمَةٍ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَقُولَ بِعْنِي ثَوْبَك بِأَلْفٍ حَالَّةٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ إيَّاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَمُؤَجَّلَةٍ بِالْغَرَضِ الَّذِي كَانَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي إعْطَاءِ أَلْفٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ هُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هَاهُنَا وَمَا أَظْهَرَاهُ مِنْ صُورَةِ الْعَقْدِ لَا غَرَضَ لَهُمَا فِيهِ بِحَالٍ وَلَيْسَ عَقْدًا ثَابِتًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ الرِّبَا وَعَظَّمَهُ زَجْرًا لِلنُّفُوسِ عَمَّا تَطْلُبُهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْحِيلَةُ يَحْصُلُ مَعَهَا غَرَضُ النُّفُوسِ مِنْ الرِّبَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ مَفْسَدَةَ الرِّبَا مَوْجُودَةٌ فِيهَا فَتَكُونُ مُحَرَّمَةً.

وَكَذَلِكَ السِّفَاحُ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِحِكَمٍ كَثِيرَةٍ وَقَطَعَ تَشْبِيهَهُ بِالنِّكَاحِ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَأَوْجَبَ فِي النِّكَاحِ الْوَلِيَّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَالْعِدَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ لِيُقِيمَ مَعَهَا لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ يُفَارِقَهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ سِفَاحًا وَهُوَ الْمُتْعَةُ الْمُحَرَّمَةُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ مَعَهَا أَلَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِاسْمِ السِّفَاحِ؟ وَكَذَلِكَ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ لَلشَّرِيك لِعِلْمِهِ بِأَنَّ مَصِيرَ هَذَا الشِّقْصِ لِلشَّرِيكِ مَعَ حُصُولِ مَقْصُودِ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ خَيْرٌ مِنْ حُصُولِهِ لِأَجْنَبِيٍّ يَنْشَأُ بِسَبَبِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ فَأَوْجَبَ هَذَا الْخَيْرَ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ، فَإِذَا سَوَّغَ الِاحْتِيَالَ

ص: 170

عَلَى إسْقَاطِهَا أَلَمْ يَكُنْ فِيهِ بَقَاءُ فَسَادِ الشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ وَعَدَمُ صَلَاحِ الشُّفْعَةِ وَالتَّكْمِيلِ مَعَ وُجُودِ حَقِيقَةِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْبَيْعُ.

وَهَذَا كَثِيرٌ فِي جَمِيعِ الشَّرْعِيَّاتِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ ظَهَرَتْ لِلْمُكَلَّفِينَ حِكْمَتُهُ أَوْ غَابَتْ عَنْهُمْ لَا يَشُكُّ مُسْتَبْصِرٌ أَنَّ الِاحْتِيَالَ يُبْطِلُ تِلْكَ الْحِكْمَةَ الَّتِي قَصَدَهَا الشَّارِعُ فَيَكُونُ الْمُحْتَالُ مُنَاقِضًا لِلشَّارِعِ مُخَادِعًا فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَكُلَّمَا كَانَ الْمَرْءُ أَفْقَهَ فِي الدِّينِ وَأَبْصَرَ بِمَحَاسِنِهِ كَانَ فِرَارُهُ عَنْ الْحِيَلِ أَشَدَّ، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِسِيَاسَةِ الْمُلُوكِ بَلْ بِسِيَاسَةِ الرَّجُلِ أَهْلَ بَيْتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ عَارَضَهُ بَعْضُ الْأَذْكِيَاءِ الْمُحْتَالِينَ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ بِإِقَامَةِ صُوَرِهَا دُونَ حَقَائِقِهَا لَعَلِمَ أَنَّهُ سَاعٍ فِي فَسَادِ أَوَامِرِهِ، وَأَظُنُّ كَثِيرًا مِنْ الْحِيَلِ إنَّمَا اسْتَحَلَّهَا مَنْ لَمْ يَفْقَهْ حِكْمَةَ الشَّارِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ الْتِزَامِ ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَأَقَامَ رَسْمَ الدِّينِ دُونَ حَقِيقَتِهِ وَلَوْ هُدِيَ رُشْدَهُ لَسَلَّمَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَطَاعَ اللَّهَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الشَّرَائِعَ تَحْتَهَا حِكَمٌ وَإِنْ لَمْ يَهْتَدِ هُوَ لَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ سَبَبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُزِيلٌ لِحِكْمَةِ الشَّارِعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةَ مَا أَزَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا يَعْتَقِدُ أَنَّ رَأْيَهُ أَصْلَحُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خُصُوصًا أَوْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا عُمُومًا لِمَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ أَوْ صَاحِبُ شَهْوَةٍ قَاهِرَةٍ تَدْعُوهُ إلَى تَحْصِيلِ غَرَضِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْ ظَاهِرِ رَسْمِ الْإِسْلَامِ، أَوْ يَكُونُ مِمَّنْ يُحِبُّ الرِّيَاسَةَ وَالشَّرَفَ بِالْفُتْيَا الَّتِي يَنْقَادُ لَهُ بِهَا النَّاسُ وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ عِنْدَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ إلَّا بِهَذِهِ الْحِيَلِ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الشَّيْءَ لَيْسَ مُحَرَّمًا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ لِمَعْنًى رَآهُ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ وَيَخَافُ الشَّنَاعَةَ فَيَحْتَالُ بِحِيلَةٍ يُظْهِرُ بِهَا تَرْكَ الْحَرَامِ وَمَقْصُودُهُ اسْتِحْلَالُهُ فَيُرْضِي النَّاسَ ظَاهِرًا أَوْ يَعْمَلُ بِمَا يَرَاهُ بَاطِنًا وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» .

وَإِنَّمَا الْفِقْهُ فِي الدِّينِ فَهْمُ مَعَانِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لِيَسْتَبْصِرَ الْإِنْسَانُ فِي دِينِهِ أَلَا تَرَى قَوْله تَعَالَى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] فَقَرَنَ الْإِنْذَارَ بِالْفِقْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَا وَزَعَ عَنْ مُحَرَّمٍ أَوْ دَعَا إلَى وَاجِبٍ وَخَوَّفَ النُّفُوسَ مَوَاقِعَهُ الْمَحْظُورَةَ لَا مَا هَوَّنَ عَلَيْهَا اسْتِحْلَالَ الْمَحَارِمِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ

ص: 171