الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في الحث على لزوم الصراط المستقيم]
29 -
خطبة في الحث على لزوم الصراط المستقيم الحمد لله الذي نور بهدايته قلوب العارفين، وأقام على الصراط المستقيم أقدام السالكين.
ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، فإياه نعبد وإياه نستعين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد المهتدين، اللهم صل وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله بلزوم طاعته وطاعة رسوله، وذلك بتصديق الخبر، وامتثال الأمر، واجتناب الزجر، فمن فعل ذلك: فقد استقام على الصراط المستقيم، وهو الطريق المعتدل الموصل إلى جنات النعيم. فقد أمركم الله بسلوك هذا الصراط، والاستقامة عليه، قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] وأمركم أن تسألوه وتضرعوا إليه في كل ركعة من ركعات الصلاة، أن يهديكم إليه، وفي الحديث القدسي «يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم» فكل أحد مضطر إلى هداية ربه
في جميع أحواله، بأن يسدده في أخلاقه وأقواله وأفعاله، قال تعالى:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الأعراف: 178] ومن يتبع نبيه فهو الراشد المقتدي.
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئ الأعمال والأخلاق لا يصرف عني سيئها إلا أنت» . وقد دعا بأربع كلمات تجمع للعبد خيري الدين والدنيا: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى» . فالهداية التامة هي الهداية للعلم النافع، والعمل الصالح، وهو الهدى ودين الحق. فمن عرف الحق فاتبعه وعرف الباطل فاجتنبه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومن قام بحقوق الله وحقوق عباده فهو المهتدي إلى جنات النعيم. ولهذا لما ذكر الله ما أمر به وما نهى عنه من الشرائع الكبار في قوله تعالى:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151] فعددها وقال في آخرها: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] من لزم هذا الصراط قبل الله منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من الزلل، وجعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومر على جسر جهنم كلمح البصر، وهدي إلى الطيب من
القول، وهدي إلى صراط الحميد. وإذا تبوأ أهل الجنة منازلهم، قالوا مغتبطين بهذه الهداية، ومثنين على ربهم بالتوفيق بها:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]