الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة بعد نزول الغيث]
الحمد لله الذي أجزل لعباده الفضل والإنعام. وغمرهم بجوده وإحسانه العام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الأنام، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله حق تقواه، واشكروه على آلائه وكرمه ونعماه، قال تعالى:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} [الروم: 48] إلى آخر الآيات، وقال تعالى:{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7] وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله ينظر إلى عباده أزلين قنطين، فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب» ، فهو سبحانه يبتلي عباده بالمكاره وحبس الغيث لعلهم أن يرجعوا إليه ويثوبوا، ويلجأوا إليه ويتضرعوا ويتوبوا، فيكون ذلك كفارة لخطاياهم، وداعيا لهم إلى الانكسار لمولاهم، فإنه لا ملجأ ولا منجى للعباد منه إلا إليه، ولا معول لهم في كل الأمور إلا عليه، فهو ينعم عليهم
بتقدير بلائه، ثم يتفضل ببسط جوده وعطائه. يبتليهم بالمصائب ليصبروا، ثم يبدلها بالنعم ليحمدوه ويشكروا. اذكروا حالكم السابق، إذ كنتم أزلين قد حسبتم للجدب كل حساب، فأصبحتم مغتبطين بمنة الملك الوهاب. أنزل عليكم غيثا مغيثا هنيا، فعم الأراضي بعد الجدب والعطش الشديد ريا، ولم يزل بعباده رؤوفا رحيما لطيفا حفيا، ولم يزل يوالي خيراته على عباده شيئا فشيئا، فطوبى لمن كان لنعمه شاكرا وبعهده وفيا، وويل لمن توالى عليه النعم فيصبح طاغيا متمردا عصيا.
عباد الله: تأملوا هذه النعم التي تتوالى عليكم تترى، فكلما جدد لكم ربكم نعما فجددوا له حمدا وشكرا، وكلما صرف عنكم المكاره فقوموا بحقه طاعة له وثناء وذكرا، وسلوا ربكم أن يبارك لكم فيما أعطاكم، وأن يتابع عليكم منافع دينكم ودنياكم، فإنه الجواد المطلق الرؤوف بالعباد، فليس لخيره ولا لخزائنه نقص ولا نفاد. بارك الله لي ولكم.