الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة في الصدق]
50 -
خطبة في الصدق الحمد لله الذي أمر بالصدق في الأقوال والأفعال، وأثنى على الصادقين بالفضل والكمال. وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من نطق وقال، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل.
أما بعد: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، قد أمر الله بالصدق في عدة آيات، وأثنى على الذين يرعون العهد والأمانات، وأخبر بما لهم من الثواب الجسيم، فقال {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119] وقال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عنه الله صديقا» . فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الصدق يهدي إلى البر، والبر اسم جامع لكل خير وطاعة وإحسان إلى الخلق، والصدق عنوان الإسلام وميزان الإيمان وعلامة الكمال،
وإن لصاحبه المقام الأعلى عند الملك المتعال، بالصدق يصل إلى منازل الأبرار، وبه تحصل النجاة من الآفات وعذاب القبر وعذاب النار، بالصدق يكون العبد معتبرا عند الله وعند الخلق، قال صلى الله عليه وسلم:«البيعان بالخيار فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما» ، فالبركة مقرونة بالصدق والبيان، والتلف والمحق مقرون بالكذب والكتمان، والمشاهدة أكبر شاهد على ذلك والعيان، لا تجد صادقا إلا مرموقا بين الناس بالمحبة والثناء والتعظيم، ولا كذابا إلا ممقوتا بهذا الخلق الأثيم، الصادق يطمئن إلى قوله العدو والصديق، والكاذب لا يثق به بعيد ولا قريب، الصادق الأمين مؤتمن على الأموال والحقوق والأسرار، ومتى حصل منه كبوة أو عثرة فصدقه يقيه العثار، والكاذب لا يؤمن على مثقال ذرة، ولو فرض أحيانا لم يحصل به الثقة والاستقرار، ما كان الصدق في لا زانه، ولا الكذب في شيء إلا شانه، الصدق طريق الإيمان، والكذب بريد النفاق، اللهم تفضل علينا بالصدق في أقوالنا وأفعالنا وجميع أحوالنا، إنك جواد كريم، رؤوف رحيم.