الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة لرمضان وفضله غير ما تقدم]
15 -
خطبة لرمضان وفضله غير ما تقدم الحمد لله على ما له من الأسماء الحسنى والمثل الأعلى، وما خلقه وحكم به في الأولى والأخرى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله ترفع الشكوى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المجتبى. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه العلماء الفضلاء النجباء.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله حق تقواه، وذلك باجتناب مساخطه وتتبع رضاه، وبالشكر له على ما أولاه من النعم وأسداه. فقد أمدكم الله بهذا الشهر الكريم، وأسبغ عليكم فيه كرمه العميم. أنزل الله فيه القرآن محتويا على الهدى والخير والبيان. فيه تفتح أبواب الرحمة والخيرات، وفيه تغلق أبواب الجحيم وتتوب العصاة من السيئات، وينادي فيه منادي الخير: يا باغي الخير أقبل على الطاعات، ويا باغي الشر أقصر وتب عن المخالفات. ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة عند الإفطار. فتعرضوا لنفحات المحسن الغفار. فمن جمع بين
الإمساك عن المفطرات وأمسك عن الأقوال والأفعال المحرمات، واحتسب الثواب عند فاطر الأرض والسماوات- غفر له ما تقدم من ذنبه ورفعت له الدرجات، ومن تجرأ على المعاصي والمظالم وانتهك فيه الأعراض وخاض المآثم فليس لله حاجة في أن يدع الطعام والشراب والشهوات.
فإن الله كتب الصيام على هذه الأمة ليكونوا من المتقين، وليستعينوا بترك شهواتهم على إصلاح الدين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] فأخبر أن الصيام أكبر الوسائل لتحقيق التقوى، وفيه كمال الثواب ورضى المولى، فقد اختصه الله لنفسه من بين سائر الأعمال، فقال صلى الله عليه وسلم:«كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلى» ، «وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه» ، و «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» .
الصوم جنة: أي وقاية من المعاصي ووقاية من العذاب، وسبب لنيل الفضائل وحصول الثواب. فيا له من عمل عظيم تولى جزاءه الرحمن، وغمر أهله بالجود والكرم والإحسان، وهيأ
عند دخولهم الجنة لهم باب الريان. يفضون منها إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، في جوار الرب الكريم. قد أعد لهم من كرمه مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على القلوب. وهيأ لهم ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، من كل مطلوب ومرغوب. أعده نزلا وضيافة للصائمين وكرامة ومنحة للمتقين، كما قال تعالى في حق هؤلاء المحسنين:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] بارك الله لي ولكم.